إطلاق 37 كائناً فطرياً في «محمية الحجر»    «الشمالية».. محطة الطيور المهاجرة    4.8 % نمو الناتج المحلي    موجز    ولي العهد وأمير قطر يشهدان التوقيع.. اتفاقية لتنفيذ مشروع قطار السعودية – قطر السريع    الذهب يعود إلى الواجهة.. موضة تبني وعيًا استثماريًا    المملكة تعزز ريادتها في الذكاء الاصطناعي ب100 مليار ريال    "هيئة الطيران المدني" توقع مذكرة تفاهم لتشغيل خدمات التاكسي الجوي    ولي العهد وأمير قطر يتفقان على تعزيز التعاون والروابط التاريخية.. قطار كهربائي سريع بين الرياض والدوحة    حماس منفتحة على مناقشة تجميد السلاح.. إسرائيل تضع حدوداً جديدة لغزة ب«خط أصفر»    هل ينشر الإنترنت الجهل؟    رئيس الشورى يلتقي نظيره القطري    نداء أممي لتوفير 33 مليار دولار لدعم 135 مليون شخص    «إسرائيل» تنشئ جداراً على الحدود مع الأردن بطول 500 كيلو متر    أمير قطر يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه ولي العهد    ولي العهد والرئيس الفرنسي يبحثان الأوضاع الإقليمية والدولية    برعاية وزير الرياضة| انطلاق بطولة مهد الدولية للقارات في نسختها الثانية    في الجولة السادسة من دوري أبطال أوروبا.. إنتر لاستغلال ظروف ليفربول.. وبرشلونة يواجه فرانكفورت    بنصف مستوى سالم    القيادة تهنئ رئيس سوريا بذكرى يوم التحرير لبلاده    متحدث الجوازات: تفعيل الجواز شرط للسفر بالهوية الوطنية بعد التجديد.. ولا يشمل الإصدار لأول مرة    تمطيط    الشورى: منجزات نوعية ساهمت في تعزيز الفرص التنموية ورفع كفاءة سوق العمل    القوات الخاصة للأمن البيئي تشارك في معرض (واحة الأمن) بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ال (10) بالصياهد    الرسالة الأهم.. أنت تختلف عنهم    ماجدة زكي تبدأ تصوير رأس الأفعى    «مندوب الليل» يجسد أحلام الطبقة الشعبية    العلا.. عالمية في السياحة الثقافية    إطلاق «هداية ثون» لتطوير الخدمات الرقمية بالحرمين    الميكروبات المقاومة للعلاج (3)    إحالة منشأة إلى النيابة لبيعها أجهزة طبية مخالفة    "التخصصي" يتوّج بثلاث جوائز    إحالة منشأة إلى النيابة لتداول أجهزة طبية مخالفة    أسطح منازل الرياض مؤهلة لتغطية 40% من استهلاك الكهرباء بالطاقة الشمسية    سفارة المملكة في واشنطن تقيم حفلًا لدعم مبادرة 10KSA    24 دولة مشاركة في معرض جدة للكتاب    أين وصلت محادثات السلام؟    الاجتماع الأول للجنة الصحة المدرسية لمناقشة مهامها ضمن إطار انضمام محافظة بيش لبرنامج المدن الصحية    أمانة القصيم تعمل خطة ميدانية محكمة استعدادا للحالة المطرية في منطقة القصيم    هل القرآنيون فئة ضلت السبيل.؟    في الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد: الشرع يتعهد بإعادة بناء سوريا قوية وعادلة    خيرية مرض ألزهايمر تحصد شهادة الأثر الاجتماعي    الرياض أول مدينة سعودية تنضم رسميًا إلى شبكة المدن العالمية    الشيخ البصيلي يختتم المحاضرات التوجيهية لمراكز الدفاع المدني بعسير    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا وسط سيولة 3.5 مليارات ريال    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الذوق العام    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على شخص لترويجه 11 كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الأهلي يتفق على تمديد عقد ميندي    صلاح يهدد بالاستبعاد عن مواجهة انتر ميلان    ⁨الإسلام دين السلام لا إرهاب وعنف⁩    ثلاث مدن سعودية تنضم إلى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلّم    «سار» تحصد جائزة أفضل مركز اتصال بقطاع السفر    لا تلوموني في هواها    آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة «ليلة العمر».. رسم بداية جديدة لشباب الوطن    السمنة تسرع تراكم علامات الزهايمر    نائب أمير الشرقية يطلع على أعمال فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بالمنطقة    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرسم بديلاً من اللغة في بلاد الأكراد
نشر في الحياة يوم 24 - 09 - 2002

تبدو ظاهرة لجوء الشباب والشابات الكرد الى امتهان الرسم والموسيقى في شكل لا هوادة فيه، مثيرة بقوتها وتفشيها الاستغراب. فتفضيلهم هذا النوع من الفنون الابداعية على الفنون الاخرى وعلى حساب تعليمهم، شيء محير شغل الاذهان.
