السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    آبل تسحب واتس آب وثريدز من متجرها الإلكتروني في الصين    موعد مباراة السعودية وتايلاند اليوم    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    «العالم الإسلامي»: نأسف لفشل مجلس الأمن في قبول العضوية الكاملة لفلسطين    رسالة من كاراسكو لجماهير الشباب بعد الفوز على أبها    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    خطيب الحرم المكي يوصى المسلمين بتقوى الله وعبادته والتقرب إليه    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    خطيب المسجد النبوي: أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله تعالى    أمين مجلس التعاون : عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعتبر خطوة للوراء في جهود تحقيق السلام    كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    أمانة حائل تواصل أعمالها الميدانية لمعالجة التشوه البصري    الطقس: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    قطار "الرياض الخضراء" في ثامن محطاته    فوائد بذور البطيخ الصحية    هيئة التراث ‏تقيم فعالية تزامناً اليوم العالمي للتراث بمنطقة نجران    «المظالم»: 67 ألف جلسة قضائية رقمية عقدت خلال الربع الأول من العام الحالي    «التراث»: استيطان كهف «أم جرسان» بالمدينة قبل 6 آلاف عام قبل الميلاد    الطائي يصارع الهبوط    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    أقوال وإيحاءات فاضحة !    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    مصر تأسف لعدم منح عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    الاحمدي يكتب.. العمادة الرياضية.. وحداوية    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    "أيوفي" تعقد جلسة استماع بشأن معايير الحوكمة    تَضاعُف حجم الاستثمار في الشركات الناشئة 21 مرة    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة فيصل بن بندر للتميز والإبداع    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    في حب مكة !    الدمّاع والصحون الوساع    المستقبل سعودي    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    الرباط الصليبي ينهي موسم أبو جبل    الإصابة تغيب كويلار أربعة أسابيع    فيصل بن تركي وأيام النصر    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    دعم سعودي ب 4 ملايين دولار لعلاج سوء التغذية باليمن    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة قانونية في مصطلحات الضرائب والهجرة والاستثمار في بريطانيا
نشر في الحياة يوم 13 - 04 - 2001

لندن - "الحياة" - تحمل المصطلحات اللغوية المستخدمة في بريطانيا في سياق الهجرة والضرائب والاستثمار معاني مختلفة، بادئ ذي بدء، لكن السياسيين البريطانيين يعمدون أحيانا إلى تغيير المعاني. ويقدم المحامي اللندني ديفيد فريمان في المقال التالي وللمرة الأولى من نوعها شرحا مفصلا للعديد من المصطلحات التي يغلب استخدامها واساءة فهمها.
يحب الناس معرفة الأرضية التي يقفون عليها، ويحب المحامون معرفة ما يقصده الناس في كلامهم، أما السياسيون فيحبون الظهور بمظهر الواثق.
واللغة الواضحة شرط جوهري لا بد من توافره لنجاح أي نظام يقوم على القانون. وليس للقانون أي قيمة ما لم يفهم الناس معانيه وكيفية تأثر حياتهم به. ومهما كانت طبيعة نظام الحكم فلا بد أن تكون القوانين واضحة. لكن المحامي الذي يملك شيئا من الخيال يستطيع ايجاد طريقة لتفسير القانون بما يخدم مصالح عملائه.
ويفضل السياسيون الكتابة والتحدث بلغة يزعمون أنها واضحة لكنها قابلة للتفسير بطرق عدة وغالبا طبقاً لما سيؤول عليه الوضع السياسي. وعلاوة على هذا يستخدم السياسيون لغة ينشدون منها تغيير البيئة التطبيقية لسياساتهم ونظرة الناس إليها. وكمثال على ذلك من الواضح أن وزير الخزانة غوردن براون يرى أن تفادي الضرائب وهو عمل قانوني والتهرب منها وهو مخالف للقانون هما شيء واحد والشيء عينه، ويعتقد أن المرء الذي يرتب شؤونه لخفض ضرائبه انما يرتكب جريمة. لكن المحامي يرى من جانبه أن الجريمة تقع فقط عندما يكون هناك تحايل تمت ممارسته أو عمل مخالف للقانون تم ارتكابه.
