اعلن امس عن وفاة العالم البريطاني فرنسيس كريك 88 عاماً، في مستشفى ثورنتون في مدينة سان دييغو الاميركية. وكان حاز شهرة مدوية عندما شارك الاميركي جيمس واطسون عام 1953 في اكتشاف حمض الوراثة المعروف باسم "الحمض النووي الريبوزي الناقص الاوكسيجين"، واختصاراً DNA. وفي العام الماضي، احتفل العالم بمرور خمسين سنة على منح كريك وواطسون، اللذين يذكران دائماً معاً، جائزة نوبل تقديراً لذلك الانجاز. والحال ان اكتشاف حمض الوراثة هو الاساس الذي بنيت عليه علوم الجينات والهندسة الوراثية كلها، والتي وصلت الى احدى قممها الشاهقة باكتشاف التركيب الجيني الوراثي للانسان، او ما يعرف ب"الجينوم البشري"، ولا يخلو من دلالة ان واطسون ترأس مشروع الجينوم عند انطلاقه فيما منعت الحال الصحية كريك من المشاركة. وتعتبر الاوساط العلمية ان القرن ال 21 سيكون "قرن البيولوجيا"، كما كان القرن العشرون قرن فيزياء الذرة والكون، اي فيزياء البرت اينشتاين وقلة من اشباهه، الذين اعطوا القنبلة الذرية والكومبيوتر والانترنت والتلفزة وما إليها. ويتردد في الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية هذه الأيام خلاف على ابحاث خلايا المنشأ، التي تعد بحل الامراض المستعصية والاعضاء البديلة، وهي من العلوم التي ارتكزت الى اكتشاف حمض الوراثة. وفي كل كتب العلم، يظهر وصف الحمض الوراثي بأنه يشبه "سلماً لولبياً مزدوج العتبات". ويرجع الى كريك بالتحديد هذا الوصف. ففي العام 1951، شرع في ابحاثه عن تركيب الخلية، مع واطسون، في جامعة كامبردج. وقد كان ضابطاً في الجيش البريطاني، متخصصاً في الموجات الصوتية وارتداداتها، اي بمثل آلات السونار التي تستعملها الغواصات. واستخدم كريك التقنية نفسها في البيولوجيا. ووجه الموجات الصوتية الى نواة الخلية ودرس ارتداداتها. وقد تكشف له ان قلب نواة الخلية، حيث تتركز عناصر الوراثة، له شكل سلم لولبي مزدوج. وتبين للعالمين، ان ذلك السلم يتألف من بروتين وفوسفات وسكر، وكانت تلك نقطة الانطلاق لأحد اهم العلوم في تاريخ الانسانية.