سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المغرب العربي في 2001 : حركة اتصالات سياسية وديبلوماسية بعد ضربة 11 أيلول . الاتحاد المغاربي يعاني الشلل ... والأوروبيون يفوزون في السباق مع أميركا على النفوذ الاقليمي
} من مفارقات العام الماضي على صعيد المغرب العربي ان العلاقات الثنائية عرفت تحسناً ملموساً جسده العدد القياسي من الزيارات المتبادلة واجتماعات اللجان العليا المشتركة، فيما ظل الشلل يضرب المؤسسات الاقليمية بعدما اخفقت المساعي الرامية لعقد القمة المغاربية المؤجلة. اما خارجياً فكانت السنة سنة المصالحات مع فرنساتونسياً وجزائرياً ومغربياً وكذلك ليبيا على نحو كرس تقدماً على المبادرات الاميركية تجاه بلدان المنطقة. استمر شلل المؤسسات المغاربية للعام السادس بسبب الخلافات الجزائرية - المغربية وظلت الجهود الرامية لانعاش اتحاد المغرب العربي تراوح مكانها مما استدعى الحديث عن ضرورة انشاء اطار جديد في حال العودة الى بحث صيغ الاندماج الاقليمي. وبعدما لاحت آمال في بدايات السنة بعقد القمة المغاربية المؤجلة في الجزائر وأعلن رسمياً عن كونها ستعقد فعلاً في الخريف تبخر الامل واقتصر التقدم المسجل على عقد اول اجتماع لوزراء الخارجية منذ سنوات في اطار الدورة الثامنة عشر للمجلس الوزاري المغاربي في آذار مارس، لكن الاجتماع لم يذلل العقبات التي ما زالت تعطل عقد القمة وان اسفر عن تنشيط اللجان الوزارية المتخصصة الاربع التي اجتمعت تباعاً في العواصم المغاربية من دون الوصول الى قرارات عملية كونها تكتفي برفع توصيات الى القمة بوصفها الهيئة الوحيدة بين مؤسسات الاتحاد المخولة اتخاذ القرار. في المقابل تحسنت العلاقات الثنائية خلال العام الحالي وتكثفت اللقاءات في مستويات رفيعة ما اسفر عن قطع خطوات مهمة على صعيد اقامة المشاريع المشتركة وتكثيف التعاون. ومن المؤشرات البارزة الى هذا التطور الزيارة "التاريخية" للملك محمد السادس الى موريتانيا، وكانت الاولى لعاهل مغربي منذ استقلال البلدين، وأدت الى طي صفحة الماضي التي طغى عليها رفض المغاربة الاعتراف باستقلال موريتانيا واعتبارها امتداداً تاريخياً لجنوب المغرب. كذلك ادى كل من الرئىس زين العابدين بن علي والملك محمد السادس زيارتين منفصلتين لليبيا الخارجة من قيود العقوبات الدولية، فيما سجلت زيارات لقادة من المشرق العربي الى عواصم المنطقة في مقدمهم الرئيس بشار الاسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والرئيسين حسني مبارك ونائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان. وكانت زيارة الرئيس الاسد للمغرب لافتة كونها الاولى من نوعها منذ العام 1982 عندما زار الرئيس الراحل حافظ الاسد فاس لحضور اعمال القمة العربية. وأسفرت زيارة نجله في نيسان ابريل من العام الحالي عن اتفاق على طي صفحة العلاقات المتوترة وتطوير التعاون الثنائي وتكثيف التشاور في القضايا الاقليمية والدولية. أما على الصعيد الخارجي فقطع الاميركيون خطوة جديدة في طريق تعزيز شراكتهم الاقتصادية مع بلدان المنطقة والمعروفة ب"مبادرة ايزنستات" نسبة لمساعد وزير الخارجية الاسبق الذي طرح مشروع اقامة منطقة اميركية - مغاربية للتبادل الحر في العام 1998 اذ جمعوا وزراء الاقتصاد والمال في كل من المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا مع نظيرهم الاميركي في واشنطن على هامش اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووضعوا خطة لتكثيف الاستثمارات وتبادل وفود رجال الاعمال واعتبروا ان اقصاء ليبيا من المبادرة مسألة موقتة وليس قراراً مبدئياً. وتعزز التركيز