ويعلم معظم السياسيين أن التكرار والزمن كفيلان بتعميم الاستخدام وتغيير المواقف. ويريد براون ألا يكون في الاستخدام العام كلمة تعبر عن تفادي الضرائب القانوني مفضلا تجريم أي شخص يحاول خفض ضرائبه. ولربما كان هذا تطرفا لكن من الواضح أنه الاتجاه نفسه الذي تقودنا إليه مصطلحات براون. ويسير الاعلام البريطاني في ركاب وزير الخزانة حتى بات ينظر إلى تفادي الضرائب باعتباره تجاوزا للتقليد والعرف.
وبالنظر إلى أهمية اللغة في النظام القضائي، لا سيما النظام القائم على قرارات المحاكم، فمن الضرورة بمكان فهم معاني المصطلحات الشائعة الاستخدام فهماً صحيحاً ودقيقاً. وأرمي من مقالتي هذه إيضاح بعض العبارات التي يتداولها الأشخاص الذين يفكرون بالانتقال إلى بريطانيا وأولئك الذين يمتلكون عقارات وأعمال أو مصالح أخرى في بريطانيا.
مصطلح "الدخل" ماذا يعني؟
في سياق قانون الضريبة البريطاني تعني كلمة "الدخل" ما تتوقعه منها بالضبط. إلا أنه من المهم تعريف هذا المصطلح وتمييزه عن مصطلحي "رأس المال" و"الأرباح الرأسمالية" كيما يتسنى لك معرفة وضعك من ضريبة الدخل. ويمكن للدخل أن يتأتى من إيرادات العمل أو العوائد الاستثمارية أو الفوائد المتحصلة لك من الإيداعات المصرفية والسندات، كذلك الأرباح الناتجة عن الأعمال سواء كانت هذه الأعمال تأخذ شكل الشراكة أو الشركة أو نشاطات يزاولها شخص ما لحسابه الخاص. وتظهر الصعوبة في تعريف الدخل عندما يتعلق الأمر بالأعمال التجارية ويكون من الضروري تقرير ما إذا كانت الأرباح المتحصلة في نهاية العام نتجت عن نشاط يمارسه المشروع التجاري أو رأس المال. وتنبع أهمية تعريف الدخل من أنه إذا كنت بالمصطلح الضريبي "مقيما ضريبيا" في لندن ولكنك بمصطلحات الهجرة لست "مقيما دائما" أنظر أسفل لتعريف هذين المصطلحين يصبح من الواجب عليك دفع ضريبة عن أموال الدخل التي تجلبها إلى بريطانيا، بينما يسقط عنك هذا الواجب الضريبي في حال كان المال الذي تدخله رأس مال محض. ويظهر من هذا السياق مدى أهمية فهم المصطلحات.
رأس المال ماذا يعني؟
تحمل عبارة "رأس المال" معاني مختلفة ويعرف تشديد الراء في سياق نظام المال الدولي بأنه الثروة المتراكمة التي تستخدم أو يمكن استخدامها لتوليد الثروة. لكن سلطات الضرائب البريطانية لا تنحو هذا المنحى الأكاديمي في تعريف عبارة رأس المال وترى من واقع التجربة أن رأس المال هو المال الذي ليس دخلا أو أرباحا رأسمالية. وإذا كان لدى امرئ دخلا قبل أن يصبح في عرف القانون الضريبي مقيما ضريبيا، فإن هذا المال الذي تم جمعه في الأعوام السابقة لوصوله إلى بريطانيا ستعامله سلطات الضرائب البريطانية باعتباره رأس مال. أما المال الذي يتم جمعه بعد الوصول إلى بريطانيا فسيعتبر دخلا. ولربما يبدو ذلك بديهيا لكنه، كما سبق وأشرت، دليل جديد على أهمية تعريف المصطلحات.
