أمانة المدينة تطلق "أستوديو لبناء الشركات" لدعم الابتكار    فريق قوة عطاء التطوعي ينفذ مبادرة "احتواء 1″ بجازان    وزارة الصناعة تشارك في معرض البطاريات وتخزين الطاقة بالصين    تحدي "أنا وابني/ابنتي نبتكر" يختتم فعالياته في عسير    الرمان المحلّي يغمر أسواق المملكة بإنتاج يتجاوز (37) ألف طن    «التعليم» تنشر ضوابط الزي المدرسي والرياضي للطلاب والطالبات    المعلمون يعودون غدًا استعدادًا للعام الدراسي الجديد 1447ه    "هجرس" أصغر صقار يخطف الأضواء في مزاد الصقور 2025    أمطار رعدية وسيول على جازان وعسير    ضبط (21997) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    "الكرملين" قمة بوتين وترامب في ألاسكا إيجابية    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي للأطفال    الكرملين: انتهاء محادثات بوتين وترامب في ألاسكا    رسمياً .. النصر يعلن تعاقده مع الفرنسي"كومان"    نيوم يضم المالي "دوكوري"    ماسكيرانو يؤكد جهوزية ميسي لسلسة مباريات إنتر ميامي المهمة    ليفربول يدين الإساءة العنصرية التي تعرض لها سيمنيو    ناشئو أخضر اليد بين كبار العالم.. ضمن أفضل 16 في مونديال مصر    ارتفاع ضحايا الأمطار والسيول في شمال باكستان إلى أكثر من 200 قتيل    هيئة المياه تطالب بسرعة تحديث البيانات    إغلاق 84 منشأة في حي منفوحة بالرياض وضبط مخالفات جسيمة    نونو سانتو: فورست يحتاج لتعزيز صفوفه بصورة عاجلة    جيسوس يرحب برحيل لاعب النصر    قرار مفاجىء من إنزاغي بشأن البليهي    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    مستشفى جازان العام وجمعية التغذية العلاجية يحتفيان بأسبوع الرضاعة الطبيعية    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال    الاستثمار الأهم    النوم عند المراهقين    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراي لم يعد لسان حال المهمشين . شباب "الراب" في الجزائر يختارون الموسيقى طريقة للمعارضة السياسية
نشر في الحياة يوم 26 - 08 - 2003

لم يكن الشباب الجزائري يتخيل خلال سنوات السبعينات أو الثمانينات أنه سيأتي اليوم الذي يمكن له فيه إنتقاد أوضاع بلاده أمام الجماهير وممارسة المعارضة عبر الميكروفون. وبمجرد أن شهدت الجزائر انفتاحاً سياسياً صاحبه انفتاح إعلامي وثقافي واسع، حتى اندفعت جيوش من أبناء جيل الاستقلال نحو منافذ الحرية والديموقراطية. وفي الوقت الذي اختار بعضهم مهنة الصحافة، اتجه البعض الأخر نحو العمل السياسي من خلال الانخرط في احد الاحزاب. وبين هؤلاء وأولئك برز فريق آخر قرر تكسير جدار الصمت عبر موسيقى "الراب" التي أصبحت المنافس رقم واحد لموسيقى "الراي".
فرقة "أم بي أس" تعتبر من أشهر فرق "الراب" الجزائرية التي اختارت الموسيقى لتفجر بها أحاسيسها، وتنتقد من خلال أغانيها الجريئة كل ما يجري في البلاد. وإذا كانت الفرقة التي تضم أربعة شباب من خريجي الجامعات قد أبدت تخوفاً كبيراً في بداية مشوارها الفني من الإنضمام إلى صفوف المعارضة رسمياً، فإنها في المقابل حرصت على أن تشتهر باسم يؤكد للمتمعن فيه بأنه قنبلة موقوتة، بحيث يعني اسم "أم بي أس" عند ترجمة أولى حروفه إلى العربية "الميكروفون الذي يكسر الصمت".
"محند" و"رضوان" هما مؤسسا الفرقة. حكايتهما مع "الراب" لا تختلف كثيراً عن حكاية غيرهم من الشباب الجزائري الذي يحمل هموم جيل بأكمله، ويريد طي صفحة الماضي بكل الطرق والوسائل. فبمشيئة الصدف التقى الصديقان واكتشف كل منهما موهبة الآخر في مجال الموسيقى وكتابة الكلمات، بما جعل الأمور بينهما تسير نحو تكوين فرقة موسيقية. وعلى رغم أن "محند" يتأثر بالراب الفرنسي، و"رضوان" يعشق الراب الأميركي. فأنهما نجحا بجدارة في رسم معالم جديدة لموسيقى الراب الجزائري، تتميز كلماتها بالجرأة، وتنفرد ألحانها بإيقاعات شرقية، بعد أن أدخلا عليها أنواعاً موسيقية أخرى من التراث الجزائري مثل "الاستخبار".
فرقة "راب" أخرى لا تقل شهرة عن سابقتها، اختار مؤسسوها اسم "حامة بويز" لينطلقوا به نحو عالم الشهرة داخل وخارج البلاد. وعلى رغم أن أعضاء أول فرقة راب في الجزائر بدأوا مشوارهم من حي "الحامة"، أحد الأحياء الشعبية في العاصمة، ولم تكن لديهم أدنى الإمكانات للبروز في عالم الفن، غير أن عزمهم الكبير على تفجير ما يختلج قلوبهم من هموم ومشاكل لا يمكن اختصارها فقط في كلمات الإرهاب، والبطالة والفقر والتهميش، دفعهم إلى قيادة ثورة موسيقية حقيقية داخل مجتمعهم، سيما بعد أن أصبحوا أكثر فرق الراب راديكالية.