الاميركي على المنطقة من خلال الزيارات التي اداها مسؤولون سياسيون وعسكريون واقتصاديون الى العواصم المغربية وخصوصاً في ضوء اجراء مناورات بين قوات اميركية وجزائرية في السواحل المتوسطية للمرة الاولى منذ استقلال الجزائر. الا ان هذا الاهتمام انهار فجأة بعد احداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر في نيويورك وواشنطن اذ لم يزر المنطقة اي مسؤول اميركي طوال اكثر من ثلاثة اشهر وكان مساعد وزير الشؤون الخارجية لشؤون الشرق الادنى وليام بيرنز اول مسؤول اميركي يقوم بجولة سريعة على العواصم المغاربية في الاسبوع الثاني من الشهر الجاري "لتنسيق المواقف في شأن التطورات الجارية في الشرق الاوسط وأفغانستان". أميركا وفرنسا وحمل الغياب الاميركي عن المنطقة في فترة حرجة كثيراً من المراقبين على اعتبار المغرب العربي حصة اوروبية وتحديداً فرنسية، خصوصاً بعد جولة وزير الخارجية الفرنسي هوبير فدرين مطلع تشرين الاول اكتوبر الماضي، السريعة الى كل من تونس والجزائر والرباط، لتبادل وجهات النظر في شأن مكافحة الارهاب والعمل على تفادي الصدام بين الشرق والغرب وتطوير آليات الشراكة بين البلدان المطلة على ضفتي المتوسط. وتعزز هذا الاهتمام الفرنسي بالمنطقة لدى الجولة التي قام بها الرئىس شيراك على العواصم الرئىسة الثلاث وبحث خلالها مع قادتها في آفاق تطوير العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف في شأن الحرب الدائرة في افغانستان والاحداث الجارية في فلسطين. الا ان العودة الفرنسية القوية للمغرب العربي لم تلغ تطوير العلاقات مع بلدان اوروبية اخرى، ودشن المغاربيون السنة ألفين وواحد باستقبال رومانو برودي الذي زار كلاً من المغرب وتونس والجزائر للبحث في آفاق العلاقات بين الجانبين في ظل قرار توسعة الاتحاد الى اعضاء جدد من اوروبا الشرقية والوسطى. وتوجت الاتصالات الاوروبية - المغاربية بالتوقيع على اتفاق شراكة جزائري - اوروبي آخر السنة في بروكسيل في حضور الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بعد تسع جولات من المفاوضات المتقطعة والصعبة التي استمرت اكثر من ستة اعوام. كذلك توصلت تونس والاتحاد الى اتفاق اجاز تصدير اصناف مختلفة من المنتوجات الزراعية الى بلدان الاتحاد بعدما كان اتفاق الشراكة عام 1995 يقتصر على المبادلات الصناعية والخدمات. وزيادة على شيراك وبرودي زار المنطقة مسؤولون اوروبيون عدة بينهم رئىس الوزراء الاسباني خوزي ماريا ازنار ورئىس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني، فيما كسر مسؤولون عدة الجليد بين ليبيا وأوروبا وقاموا بزيارات كانت الاولى في نوعها منذ فرض العقوبات الدولية على البلد في عام 1992، وعبدوا بذلك طريق التطبيع الليبي - الاوروبي الذي جسده الاقبال المكثف للشركات الاوروبية على الاستثمار في ليبيا ومساعي الشركات الاميركية لمنافستها على رغم اجراءات الحظر التي تخضع لها بموجب القوانين الاميركية. قصارى القول ان الاتحاد المغاربي زاد تفككاً وعجزاً فيما نشط الاميركيون والاوروبيون لكسب مواقع جديدة في المنطقة خلال السنة الجارية الا ان احداث 11 ايلول ساعدت الاوروبيين على الاستفراد بالمنطقة... موقتاً؟. الجزائر: انتفاضة "القبائل" على الصعيد الداخلي طغت انتفاضة "القبائل" على احداث السنة فيما تصاعد الجدل بين الاحزاب المغربية استعداداً للانتخابات العامة المقررة للعام المقبل واحتل التجاذب بين الحكم ونشطاء حقوق الانسان صدارة الاحداث في تونس وسجلت اكبر مصالحة بين موريتانياوالسنغال لمناسبة زيارة الرئيس عبدالله واد لنواكشوط. ففي الجزائر استمرت