وبالمثل، عندما يبيع المرء أصولا رأسمالية ولنقل عقارا أو بناء فإن عوائد البيع الفائضة عن قيمة رأس المال ستعامل بوصفها أرباحا رأسمالية. وفي حال تم تحقيق هذه الأرباح إبان إقامته في بريطانيا وأراد ادخالها إلى هنا يصبح من الواجب عليه دفع ضريبة الأرباح الرأسمالية عن أرباحه هذه. أما إذا تم تحقيق الأرباح الرأسمالية قبل بدء إقامته في بريطانيا فسيكون بمقدوره ادخالها معفاة من الضريبة.
ولا بد لسلطات الضرائب المحلية من تقرير ما إذا كان ما يجنيه المرء هو أرباح رأسمالية أم دخل. عندما يبيع المرء أصولا رأسمالية بين الفينة والأخرى فإن العوائد التي يحققها من عمليات البيع المتفرقة هذه ستعتبر أرباحا رأسمالية وتخضع لأحكام ضريبة الأرباح الرأسمالية. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك شخص تملك عقارا لغرض الاستثمار ثم قرر بيعه وعندما تتم صفقة البيع فإن الضريبة المستحقة في حال وجودها هي ضريبة الأرباح الرأسمالية. لكن الشخص الذي يشتري العقارات ويبيعها بشكل منتظم لن يعامل من قبل مصلحة الضرائب باعتبار انه حقق أرباحا رأسمالية بل باعتباره تاجر عقارات. ومثله مثل تاجر الخضار فكلاهما يتاجران وكلاهما يحققان دخلا يخضع لأحكام القانون الضريبي.
ولا بد كذلك لكل امرئ يفكر بالقدوم إلى بريطانيا والاقامة فيها إقامة ضريبية أو إنشاء مشروع تجاري، ضمان أن تكون نفقات الاقامة أو المشروع التجاري معادلة لرأس المال الذي يدخله إلى بريطانيا. والسبب أنه من الممكن ادخال رأس المال إلى بريطانيا معفيا من الضرائب. وكل مال ملكته قبل وصولك إلى بريطانيا سيعامل من قبل سلطاتها الضريبية باعتباره رأس مال، أما ما ملكته بعد وصولك سواء كان دخلا جنيته من عمل أو أرباحا تحصلت لك من بيع أصول رأسمالية فإن هذا المال سيخضع اما لأحكام ضريبة الدخل أو لأحكام ضريبة الأرباح الرأسمالية، كل حسب وضعه القانوني. وعليه فإن أسهل الطرق طريق تضمن ادخال رأس المال دون سواه.
شركة "أوفشور"
ماذا يعني هذا المصطلح؟
في السياق البريطاني شركة "أوفشور" هي شركة تتخذ مقرها خارج بريطانيا. وتنشأ شركات الأوفشور تقليديا في المناطق ذات المعدلات الضريبية المنخفضة الملاذات الآمنة مثل "غيرنزي" و"جيرزي" وجزر العذراء البريطانية وجزر الانتيل الهولندية وأماكن أخرى كثيرة، وهذا مايعنيه الناس عادة عندما يتحدثون عن شركات الأوفشور. لكن في عرف سلطات الضرائب البريطانية فإن أي شركة تتخذ مقرها خارج بريطانيا هي شركة أوفشور. وعليه فمن الضروري عند إنشاء الهياكل الضريبية التفكير ليس فقط بالملاذات ولكن ايضا في ما إذا كان من المفيد إنشاء شركة أوفشور في مناطق أخرى من العالم. ويتوقف اختيار الهيكل الضريبي على نوع النشاط الذي تزاوله الشركة علاوة على توافر اتفاقات عدم الازدواج الضريبي أو عدمه.
ما المقصود باتفاق
عدم الازدواج الضريبي؟
تتخذ الكثير من النشاطات التجارية الطابع الدولي ومن الضروري لرجل الأعمال معرفة البلد الذي سيجبي منه ضرائبه وما هو المعدل الضريبي. ونتج عن هذا الوضع إنشاء شبكة من اتفاقات عدم الازدواج الضريبي بين الدول. وكمثال يمكن لمواطن أميركي أن يقطن في لندن ويمكن أن يكون له دخل في أميركا ويريد ارساله إلى لندن. وسيكون من غير الانصاف اقتطاع ضريبة من هذا المال في أميركا ثم اقتطاع ضريبة أخرى منه عندما يجلبه إلى بريطانيا. ويقصد من اتفاق عدم الازدواج الضريبي القائم بين بريطانيا والولايات المتحدة ضمان احتساب ضريبة على هذا المبلغ مرة واحدة فقط.
