بدءاً من المثلث الحدودي الباكستاني - الأفغاني - الإيراني وانتهاء بالخلايا المنتشرة في أوروبا، تواجه "القاعدة" صعوبات في التنظيم والاتصال وصلت ذروتها بإعلان زعيم التنظيم أسامة بن لادن عن هدنة في شن عمليات في أوروبا، وذلك بحسب مصادر رسمية باكستانية. وقالت المصادر المرتبطة بملف مكافحة الإرهاب في إسلام آباد امس، إن الشريط الصوتي المنسوب الى بن لادن الذي بث أمس، هو الأحدث في سلسلة دلائل تشير الى تضييق الخناق حول قيادة التنظيم مع اقتراب موعد انتهاء مهلة حددها الجيش الباكستاني في 20 الجاري، لشن عملية حاسمة تضع حداً لنشاطات التنظيم في المنطقة الباكستانية - الأفغانية. وأبلغ مصدر ديبلوماسي في إسلام آباد "الحياة" أمس أن مسؤولي استخبارات أوروبيين يعتقدون أن الهدنة التي أعلنها بن لادن، ربما كانت أول دليل على نجاح جهد استخباراتي مشترك شمل أوروبا والشرق الأوسط وباكستان، وأدى الى اعتقالات والكشف عن خلايا نائمة ل"القاعدة" عقب تفجيرات مدريد. ويتداول مسؤولون أمنيون باكستانيون معلومات مفادها أن التحقيقات الاسبانية والأوروبية في تفجيرات مدريد، قادت المحققين الى مناطق القبائل الباكستانية. وقال مصدر أمني باكستاني إن "معلومات قدمها الاسبان لنا قادتنا الى منطقة في وزيرستان حيث صدرت الأوامر بتنفيذ تفجيرات مدريد. والمؤسف أنها خرجت من هنا"، مشيراً الى ان "الاعتقالات والتحقيقات مستمرة" في المنطقة. وأوضحت التحقيقات الباكستانية مع نحو 163 مشتبهاً بهم من عناصر القاعدة، بينهم 73 مقاتلاً غير باكستاني، ألقي القبض عليهم أثناء العمليات العسكرية في وزيرستان اخيراً، أن "القاعدة" أقامت منظومة اتصالات جيدة في المنطقة منذ خروجها من أفغانستان. وشملت المنظومة وسائل اتصالات عبر الانترنت والهواتف الجوالة المحلية والأقمار الاصطناعية، الى جانب مخازن السلاح. ويقول الجيش الباكستاني إنه نجح في تدمير هذه الشبكة الى حد كبير ويتطلع الى تصفية قيادة التنظيم عقب انتهاء المهلة الممنوحة لمقاتلي "القاعدة" وللقبائل الباكستانية التي تؤويهم للاستسلام خلال الأيام الأربعة المتبقية. اميركيون في غرب باكستان وقالت مصادر مطلعة في العاصمة الباكستانية إن الاميرال ويليام ماكريفن قائد وحدة المهمات الخاصة الأميركية 121، كان موجوداً في الأيام الماضية في قاعدة كوهات العسكرية التي تبعد نحو90 كيلومتراً من منطقة وزيرستان، ما يشير الى احتمال اقتراب موعد مواجهة حاسمة بين "القاعدة" والقوات الباكستانية المدعومة اميركياً. وجاء احد المؤشرات في ذلك الاتجاه من خوست الأفغانية الملاصقة لباكستان حيث اقدم مقاتلون يشتبه في أنهم من "القاعدة" و"طالبان" على خطف سبعة من مسؤولي الحكومة الأفغانية المحليين منتصف الأسبوع وإعدامهم، في حين كان يكتفي المقاتلون سابقاً بترويع خصومهم أو تدمير المنشآت، الأمر الذي يشير الى بوادر يأس في صفوف المقاتلين المتطرفين. وثمة تفاؤل رسمي هذه المرة داخل الحكومة الباكستانية وبين العسكريين الأميركيين الذين يتقاطرون في شكل لافت على إسلام آباد، بأن الوحدات الخاصة الأميركية وبمساعدة الجيش الباكستاني ستتمكن من دفع قيادة "القاعدة" ومقاتليها الى خارج المنطقة الحدودية الباكستانية... نحو المصيدة التي جهزها الأميركيون لهم في الجانب الأفغاني من الحدود.