ثورة التكنولوجيا والمعلوماتية ألغت قيوداً وسهلت، من خلال وسائل متعددة، المشاهدة لفئات المجتمع كافة. ولعبت الأطباق اللاقطة دوراً مهماً في كشف الأسرار والأخبار وفي تعريفنا الى عادات وتقاليد الشعوب الأخرى، ولجأت المحطات الفضائية بعد تكاثرها الى وسائل جديدة لتسويق نفسها، فاكتسبت قضايا المرأة وبرامجها حيزاً في بعض هذه الفضائيات اعترافاً بدورها الحياتي المستجد. وسارت الفضائيات جنباً الى جنب لتبين المكتسبات التي حققتها المرأة في العقد الأخير، ومنها وصولها الى منصب وزيرة او سفيرة او مديرة... في اكثر من دولة عربية، ما يعكس التوجه الى تطوير في المجتمعات العربية. والأردن مثال على بداية الطريق لإحقاق حقوق المرأة وجعلها عنصراً فاعلاً في المجتمع المدني، إذ انتخبت قبل أشهر ستة سيدات ضمن الكوتا النسائية في مجلس الأمة وعينت الدولة امرأة في كل مجلس بلدي. وأخذ بعض الفضائيات على عاتقه النهوض بالمرأة ومكانتها في المجتمع وتسليط الضوء على قضاياها من خلال الكثير من البرامج المتخصصة في شؤونها. قناة الجزيرة تبث برنامج "للنساء فقط" الذي استقطب كثرة من المشاهدين، وهو يسلط الضوء على المرأة، ومن الموضوعات التي طرحها البرنامج على سبيل المثال "المرأة والعمل الديبلوماسي"، "المرأة والتسوق"، "المرأة وتكنولوجيا المعلومات"، "المرأة في الصحافة النسائية" وغيرها من الموضوعات. ويستهجن البرنامج طريقة عرض المرأة في الصحافة العربية كجسد يسعى لاستثماره رؤساء التحرير والشركات التجارية العالمية والمجلات الصفراء التي تبحث عن فضائح دنيا المشاهير. ولم تتخلف قناة mbc الفضائية العربية عن الاهتمام بقضايا النساء وخصصت برنامجاً عنوانه "كلام نواعم" تقدمه أربع نساء لهن خبرات شخصية كنساء وزوجات وأمهات ومشاركات في الحركة الإعلامية. ويعقد البرنامج مقابلات مع ضيوف من مختلف البلدان العربية، ويُعد تحقيقات من الدول العربية تعزز المواضيع المطروحة في الحلقة. ويتناول البرنامج حياة المرأة العربية لعكس مشكلاتها وصورتها الجديدة داخل المنزل ومن ثم محيطها وصحتها وجمالها وعلاقاتها الاجتماعية واهتماماتها المختلفة. ويتميز البرنامجان بالالتزام واحترام المشاهد من حيث طروحاتهما، إذ ان القناتين ونظراً لتوجههما وانتمائهما السياسي والاجتماعي الخاص، لا يقدمان ما يمكن أن يخرج عن الإطار العام لمحظورات الدول التي يمثلانها. ومن القنوات المخصصة للمرأة العربية قناة "هي" وتتميز ببرنامج "نساء في الواجهة" الذي يستضيف نساء لهن مكانة مرموقة سواء كانت سياسية أو إعلامية أو اجتماعية. ويذهب نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني الى القول ان "ثمة محاولات من بعض الفضائيات العربية لمواجهة القضايا الجادة التي تؤرق المرأة، وتحول دون تطور دورها، لكن الصورة العامة هي أن الفضائيات تريد برامج ذات جاذبية للمشاهدين والمعلنين. وهذا لا يتحقق من خلال الحوارات والمواجهات الفكرية عبر الشاشة، إنما عبر برامج خفيفة، تخاطب الاهتمامات الصغيرة على غرار تنسيق أثاث منزلها أو العناية بنفسها وأسرتها". ويشير الى أن "النجاحات التي أصابتها النساء حتى في العمل في الفضائيات كمحررات أخبار ومذيعات ومحاورات لامعات، لم تقنع إدارات المحطات لتعيد النظر في البرامج الخفيفة وتعدّ لبرامج تعكس عمق الجدل حول القيود الثقافية ومنظومة الموروثات التي تكبل المرأة، وتسعى الى سجنها في أدوار، لم تعد قادرة على الصمود أمام تطور الحياة". وترى الدكتورة جمانة عنتر ان البرامج المتعلقة بشؤون النساء على الفضائيات "تمثل امتداداً للنظرة الذكورية التاريخية نحو انسانية المرأة ودورها، فهي تحصر اهتماماتها في الأزياء والماكياج وفنون الطبخ وتربية الأطفال، وتوحي بأن ليس للمرأة أدوار خارج هذا النمط". وتتساءل عن "قضايا المرأة". وتوضح عنتر ان الفضائيات "لا تغامر في تحدي الرجل عبر برنامج حواري يتطرق الى حرية المرأة المسلوبة، والى قرارها المتروك لمزاج الأب والزوج والشقيق... ولا تريد للذكور أن يتوجهوا الى محطة أخرى اذا كان الحديث عن جرائم الشرف التي تذهب ضحيتها سنوياً مئات من النساء، لمجرد أن من حق الرجل أن يغسل العار بيديه، ولمجرد أن المرأة محض عار يلحق بمملكة الرجل المنيعة". وتتهم عنتر الإعلام العربي ب"التواطؤ مع الرجل ضد المرأة بصفتها إنساناً قبل أن تكون أنثى". وتشرح ان "الجدل العميق حول مكانة المرأة وحقوقها يحتل مساحة كبيرة في عمل الهيئات النسائية، والفاعليات الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، بينما يغيب أو "يغيّب" عن الجزء المخصص للنساء في برامج الفضائيات". وتؤكد ان "الإعلام العربي، ومع استثناءات نادرة، لم يمس حتى الآن القضايا الجوهرية التي تهدد كيان المرأة الانساني والثقافي".