المسيرات وأحداث العنف في منطقة "القبائل" على مدى اسابيع واتسمت بمواجهات واسعة بين الشباب وقوات الدرك والشرطة. وانطلقت الاحداث في اعقاب مقتل الشاب ماسينيسا قرماح في مخفر للدرك ما أدى الى مطلب شامل بترحيل قوات الدرك التابعة للجيش من مناطق القبائل. ودمر المتظاهرون خلال المواجهات مرافق عمومية ومنشآت رسمية وأحرقوا اذاعتي الصوما والبويرة ومقر حزب جبهة التحرير الحزب الوحيد السابق، وشملت الاحداث ثلاث محافظات هي تيزي وزو 100 كيلومتر شرق الجزائر وبجاية 300 كيلومتر شرقاً والبويرة ووصلت الى بومرداس 50 كيلومتراً. وعلى رغم تهديد الرئىس بوتفليقة بمعاقبة المتسببين في الاحداث فإن الحركة زادت اتساعاً اذ حمل المتظاهرون شارات سوداً حداداً، ونددوا بالقمع الدموي للاضطرابات مرددين "السلطة قاتلة" و"لا عفو عن مرتكبي القمع" فيما تناثرت في الشوارع الاطارات المحروقة والحجارة والحطام. وقدرت احصاءات رسمية حصيلة الاحداث بأكثر من 50 قتيلاً و300 جريح من المواطنين وألف عنصر من الأمن الوطني. واستجابة لطلبات المتظاهرين اجريت حركة مناقلات شملت 75 في المئة من التشكيلة البشرية لقوات الدرك في منطقة القبائل، الا ان المطالب ارتدت سريعاً طابعاً سياسياً اخذ احياناً منحى انفصالياً حين دعت بعض الاصوات سكان مناطق القبائل الى "طرد الغالبية الاسلامية المحافظة والنظام" واعلان "الاستقلال الذاتي للولايات الثلاث" في اشارة الى تيزي وزو وبجاية والبويرة. ولوحظ ان الاضطرابات كرست دور الاحزاب السياسية التي فقد السكان ثقتهم بها وطفا على السطح رؤساء العشائر العروش الذين احتلوا موقع القيادة وباتوا يسيرون تظاهرات الاحتجاج حتى عاد الهدوء الى منطقة القبائل في آخر ايار مايو بعد تشكيل لجنة تحقيق برئاسة رجل القانون المستقل محند اسعاد. ولم تحل تلك الاحداث دون استمرار المواجهات بين الجيش والجماعات المسلحة اذ قتل اكثر من ألف مدني في حواجز على الطرق وعمليات مسلحة ضد سكان المناطق النائية والريفية، كما سقط عدد من العسكريين بينهم 52 في عملية واحدة في سياق "حرب استنزاف" شنتها "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بقيادة حسان حطاب في كمائن نصبتها للجيش، فيما قامت القوات النظامية بتنظيم هجمات نفذتها فرق النخبة مدعومة بالطائرات على مواقع ومعاقل الجماعات ادت بحسب مصادر رسمية الى مقتل اكثر من 500 مسلح اسلامي غالبيتهم من "الجماعة السلفية" وتنظيمات منشقة عن "الجماعة الاسلامية المسلحة" في مناطق الغرب الجزائري. وحمل استمرار المواجهات مع الجماعات الاحزاب السياسية على تصعيد لهجتها مع الحكومة والدعوة الى تشكيل هيئة انتقالية، اذ ارسلت جبهة القوى الاشتراكية التي يتزعمها حسين آيت احمد مذكرة الى قيادة الجيش والاستخبارات العسكرية دعا فيها الى تنظيم حوار سياسي وطني لتشكيل حكومة انتقالية مؤلفة من جميع التيارات تتولى الاعداد لانتخابات وطنية ومحلية، وناشد العسكريين حل الحكومة الحالية لتركيز "حكم انتقالي" كفيل بنقل السلطة من العسكر الى السياسيين. كذلك حض مؤسس "حركة الوفاء" الدكتور احمد طالب الابراهيمي على احلال ديموقراطية حقيقية تفسح في المجال امام "ارساء دولة الحق واحترام الشرعية الشعبية". وأكد ان هذه الشرعية ينبغي ان تقام عبر "انتخابات نزيهة باشراف دولي على ان تسبقها اجراءات كفيلة باحلال قدر من التهدئة منها رفع حال الطوارئ ومعاودة النظر بالقانون الانتخابي لضمان شفافيته وتحرير المعتقلين السياسيين وفتح ملف المفقودين. المغرب: صراع من اسبانيا لم يمنع انشغال المغاربة بمعاودة تشكيل التحالفات السياسية الداخلية استعداداً للانتخابات العامة