كشفت مصادر قضائية - أمنية رفيعة عن اتصالات كانت أجريت بين بيروتوواشنطن لم تتوصل الى نتيجة تركزت على اقناع الأخيرة بتسليم رئيس جهاز الأمن في "القوات اللبنانية" المنحلة غسان توما الى السلطات اللبنانية، خصوصاً انه محكوم عليه بالاعدام غيابياً لضلوعه في جريمتي اغتيال رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي ورئيس حزب الوطنيين الأحرار داني شمعون. وأكدت المصادر القضائية والأمنية ل"الحياة" ان الادارة الاميركية رفضت تسليم توما الى السلطات اللبنانية من دون أن تعطي تبريراً لرفضها سوى ان الاحكام بالاعدام موجودة في قانون العقوبات اللبنانية. ولفتت الى أن الطلب اللبناني بتسليم توما، كان نوقش منذ اكثر من ثلاثة أعوام وتحديداً في عهد رئيس الجمهورية السابق الياس الهراوي، وذلك على هامش وصول بعثة أمنية - قضائية اميركية الى بيروت للبحث مع لبنان في التعاون الأمني - القضائي وتبادل المعلومات. وأوضحت ان البعثة الاميركية لم تتقدم من المسؤولين اللبنانيين بمطالب محددة وانما تحدثت في العموميات، في مقابل مبادرة الجانب اللبناني بطلب المساعدة لتسلم توما لمحاكمته وجاهياً، إضافة الى استمراره في الاشراف على شبكات امنية واستخباراتية لا يزال بعض عناصرها يتحرك في الخارج وتحاول انشاء شبكات امنية في بيروت. وأشارت المصادر الى ان البعثة الاميركية غادرت بيروت بعدما عقدت لقاءات عدة أبرزها مع المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ولم تعط موافقة على الطلب اللبناني لكنها لم ترفضه. وأكدت المصادر أن بعد مضي فترة من الوقت على الاجتماع تلقى الجانب اللبناني اشارة من واشنطن تتضمن رغبتها بعقد اجتماع قضائي - أمني اميركي - لبناني في باريس. وقالت ان عضوم توجه الى باريس على رأس وفد أمني - قضائي ضم بعض القضاة المعنيين بالملفات القضائية التي حكم على أساسها توما غيابياً بالإعدام. وبالفعل عقد اللقاء في مقر السفارة الاميركية في باريس وحضره عن الجانب الاميركي وفد موسع يمثل دائرة الهجرة، ومكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالة المركزية للاستخبارات الاميركية. واستناداً الى المصادر ذاتها، فإن الاجتماع عقد على ثلاث مراحل واستمر أكثر من اثنتي عشرة ساعة، ولم يفض الى نتائج ملموسة على رغم ان الوفد اللبناني نجح في الدفاع عن كل ما تضمنته الملفات وتولى القضاة الاجابة عن الأسئلة التي طرحها الوفد الأميركي. وعزت السبب الى أن الجانب اللبناني اصطدم برفض اميركي المساعدة على تسليم توما بذريعة انه لا يمكنه الموافقة على تسليم مطلوب لبلد ما يسري فيه حكم الاعدام. وحاول الوفد اللبناني التوصل مع نظيره الاميركي الى "تسوية" تقضي بإبعاد توما الى خارج الولاياتالمتحدة الاميركية كمخرج لعدم الموافقة على طلب لبنان باسترداده، لكن الجانب الاميركي تمسك بموقفه. ورداً على سؤال عما اذا كان الرفض الأميركي بمثابة جواب مباشر على امتناع لبنان عن الموافقة على تسليم لبنانيين متهمين بالارهاب، الى القضاء الاميركي، أكدت المصادر ان واشنطن لم تطرح على الوفد اللبناني لائحة بالأسماء التي تنشرها بعض وسائل الاعلام الأميركي من حين الى آخر. وأضافت: ان الاميركيين كانوا استفسروا عن أسباب رفض القضاء اللبناني التعاون معهم في بعض الملفات وامتناع الأجهزة الأمنية اللبنانية عن توفير المعلومات التي تساعد على متابعة التحقيق في بعض الملفات. وجاء الجواب اللبناني بأن ليست هناك من دولة تمانع في التعاون مع دولة اخرى شرط ان يبقى في حدود معينة، وان للبنان مآخذ لعدم تجاوب واشنطن مع طلب تسليم توما. وهكذا انتهى الاجتماع من دون التوصل الى نتائج ملموسة، بعد أن تراجع الجانب الأميركي عن اشارة ايجابية كان أطلقها عن استعداده للتعاون، وتردد ان السبب يعود بالدرجة الأولى الى ممانعة الاستخبارات الاميركية ظناً منها ان توما ليس بعيداً من التعامل معها. إضافة الى بروز تباين واضح يتعلق بتحديد مفهوم الإرهاب.