} ينتخب الإسرائيليون اليوم رئيس حكومة جديداً في أعقاب استقالة رئيس الحكومة الحالية ايهود باراك قبل شهرين وسط تأكيد استطلاعات الرأي أنه سيتعرض لهزيمة شنيعة أمام مرشح ليكود واليميني المتطرف العجوز ارييل شارون 73 عاماً. وهذه المرة الأولى في تاريخ إسرائيل تجري فيها انتخابات لرئاسة الحكومة فقط وثالث مرة ينتخب فيها الإسرائيليون رئيساً لحكومتهم بموجب قانون الانتخاب المباشر المعمول به منذ عام 1996. يبلغ عدد أصحاب حق الاقتراع، حسب سجل الناخبين، 5.4 مليون شخص، منهم 400 ألف يقيمون خارج إسرائيل، 7.87 في المئة منهم من اليهود. ويقدر عدد العرب ب500 ألف. وقال 68 في المئة من الإسرائيليين، في استطلاع نشرته "معاريف" أمس، إنهم سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع، وقال 16 في المئة منهم إنهم يفكرون في المشاركة، مقابل 12 في المئة قالوا إنهم سيقاطعون الانتخابات، علماً أن نسبة التصويت في الانتخابات منذ 1973 تراوحت بين 77 و80 في المئة. ولم تأت استطلاعات الرأي التي نشرت أمس بأي جديد في ناحية التفوق الكبير لشارون على باراك. وحسب استطلاع "معاريف" قال 55 في المئة إنهم سيصوتون لشارون مقابل 36 في المئة لباراك. وجاء استطلاع نشرته "يديعوت أحرونوت" بتقليص بسيط في الفارق، مقارنة بالاستطلاعات السابقة: 56 في المئة لشارون مقابل 38 لباراك، ونسبة 6 في المئة من المترددين. وصفعت هذه النتائج باراك، الذي توقع تقليصاً جدياً في أعقاب ظهوره المكثف في مختلف وسائل الإعلام، مقابل رفض شارون الظهور في مناظرة متلفزة. وبنى باراك حساباته أيضاً على تحول ايجابي في أوساط اليسار والمترددين والمهاجرين الروس ازاء سياسة التطرف التي يتبناها شارون وخنوعه لشروط المتدينين المتزمتين. ويسود أوساط معسكر باراك شعور بأن المعركة حسمت ولم يتبق سوى العمل على تقليص الفارق عبر استنفار الناشطين يوم الانتخابات لحض الناخبين، خصوصاً العرب، على التوجه إلى صناديق الاقتراع. في المقابل، يستعد أقطاب ليكود لليوم التالي للانتخابات مطمئنين إلى فوز شارون الذي ابتعد، في اليومين الأخيرين كلياً عن الأضواء، ويقبع في مزرعته في النقب تفادياً لوقوعه في مطب قد يقلب الموازين. وفي محاولة أخيرة منه لاستمالة الناخبين، توجه باراك برسالة شخصية إلى 300 ألف رب عائلة ناشدهم فيها دعمه لتمكينه من اخراج ابنائهم الجنود من المناطق الفلسطينية "مثلما نجحت في وضع حد لتورطنا في لبنان". كما تم التوجه هاتفياً لآلاف الإسرائيليين بأقوال مسجلة لباراك تتضمن الدعوة ذاتها. وفي مقابلة للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، ليلة أول من أمس، واجه باراك وابلاً من الانتقادات من محاوريه صبّت أساساً في سلوكه والتقلبات المتتالية في مواقفه في المسائل كافة. وتهرب باراك من الرد عليها وتحدث مطولاً عن السلام الذي يسعى لتحقيقه من دون تجاوز الخطوط الحمر. ورفض حق عودة اللاجئين والسيادة الفلسطينية على الحرم القدسي الشريف جبل الهيكل بلغته، والابقاء على غالبية المستوطنات تحت السيادة الإسرائيلية، مكرراً أنه خلال فترة ولايته لم يتنازل للفلسطينيين عن شيء، مشيراً مجدداً إلى ضرورة الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين في حال تم التوصل إلى تسوية. وفي كلمته إلى الناخب الإسرائيلي نشرتها "يديعوت أحرونوت" أمس، كتب باراك يقول: "الشرق الأوسط هو برميل بارود ونحن مدعوون غداً لنقرر إذا كنا نسلم عود الثقاب لأناس متطرفين، متطرفين جداً لإسرائيل. نحن مدعوون لقرار ما إذا كان يفصل بيننا وبين السلام حرب أخرى دموية... علينا اليوم أن نقرر وداع الأحلام والقبول بالواقع... علينا الآن أن نقرر من أجل مستقبل أولادنا". أما شارون فكتب، في الصحيفة ذاتها، مؤكداً نيته إقامة حكومة وحدة وطنية واسعة قدر الإمكان، تسعى لرأب الصدع بين شرائح المجتمع، بين اليمين واليسار، وبين المتدينين والعلمانيين، وبين اليهود والعرب. وأضاف: "أؤمن من كل قلبي بأنه يتوجب علينا الذهاب إلى السلام ونحن موحدون. حكومة إسرائيل برئاستي لن تجري مفاوضات وسط اطلاق نار ولن تمنح جائزة للعنف... السلام الذي سنتوصل إليه سيرتكز إلى حل وسط، لكننا في كل تسوية سلمية سنحافظ على المصالح الحيوية لوجود إسرائيل وأمنها. سنحافظ على القدس موحدة وكاملة تحت السيادة الإسرائيلية، سنحافظ على غور الأردن، وعلى هضبة الجولان، وعلى المناطق الأمنية الحيوية لإسرائيل وعلى البلدات فيها. سنحافظ على النقب ولن نبحث قط في بند يتعلق بعودة اللاجئين إلى دولة إسرائيل". وتابع: "السنوات القليلة المقبلة ستكون سنوات امتحان لدولة إسرائيل، لكن أملاً عظيماً يحدوني. سأقود الشعب إلى الوحدة ومعاً سنقوم بكل ما هو مفيد ومهم لنا كدولة، كمجتمع، كبشر". من ناحيته، قال رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو إنه لم ينتظر طويلاً حتى تسقط الحكومة الجديدة وتجري انتخابات جديدة وجدية "وسأكون مستعداً للمنافسة". ونصح نتانياهو رئيس الحكومة باراك باعتزال الحياة السياسية بعد هزيمته المتوقعة، ويفعل كما فعل هو بنفسه قبل حوالى عامين.