عيَّن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد رئيساً لمجلس الشورى السعودي خلفاً لرئيسه الراحل محمد بن جبير، وكانت الترشيحات وقوائم الأسماء التي جرى تداولها في مجالس السعوديين الخاصة وضعت الشيخ صالح على رأس القائمة، وهكذا تطابق القرار الرسمي مع توقعات شعبية لمنصب رسمي. ولكن على رغم جدارة الرئيس الجديد وحصوله على شبه إجماع من المهتمين بمجلس الشورى، بقيت الترشيحات متباينة ومترددة حول الأسماء بسبب شخصية الرئيس السابق للمجلس والذي جمع صفات عديدة جعلته غير محسوب على تيار أو مؤسسة، وجعلت مهمة من يأتي بعده صعبة. لا شك في أن مجلس الشورى السعودي ولد قوياً وملبياً لمتطلبات المواطنين والمرحلة التي أُسِس فيها، واختيار رئيسه الأول، الذي جمع بين صفات عالم الدين والسياسي ورجل الدولة، وتميز أعضائه بمستويات تعليمية عالية وتخصصات متنوعة زادا اقتناع المجتمع بأهمية المجلس ورفع سقف التوقعات منه. وعززت هذه الأسباب صورة "البرلمان" الوليد، وبلورت دوره الجديد في تركيبة الحكم والإدارة في البلاد، لكن المثير والجديد والمقنع والمتميز قبل سبع سنوات بات عادياً في ظل تزايد الاهتمام بدور مجالس الشورى في المنطقة، وتطور المجتمع السعودي، وتطلعه إلى خطوات أخرى على طريق الشورى السياسية. إن تعيين الشيخ صالح بن حميد المحسوب على المؤسسة الدينية يعني أن الحكومة تريد للمجلس الاكتفاء بدرس الأنظمة والقوانين، ولعب دور الهيئة الاستشارية المتخصصة وتكريس صورة الشورى الإسلامية غير الملزمة. والحديث عن مرحلة "شورية" جديدة تتجاوز الاستشارة والدرس والاقتراح إلى المشاركة الفعلية، واستثمار مرحلة التأسيس والتجريب والتمرين في صنع مجلس له دور سياسي بالمعنى الواسع والمباشر، يبدو أنه غير مطروح في المدى المنظور.