وتتيح اتفاقات عدم الازدواج الضريبي القائمة بين بلدان مثل اسبانيا وهولندا والروابط التاريخية مع مناطق ذات ضرائب منخفضة مناخا يتيح تنظيم الهياكل الضريبية. وكمثال على ذلك هناك هيكل ضريبي يسمى "الشطيرة الهولندية". وما يعنيه هذا الاسم هو أن شركة تجني أرباحا في اسبانيا يمكن أن تكون مملوكة من قبل شركة هولندية مملوكة بدورها من قبل شركة تتخذ مقرها في جزر الانتيل الهولندية وهي مجموعة من الجزر في البحر الكاريبي. ويمكن لهذا الكيان الضريبي الاستفادة من ميزة اتفاق عدم الازدواج الضريبي المعقود بين اسبانيا وهولندا علاوة على قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتوزيع الأرباح، ما يتيح طريقة فعالة لنقل الأرباح إلى المساهمين من دون المعاناة من الفواتير الضريبية الباهظة.
ما المقصود بشركات "الأونشور؟"
بالمقارنة مع شركة الأفشور فإن شركة الأونشور هي، في السياق البريطاني، شركة تم إشهارها داخل بريطانيا. وتعامل هذه الشركة بصفتها مقيمة ضريبيا ويتوجب عليها دفع ضريبة الشركات على أرباحها. وتعتبر ضريبة الشركات هذه منخفضة ويتراوح معدلها بين 10 و30 في المئة، وفقا لمستوى المبيعات والأرباح.
"الائتمان"
يستخدم الائتمان في الكثير من الهياكل الضريبية التي يقيمها المحامون والمحاسبون المتخصصون بشؤون الضرائب لمساعدة عملائهم في ترتيب شؤونهم الضريبية. والائتمان هو ترتيب يقام مع شركة ائتمان أو يمكن أن يكون مع شخص تخول مؤسسة الائتمان الاحتفاظ بأصول تتبع شخصا آخر.
وعلى سبيل المثال يمكن لرجل أعمال يدير أعماله من مقر في بريطانيا أن يقرر أنه يريد ضمان أن تستفيد أسرته من ثروته خلال حياته وبعد مماته ويريد في الوقت نفسه خفض فاتورته الضريبية. وهناك ظروف ضريبية تجعل من الحكمة اللجوء إلى الترتيبات الائتمانية. وتقتضي هذه الترتيبات نقل رجل الأعمال أملاكه إلى المؤسسة الائتمانية ما يعني منحها لوكلاء الائتمان. ويحرر الوكلاء وثيقة صك الائتمان بما يثبت أنهم يودعون هذه الأملاك الأصول لصالح رجل الأعمال وأسرته ويلتزمون رعايتها بعناية. ويعود السبب في اطلاق اسم الائتمان على هذه الترتيبات إلى أنه من المهم جدا توافر الثقة في الوكلاء، إذ أن المرء الذي يقيم ائتمانا انما يتخلى عن أملاكه للوكلاء بما يتيح لهم رعايتها لصالح أسرته. وغالبا ما يلجأ المرء الذي ينشئ الائتمان ويدعى الموكل بتحرير رسالة نوايا يحدد فيها ما يريد من الوكلاء أن يفعلوه.
لكن لكي يكون الائتمان مفيدا من الناحية الضريبية فلا بد أن يكون "ائتمانا اختياريا" ما يعني منح الوكلاء صلاحيات مطلقة في ما يتعلق بإدارة الائتمان وتحديد الجهة المستفيدة منه . ورغم أن الوكلاء يمكن أن يتقاضوا رسوما مقابل خدماتهم المهنية لكن لا يحق لهم تحقيق منفعة شخصية. ولا يجدر التعامل مع الائتمانات باستخفاف، وهي حقا تثير المخاوف والقلق لدى الكثيرين، لكنها فعالة جدا في مسألة الضرائب ويمكن أن توفر قدرا كبيرا من الحماية من المشاكل التي يمكن أن تنجم عن اعطاء أحد أفراد الأسرة اليافعين من المال أكثر مما يجب وفي وقت مبكر.