من معاودة النظر في العلاقات التقليدية مع اسبانيا على خلفية موقف مدريد من النزاع في الصحراء والذي رأت الرباط انه انزلق الى تأييد اطروحات جبهة "بوليساريو". ويمكن القول ان الخلاف، الذي سمم العلاقات الثنائىة الى حد سحب المغرب سفيره في مدريد عبدالسلام بركة، استند الى تراكمات سابقة تعلقت بالموقف الاسباني المتعنت من رفض المغرب تجديد اتفاق الصيد الساحلي واساءة معاملة المهاجرين المغاربة والعرب عموماً في اسبانيا. داخلياً احتل التجاذب بين الاحزاب السياسية صدارة الاحداث، فبعد المخاض القاسي الذي مر فيه "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، حزب الوزير الاول السيد عبدالرحمن اليوسفي، في اعقاب خروج قياديين وكوادر منه بدافع المطالبة بانتهاج خط راديكالي، عرفت الاحزاب الاخرى مخاضات مماثلة في اتجاه الانقسام او تجميع القوى المتقاربة على نحو ألغى عملياً دور "الكتلة الديموقراطية" التي شكلتها مطلع التسعينات الاحزاب الرئىسة المشاركة في الحكومة الحالية. وكرست القوى الاسلامية خصوصاً "جماعة العدل والاحسان" موقعها بوصفها احد اللاعبين الرئىسيين في انتخابات العام المقبل وتفادت في غير مناسبة الاحتكاك مع السلطات للمحافظة على قواها استعداداً على ما يبدو للاستحقاق الانتخابي، فيما اتحدت اربعة تنظيمات يسارية في اطار "اليسار الاشتراكي الموحد". ولوحظ ان احزاب المعارضة الحالية والتي تألفت منها الحكومات على مدى العقود الثلاثة الماضية، اضافة الى "حزب الاستقلال" بزعامة عباس الفاسي الشريك في "حكومة التناوب" شنت حملات قوية على حكومة اليوسفي واتهمتها بكونها خيبت الآمال المعلقة عليها لدى تشكيلها في آذار 1998. ودل تعاطي المعارضة مع الحكومة في مجلس النواب على مناخ التجاذب الممهد للمعركة الانتخابية، اذ انتهز المعارضون جلسة ساخنة لمجلس المستشارين الغرفة الثانية في البرلمان آخر ايار الماضي ليطلبوا اقالة وزير الثقافة والاعلام محمد الاشعري وهو عضو قيادي في "الاتحاد الاشتراكي"، وانسحبت كتل المعارضة في شكل جماعي من البرلمان احتجاجاً على عدم نقل التلفزيون وقائع جلسة الاسئلة الشفوية التي طرحها النواب، وحمّل المنسحبون الاشعري المسؤولية وانتقدوا ما اعتبروه "وصاية وزارة الاتصال على مؤسسات الاعلام العمومي" و"الرقابة" التي تمارس على مداخلاتهم. كذلك تصاعدت الانتقادات التي وجهتها للحكومة هيئات حقوق الانسان بسبب التضييق على النشطاء وتدهور الاوضاع في السجون. وفي هذا السياق اصدر "المرصد المغربي للسجون" تقريراً وصف فيه حال الاكتظاظ في بعض السجون بكونه "قنبلة موقوتة قابلة للتفجر" وقدر عدد السجناء ب54800 سجين موزعين على 43 معتقلاً. وقال انه رقم يزيد على الطاقة الاستعابية للسجون بنحو 40 في المئة. ولوحظ ان نواباً في البرلمان ادوا زيارات الى مراكز اعتقال للاطلاع بأنفسهم على حقيقة الاوضاع. لكن السلطات ردت على التقرير قائلة انه "غير مكتمل". تونس: تجاذب مع النشطاء وفي تونس طغى التجاذب مع نشطاء حقوق الانسان على احداث السنة في اعقاب حل القضاء القيادة المنبثقة من المؤتمر الخامس لرابطة حقوق الانسان آخر العام الماضي بناء على شكوى رفعها اعضاء قريبون من الحكم وأيدها الأمين العام السابق ل"التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم عبدالرحيم الزواري. وأدت المجابهة الى التفاف احزاب المعارضة والجمعيات والنقابات حول الرابطة التي استمرت قيادتها باصدار بيانات وعقد اجتماعات داخلية الى ان ألغت محكمة الاستئناف قرار محكمة الدرجة الاولى. وبعد رفع الحظر عن نشاطها ركزت الرابطة وأحزاب المعارضة على شن حملة لسن عفو