ثمة من يعيد سبب تقدم الفن التشكيلي على الفنون الابداعية الاخرى الى غياب اللغة، اي ان الشباب الاكراد محرومون من لغتهم وعدم مقدرتهم على استيعاب وفهم اللغات الاخرى مثل لغتهم الأم وهذا يحول دون بلوغ الابداع الكتابي.
وهناك قلة ترى أن تعقيدات اللهجات الكردية هو السبب بعدم اختيار الشباب الاكراد الفنون الابداعية الكتابية. ورأي الغالبية هو ان اختيار الفن التشكيلي والموسيقى يأتي من ان هذين الفنين لا يحتاجان لغة محددة، ففي إمكان اي فرد من العالم ان يقرأ اللوحة وان يسمع مقطعاً موسيقياً او غنائياً من دون اللجوء الى اللغة.
المغني اوسمان جان 24 عاماً يخالف هذا الرأي، يقول: "ان الاداء السليم يأتي من صحة لفظك للكلمات في شكل سليم مصحة لفظة الكلمة تدل على القوة في اللغة اي انه مسألة طغيان موهبة على اخرى ليس الا!". ويتابع: "كنت مثل بقية اطفال العالم امتلك مواهب جمة الا ان احدى هذه المواهب طغت على زميلاتها وكان الغناء من نصيبي احاول بلورة شخصيتي من خلال هذه الموهبة". اجوبة المطرب شاهيبان لا تذهب بعيداً من اجابات زميله بالنسبة الى الرسامين والرسامات فلهم عالمهم الخاص! فالشابة روناك أحمد 17 سنة، طالبة بكالوريا علمي، تقول: "رغبتي في الرسم ولدت فيّ ورافقتني في اولى سنوات حياتي، وانتبه لها والداي واعتنيا بها الى درجة اصبح الرسم جزءاً مني لا استطيع التخلي عنه. رغبتي في الرسم لا تتوقف عند حد، وأطمح بالوصول الى مستو راق جداً في الفن لم يسبقني اليه احد، وأبقى الى آخر لحظة من عمري اقدم الجديد الى الحياة وأدخل السعادة الى قلب الجميع من حولي بفني وألا اتوقف عن الرسم حتى الموت، ولكي يبقى فني كما بقيت فنون الرسامين العظام من قبلي". وتتابع: "عندما انتهي من لوحة اشعر بأنني وضعت حزناً رافقني طويلاً في غرفة معتمة، يطل من نافذة صغيرة فيها خيط امل يوصلني بالعالم الواقعي، وأشعر بالرغبة في متابعة الرسم لأخلق احلاماً جديدة وجميلة داخل قلوب البشرية جمعاء". وكذلك الامر عند الشابة حلا ديمو العلي 23 سنة خريجة معهد تجاري، تقول: "ارسم منذ الطفولة وأمتلك الموهبة، هدفي من الرسم ان اصل الى مرحلة اضيف فيها شيئاً جديداً الى فن الرسم وأكون من المبدعين". وتضيف: "أشعر بأنني انجزت عملاً مهماً ومفيداً، ينتابني شعور بالانتصار في حرب بيني وبين اللوحة، وشعور بأنني خلقت كائناً جديداً في الحياة". والشابة قيرين عجو 23 سنة سنة اولى ادب عربي، تقول: "الرسم يعبر عما في نفسي، هناك مواقف لا يستطيع المرء البوح بها، وخصوصاً الحالات العاطفية فيكون الصمت سيد الموقف، لهذا اشعر ان الفن يجعلني اعبر عما في داخلي من احاسيس ويجعلني اعزف على اوتار مختلف الفنون التي ترتقي بالانسان. اشعر انني انهيت اجمل سمفونية ألوان، كما فعل الفنانون العالميون من قبل، اشعر بفرح عظيم لأن هناك نهاية لقصة جميلة وبداية قصة اخرى في لوحة اخرى مع سمفونية جديدة".
