ألغى رئيس المحكمة الرياضية العليا في البرازيل نتائج 11 مباراة في بطولة دوري كرة القدم، بعدما كشفت الشرطة الفيديرالية بواسطة تسجيلات هاتفية عن شبكة مؤلفة من حكام ورجال أعمال تتلاعب بنتائج المباريات وترتبها مسبقاً. وأظهرت التحقيقات عن تورط حكمين على الأقل أحدهما الدولي إديلسون بيريرا دي كارفاليو الذي كان سيقود مباراة أوروغواي والارجنتين ضمن تصفيات كأس العالم. وأقيلا على الفور من السلك المحلي كما شطب دي كارفيلو من القائمة الدولية. وأظهرت التحقيقات، أن الحكام كانوا يبلّغون رجل أعمال لبناني الأصل يدعى نبيل فيّاض بعد أن يسميهم الاتحاد لإدارة المباريات، فيبلّغ فياض شركاؤه من أصحاب محلات البينغو الذين يحددون الفائز ويراهنون بمبالغ مالية كبيرة تتراوح بين 75 و100 ألف دولار. ويكافئون الحكم بنحو 5 آلاف دولار بعد التحقق من النتيجة. ومن حيثيات التحقيق المعلنة حتى الآن أن العصابة، التي يشارك فيها أيضاً إداريون في الاتحاد ومراهنون آخرون، تدخلت في 25 مباراة ضمن بطولة الدرجة الثانية وبطولة ولاية سان باولو الأخيرة. وأيضاً، أن"المراهنين اللصوص"كانوا يختارون غالباً الفرق المرجحة، ما يعني أن دور الحكم كان"حماية"الغلبة المفترضة من عنصر بارز وفاعل يشكل، وفق الباحثين، سرّ شعبية اللعبة، ألا هو - وبعكس الألعاب الجماعية الأخرى - قدرة الأضعف على الانتصار. وأخيراً في الحيثيات، أن الموقع الذي يتلقى المراهنات لم يفتح المسابقة في المرات الأخيرة لمباريات الحكم المرتشي في إشارة واضحة لشكه بحصول تزوير ما. ومن طرائف التحقيق أن الحكم المرتشي أفاد ان"جهده"التحكيمي لم ينفع في احدى المرات"لأن إدموندو من الفريق المنافس سجل أربع إصابات!"... ومرة أخرى لأن المهاجم أهدر ضربة الجزاء التي احتسبت ظلماً في مصلحته... واعترف بأن"بدّل"نتيجة ثلاث مباريات فقط من المباريات ال11 التي قادها. إلا أن المحكمة الرياضية العليا رفضت التسليم بهذا المنطق وقررت إلغاء نتائج المباريات ال 11 كلها التي أدارها كارفاليو من دون التمييز بينها. كما قررت إعادتها وفق برمجة جديدة في الأسابيع المقبلة مع فتح ابواب الملاعب مجاناً أمام الجمهور. واتهم المحقق العام المتورطين ب"القيام بعمليات احتيال وتشكيل عصابة مجرمين والاعتداء على الاقتصاد الشعبي"، وادعى عليهم بتهم أخرى ستقود المجموعة حتماً إلى السجن. الأقل سوءاً وبينما تواصل الشرطة تحقيقاتها، خرج فيّاض ودي كارفليو من السجن موقتاً بانتظار المحاكمة لاسهامهما في مجريات التحقيق. ويقطن فيّاض في مدينة بيراسيكاباPiracicaba في ولاية سان باولو، وهو رجل أعمال في مجال المراهنات وكان معروفاً في المدينة نظراً لمهارته في سباقات سيارات الكارتنغ. ويعرف عن دي كافليو انه من نخبة الحكام البرازيليين الدوليين، علماً أنه تردد في مطلع العقد الماضي أنه زوّر شهادته التعليمية كي يصبح حكماً. واساساً لم يحصد أي تألق حين كان لاعباً، ودخل سلك التحكيم عام 1991 واحترفه بعد ثلاثة اعوام، وتسلّم الشارة الدولية عام 1999، ويشتهر بحركاته الاستعراضية اذ كان يقف في وسط الملعب ويرفع يداه إلى الأعلى ويصلي قبل اطلاق صافرة البداية...