وثمة ميزة أخرى توفرها الائتمانات وهي حماية أملاك العائلة من المطاليب. وفي الولايات المتحدة حيث يمكن لقضية واحدة أن تدفع أكثر العائلات ثراء إلى الافلاس، يلجأ الكثيرون إلى "تسييج" أملاكهم من أجل حمايتها من هذه المخاطر. ويمكن للائتمان أن يوفر هذه الحماية.
"الاقامة الدائمة"
ما المقصود بهذا المصطلح؟
يحمل مصطلح "الاقامة الدائمة" أهمية بالغة في سياق الضريبة البريطاني إذ يعتبر الشخص مقيما اقامة دائمة في بلد ما إذا كان يعتبر هذا البلد "وطناً". وهذا مفهوم عاطفي يقوم على فكرة "الوطن". ويقترح البعض أن الشخص يقيم إقامة دائمة في البلد الذي يرغب أن يدفن فيه، ويجادل البعض الآخر في أن المرء يقيم إقامة دائمة حيثما يتعلق قلبه.
يعيش الكثيرون من الناس خارج بلدانهم ويمكن أن ينتقل المرء إلى بلد ما ويقطن فيه لفترة مؤقته متطلعا للعودة إلى وطنه في يوم ما. وتتباين أسباب تواجد الناس في بلد أجنبي ويمكن لهذه الأسباب أن تتعلق بالأعمال أو الضرائب أو ربما عدم القدرة على العودة إلى الوطن بسبب النزاعات السياسية أو الاحتلال. ويعيش كل هؤلاء في بلد ما لكن اقامتهم الدائمة تكون في أوطانهم الأصلية.
وبمقتضى قانون الضرائب البريطاني فإن المرء المقيم في بريطانيا اقامة غير دائمة حتى وإن عاش فيها لعدد كبير من السنين لن يحاسب ضريبيا على اجمالي دخله العالمي، بل سيكون مطالبا فقط بدفع ضريبة على الدخل الذي يجنيه أو يستقدمه إلى بريطانيا أو دفع ضريبة الأرباح الرأسمالية على العوائد التي يجنيها من رأس المال سواء حققها في بريطانيا أو استجلبها من الخارج. ويشكل هذا البند من قانون الضرائب القاعدة التي يقيم عليها آلاف الناس المقيمين في لندن وأماكن أخرى من بريطانيا ترتيباتهم الضريبية.
ويمكنك تصور أن الكثيرين يجدون غرابة في نظام ضريبي يتيح للمرء خفض ضرائبه أو إلغائها كليا مستندا بذلك ليس على الواقع بل على نوايا وآمال يكنها هذا المرء في "صدره". ويمكن لمصلحة الضرائب البريطانية بالتأكيد أن تطلب من المرء ما يثبت نيته العودة إلى وطنه في وقت من الأوقات، لكن الارتباطات العائلية وتوافر المسكن والأعمال والاتصالات الأخرى يمكن أن تساعد في اثبات ما هو في جوهره قرار وجداني.
ويتضمن قانون ضريبة الإرث البريطاني، الذي يطبق على ما يخلفه المتوفى وراءه من أملاك، بنداً يتعلق بالاقامة الدائمة. وعلى رغم وجود بعض الاستثناءات إذ أن القانون المشار إليه لا يشمل الأملاك التي يتم نقلها إلى أرملة المتوفى أو زوج المتوفاة قبل حدوث الوفاة إلا أن ضريبة الإرث تعتبر باهظة الكلفة وتحصل بواقع 40 في المئة بعد اقتطاع مبلغ 242 ألف جنيه من القيمة الاجمالية للإرث. وفي حال لم يكن المرء مقيماً إقامة دائمة في بريطانيا يطبق القانون على الأملاك الموجودة في بريطانيا بينما تبقى الأملاك الموجودة في أماكن أخرى من العالم خارج ضريبة الارث. لكنك إذا أقمت في بريطانيا 17 سنة من الأعوام العشرين الأخيرة فإن قانون ضريبة الإرث سيعتبرك حينئذ مقيما "اقامة دائمة" وسيتم بالتالي تطبيق ضريبة الإرث على كل أملاكك العالمية بواقع 40 في المئة على رغم أنك لا تعتبر مقيما اقامة دائمة في ما يتعلق بالضرائب الأخرى ضريبة الدخل وضريبة الأرباح الرأسمالية. وقد تواجه مصلحة الضرائب مشكلة في تحصيل هذه الضريبة، لكن يبقى من الأفضل تجنب المشاكل وهذا ما يفعله الكثيرون باللجوء إلى الترتيبات الائتمانية قبل تحول اقامتهم إلى اقامة دائمة.
