ردت الحكومة السودانية بارتباك على قرار مجلس الأمن الذي أمهلها شهراً لإنهاء العنف في دارفور. وفيما أعلنت وزارة الإعلام رفض الخرطوم القرار، أكد وزير الخارجية أن حكومته لا ترفضه. وكشف أنه اشتكى اريتريا إلى الأممالمتحدة واتهمها بالتخطيط لفتح جبهة عمليات في شرق البلاد، مستخدمة متمردين من دارفور والبجا. في موازاة ذلك، نقل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط رسالة من الرئيس حسني مبارك إلى الرئيس عمر البشير يدعوه الى التعاطي بايجابية مع قرار مجلس الأمن في شأن دارفور ويبلغه بارسال مراقبين مصريين إلى الاقليم. وأعلن وزير الإعلام الزهاوي إبراهيم مالك في بيان رفض الخرطوم قرار مجلس الأمن الذي وجه تحذيراً إليها لإنهاء العنف في دارفور ومنحها مهلة 30 يوماً ستواجه عقوبات اقتصادية وديبلوماسية بعدها إذا لم تف بالتزاماتها. وقال إن قرار مجلس الأمن غير صائب ولا يتسق مع اتفاق حكومته مع الأممالمتحدة. وأعرب عن أسفه العميق لدخول قضية دارفور بهذه السرعة إلى مجلس الأمن، واتهم المجلس بتقصّد تجاهل جهود حكومته لإقرار الأمن في الاقليم. لكن وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وجه انتقاداً مبطناً إلى بيان زميله وزير الإعلام، وقال في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره المصري أبو الغيط إن الحكومة لا يمكن أن ترفض قرار مجلس الأمن، لأنه تضمن معظم اتفاقها مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لمعالجة الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور، موضحاً أن موقف حكومته الرسمي سيصدر خلال اجتماع الوزراء اليوم. وقال اسماعيل إن حكومته وقعت اتفاقاً مع أنان، ولم تكن ترغب في صدور قرار حتى تنفذ اتفاقها في تسعين يوماً، لم يمض عليها سوى شهر حتى الآن. ورأى أن قرار مجلس الأمن غير متوازن، لأنه لم يلزم "متمردي دارفور" بأي شيء، مؤكداً ان الخرطوم لا يمكن أن ترفض القرار وستتعامل معه بايجابية، مشيراً إلى أن الحكومة إذا وجدت صعوبة في تنفيذه فستبلغ مجلس الأمن بذلك للحصول على مزيد من المساعدات والوصول إلى تسوية سياسية. وتحفظ اسماعيل عن إعلان الرئيس النيجيري اولسيفون اوباسانجو الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الافريقي، اعتزام الاتحاد ارسال قوات حماية إلى دارفور. وقال إن القرار بارسال قوات يجب أن يصدر من الاتحاد، وانتقد إعلان الخطوة بعد صدور قرار مجلس الأمن وليس قبلها. واتهم وزير الخارجية السوداني اريتريا بتبني مجموعات مسلحة معارضة للحكم في الخرطوم ودفعها للهجوم على شرق البلاد انطلاقاً من اراضيها. وكشف ان حكومته ابلغت مجلس الامن اخيراً للمرة الثالثة خلال ثلاثة اعوام بذلك، موضحاً ان لدى السلطات تقارير استخباراتية تقول ان "حركة العدل والمساواة" في دارفور وقعت اتفاقاً مع تنظيم البجا و"الأسود الحرة" في اسمرا، وتخطط للقيام باعمال معادية من شرق البلاد. الى ذلك ابلغ وزير الخارجية المصري رسالة من الرئيس مبارك الى البشير، وقال ان مبارك بعثه مع رئيس الاستخبارات عمر سليمان لاطلاع القيادة السودانية على الاتصالات التي اجرتها القاهرة مع الدول الغربية واميركا واثمرت تخفيف قرار مجلس الامن واسقطت منه كلمة "عقوبات". وقال ان القاهرة كانت تأمل ان لا يصدر قرار مجلس الامن حتى تعطى الخرطوم فرصة تنفيذ اتفاقها مع الاممالمتحدة، ولكن صدر القرار وتضمن عناصر يجب استغلالها والبناء عليها واجراء حوار بناء بين السودان ومجلس الامن. وذكر ابو الغيط ان الحكومة المصرية ابلغت الاتحاد الافريقي باسماء مراقبين لارسالهم الى دارفور قريباً، موضحاً انها قوة صغيرة ولكنها ستكون فاعلة وتوجه ابو الغيط وعمر سليمان الى الفاشر كبرى مدن دارفور لتفقد بعض مخيمات النازحين والوقوف على حقيقة الاوضاع الأمنية والانسانية. وفي أديس أبابا، قال سفير السودان لدى اثيوبيا عثمان السيد ان بلاده ليست مقتنعة بقرار مجلس الامن فرض عقوبات عليها في غضون 30 يوماً اذا لم تنفذ التزاماتها لمعالجة ازمة دارفور. واوضح السفير وهو ايضاً مبعوث السودان لدى الاتحاد الافريقي في مؤتمر صحافي امس في اديس ابابا، ان بلاده ستقبل القرار بكل تأكيد حتى وإن لم تكن سعيدة بذلك لاحترامها للمجلس، وانها لا تريد ان تكون "اسرائيل الثانية" برفض قرارات المجلس. وقال: "نحن نتمنى من مجلس الامن ان يعمل معنا في ايجاد حل لأزمة دارفور قبل انتهاء الموعد المحدد لفرض عقوبات على اكبر دولة في افريقيا". وأشار عثمان السيد الى ان حكومته تعمل كل ما في وسعها لحل الأزمة في دارفور في اقرب فرصة ممكنة.