عام عن السجناء السياسيين وغالبيتهم من حركة "النهضة" الاسلامية المحظورة. ولوحظ ان احزاب المعارضة الشرعية صعدت لهجتها إزاء الحكم وفي مقدمها "حركة التجديد" الحزب الشيوعي سابقاً بزعامة النائب محمد حرمل والتي عقدت مؤتمرها الاول في ايار الماضي والحزب الديموقراطي التقدمي بزعامة المحامي احمد نجيب الشابي غير ممثل في البرلمان الذي عقد مؤتمره الثالث في حزيران يونيو. وشكلت ثلاثة احزاب غير مرخص لها اضافة الى "التقدمي" جبهة اطلق عليها اسم الوفاق الديموقراطي للمطالبة باصلاحات سياسية جذرية وسن عفو عام. والاحزاب الثلاثة هي "التكتل الديموقراطي" مصطفى بن جعفر و"المؤتمر من اجل الجمهورية" الذي اسسه منصف المرزوقي مطلع الصيف و"حركة الديموقراطيين الاشتراكيين" بزعامة محمد مواعدة الذي اعيد الى السجن في حزيران بعد الغاء قرار العفو الذي اطلق بموجبه في العام 1997. وحاول الرئىس بن علي تهدئة خواطر المعارضين بالاعلان عن اصلاح شامل للدستور وتعديل القوانين المنظمة للحياة السياسية الا ان اكثرية المعارضين ابدت تحفظات على سياسات الحكم خصوصاً خلال مناقشات الموازنة السنوية في مجلس النواب ما ادى الى تراشق واسع مع نواب الحزب الحاكم وأعضاء الحكومة. ليبيا وموريتانيا: تطبيع مع الجيران حققت موريتانيا اهم كسب اقليمي بعدما طوت صفحة الصراع والحروب مع جارتها السنغال. كان ذلك لمناسبة الزيارة التي اداها الرئىس عبدالله واد الى نواكشوط واتفق خلالها مع نظيره معاوية ولد طايع على انهاء ازمة اقتسام مياه نهر السنغال. كذلك قطع الموريتانيون خطوة كبيرة في تطبيع العلاقات مع الجيران لانهاء التركة التي خلفتها معارضة المغرب استقلال موريتانيا مطلع الستينات، اذ كرست الزيارة "التاريخية" للملك محمد السادس الى موريتانيا انهاء مرحلة وبدء مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية. الا ان التوفيق المسجل في التقارب مع الجيران لم يكن في المستوى نفسه لدى التعاطي مع القضايا العربية خصوصاً الصراع العربي - الاسرائىلي الذي أثار موقف الحكومة الموريتانية منه استنكاراً عربياً واحتكاكاً قوياً مع المعارضة. وشكلت الزيارة التي اداها وزير الخارجية الموريتاني الداه ولد عبدي لاسرائىل موجة من الاحتجاجات والمصادمات مع المعارضة في المدن الموريتانية وحالت دون العودة الى مناخ الوفاق السابق بين حزب الرئيس ولد طايع وتشكيلات المعارضة في شأن تطوير النظام السياسي. ويمكن القول ان ليبيا قطعت كذلك شوطاً مهماً في تطبيع علاقاتها مع العالم الغربي والذي شكل - الى جانب الهاجس الافريقي - احد محورين رئىسيين في التطورات التي مرت فيها خلال العام 2001. فتقاطر عليها المسؤولون الغربيون وآخرهم وزير التعاون الفرنسي شارل جوسلان، فيما استعادت مقعدها في مؤسسات الحوار الاورومتوسطية خصوصاً اجتماعات مسار برشلونة وحوار 5"5 بين البلدان المطلة على الحوض الغربي للمتوسط. الا ان الشاغل الرئىس للزعيم الليبي معمر القذافي كان تكريس النقلة من منظمة الوحدة الافريقية الى الاتحاد الافريقي الذي ضم البلدان نفسها لكن على اساس ميثاق جديد اعتمده الرؤساء في قمة لوساكا في تموز يوليو الماضي ويدخل الاتحاد حيز التنفيذ بعد عام واحد من اعتماده. واعتبر الليبيون هذه النقلة نجاحاً لسياستهم الخارجية كونهم سبق ان حصلوا خلال قمة سرت في ليبيا في آذار من العام الحالي على موافقة القادة الافارقة على قيام الاتحاد. لكنه اتى اقل طموحاً مما كان يرمي له القذافي الذي طرح في المشروع الاساس الذي اقترحه العام 1999 اقامة فديرالية تضم الدول الافريقية الثلاث والخمسين تحت اسم "الولايات المتحدة الافريقية".