"الإقامة الضريبية"
ماذا يعني هذا المصطلح؟
أشير هنا إلى مصطلح "الاقامة الضريبية" لعلاقته بمصطلح آخر أشير إليه لاحقا وهو "اقامة الهجرة". وهذان المصطلحان هما عبارة عن مفهومين مختلفين عن بعضهما البعض. ويعتبر الشخص مقيما ضريبيا في عام يمضي منه في بريطانيا ستة أشهر. وفي حال تعودت زيارة بريطانيا بشكل منتظم وبلغ اجمالي مدة اقامتك فيها أكثر من 90 يوماً في أربع سنوات تصبح مقيما ضريبيا. ومن السهل أن يصبح المرء مقيما ضريبيا في بريطانيا من دون أن يشعر بذلك. فإذا كان لديك منزلا في لندن أو كان من عادتك زيارة بريطانيا لمدة شهرين في الصيف وربما لشهر آخر تتوزع أيامه على الأشهر الباقية من السنة فيمكن أن تصبح ببساطة مقيما ضريبيا. وربما أتيت إلى بريطانيا زائرا بموجب تأشيرة زيارة، وسواء أقمت في فندق أو كان لديك منزل فإنك عندما تمضي فترة معينة من الزمن تصبح مقيما ضريبيا. وهذا يعني نظريا أن بمقدور سلطات الضرائب تطبيق قانون ضريبة الدخل على ما تجلبه معك من مداخيل. وقد لا تقدم سلطات الضرائب على تحصيل الضرائب المستحقة على الكثير من الزوار المنتظمين لكن من المهم معرفة أن هذه الأحكام موجودة. ويجدر بالناس الذين يملكون بيوتا في لندن ويرسلون كميات كبيرة من المال إلى هنا اما لتمويل نفقات معيشتهم إبان اقامتهم أو لشراء العقارات أو حتى الاستثمار في مجال الأعمال أو الشركات التنبه لمسألة الاقامة الضريبية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة كي لا يفاجأوا بفواتير الضرائب تودع في صناديقهم البريدية.
"اقامة الهجرة"
ماذا يعني هذا المصطلح؟
أوردت تعريفاً للإقامة الضريبية أعلاه، وكما أسلفت فإن اقامة الهجرة هي مسألة مختلفة تماما وترتكز على أحكام مختلفة.
تصدر السلطات البريطانية لائحة "دول التأشيرة" وتعني بها أن على مواطني الدول المدرجة في هذه اللائحة الحصول على تأشيرة دخول قبل السفر إلى بريطانيا. لكن إذا قدمت إلى بريطانيا زائرا وسواء احتجت إلى تأشيرة أم لا فإنه سيسمح لك بالاقامة ستة أشهر على أن تغادر البلاد بعد انقضاء هذه المدة. وكذلك يمنح الطالب تصريحا بالاقامة في بريطانيا لغرض الدراسة ويتوقع منه المغادرة بعد انتهاء فترة الدراسة. وفي الحالتين لا يعتبر المرء مقيما اقامة هجرة التي تعني بالنسبة لغالبية الناس الحصول على تصريح بالاقامة في بريطانيا لفترة زمنية غير محددة، ما يتيح له ولها مغادرة الأراضي البريطانية والعودة إليها دونما حاجة للحصول على تأشيرة ودون قيد زمني.
