نفذ القاضي الفرنسي ايك هالفين تهديداً لوح به منذ سنوات، واستدعى رسمياً الرئيس جاك شيراك للاستماع الى أقواله كشاهد في قضايا رشاوى تعود الى فترة توليه رئاسة بلدية باريس. وشكل الاستدعاء سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة. وسارع قصر الاليزيه الى تأكيد ان القواعد الدستورية تحول دون تلبية طلب القاضي، فيما دعا شيراك رئيس الوزراء ليونيل جوسبان الى اتخاذ الاجراءات الضرورية لفرض احترام الدستور الفرنسي، لجهة مبدأ فصل السلطات. وكانت صحيفة "لوباريزيان" كشفت أن هالفين الذي يتولى التحقيقات المتعلقة بقضايا الرشاوى والفساد في بلدية باريس منذ العام 1994، وجه استدعاء الى شيراك، عبر البريد العادي الى القصر الرئاسي نهاية الاسبوع الماضي. وأفادت ان القاضي طلب حضور الرئيس الى مكتبه في محكمة كريتي في ضاحية باريس. وشكلت الخطوة سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة في فرنسا، بعد مضي سنتين على احباط المجلس الدستوري مساعي القاضي لملاحقة شيراك بصفته المسؤول عن الخلل في اداء بلدية باريس التي رأسها الى حين توليه منصبه عام 1995. وعدّل هالفين استراتيجيته، فقرر استدعاء شيراك شاهداً في قضية الرشاوى المتعلقة بتلزيم بناء مساكن بايجارات منخفضة، إضافة الى تلزيم المنشآت العامة في باريس وضواحيها. واستند القاضي الى افادات متورطين، في مقدمهم رجل الأعمال الراحل جان - كلود ميري الذي أكد في شهادة مسجلة على شريط فيديو كشِفت بعد وفاته، انه قدم خمسة ملايين فرنك الى مساعد شيراك في بلدية باريس في حينه، الوزير السابق ميشال روسان، كعمولة عن أحد التلزيمات، استخدمت في تمويل حزب "التجمع من أجل الجمهورية"، الديغولي الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي. وفور تسرّب نبأ الاستدعاء الى الصحافة، أصدر قصر الاليزيه بياناً أكد فيه ان شيراك لن يلبي الطلب، باعتبار انه "لو كانت لدى الرئيس معلومات كفيلة بتنوير السلطات القضائية، لما تردد في إبلاغها بها". واعتبر البيان ان الاستدعاء "يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات ومقتضيات استمرارية الدولة". وكان الرئيس الفرنسي ذكر في مقابلة تلفزيونية مطولة عن قضايا الفساد آخر العام الماضي، انه كان يود الكلام مثل أي مواطن عادي و"لَيِّ عنق عدد من الاشاعات والتلميحات التي تستهدفه". ولا تترتب على رفض شيراك الاستدعاء نتائج قانونية، لكن ذلك يلحق ضرراً بصورته، فيما تعيش فرنسا اجواء انتخابات رئاسية واشتراعية مقررة السنة المقبلة.