ويجمع المحللون أن القرار الذي اتخذته المحكمة هو الأقل سوءاً من الاحتمالات المتوقعة كلها، وأثنوا أيضاً على سرعة اتخاذه ما وفر انتقال عدوى التلوث إلى المسابقة بأكملها. وبعد انكشاف الفضيحة، كان لا بد من تدبير حيادي يعيد الأمور إلى السكة الطبيعية، اذ يستحيل تقويم كل مباراة على حدة وتمييز الخطأ"المريض"من الخطأ"السليم". حتى الآن، اعترضت الفرق التي تضررت من قرار إلغاء النتائج وأيدته الفرق التي صبّ في مصلحتها. ولكنه يبدو أن الجميع سيلتزم به مع أن النقاشات والحوارات حوله لن تنطفئ قريباً، لأن القاصي والداني يعلم الحيز العميق الذي تحتله"الساحرة المتدحرجة"في حياة شعب السامبا ومجتمعه. وينكب الهم حالياً لحصر تلطخ البطولة التي تجرى منذ ثلاثة أعوام فقط وفق النظام التقليدي ذهاباً واياباً، ما أسهم في تنظيمها وإعادة الجمهور إلى الملاعب، خصوصاً أن بطولة هذا الموسم حطمت حتى الآن الارقام القياسية للاهداف في المباراة الواحدة. تبديل الترتيب وبدّل قرار إلغاء المباريات قمة الترتيب الدوري، اذ انفرد كورنتيانس بالصدارة بفارق ثلاث نقاط. وستعاد له مباراتان كان قد خسرهما. وتراجع إنترناسيونال بورتو أليغري المتصدر قبل القرار إلى المركز الثالث بعد أن حسمت له ثلاث نقاط لتعاد المباراة التي فاز بها، وأصبح غوياس الوصيف الجديد. وبذلك، باتت قمة الترتيب بعد مباريات المرحلة ال29 الاخيرة على الشكل الآتي: 1- كورنتيانس 53 نقطة من 27 مباراة، 2- غوياس 50 نقطة من 29، 3- إنترناسيونال 49 نقطة من 28، 4- فلوميننسي 48 نقطة من 27، 5- بالميراس 46 نقطة من 29، 6- سانتوس 45 نقطة من 28. هم عالمي ليست فضيحة التحكيم البرازيلية حدث معزول. السابقة التاريخية الشهيرة حصلت في البطولة الإيطالية عام 1980 حيث أدت المراهنة على اللوتو الرياضي الى تلويث البطولة من قبل عصابة من اللاعبين والحكام والصحافيين والإداريين. حينها، أوقف قضائياً ورياضياً مشاهير من الكرة الإيطالية بينهم باولو روسي الذي عاد وفاز ببطولة العالم عام 1982. وعوقب فريقا أز سي. ميلان أ.سي. ولاتسيو روما بإنزالهما إلى الدرجة الثانية لتورطهما. قبل شهر تقريباً في مؤتمره العام في المغرب، شكل الاتحاد الدولي لجنة خاصة لإقرار تدابير رادعة نتيجة حالات مشابهة للحالة البرازيلية حصلت أخيراً. وفي ألمانيا بطولة الدرجة الثانية حيث كانت المافيا الكرواتية متورطة وأيضاً في فنلندا وسنغافورة وفيتنام فضائح أيضاً، القاسم المشترك بينها هو المراهنات الإلكترونية وتبييض أموال المافيات من جهة والسلطة المطلقة المعطاة للحكم في اللعبة من جهة أخرى.