ولكي يتاح للمرء الحصول على تصريح بالاقامة غير المقيدة في بريطانيا لا بد أن يمضي فيها فترة طويلة من الزمن. وتتعدد طرق الهجرة إلى بريطانيا. ومن هذه الطرق أنه يحق للشخص الذي يقيم في بريطانيا بوصفه رجل أعمال أو يعمل بموجب تصريح عمل أو بوصفه مستثمرا ويتوقف كل هذا على تقديم مساهمة ما للاقتصاد البريطاني الحصول على تصريح بالاقامة غير المقيدة بعد مضي أربعة أعوام ابتداء من تاريخ دخوله إلى البلاد للمرة الأولى، واظهار ما يثبت أنه أقام فيها فترة تعادل 75 في المئة من المدة الزمنية المشار إليها. أما الشخص الذي منح تصريحا استثنائيا بالبقاء في بريطانيا أي الشخص الذي ليس مؤهلا للحصول على اللجوء لكن السلطات البريطانية تقتنع بضرورة عدم إعادته إلى وطنه لسبب أو لآخر فيمكن أن يحصل على تصريح الاقامة غير المقيدة بعد مضي سبعة أعوام على تواجده في بريطانيا.
وبعد الحصول على تصريح الاقامة غير المقيدة لا بد من مضي عام كامل قبل أن يتمكن المرء من أن يقدم طلبا إلى وزارة الهجرة البريطانية تكون نتيجته الحصول على جواز سفر صادر عن الاتحاد الأوروبي. وتثير مسألة الحصول على جواز السفر حساسية شديدة لدى البعض وثمة من لا يرغب في الحصول على جواز السفر البريطاني لكن هذا لا يلغي حقه القانوني في تقديم الطلب. ويتوقف أمر اصدار جواز السفر على وزير الداخلية. وهناك العديد من القضايا المشهورة التي تتعلق بأشخاص طلبوا الحصول على جوازات السفر لكن طلباتهم رفضت لأسباب لم يفصح عنها. والمؤمل أن يتيح تزايد الشفافية في نظام القضاء البريطاني معرفة أسباب الرفض للأشخاص الذين رفضت طلباتهم.
ويكسب تصريح الاقامة غير المقيدة حامله الحق في المطالبة بالمزايا التي يمكن للمواطن البريطاني أن يتمتع بها والحصول كذلك على المنح والمساعدات التي تعينه في مهمة تعليم أطفاله حتى المستوى الجامعي.
"التأشيرة"
إذا كنت مواطنا في بلد تشمله اللائحة البريطانية لدول التأشيرة فعليك أن تقدم طلباً إلى القنصلية البريطانية في بلدك للحصول على تأشيرة دخول إلى بريطانيا. والمؤمل أن تعمل القنصلية على اصدار التأشيرة المطلوبة التي تعتبر اثباتا موثقا للأساس الذي سيتم بموجبه السماح لك بالدخول إلى بريطانيا. ويمكن أن تكون التأشيرة صالحة لعدة سفرات وتتيح لك السفر إلى بريطانيا في عدد من المناسبات، كما يمكن أن تكون لسفرة واحدة ما يعني حسب مضمون العبارة السماح لك بالقيام بزيارة واحدة. والتأشيرة هي فعليا مفتاحك إلى بريطانيا. لكن ضابط الهجرة الذي سيستقبلك في مطار هيثرو أو أي نقطة دخول أخرى له الصلاحية في توجيه الأسئلة إليك، وفي حال شعر أن زائرا ما لا ينوي المغادرة بعد انقضاء فترة الزيارة فهو يملك صلاحية منعه من الدخول.
الالتزامات الدولية ماذا تعني؟
شاركت بريطانيا في التوقيع على عدد من قرارات الأمم المتحدة ومعاهداتها ونحن ملزمون السماح للاجئين الهاربين من الاضطهاد بالدخول إلى بلادنا. وهذه الالتزامات مضافا إليها القانون الجديد الذي يلزم الحكومة احترام حقوق الانسان الأساسية تعني استمرار انجذاب اللاجئين من كل أنحاء العالم إلى بريطانيا.
