رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر السادس للبرلمان العربي    مواقع التواصل تحتفي بمغادرة خادم الحرمين الشريفين المستشفى    ⁠87% من مبادرات رؤية المملكة 2030 مكتملة    الأمير محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة 19 من طلبة جامعة جازان    نائب وزير الخارجية يجتمع بالوزير المستشار لرئيس نيكاراغوا للسياسات والعلاقات الدولية ويوقعان مذكرة تفاهم    نائب وزير الخارجية يلتقي رئيس البنك المركزي في نيكاراغوا    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    "أدوبي" ترقي الفيديو بالذكاء الاصطناعي    "رسائل الأمل" من أطفال السعودية إلى غزة    استقرار أسعار النفط    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟    روسيا: زيارة بلينكن للصين تهدف لتمزيق العلاقات بين موسكو وبكين    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية    الراقي في اختبار مدرسة الوسطى.. الوحدة والفيحاء يواجهان الحزم والطائي    ميندي وهندي والنابت مهددون بالغياب عن الأهلي    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    «الرابطة» تُدين استمرار الاحتلال ارتكاب جرائم الحرب في غزة    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    أدوات الفكر في القرآن    4 نصائح طبية عند استعمال كريم الوقاية من الشمس    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    الأوبرا قنطرة إبداع    مركز وقاء بمنطقة الرياض يبدأ المرحلة الأولى لتحصين المواشي    الملك يغادر المستشفى بعد استكمال فحوصات روتينية    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    النفع الصوري    حياكة الذهب    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    أمير الشرقية: القيادة تولي العلم والتنمية البشرية رعاية خاصة    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    الإسباني "خوسيلو" على رادار أندية الدوري السعودي    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    أمير عسير يواسي أسرة آل جفشر    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأصل الكردي لا يغيب عن قصائد كولالة نوري بالعربية
نشر في الحياة يوم 08 - 12 - 2006

"تقاويم الوحشة" هي المجموعة الثالثة للشاعرة الكردية كولالة نوري مواليد كركوك/ العراق التي تكتب بالعربية. وهنا لا بد من أخذ الأصل الكردي لخيال القصيدة المكتوبة بالعربية في الاعتبار، إذ غالباً ما يتصف الشعر الذي يكتبه بعض الأكراد بالعربية بصفات معينة قد نجدها مكررة في تجاربهم. وأولى هذه الصفات تتجلى في التفاوت، الخفي أحياناً والواضح أحياناً أخرى، بين المعنى المستهدف في المخيلة ومدى تحققه فعلياً في النص المكتوب. وإذا كان القارئ سيظن أن السبب في ذلك عائد الى عدم التمكن من العربية فلا بد من القول إن هذا ليس هو المقصود. المقصود هو الخشية من حدوث مبالغات في المعنى وبناء الصورة وتركيب الاستعارة واستخدام البلاغة عموماً. وهي خشية تبدو في محلها حين نجد في شعر كولالة نوري، ولدى غيرها من التجارب المجاورة والقريبة، هذا النوع من المبالغات، وهي عادة مبالغات غير متعمدة وتحدث من دون قصد.
وهذا غالباً ما يؤدي الى شيء من العنف والقوة في استخدام الكلمات، والتوتر والحماسة في كتابة الأحاسيس في شكل مباشر ومن دون مواربة. ويمكن في هذا الصدد ذكر أمثلة عدة كما هي الحال عندما تكتب:"ستجد سماء أخرى/ من بوح وريح/ وقيلولة من غار وفيروز/ ستجد مساء غجرياً/ لتذرف فيه التاريخ..."حيث يجد القارئ في طريقه الى المعنى كلمات قوية الوقع وأكثر خشونة من المتوقع الى درجة تبدو فيها الصورة الشعرية فضفاضة على معناها. وهنا تظهر واحدة من تلك المبالغات التي تعلو فيها الغرابة والعنف والفصاحة الحماسية على حساب المعنى المتواري وراء الجملة. ويجد القارئ شيئاً من هذا القبيل في صور أخرى مثل:"غير ان عقارب الروح تعيدني لحضارة شفاهك"حيث تبدو مفردة"حضارة"ذات وقع أشد من الحال المطلوبة أو المفترضة.