يبدو ان ريدي وقاص 22 سنة، متأثرة بجبال بلدها "عندما كنت اذهب الى القرية وأرى المشاهد الجبلية، كنت ارتاح وأشعر برغبة في إمساك الريشة والرسم، وأشعر بفرح عظيم وأشعر بأنني فنانة عظيمة، وبأنني حققت انتصاراً وأشعر بأنه اصبح لي كيان خاص وأشعر بالقوة".
رندة الحسين 17 سنة، تدعي ان موهبتها اوصلتها الى الرسم "شعرت بأن لدي الموهبة في الرسم لذلك قررت الرسم، اشعر بأنني اعطي قيمة للمرأة عندما ارسم ولأنني احب الرسم، وأتمنى ان اصبح مشهورة وعظيمة، ولكي اثبت للعالم ان النساء ايضاً لهن حق الشهرة".
سهام عبدو متزوجة تقول: "لأنني ارتاح عندما ارسم وأشعر بأنني اعبر عما في داخلي وعلى رغم انني متزوجة، شعرت بأنه يجب ان اعبر عما في داخلي من خلال الرسم، ويجب ألا اضيّع وقتي، ولأؤكد ان المرأة لها كيانها ويجب ان تحقق ذاتها على رغم الحواجز ليست كل النساء مهتمات فقط بأمور تافهة وفارغة". وهي لا تنكر فضائل زوجها "ألقى الدعم والتشجيع من زوجي وأبنائي وأهلي. اشعر بأنني انجزت عملاً عظيماً، وأدخلت احاسيس لم استطع ان اعبر عنها بأشكال اخرى". تبدأ الغرابة عند الشاب محمود بكر كونه حصل على الشهادة الابتدائية بعد ان بلغ ال26 عاماً وعلى رغم انه مصاب بالشلل فإنه يملك ارادة استثنائية فهو بهذا الحال يستمر بالحياة عبر لغة الرسم ويقول: "لغة اتحدث بها عن المشكلات التي تعترضني والتي لا استطيع التحدث عنها... كل لوحة ارسمها اشعر انني انهيت مشكلة".
اما الشاب احمد رائد محمد 25 سنة، فيقول: "احب الرسم لأنني مرتبط به داخلياً، البيئة والمنطقة هي التي جعلتني ارسم وهي موهبة رافقتني منذ الطفولة".
شابات كرديات يناقشن غسل العار
"الجثة المجهولة" و"لماذا قتل عبدالله ابنته سعاد؟" و"لماذا قتلت مريم زوجة ابيها؟" و"قتلوها وتركوا السكين" و"جثة في التنور"... الخ.
عناوين لمقالات تنشرها صحيفة "خبات" الاسبوعية التي تصدر في أربيل العراق على حلقات عن جرائم حدثت وتحدث لدى العشائر الكردية في كردستان تحت ستار غسل العار.
