تراجعت امس المخاوف من تصعيد سياسي داخلي في لبنان. وكانت هذه المخاوف برزت اثر خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي، والذي تزامن مع تحركات شعبية تطالب بخفض سعر المازوت على أبواب موسم الشتاء، ومع تلويح صحيفة"تشرين"السورية بقيام تظاهرات غداً أمام مقر مجلس الوزراء الذي ينتظر ان يبحث بصيغة لدعم صفيحة المازوت تجاوباً مع حاجات أبناء المناطق الجبلية الباردة، لمدة ثلاثة او أربعة اشهر. وأكدت مصادر قيادية في"حزب الله"ل"الحياة"ان لا نية لدى الحزب لا للاستقالة من الحكومة ولا للعمل على إسقاطها على رغم الخلافات التي ظهرت بين الحزب وبين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في عدد من المواضيع السياسية الساخنة. وشددت هذه المصادر على ان الأجواء الإعلامية المشحونة التي اختلقها البعض لاتهام المعترضين على أداء الحكومة في عدد من العناوين التي تتناول العلاقات اللبنانية - السورية والعلاقة مع النفوذ الخارجي والقرارات الدولية وسلاح المقاومة في لبنان والشراكة في اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء من اجل اتهام"الثنائية الشيعية"المتمثلة بتحالف الحزب مع حركة"أمل"، بالسعي الى نسف الحكومة بعد خطاب الرئيس الأسد هي ذر للرماد في العيون، ومحاولة لتجاهل مواضيع الخلاف التي نثيرها والتي ندعو الى حلّها بالحوار داخل الحكومة ومع القوى الرئيسة فيها. وأكدت المصادر القيادية في الحزب ان"لا علاقة للتحرك الشعبي الذي حصل في عطلة نهاية الأسبوع ضد ارتفاع سعر المازوت، بالخلافات السياسية بل هو يعبر عن وجع الناس الحقيقي من عدم القدرة على تأمين مادة اساسية للتدفئة في موسم البرد القارس في البقاع والجنوب ولا بد من حل لقضية المازوت بمعزل عن وجود خلافات سياسية او غيابها". وكان الاتحاد العمالي العام طالب بخفض سعر صفيحة المازوت الى 12 ألف ليرة لبنانية ورهن تحركه تجاه هذه القضية بقرارات الحكومة غداً. وكان السنيورة التقى وزير الطاقة محمد فنيش حزب الله اول من امس للبحث في صيغة لخفض سعر المازوت تعرض على جلسة مجلس الوزراء غداً، وسط اتجاه اوساط محيطة برئيس الحكومة والقوى الحليفة له الى العمل من اجل نزع فتيل المازوت كي لا يستغل على الصعيد السياسي. على صعيد آخر، واصل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ابراهيم غمباري امس جولاته على مسؤولين وقادة لبنانيين وأعلن بعد لقائه نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر ان الأممالمتحدة قررت توسيع مهمة الموفد الشخصي للأمين العام في الجنوب غير بيدرسون لتشمل كل لبنان. وهذا تطور لافت يعني ان بيدرسون سيتولى متابعة الشؤون المتعلقة بالقرارات الدولية الصادرة حول لبنان ومنها قرار مجلس الأمن الرقم 1559 المتعلق بالسلاح الفلسطيني وسلاح"حزب الله". وفي باريس، علمت"الحياة"ان الرئيس السوري بشار الأسد بعث الى دول مجلس الأمن، باستثناء فرنسا والولايات المتحدة، برسالة يشكو فيها من تعامل القاضي الالماني ديتليف ميليس الذي يتولى التحقيق الدولي في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري مع المسؤولين السوريين. ويقول الرئيس السوري في هذه الرسالة ان تاريخ لجان التحقيق الدولية لم يسبق ان شهد تعاملا مماثلا لتعامل ميليس مع سورية. ويطالب الاسد ان يتم استجواب المطلوبين من القاضي الألماني في سورية في مقر الأممالمتحدة. وقد تلقت الدول الأعضاء الرسالة السورية امس. الى ذلك، علمت"الحياة"ان اللقاء الذي تم بين وزير خارجية بريطانيا جاك سترو ونظيره السوري فاروق الشرع على هامش منتدى البحرين كان لقاء غير رسمي، لكنه وصف بأنه كان"لائقاً"، وان سترو أكد للشرع ان لا نية لبريطانيا في قلب النظام في سورية، لكن ينبغي ان تتعاون سورية وتنفذ قرارات مجلس الأمن وما هو مطلوب منها بالنسبة الى لبنان والعراق والفصائل الفلسطينية، وان ليس لدى سورية خيار آخر الآن إلا ان تنفذ المطلوب منها وان لا تعتمد أي نهج تكتيكي لتحاول ان تخرج مما هو مطلوب منها لأنه ليس هناك مخرج آخر. وقالت المصادر ان الشرع عكس ما أظهر في نيويورك عندما تبادل الكلام بين الشرع وسترو حيث كان شديد التوتر، وقال انه فهم ما قال له سترو. وتساءلت المصادر عما سيكون ردهم على طلب التجاوب مع تقرير ميليس. وقالت المصادر إذا امتنعت سورية عن تنفيذ ما يطلبه منها القاضي ميليس سيؤدي ذلك الى ارسال ميليس كتاباً لمجلس الأمن يقول ان سورية لم تتعاون، وميليس واضح فيما يطلبه من سورية وهو لا يسيء التعامل معها، فهو يطلب منها بوضوح تنفيذ مطالبه لاستجواب المتهمين في تقريره بالتورط في اغتيال الحريري. وفي نيويورك، ابلغت الحكومة السورية الأممالمتحدة انها لا تريد ان يحصر ميليس اتصالاته بها عبر الوزير الشرع، وانما تريد ان تكون قناة الاتصال الوحيدة له اللجنة القضائية السورية الخاصة التي انشأتها الحكومة السورية للتحقيق في اغتيال الحريري. وفيما تلقت الأممالمتحدة رسالة رسمية في هذا الشأن، لم تبعث الحكومة السورية رداً على رسالة ميليس التي بعث بها في 8 تشرين الثاني نوفمبر طالباً رد دمشق على ما تضمتنه الرسالة لجهة زمان ومكان استجواب"المشتبه بهم"الستة والشاهد، وزير الخارجية الذي يريد ان يقابله. واجرى ميليس اتصالاً هاتفياً بالامين العام للأمم المتحدة كوفي انان. وتردد ان انان يفضل التريث وانه اقترح عاصمة أوروبية لاستجواب بعض ممن يريد ميليس استجوابهم، قد تكون جنيف.