ولكن هذه الحماسة لا تلخص كل تجربة كولالة نوري، فهي تخفف من توتر العبارة وخشونة الكلمات بحسب مزاج شعري ينبغي احترامه وتقديره على رغم استحقاقه للنقد. وهكذا نجد، الى جانب العنف والصوت العالي، بساطة وانسيابية في بعض النصوص:"لم أعد أحبك كثيراً/ فلدي زخم من مشاريع/ سأستيقظ مبكرة/ وأعاود تماريني من دون أن أتثاءب/ ... ولا تسوؤني حياتك المليئة بعيداً عني/ قد أواعد صديقاً على الشاطئ دون أن أخشى وقوعه في غرامي...".
علو في النبرة يعقبه خفوت فيها. أداء متوتر حماسي للجملة الشعرية يليه تواضع وانسيابية في الكتابة. والأرجح ان هذا يؤكد التفاوت بين القول الشعري ومعناه، وبين أداء المخيلة والكتابة الملموسة. والأرجح، أيضاً، ان هذا يمنح صوت كولالة نوري خصوصية ما وإن لم تكن هذه الخصوصية إيجابية دوماً.
ان الوقوع في هذا التفاوت قد يُعزى الى صدق التجربة ومرارة الواقع وموت الأحلام وتوالي الخيبات. وكولالة نوري لا تخفي ذلك بل غالباً ما تضع كل ذلك في صدارة القول وتجهر به أكثر من اللازم. وهذا، ربما، يتلاءم مع الصوت الخشن والأداء العالي والحماسي وعلو النبرة. انها شاعرة مهمومة ويبدأ هذا الهم من"وحشة"العنوان والاهداء"الى أجمل الضحايا... نحن"ثم قصيدة مهداة الى"شقيقة الألم"ومهداة أخرى بعنوان"اغتيال شمعة"ثم قصيدة بعنوان"دم مهزوم"ثم"برهة بين أمل ونزيف"ثم مهداة الى"الجمال الخذول"ثم"طاعن في الخيبة"... ان مفردات مثل الوحشة والضحايا والألم والاغتيال والهزيمة والنزيف والخذلان والخيبة لا بد من أن تطبع التجربة الشعرية بطابع ما ولا بد، أيضاً، من أن تجذب كلمات وعبارات من النوع نفسه وأن تستقطب موضوعات ومشاغل نصية تؤثر المباشرة على الترف والتوصيل الواضح على المواربة والاخفاء. وهذا سيؤدي، بالتالي، الى بداهة أن تحضر الحماسة والمبالغة والعنف والوقع الخشن في مجمل الممارسات الشعرية لكولالة نوري.
وهذا يعني ان صدق التجربة ومرارتها له ضريبة شعرية، إذ غالباً تُنقص التجربة المكتوبة في شكل مباشر من شعرية هذه الكتابة. وغالباً ما تؤدي الى خلق التفاوت، الذي قصدناه، بين الصورة والمعنى أو بين المخيلة والواقع.
ان شعر التجربة لا بد من أن ينتج تجربة الشعر، ولكن قصيدة كولالة نوري تنوس بين هذين الحدين فتخلط فيها ما هو شعري وما هو مباشر حيث تبدو القصيدة مكتوبة بصوتين أو نبرتين وربما أكثر.
والواقع ان الشاعرة لا تخفي ذلك فما ان تخفت نبرتها في قصيدة حتى تعود فتعلو في قصيدة أخرى فتكثر من استخدام الألفاظ ذات الجرس العالي والتي يصنع تجاورها تصادمها واحتكاكها بالأحرى جلبة وخشونة وضجة. وهي النبرة التي تبلغ أقصى ذروة لها في القصيدتين الأخيرتين في المجموعة وفيهما تقدم ما هو أشبه بعرض حال للعراق الراهن ويومياته الدامية:"جاء عام وانتهى عام/ ولم تأت سوى الألغام بدل الأنغام/ ولم نر من وعود الفخفخة سوى سيارات مفخخة"وكذلك:"الديكتاتور يحتفل في سجنه بعيد ميلاده مع كعكة أميركية/ وأبو غريب يحتفل مع داعرة أمريكية/ وهي تجرب كبتها الحضاري...".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.