لم يكد رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون يهنأ ب"الاحتفال"الدولي الذي حظي به الأسبوع الماضي في نيويورك، حتى بدأ يواجه مجددا اتهامات بخرق قانون تمويل الانتخابات، ليعود الى تعقيدات الساحة الحزبية والى وضعية التوحيل داخل حزبه"ليكود"الحاكم الذي يبدو ان أعضاءه حسموا أمرهم لجهة إطاحته عن زعامة الحزب وتتويج خصمه اللدود بنيامين نتانياهو خلفاً له، ما حدا بأوساط قريبة من شارون الى تكثيف الاتصالات مع شخصيات أمنية وسياسية لتشكيل حزب جديد يكون بمثابة"منتخب النجوم"ويكون قادرا على استقطاب أنصار اليمين المعتدل في اسرائيل. ووفقاً لأوسع الصحف العبرية انتشارا،"يديعوت أحرونوت"، فإنه على رغم محاولة شارون بث الانطباع بأنه لن يغادر"ليكود"وأنه واثق من أن معسكر أنصاره في مركز الحزب، الذي يلتئم الأحد المقبل، سيجهض اقتراح"المتمردين"وأنصار نتانياهو تقديم موعد الانتخابات لزعامة الحزب الى تشرين الثاني المقبل نوفمبر، إلا أن قريبين منه شرعوا في اتصالات سرية مع شخصيات رفيعة منها رئيس جهاز الأمن العام شاباك السابق آفي ديختر والقائد السابق ل"المنطقة الجنوبية"في الجيش الاسرائيلي دورون الموغ والوزير السابق دان مريدور لفحص إمكان انضمامهم الى حزب جديد يشكله شارون ويضم أيضا شخصيات من"ليكود"مثل القائم بأعمال رئيس الحكومة ايهود اولمرت الذي أعلن أنه سيكون الى جانب شارون في الانتخابات البرلمانية المقبلة. واضافت الصحيفة ان شارون التقى ديختر في نيويورك أواخر الأسبوع الماضي، مرجحة أن يكون الاجتماع تناول احتمال انضمام الأخير الى معسكر شارون. وتابعت الصحيفة أنه مع اقتراب اجتماع مركز"ليكود"الأحد المقبل للتصويت على اقتراح مناهضي سياسة شارون تبكير موعد الانتخابات لزعامة الحزب الى تشرين الثاني نوفمبر المقبل علماً أن الموعد المقرر أصلا هو ربيع العام المقبل، وهو اقتراح يرى فيه شارون بداية اجراءات خلعه عن زعامة الحزب، يتعزز الاعتقاد في أوساط القريبين من شارون أنه لن يكون أمامه مفر سوى الانسلاخ عن الحزب وتشكيل إطار حزبي جديد يتوجه ببرنامجه الى مؤيدي تيار الوسط من مصوتي"ليكود"و"شينوي"و"العمل". وأفادت صحيفة"معاريف"أن خلافات حادة نشبت بين مستشاري شارون على خلفية ما يصفه بعضهم"سلسلة أخطاء شنيعة ومحرجة ارتكبها البعض الآخر قد تكلف رئيس الحكومة خسارة منصبه"وتحديدا التسريبات في شأن نيته الانسحاب من"ليكود"في حال خسر المعركة أمام نتانياهو وتشكيل حزب جديد. ويرى المعارضون ان مثل هذه التسريبات تضر بالفرص الضئيلة أصلاً بنجاح شارون في إفشال الاقتراح بتبكير الانتخاب لزعامة"ليكود"بداعي ان المترددين قد يعاقبون شارون على تهديده بالانسحاب عن طريق التصويت ضده، فضلاً عن أن نتانياهو يروّج ضد شارون بأنه سينسلخ عن الحزب متحديا إياه التعهد على الملأ بأنه لن يفعل ذلك. في المقابل يرى آخرون، وفي مقدمهم المستشار الخاص دوف فايسغلاس أن التلويح بسيف الانسحاب يفيد شارون في معركته وأن كثيرين ممن ليسوا محسوبين على معسكره سيصوتون ضد تبكير الانتخابات لخشيتهم من فقدان عضويتهم في الكنيست لدى تشكيل اللائحة الجديدة التي ستخوض الانتخابات البرلمانية. في غضون ذلك، يواصل شارون محاولاته لحشد تأييد أعضاء نافذين في الحزب ليصوتوا الأحد ضد تبكير الانتخابات. والتقى أمس في منزله أكثر من مئة من الناشطين البارزين، وسط توقعات بأن يطالبه بعضهم بالتزام علني أنه لن ينسلخ عن"ليكود"حتى إن خسر معركته أمام نتانياهو. إلا أن معلقين استبعدوا أن يتجاوب شارون. فضيحة جديدة؟ الى ذلك، ضجت الساحة السياسية أمس بنبأ بثته القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي افاد أن شارون تجاوز قانون التمويل الانتخابي أثناء زيارته لنيويورك حين تلقى في حفلة عشاء شارك فيها 15 من الأغنياء اليهود في المدينة، تبرعا ماليا قيمته 150 ألف دولار لتمويل حملته الانتخابية، وهو مبلغ يزيد عن المسموح به في القانون الاسرائيلي. وجاء في الدعوة التي وجهت الى المشاركين في العشاء أن"الغرض من المشاركة هو توفير دعم مالي لشارون يمكّنه من مواجهة نتانياهو الذي جرف أموالا هائلة في السنوات الأخيرة". وبينما ربط مراقبون بين هذه الشبهات وتورط شارون ونجليه في قضايا مماثلة قبل أعوام قليلة، نقلت الصحف العبرية أن المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز شرع أمس في فحص الشكاوى التي قدمها نواب كثيرون و"الحركة من أجل جودة الحكم"للتحقق من صحة الشبهات. وقال قريبون من شارون إنه لم يكن على علم بالتبرعات التي جمعت وأنه لم يقم بشيء سوى المشاركة في عشاء دُعي اليه. وانتقد النائب اليساري يوسي سريد بشدة الجهاز القضائي في اسرائيل على"غضه الطرف"عن حقيقة أن فاسدين ومنتهكي قانون من أمثال شارون ونتانياهو وايهود باراك قادوا الدولة العبرية في السنوات العشر الأخيرة، منتقدا أيضا"الجمهور الاسرائيلي الذي يفضل الفاسدين على نظيفي الكف".