حافظت لبلبة خلال العام الجاري على تألقها الفني الذي تعيشه منذ ثمانية أعوام، فقدمت دورين مختلفين تماماً من حيث الشكل والمضمون: في "عريس من جهة أمنية" أمام عادل إمام وحلا شيحا وشريف منير وتأليف يوسف معاطي وإخراج علي ادريس، و"اسكندرية نيويورك" أمام محمود حميدة ويسرا واخراج يوسف شاهين. وهي تقوم حالياً ببطولة فيلم "فرحان ملازم آدم" أمام فتحي عبدالوهاب وياسمين عبدالعزيز ومن اخراج عمر عبدالعزيز وهو آخر ما كتبه المؤلف محسن زايد قبل رحيله. "الحياة" التقت لبلبة أثناء تصوير دورها في هذا الفيلم. ماذا عن دورك في فيلمك الجديد "فرحان ملازم آدم"؟ - السيناريو من أجمل ما كتب الراحل محسن زايد وكنت وقعت عقد الفيلم قبل ثلاثة أعوام وتقاضيت العربون وجلست كثيراً مع زايد لشرح تفاصيل العمل ولكن تأجل تنفيذه نظراً الى كلفته الإنتاجية العالية. وبعد رحيل زايد اشترى شقيقه المنتج مطيع زايد الفيلم من المنتج الأصلي لرغبته في تنفيذ عمل شقيقه، ويشاركني البطولة فتحي عبدالوهاب وياسمين عبدالعزيز وحسن حسني وسامي العدل وحجاج عبد العظيم وتتناول أحداثه العشوائيات وقضايا كثيرة للعديد من النماذج التي تعيش في هذه الأماكن، وأجسد شخصية إحسان التي أُلقي القبض على زوجها في قضية مخدرات وحكم عليه بالحبس لمدة عشرين عاماً وتركها وابنتها الصغيرة ذات العشرة أعوام وهي في ريعان شبابها والعيون تترصدها، فتقوم بالعمل على عربة كشري في الحي العشوائي لتربي ابنتها، ودوري في الفيلم صعب ومختلف عن كل ما قدمته من قبل وهو دور "بلدي" يختلف مثلاً عن دور الشحاتة المحترفة "سنية" في فيلم "مولد يا دنيا" من إخراج حسين كمال، وهذه هي المرة الأولى التي أقدم فيها فيلماً من إخراج عمر عبدالعزيز على رغم معرفتي القوية به ومشاركتي له أثناء عمله مساعد مخرج لشقيقه محمد عبدالعزيز في غير فيلم. دور عادل إمام عُدت للمشاركة مع عادل إمام في "عريس من جهة أمنية" بعد غياب طويل لماذا الإبتعاد والعودة؟ - قدّمت مع عادل إمام سبعة أفلام منها فيلمين لم أكن حبيبته أو زوجته وهما "مغامرون حول العالم" حيث كانت ناهد شريف هي المقابلة له وكنت أنا مع سمير غانم و"شيء من الحب" وكنت مع نور الشريف في حين كان هو مع سهير رمزي أما الخمسة أفلام الأخرى فكنت معه الحبيبة وهي "البعض يذهب للمأذون مرتين" و"خللي بالك من جيرانك" و"عصابة حمادة وتوتو" و"احترس من الخط" و"عريس من جهة أمنية" وذقت طعم النجاح مع عادل إمام وهذا ما أشعر به عند عرض أي من هذه الأفلام في التلفزيون، وعادل كما هو لم يتغير وهو فوق العمر بلطفه وحبه للعمل وطباعه الجميله حتى بعيداً عن العمل، هو من الشخصيات التي تحبها جداً في فنها وحياتها العادية وبيننا عشرة طويلة وهو صديق غالٍ علي وأقول له اشياء في حياتي لا أقولها لأمي، كما أن زوجته السيدة هالة وأولاده تربطني بهم علاقة أسرية متينة وجميلة، ولم أبتعد يوماً عن عادل إمام على رغم إبتعادي لفترة عن مشاركته في عمل فني. ماذا وجدت في تجربتك الأولى مع مخرج الفيلم علي ادريس؟ - مخرج رائع وأذكره بكل خير وهو في الوسط منذ فترة طويلة وكان من أشطر المساعدين الأوائل ثم المخرجين المنفذين، واستمتعت كثيراً بالعمل معه، واذا كان الفيلم خرج بصورته الرائعة التي شاهدها الجمهور فهذا مرجعه أن علي إدريس بذل مجهوداً كبيراً وهو ما ينطبق أيضاً على المؤلف يوسف معاطي، ولي تجارب كثيرة مع مخرجين شبان أذكر منهم أسامة فوزي الذي شاركت معه في ثاني أفلامه "جنة الشياطين" أمام محمود حميدة وحصلت عن دوري في هذا الفيلم على ثلاث جوائز كأحسن ممثلة في حين حصل الفيلم على 26 جائزة أكثرها من مهرجانات دولية. كما شاركت مع محمد أبو سيف في فيلم "النعامة والطاووس" وأي مخرج أعمل معه اكتسب منه بصمة جديدة وأداء مختلفاً يجعلني أعيش سنوات أطول فنياً. ... ودور يوسف شاهين كيف كان شعورك في تجربتك الثانية مع يوسف شاهين في "إسكندرية نيويورك"؟ - قدمت مع شاهين دوراً كان مفاجأة في فيلم "الآخر" وهو ما حدث نفسه مع فيلم "اسكندرية نيويورك" وهو يعيدني الى سينما الماضي عندما كنت صغيرة وأعمل مع عمالقة أمثال حسين صدقي وأنور وجدي، ومثل هؤلاء ليس لديهم شيء يأتي صدفة فكل شيء مرتب مسبقاً، ومع شاهين كل ممثل يحفظ دوره ويجلس معه ليفهّمه ما المطلوب منه في الدور قبل بداية التصوير بستة أشهر، هو يختار من يحبون الفن ويلتزمون بدرجة كبيرة وشرطه الأساسي ألا يكون الممثل مرتبطاً بعمل آخر، وعندما تدور الكاميرا يكون كل شخص مدركاً لمكانه ويأتي شاهين ليضبط وتر الممثل وكل نفس لديه يكون محسوباً، بدقة ونظام صارم، وهو يُحضر لشخصياته ممثلين يعرف إمكاناتهم جيداً حتى لو كانوا جدداً. تردد أن دورك في "اسكندرية نيويورك" حُذفت منه مشاهد كثيرة ماذا كان رد فعلك؟ - لأن الفيلم كان طويلاً نوعاً ما فهو رأى ضرورة إختصار مشاهد ومن بينها مراحل لي وأنا صغيرة، وهذا الشيء متروك له لأن هذا ليس سيناريو مكتوباً ولكنها مقتطفات من حياته، وله الحرية في زيادة أو حذف أشياء، وأعتبر أننا جميعاً كنا ضيوفاً في سيرته الذاتية. هل حرصت على تنويع دوريك في الفيلمين أم أنها المصادفة؟ - كلما كانت هناك أدوار مختلفة كان ذلك أفضل، وأنا أحب الأدوار التي فيها قدْر كبير من التحدي، ومن يراني في الفيلمين يجد اختلافاً كبيراً ليس في الشكل فقط، ولكن كأحاسيس وأرى أن دوري في "عريس من جهة أمنية" كان في منتهى الصعوبة لأنه لسيدة "شيك" جداً وأرملة للواء ولديها المال، ولكنها كانت تفسد الدنيا بمجرد بدايتها أي حديث. وكانت هذه مكمن الصعوبة، ولم تكن سعادتي كبيرة حينما يقابلني الجمهور في الشارع ويشكرني أنني استطعت إضحاكه وإسعاده من دون إسفاف أو تهريج، كما أن الكتابة النقدية التي كُتبت عني تذكرني بما كُتب عني حينما قدمت فيلم "ليلة ساخنة" مع الراحل عاطف الطيب. أدخل العمل بحب هل تختلف حالك المزاجية حينما تعملين مع ممثل تربطك به علاقة صداقة عنها مع ممثل آخر؟ - تعودت دخول أي عمل فني بكل حب. أشعر بأننا أسرة واحدة وأننا كفريق الكرة، لن ألعب بمفردي، ولكن كلنا علينا العمل من ممثلين ومهندسي ديكور وإضاءة واكسسوارات ومصممي ملابس وماكياج وماكيير حتى أصغر الفنيين، كلنا نساهم في إخراج عمل جيد، الحب في العمل يظهر على الوجوه، والمناخ الجيد يجعل العمل في النهاية جيداً. أشعر أن فريق العمل بمثابة أسرتي. هل حصرتك ملامحك في أدوار معينة لبعض الوقت؟ - كنت أعتقد هذا الأمر في الماضي، وجهي فيه ملامح طفولية، وقال لي كثيرون لا نعتقد أنك ستكبرين وآخرون قالوا لي إن شكلي يمكن أن يقيدني، الآن استطيع اللعب بعضلات وجهي أكثر. في فيلم شاهين كانت معاناتي مع "الماسك" لأنه كان على كل جزء في وجهي ما عدا فمي، الممثل يستطيع تغيير شكله وأدائه والدليل أن أدواري الأخيرة ليس فيها واحد يشبه الآخر، من المحامية في "ضد الحكومة" الى فتاة الليل التائبة في "ليلة ساخنة" الى عاملة المساج في "لهيب الانتقام" الى شكل حبة العجيب في "جنة الشياطين" الى زوجة الوزير في "معالي الوزير" الى الطبيبة النفسية في "النعامة والطاووس" الى بهية في "الآخر" وهي لسيدة مكافحة في الحارة، الى زوجة الاستاذ في "اسكندرية نيويورك" والست إنشراح في "عريس من جهة أمنية" الى إحسان في "فرحان ملازم آدم" السيدة الضعيفة التي تمسك بزمام الأمور الى أن ترى الرجل مهماً في حياتها. ماذا تقولين للجيل الجديد وسط الزحمة الموجودة حالياً؟ - تجاربي جميلة مع الجيل الجديد واستمتع بالعمل، وهم يكونون سعداء لأنهم يحبونني أولاً ويحاولون مشاهدتي في العمل ويتعجبون كيف أن عمري قضيته في الفن بهذا الالتزام. وأنا مشفقة على الجيل الجديد لأن كل واحد منهم يقدم فيلماً واحداً في السنة، عليهم أن يكوّنوا أنفسهم ليعملوا أكثر وينوّعوا في أدوارهم، العمر يجري ولا توجد حصيلة كبيرة تتأتى مع فيلم وحيد كل عام، عليهم أن يعملوا أربعة أو خمسة أفلام في العام، كما كان يفعل جيلنا لكيتسبوا مزيداً من الخبرة. هل تعتبرين نفسك محظوظة مقارنةً ببنات جيلك؟ - الحمد لله، يقولون إن ما جاءني أتى متأخراً، أنا كإنسانة نضجت وهذا النضوج أصبح فنياً أيضاً الحمد لله غيرت جلدي في الأعوام الثمانية الأخيرة لأتجدد في عيون الناس الذين ينظرون اليّ على أنني جديدة قديمة، لم يكن يصلح أن أعيش في الماضي فقط ويقولون لبلبة قدمت قديماً كذا وكذا أو أنها كانت لطيفة. ألا تشعرين بالحنين لعمل إستعراضي خصوصاً أنك ما زلت تملكين المقومات؟ - لو عُرض عليّ فيلم جديد فسأقدمه، أنا تعمدت الإبتعاد عن الغناء في الأعوام الثمانية الأخيرة عملاً بنصيحة الراحل عاطف الطيب الذي قال لي إن الغناء أضرك أكثر مما أفادك. أنت ممثلة جيدة والآخرون لا يفكرون في إسناد أدوار تُبرزين فيها قدراتك كممثلة لأنك تركزين على الغناء. وعملت بنصيحته لأنه قلب حياتي كلها فنياً وغير فني، ولن أستطيع أن أنسى الطيب لأنه مثل أبي الذي لا أنساه. ما جديدك؟ - أنا دائماً في حال قراءة مستمرة وأكون في حال استعداد دائم كما لو أنني سأصور فيلماً غداً وأشبه نفسي بالجندي الذي يستعد لمعركة في أي وقت، وأنا ألعب رياضة وأحرص على عدم زيادة وزني وهكذا.