يتوجه الرئيس الأميركي جورج بوش الأحد المقبل إلى أوروبا في جولة تقوده الى ألمانيا وبلجيكا وسلوفاكيا، وذلك في مبادرة لاحداث تحول استراتيجي في سياسة واشنطن تجاه القارة، يهدف إلى إعادة الدفء إلى العلاقات بين ضفتي الأطلسي بعد فتور بسبب حرب العراق، كما يهدف الى تبديد الآثار السلبية لتصريحات المسؤولين الأميركيين اللاذعة في شأن"أوروبا القديمة والجديدة". وعلى رغم عدم الإعلان عن تفاصيل البرنامج، فإنه يتوقع أن يلتقي بوش الرئيس الفرنسي جاك شيراك حول مأدبة عشاء في بروكسيل مساء الاثنين، قبل أن يحضر قمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي الثلثاء، ليتوجه في اليوم التالي إلى ماينز في ألمانيا، للقاء المستشار الألماني غيرهارد شرودر. ويواصل بوش رحلته إلى براتيسلافا في سلوفاكيا مساء الأربعاء، ويلتقي هناك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الإرهاب وأسلحة الدمار وفي لقائه مع بوتين، يتوقع أن تنحى برفق قضايا شائكة كمسألة تفكيك شركة"يوكوس"النفطية، والقيود التي يفرضها الكرملين على الانتخابات، والضغوط التي يمارسها على وسائل الإعلام، ليصبح المجال فسيحاً أمام الرئيسين للتركيز على القضايا المحورية كمكافحة الإرهاب وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل. وفي معرض تأكيدهما أهمية ما سيصدر عن سلوفينيا من إعلانات، سيوقع الرئيسان اتفاقاً في شأن القيود الصارمة التي ستفرض على مبيعات نظم الدفاع الجوي الأميركية والروسية التي يتخوف من أن يحصل عليها الإرهابيون ومن ثم يستخدمونها ضد الطائرات المدنية. غير أنه سيتعين الإقرار أيضاً باستمرار الخلافات المزمنة، ولا سيما مواصلة روسيا العمل في بناء محطات الطاقة النووية في إيران، على رغم المخاوف الأميركية من أن هذه التكنولوجيا تستخدمها الجمهورية الاسلامية في برامج عسكرية نووية. وتشكل إيران موضع خلاف كبير، خصوصاً أن بوش لم يستبعد التحرك العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، فيما تتابع اوروبا مسيرة المفاوضات مع طهران. وفي الوقت نفسه، تتطلع واشنطن إلى تعزيز تعاونها مع موسكو في بعض القضايا الأساسية الأخرى، مثل عملية السلام في الشرق الأوسط ودور البلدين كراعيين للسلام في تحقيق تسوية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وشكل العراق أبرز المسائل المختلف عليها، خصوصاً بعدما حالت ألمانيا وفرنسا وروسيا عام 2003، دون موافقة الأممالمتحدة على الحرب وإن فشل الثلاثي الأوروبي في تفادي اندلاعها. ألمانيا وتأتي بعد ذلك القمة التي ستجمع بوش بالمستشار الألماني غيرهارد شرودر، بعد جهود مشتركة شملت أمرين أساسيين: أولهما الدعم الألماني لتحركات أميركية أسفرت عن إسقاط 80 في المئة من ديون العراق، وثانيهما تأييد برلين للإصلاح في الشرق الأوسط، ودعم حوار بين مجموعة الثمانية والعالم الإسلامي. كما أشادت إدارة بوش بموقف ألمانيا المساند بقوة لقرار الاتحاد الأوروبي ببدء محادثات مع تركيا في شأن انضمامها الى عضوية الاتحاد، وهو أمر طالما سعت إليه واشنطن. غير أن ألمانيا لم تبدل موقفها من العراق، وما زال دورها هناك مقصوراً على تدريب الشرطة العراقية في الإمارات، والموافقة على تدريب عدد محدود من ضباط الجيش في ألمانيا. وبدأت خلافات جديدة تطفو على السطح تتعلق بدعم ألمانيا لرفع حظر الأسلحة الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على الصين. وفي مسألة نزع السلاح، ألغت إدارة بوش عام 2001 في إجراء أحادي الجانب، معاهدة الحد من انتشار الأسلحة الباليستية الموقعة مع روسيا، مما أثار انزعاج الأوروبيين الذين لم يجر إبلاغهم بذلك سلفاً. ويختلف الأوروبيون مع الأميركيين في الاستراتيجيات العسكرية، إذ تزعم واشنطن حقها في شن ضربات وقائية وإجراءات أحادية الجانب واستراتيجية.