وتسبب هذه الالتزامات مشكلة للحكومة البريطانية في تعاملها مع سياستها المتعلقة بالهجرة. وتتعرض الحكومة إلى ضغوط هائلة تطالبها بخفض أعداد طالبي اللجوء. ويأتي الكثيرون إلى بريطانيا ليس هربا من الاضطهاد في أوطانهم بل لاعتقادهم أن الميزات الاقتصادية التي يوفرها العيش في بريطانيا ستمكنهم من التمتع بمستوى من المعيشة أفضل مما هو متوافر لهم في بلدانهم. ولا ينطبق هذا الأمر على كل طالبي اللجوء بالتأكيد وليس ثمة ما يبرر التعميم. ولا بد للحكومة من ايجاد وسيلة تمكنها من التمييز بين طالبي اللجوء الحقيقيين وبين أولئك الذين يريدون الانتقال إلى بريطانيا لأسباب اقتصادية. لكن سياسة الهجرة المعمول بها في بريطانيا جامدة إلى حد أنها تجعل من العسير على الحكومة "انجاز المهمة كما ينبغي". وتنشغل الحكومة في تحقيق أمرين متناقضين في آن فهي تريد من جهة أولى حماية سوق العمل من الاغراق وتريد من جهة أخرى اجتذاب الخبرات والمهارات اللازمة لتطور الاقتصاد لا سيما قطاعات تقنية المعلومات.
كذلك لا بد للحكومة من السير بحذر وهي تروج لتوجهاتها الاشتراكية وتسعى إلى اظهار السياسة التي تنتهجها في مجال الهجرة وشؤونها على أنها سياسة منصفة. والحقيقة أن سياسة الهجرة البريطانية، تماما كمثيلاتها في أميركا وألمانيا والكثير من الدول الغربية، مصممة بحيث تفتح الباب أمام المال أو المهارات وتغلقه في وجه من لا يملك هذا أو ذاك. وقد يبدو هذا الأمر واضحاً جلياً لكن الحكومة لا ترغب في الحديث عنه جهراً.
ولا تختلفت الضغوط التي تواجهها بريطانيا فيما يتعلق بسياسة الهجرة والاشراف على تطبيق النظام الضريبي عن الصعوبات التي يواجهها أي بلد آخر في العالم. لكننا هنا في بريطانيا نستفيد من نظام ضريبي متطور وجملة من الأحكام التي تجعل من السهل نسبيا معرفة ما تقوله القوانين.
لكن هذا الوضع الايجابي بات مهددا بسبب حدوث تغيير في اللغة التي يستخدمها السياسيون. وقد عمل غوردن براون في السابق على طمس الفرق بين "تفادي" الضرائب و"التهرب" منها. والشخص الذي يكذب في شأن وضعه الضريبي أو دخله محاولا خفض ضرائبه يعتبر مجرما ويوصف بأنه يتهرب من الضرائب. وكذلك المرء الذي يقول الحقيقة لكنه ينظم شؤونه بحذر بحيث ينخفض معدله الضريبي أو يصبح غير مطالب بدفع أية ضرائب فإنه لم يخالف القانون وإنما يعمل ببساطة لتفادي الضرائب. لكن من وجهة نظر براون فمن الواضح أن الخيط الدقيق بين ما هو قانوني وما هو مخالف للقانون لا يحدده القانون بل الموقف الشخصي للمكلف ضريبيا.
وهناك ما يدعو للقلق في هذا التوجه وهذا التغير الحاصل في اللغة، لكن المؤمل أن يعمل المحامون والمحاكم وبقية النظام القائم في بريطانيا لحماية المكلفين على ضمان ألا يؤثر تغيير اللغة سلباً على الترتيبات الضريبية لآلاف الناس الذين يفدون على بريطانيا سنوياً ويتخذونها وطناً أو مقراً لأعمالهم واستثماراتهم.
* محام لدى مؤسسة "داونز سيليسيترز" في لندن ومستشار قانوني في الأمور المالية والأعمال والضرائب والهجرة في بريطانيا وخارجها.
لمزيد من المعلومات:
هاتف: 0207-936-2818
فاكس: 0207-936-281
بريد اليكتروني:
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.