كعادته دوماً في كل كتاب جديد، يعود الكاتب البريطاني مارتن آميس الى الواجهة الإعلامية بضجيج يسبق صدور الكتاب وتوزيعه في الأسواق. وهذا ما سيحدث الخريف المقبل، فالمادة هذه المرة عن الانتحاري محمد عطا قائد عملية الحادي عشر من أيلول سبتمبر ضد برجي التجارة العالمي في الولاياتالمتحدة، اما البطل الآخر فهو شبيه صدام حسين. فأي بطلين يضمهما كتاب"منزل اللقاءات"وأي إثارة تنتظر القارئ؟ يعتبر كثير من النقاد الروائي البريطاني مارتن آميس من أبرز أبناء جيله والصوت المعبر عنهم، برواياته التسع ومجموعتيه القصصيتين وستة كتب أخرى غير روائية. إلا انه اشتهر أساساً بعد صدور روايته"مانداي"يوم الاثنين. وهو موجود في المشهد الأدبي البريطاني في شكل دائم ليس من خلال أعماله الأدبية فقط بل من خلال حياته الشخصية، كانفصاله عن زوجته من اجل فتاة تصغرها عمراً قبل سنوات، أو إنهاء خدمات مديرة أعماله التي هي زوجة صديقه الروائي جوليان بارنز، أو حديثه عن والده الروائي والشاعر كينغسلي آميس وعلاقتهما المرتبكة، اذ لم يكن واحدهما يحب كتابة الآخر، على رغم أن كثيرين، بمن فيهم هو نفسه، يعتبر ان كونه ابن كاتب معروف سهّل نشر كتابه الأول بسبب فضول أصحاب دور النشر لمعرفة ماذا يكتب او كيف يفكر ابن الكاتب."الفرصة لا تغطي اكثر من كتاب أو كتابين وبعد ذلك يتوقع منك الناس ان تقنعهم بكتابتك، او ان تخرس!". يقول آميس في واحد من حواراته. أخيراً، تناولته التعليقات بسبب طقم أسنانه الجديد الذي اقدم عليه لتبديل سنه الأمامي المهزوز والقبيح بعملية كلفت 20 ألف دولار، إلا انه دافع عن نفسه بقوله إنها لم تكن عمليه تجميلية كما يعتقد بعضهم، بل جراحة ضرورية. على اية حال لن يهم هذا الكاتب ان ينفق المبالغ الكبيرة على رفاهيته، فهو من أعلى الكتاب البريطانيين أجراً، خصوصاً لدى الناشرين الأميركيين الذين يعاملونه ككاتب مدلل. وكان أول كاتب بريطاني يتلقى عرضاً بنصف مليون جنيه عام 1995على روايته"معلومات". الضجيج الذي سيعود من خلاله مارتن آميس هذه المرة الى المشهد الثقافي اذاً سيكون مصحوباً بكتابه الجديد"منزل اللقاءات"ويضم نوفيلا، أي رواية قصيرة، إضافة الى قصتين. في القصة التي تحمل عنوان"الأيام الأخيرة لمحمد عطا"يتخيل الكاتب اللحظات الأخيرة لتحركات هذا الرجل الذي يعتقد انه العقل المدبر لهجوم الحادي عشر من أيلول على برجي التجارة العالميين في نيويورك والذي انطلقت بسببه الحروب التي تقودها الولاياتالمتحدة على أفغانستان والعراق بحجة القضاء على الإرهاب. تبدأ القصة بقيادة عطا سيارته باتجاه بورتلاند في الولاياتالمتحدة الأميركية يوم العاشر من أيلول 2001 يرافقه أحد الشبان السعوديين العمري. ويحاول آميس ان يستعرض احتمالات الأسباب التي قادت عطا وصاحبه الى بورتلاند المدينة الصغيرة تحديداً، وعن سبب التحول في شخصية هذا الشاب المهندس الذي كان من مؤسسي خلية هامبورغ. ولا