لا شك في ان هناك مواضيع مثيرة تشغل اهتمامات الشباب والشابات ك"غسل العار"، "الشرف"، "العيب"، "العداوة". الا ان اللافت في "غسل العار" اخذه مجالاً واسعاً في النقاش لدى الأكراد هذه الايام، كونه لفت انظار المسؤولين والسياسيين الاكراد وبدرجة اولى انظار حكومة إقليم كردستان ورئىسها نيجرفان البارزاني. فبارزاني خصص لحال "غسل العار" جلسة كاملة لمجلس الوزراء لكي يخرج الوزراء من الجلسة على استعداد لمحاربة هذه النزعة لدى المجتمع الكردي، وحولوا مهمة إنجاز القرار الى برلمان الاقليم.
كلام نيجرفان البارزاني اصبح على ألسن الاكراد وأخذوا يتناقشون في شأن هذه الظاهرة التي ما زال المجتمع الكردي يعاني منها وإزالتها اصبحت ضرورة حضارية.
فتاة كردية تحمل سماعة الهاتف تتصل بصديقاتها لتبشرهن بما جرى في اجتماع مجلس وزراء إقليم كردستان العراق، وفتاة اخرى تفتح "طاولة حلوة" لصديقاتها في بيتها احتفاء بالقرار. التقت فتيات في احد المنازل وشرعن بنقاش حول صحة القرار وهل انه "جاء في ظرف مناسب أم لا؟". احداهن تتهم الكتّاب الأكراد بالخضوع للعشائرية، "فالسكوت عن المنطق العشائري هو نفسه العشائرية". فتاة اخرى توجه الحديث لكاتب صودف حضوره في المنزل: "ألم تسهموا في بقاء العشائرية... الى متى سنبقى اسرى لهذا المنطقة؟ الى متى سنعاني وندفع ثمن تخلفنا؟ في رأيك اذا سكتم عن هذه العقلية فهل سنتطور؟".
فترد زميلة لها قائلة: "اتركي هذا المسكين، اسأليه عن "اكراد اوروبا" كيف يقتلون بناتهم؟ وتتوجه اليه وتسأله هل انت على علم بما حدث في السويد عندما قام خال بيلا وعمها باستدراجها الى غابة قريبة وانهالا عليها طعناً بسكينتين... ولم يتركا شيئاً من جسدها إلا طعناه؟"، وتتابع: "في رأيي ان نيجرفان محق وجريء".
سبق لي ان التقيت بامرأة "صدفة" في باص يقلنا من حلب الى دمشق، لم تكف طوال الرحلة عن رواية حادثة جرت لابنتها، فهي تصف جمال ابنتها ورقتها وذكاءها وكيف ان جارتها التي تغار منها اخبرت زوجها بأنها خانته في ورشة الخياطة التي كانت تعمل فيها. وتضيف وهي تذرف الدموع "أخي، انني متأكدة من ابنتي. انها بريئة من كل ما قالوا عنها، لأنها كانت تقدم النصائح لأخواتها لكي يتجنبن الاقاويل والمشكلات وكذلك امكنة تجمع الرجال... فهي كانت تشكو من سلوك والدها وتصرفاته. لم يكن يعود الى البيت الا في آخر الليل... بين فترة وأخرى كانت تشكو لأعمامها من تصرفات والدها". تتابع وتقول: "اتعرف لماذا قتلت ابنتي؟... فقط لأنها الوحيدة التي كانت تنبه والدها بألاّ يتصرف هكذا... كانت تمنعه من الاتصال بتلك المرأة "الجارة"... كانت ابنتي تريد ان تنقلنا من مكان غير مناسب الى مكان لائق لمعيشتنا". وتتابع: "هذا كان ثمن استقامتها وذكائها وجمالها". وهي تذرف الدموع وتتمتم بكلمات "وعظية": "معليش! يا ابنتي أنت كنت على حق فهذه الدنيا باطلة ودنيا الحق احتضنتك اخيراً... مكانك هناك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.