تحولت كرة القدم فعلياً إلى القوة الموحّدة للعراقيين في لقاء فريقي الشرطة والزوراء الذي احتضنه الاستاد الخاص بالفريق الثاني وأسفر عن فوز الشرطة 2-1، وأججت لغة الفرح والتلاقي فيها حول معاني التنافس الشريف نفوس اللاعبين والجمهور. وقاد فريق الزوراء المهاجم المخضرم ليث حسين، الملقب ب"الملك" باعتباره أحد اكتشافات الكرة المحلية الأكثر أهمية في نهاية حقبة الثمانينات من القرن الماضي، حيث دمغ إنجازه الأكبر حجماً مونديال الشباب عام 1989 في السعودية حين أسهم بفاعلية في بلوغ منتخب بلاده الدور ربع النهائي حيث أوقفت الولاياتالمتحدة سلسلة انتصاراته المتتالية على الأرجنتين وإسبانيا والبرتغال والنروج. وكاد هذا التألق غير العادي يمنحه فرصة الدفاع عن ألوان فريق برشلونة الإسباني الذي أشرف عليه النجم الهولندي السابق يوهان كرويف والذي تقدم بعرض لضمه إلى صفوفه من دون أن تتحقق صفقة الانتقال في نهاية المطاف لأسباب "سياسية"!. وصرح حسين بأن خوضه هذه المباراة يجسد القرار الذي اتخذه في شأن مستقبله الكروي في البقاء في بلاده من أجل مساندة مهمة إعادة بناء الكرة المحلية بأي وسيلة ممكنة، علماً أنه تلقى عرضاً أخيراً من نادي أنقره التركي والذي أبدى اهتمامه بميزاته الفنية والبدنية. وكشف حسين مواجهة الكرة المحلية معضلة خطة النهضة المستقبلية على صعيد تعزيز هيكلية الأندية عبر إعادة نشاطات فرقها العمرية وإطلاق عجلتها في شكل مستقر ودائم، أو توفير مقومات التطور السريع للمواهب الواعدة عبر تأمين عقود الاحتراف في الخارج تمهيداً لدعم مسيرة المنتخبات الوطنية في الاستحقاقات الدولية البارزة وفرض حضورها الفني المميز. وهو أعلن دعمه خطة الاحتراف الخارجي في ظل افتقاد الركائز الداخلية المناسبة بسبب التدمير الكبير الذي لحق بغالبية المنشآت الرياضية العامة والخاصة وتعرض تجهيزات الأندية للنهب والسرقة. وربط حسين تأييده الاحتراف الخارجي للاعبين البارزين الحاليين أيضاً بصعوبة إطلاق منافسات البطولة المحلية في القريب العاجل استناداً إلى حال عدم الاستقرار الأمني وتواضع الإمكانات المادية، في حين أن الاستحقاقات الدولية على الأبواب ومن بينها بطولة آسيا لكرة الصالات المقررة في تموز يوليو المقبل في اليابان، وتصفيات دورة ألعاب أثينا الأولمبية عام 2004 حيث يلتقي المنتخب الوطني مع فيتنام في أيلول سبتمبر المقبل. وباستعراض آراء بعض المشجعين في المباراة، أبدى أحدهم تفاؤله ذا الأبعاد غير المحدودة في قدرة الكرة المحلية على وضع أسس الاحتراف الكامل في الأعوام القليلة التالية وصولاً إلى اجتذاب النجوم الكبار من أمثال الفرنسي زين الدين زيدان والإنكليزي مايكل أوين وسواهما. وأبدى قناعته بعدم وجود أي عراقيل في طريق وضع هذا المشروع قيد التنفيذ، "إذ إن العراق دولة غنية تستطيع توفير الإغراءات المالية لنهضة رياضية تلبي تطلعات الجمهور إلى مواكبة منافسات من مستوى راقٍ". ورأى مشجع آخر أن الأجواء الجديدة في البلاد تعتبر نموذجية لتعزيز "العلاقة الحميمة" بين الجمهور وكرة القدم والتي لم تنقطع يوماً انطلاقاً من واقع أن المنافسات المحلية شكلت وسيلة "هروب" من الهموم السياسية والمشكلات الاجتماعية، على غرار المنافسات الدولية التي شكلت نقطة تواصل مع العالم الخارجي، علماً أن شعبية العراقيين للأندية الاوروبية البارزة كبيرة جداً. وإذ غادر المشجعون الاستاد الخاص بنادي الزوراء بعد المباراة، أعلن أحدهم أن "هروبه" من تعقيدات الحياة اليومية الحالية في بلاده عبر كرة القدم يستمر خارج إطار التشجيع أيضاً، عبر مزاولة اللعبة ومشاهدة المباريات الدولية، ما يجعل امتداد القوة الموحدة والمؤججة للمشاعر في كل مكان وزمان...