تواجه الكويت اليوم استحقاقا سياسيا مهما، اذ يناقش مجلس الأمة البرلمان تعديل الدوائر الانتخابية في أهم تحرك اصلاحي للديموقراطية الكويتية منذ العمل بالدستور العام 1962. وأعلن نواب الكتلة الاسلامية أمس مساندتهم لمشروع الحكومة اعادة تنظيم الدوائر بتقليصها من 25 دائرة الى عشر دوائر، غير ان الليبراليين تمسكوا بمطلب المعارضة تبني نظام الدوائر الخمس، بينما هدد"نواب الخدمات"باللجوء الى المحكمة الدستورية لافشال العملية كلها بحجة ان الدوائر المقترحة لا تحقق العدالة والمساواة بالنسبة لعدد الناخبين. وكانت الحكومة تقدمت اول من أمس الى البرلمان رسميا بمشروعها الذي يجعل الكويت 10 دوائر انتخابية وذلك بدمج ما بين دائرتين الى 3 دوائر حالية في دائرة واحدة، ليقترع الناخبون لأربعة نواب في خمس منها، بينما ينتخبون ستة نواب في خمس أخرى، وهو ما يراه بعض المعترضين مخالفا لمبدأ المساواة في الدستور. ويتهم معارضون الحكومة بعدم الجدية في اصلاح نظام الانتخابات، ويقولون انها تجاهلت رأي وزراء سابقين يعملون مستشارين عندها أيدوا اقتراح الدوائر الخمس، وانها بتقديمها نظام الدوائر العشر تريد توسيع الخلاف حول هذا الموضوع بما يؤدي الى افشاله وابقاء الوضع القائم الذي يعطي الحكومة قدرة كبيرة على التأثير في الانتخابات. وكان النائب احمد السعدون هدد باستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد في ضوء موقف الحكومة من موضوع الدوائر. وبينما دعا الليبراليون الى اعتصام ليل امس امام مبنى البرلمان وتصعيد المطالبة بتأييد الدوائر الخمس، قرر 16 نائبا في الكتلة الاسلامية اجتمعوا في ديوان النائب وليد الطبطبائي امس مجاراة الاقتراح الحكومي والموافقة عليه. وقال الطبطبائي ل"الحياة"ان الكتلة الاسلامية"تريد وتؤيد اقتراح الدوائر الخمس ولكننا نخشى من ان يؤدي الانقسام الى فشل مشروع تعديل الدوائر الانتخابية برمته، لذا اعلنا الموافقة على المشروع مع وعد بانه اذا مر هذا المشروع فاننا سندعم طلب زملاء لنا بتعديل الدستور الى نحو يرفع عدد اعضاء البرلمان الى 60 نائبا". وقال نائب ل"الحياة"ان معارضي اصلاح النظام الانتخابي يراهنون على ان يغرق المشروع في خلافات النواب أنفسهم. واذا كان"الشيطان في التفاصيل"، كما يقول المثل الانكليزي، فان شيطان التفاصيل قادر على افشال مشروع تعديل الدوائر الانتخابية، لأن كثيرا من النواب الذي اضطروا الى تأييده علنا يتمنون سرا سقوطه ويفاوضون في التفاصيل أملا في ذلك.