ولعبت الكلمات القوية التي تستخدمها "حامة بويز" في أغانيها دوراً كبيراً في أن تشتهر وتخطف اهتمام كبار المنتجين الجزائريين، بينهم شريف فلاح الذي وافق في عام 1997 على إنتاج أول شريط للفرقة يحمل اسم "أولاد البهجة"، ثم في عام 1998 أنتج لها ثاني شريط يحمل اسم "عوامة"، وحقق نجاحاً كبيراً عكسته أرقام المبيعات، إذ فاق عدد الأشرطة المباعة في شهور قليلة حوالى 100 ألف شريط، الأمر الذي دفع بأهل الفن إلى التأكيد على أن موجة "الراب" جاءت لتقضي على موجة "الراي" التي تربعت على عرش الأغنية الجزائرية عقوداً.
ويقول "مراد رحماني" أحد مؤسسي فرقة "اليوم غير البارح"، إن اختياره دخول عالم "الراب" لم يكن بدافع كسب الأموال، وإن أهدافه تتعدى ذلك بكثير، لأنه "يحمل رسالة صادقة، ويتمنى أن يصل محتواها إلى أبعد الحدود وإلى أكبر عدد من الأشخاص"، لذلك فهو يحرص على الغناء بمختلف اللغات... العربية والفرنسية والإنكليزية وحتى الأمازيغية. وفي دردشة مع "الحياة" أكد "مراد" أن الأوضاع التي مرت بها بلاده، من انتفاضة الشباب في الخامس من تشرين الأول أكتوبر عام 1988، الى موجة التطرف الديني التي صاحبتها أزمة دموية عنيفة خلال عقد التسعينات، كانت كافية ليبحث كل شاب بطريقته وليقول بأعلى صوته كلمة "كفى". ويشدد على القول: "لقد عانى الشباب الجزائري كثيراً، وحان اليوم الوقت ليعبر كل واحد عن رأيه بصراحة ومن دون قيود، لأن عهد الرقابة ولّى، وحل محله عهد الديموقراطية الحقيقية والشفافية".
ويؤكد "حليم اسطمبولي" طالب في جامعة باب الزوار أن انتشار فرق "الراب" في الجزائر، يدل على نجاح هذا النوع الموسيقي في استقطاب جمهور واسع، لا سيما من فئة الشباب التي تشكل الغالبية في المجتمع. ويضيف: "أنا شخصياً، أختار الاستماع إلى أغاني الراب برفقة زملائي في الجامعة، لأنها تحكي بموضوعية الواقع الذي نعيشه نحن الشباب في ظل المشكلات والمعاناة اليومية التي تفرضها الظروف العامة للبلاد". ويستبعد حليم أن ينافس "الراب" بجدية "الراي" خلال السنوات المقبلة، قائلاً: "في الوقت الذي تمكنت فيه فرق "الراب" من تحسين نوعية أغانيها والتقرب من جمهورها، انشغل نجوم "الراي" في كسب الأموال من خلال إنتاج أشرطة وألبومات تجارية لا تمت بأي صلة الى فن "الراي" الأصيل الذي تركه أمثال الفنان القدير بلاوي الهواري، وغيره من رموز الفن الجزائري".
وبعيداً من فرق "الراب"، يرى عبدالكريم سليماني المتخصص في علم الاجتماع، أن "الانتشار والنجاح الواسعين اللذين حققتهما موسيقى "الراب" في الجزائر يعودان لعدد من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية"، ويوضح "أولاً تجب الإشارة إلى أن 75 في المئة من المجتمع الجزائري هم شباب لا تزيد أعمارهم عن 35 عاماً، لذلك فإن أي نوع موسيقي ينتشر بينهم يتحول إلى ظاهرة مجتمع، ثانياً، إن الأزمة العنيفة التي مرت بها الجزائر خلال سنوات التسعينات جعلت فئة عريضة من المجتمع، وغالبيتها من الشباب، تسعى إلى تغيير الأوضاع وخصوصاً السياسية منها، باعتبارها كانت من أهم أسباب أزماتها ومشكلاتها. لذلك فإننا سنجد عدداً كبيراً من الشباب الذين لجأوا إلى الموسيقى للتعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية، وعادة ما تكون مواقف معارضة للسلطة، وذلك في مقابل فئة أخرى اختارت العمل السياسي من خلال الأحزاب أو المنظمات".
والمعروف أن الأغنية السياسية في الجزائر تتسع دائرة شهرتها بحسب أهمية الظروف السياسية التي تمر بها البلاد. وكلما ظهرت أزمة صاحبتها موجة موسيقية، وهذا الثابت يعود إلى بداية القرن الماضي، عندما كانت البلاد تعيش تحت وطأة الاستعمار الفرنسي، حيث كان بعض الفنانين ينتهزون فرصة تجمع المواطنين ليرددوا أغاني تحمل رسائل سياسية، وتنتقد الأوضاع السائدة آنذاك من فقر وتهميش وعنصرية. كما كانت هناك فرق تعرف باسم "المداحين" تجوب الأسواق والشوارع، وهي تردد أغاني مطولة على وقع موسيقى "البندير" - آلة موسيقية تشبه آلة الطبل". والمثير في الأمر أن كلمات تلك الأغاني كانت مشفرة، لئلا يتمكن الاستعمار من فهم معانيها. وكانت ألسنة "المداحين" تطاول كبار المسؤولين والحكام الفرنسيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.