تبين الدعاية المصاحبة للكتاب إن كان آميس يحاول ان ينافس ما نشرته الصحافة والمحطات التلفزيونية من تحليل لشخصيات المختطفين ودوافعهم، أم انه يستفيد فقط من الشخصية أدبياً ليدخل في أعماقها ويقدم بذلك مقاربة جديدة! في القصة الثانية وعنوانها"في قصر النهاية"يكون السرد على لسان واحد من الأشخاص الذين يقومون بدور البديل لطاغية ينتمي الى الشرق الأوسط، هو على الأكثر صدام حسين أو ابنه عدي. والبديل يقضي وقته بين النساء الجميلات وتعذيب الأشخاص المناهضين للنظام. وفي كلتا الحالتين يتم تسجيل الوقائع بالصوت والصورة كي يستمتع بمشاهدتها الدكتاتور! إلا ان مهمات البديل لا تقف عند هذا الحد، فهي تقتضي منه ان يدخل على جسده تعديلات تطرأ على السيد الرئيس من جروح أو تغيير في المظهر الجسدي كالوزن زيادة ونقصاناً. أما"النوفيلا"التي تحتل المساحة الكبرى في الكتاب، فهي عن علاقة غامضة بين شقيقين وفتاة يهودية خلال أربعة عقود تلت فترة ما بعد الحرب العالمية في روسيا. ففي عام 1946 يلتقي اخوان روسيان وفتاة يهودية في معسكر للأعمال الشاقة ثم ينقلون الى معسكر قرب المحيط المتجمد الشمالي وهناك تنتعش علاقة الحب بين الثلاثة وتبقى غير معروفة لحين وفاة بريجنيف عام 1982، حيث يكشف الغطاء عنها من خلال الشخص الوحيد المتبقي من تلك العلاقة على قيد الحياة. قد تبدو هذه الشخصيات والوقائع غريبة على كتابة مارتن، إلا ان ناشره يؤكد انه لطالما استوحى من الأحداث العالمية المعاصرة، مثل المحرقة اليهودية. ولنتذكر ان روايته الساخرة"كلب أصفر"التي صدرت قبل سنتين تجري أحداثها في الفترة اللاحقة على أحداث 11 أيلول 2001. الرواية التي لاقت نقداً لاذعاً من النقاد وهاجمها ملحق"ذي تايمز"الأدبي وهاجم آميس أيضاً بالقول ان"نثره بات كابوساً من كتابة مواربة وتزويق زائد وحشو لا داعي له". فهل ينقذ مارتن آميس نفسه بالعمل الجديد؟ يعتبر الناشر ان آميس بهذا الكتاب يعود الى أرضيته التي انطلق منها في الأساس قبل ثلاثة عقود، بثيمات مثل طبيعة الذكورة والرجولة، والعلاقة بين الجنس والعنف عند الرجال. وآميس ولد عام 1949 في اكسفورد وتلقى تعليمه في مدارس بريطانيا واسبانيا واميركا وحصل على درجة الشرف في دراسته الأدب الانكليزي بين اكسفورد واكستر. اولى رواياته"اوراق راشيل"كتبها عام 1973 عندما كان يعمل في الملحق الأدبي لجريدة"ذي تايمز"وقد حصلت على جائزة سومرست موم في العام التالي. وتوالت رواياته بعد ذلك ويكون من أهمها ثلاثية غير مترابطة ببعضها تجري أحداثها في لندن، هي على التوالي:"نقود"1984،"مزارع لندن"1989 ،"معلومات"1995. وصدر له أخيراً"الحامل المطلقة". ويعتبر الدارسون انه متأثر بالأدب الاميركي، خصوصاً روايات فيليب روث وجون ابدايك وبيلو سولو. اضافة الى كتابته الأدبية، يكتب مارتن آميس في الصحف البريطانية ولصحيفة"نيويورك تايمز"الأميركية وينتظر ان يحصل يوماً على جائزة نوبل!