يتوقع أن يختار نحو 200 من العرب والأوزبك والشيشان، الإقامة في منطقة وزيرستان القبلية في شمال غربي باكستان عقب اتفاق سلام تاريخي بين الجيش الباكستاني والقبائل، يقضي بتوطين مقاتلين متهمين بالانتماء ل"القاعدة" وعدم تسليمهم إلى دول أخرى في مقابل إلقائهم السلاح. وأبلغ مسؤول باكستاني رفيع المستوى "الحياة" أمس، أن العديد من المقاتلين الأجانب الذين اختاروا إلقاء السلاح والبقاء في ضيافة القبائل الباكستانية، سيتحدد خلال خمسة أيام. وأضاف: "إن ما بين 200 إلى 400 أجنبي سيبقون هناك. وما نؤكده هو أن عمليات الجيش الباكستاني دفعت أعداداً كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى الانتشار على مساحة واسعة أفقدتهم عملياً ميزة التنظيم والاتصال". وأنهى اتفاق السلام عمليات عسكرية في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان، من أجل قتل أو طرد مقاتلين يشتبه في انتمائهم ل"القاعدة". واستقبل الرأي العام الباكستاني بارتياح، الاتفاق الذي وقعه عسكريون مع زعماء القبائل في وانا عاصمة وزيرستان أول من أمس. إلا أن مصادر عسكرية باكستانية ذكرت أمس أنها لا تستبعد شن عمليات محدودة مستقبلاً وفي مناطق غير مأهولة، في حال تلقت معلومات عن مقاتلين مصرين على ممارسة الإرهاب انطلاقاً من باكستان. وحرصت وسائل الإعلام الباكستانية أمس، على إعادة بث لقطات من مراسم توقيع الاتفاق لليوم الثاني على التوالي أمس. وركزت على رمزية الحدث المتمثلة في تجديد القبائل ولائها لباكستان، وهي مسألة مهمة للباكستانيين نظراً إلى أن القبائل لعبت دوراً حاسماً في أنجح عملية عسكرية ضد الهند عام 1948 ونجمت عنها السيطرة على ثلث كشمير التي كانت واقعة وقتها بالكامل تحت سيطرة الهند. ولعب على هذا الوتر أحد أبرز زعماء القبائل المطلوبين للحكومة الباكستانية والذي ألقى السلاح أول من أمس، وهو محمد نك المتهم بتقديم المأوى لمقاتلي "القاعدة"، عندما قال خلال توقيع الاتفاق وسط تصفيق حار: "كان خطأ كبيراً أن يقاتل بعضنا الآخر. فنحن أخوة وموالون لباكستان ومستعدون للقتال في كشمير مجدداً إذا طلبت منا الحكومة ذلك". ويذكر أن أبناء القبائل يمثلون ثلث عديد القوات المسلحة البالغ نصف مليون جندي ويحتلون مناصب رفيعة. ويدعم الاتفاق بشكل كبير موقف إسلام آباد القائل إن استخدام القوة المفرطة ليس الحل الأمثل لاخراج المقاتلين الأجانب الذين ينتمي بعضهم ل"القاعدة" والمتخفين بين قبائل البشتون الممتدة من باكستان إلى أفغانستان. وقاومت إسلام آباد في الأسابيع الماضية رغبة قادة الجيش الأميركي في أفغانستان، إرسال قوات أميركية عبر الحدود إلى باكستان لمطاردة "القاعدة". واستضاف الباكستانيون في الأسابيع الماضية أعضاء في الكونغرس ومسؤولين مدنيين وعسكريين أميركيين، في زيارات إلى مشاريع تنموية متسارعة في المناطق القبلية الباكستانية، مستهدفين بذلك خلق مجموعة ضغط داخل واشنطن متفهمة لوجهة نظر إسلام آباد. وأفاد مصدر رسمي باكستاني أن الرئيس برويز مشرف ينوي خلال الأيام المقبلة الإعلان عن برنامج مساعدات ضخم للتنمية في مناطق القبائل. وستستخدم الحكومة الباكستانية الإنجاز المتمثل في إقناع القبائل بعدم تقديم اللجوء لمقاتلين أجانب من أجل دفع الإدارة الأميركية لتعلن عن مساعدات مالية كبيرة للقبائل الباكستانية عبر مؤتمر دولي لممثلي المنظمات المانحة قريباً. يذكر أن الاتفاق الذي توصل إليه الجيش الباكستاني مع القبائل يقضي بأن يلقي المقاتلون الأجانب السلاح ويستقروا في المنطقة في ضيافة القبائل التي تتعهد حسن السلوك من جانب الضيوف وتسجيل أسمائهم لدى الدولة، في مقابل تعهد الدولة حمايتهم كمقيمين شرعيين وعدم تسليمهم، لا لبلدانهم الأصلية أو إلى أي دولة أخرى. ويجب على الأجانب تسجيل أنفسهم قبل الثلاثين من الجاري.