لم يحظ المدخنون السعوديون بعيد سعيد على حد قولهم، اذ سبب نفاد انواع الدخان التي يتعاطونها عادة ازعاجاً كبيراً لهم. وتعاني منطقة شرق السعودية، وهي من اكبر المناطق واشدها كثافة سكانية، من ازمة حقيقية لنفاذ عدد من اصناف الدخان تعتبر الاكثر تداولاً في السعودية، الامر الذي دفع بعض مراكز التسوق الذي لديه مخزونات كبيرة الى رفع سعر العلبة الى 6.5 من خمسة ريالات وهو السعر المتداول. ويقول احد البائعين: "لم يمدنا الوكيل بكميات كافية، الامر الذي شكل اعتقاداً لدى البعض بان هناك اجراءات سيتم اتخاذها ضد التدخين، الا انه لا يوجد ما يؤكد هذه الفرضية، اذ ان مثل هذه الازمات تقع من وقت لآخر وغالباً ما تكون سبب نقص الكميات لدى الوكيل". وتعتبر اصناف ال"مارلبورو"، وهي الاكثر شعبية في السوق السعودية، ابرز الغائبين وتليها "ميريت" وهي حالياً تحتل المركز الثاني بالنسبة لعدد المدخنين نظراً لنسبة القطران والنيكوتين المنخفضة فيها. ويقول المدخن عبدالله: "ان عدم توافر نوعية السجائر التي اتعاطاها في هذا الوقت من السنة بالتحديد شكل لي كابوساً مزعجاً واضطرني الى تعاطي انواع اخرى من السجائر ما كنت لاستعملها لولا هذه الازمة". وتأتي هذه الازمة في ظل جهود جبارة تبذلها الدوائر الرسمية كافة لمكافحة التدخين في السعودية، طالت رجال الاعمال اثر التعميم الذي اصدره وزير التجارة السعودي اسامة جعفر فقيه في وقت سابق دعا فيه المؤسسات الى بذل جهود مضاعفة لتوضيح مضار التدخين من خلال وسائل الاعلام والاعلان. وتعتبر نسبة المدخنين في السعودية الاعلى بين دول المنطقة. ودلت احصاءات حديثة على ان التدخين لم يعد حصراً على الذكور وانما طال النساء والاحداث. وتقدر تلك الاحصاءات ان نسبة المدخنات في المرحلة الثانوية تصل الى 35 في المئة وفي طالبات المرحلة المتوسطة تصل الى 27 في المئة بينما تصل نسبة المدخنات من المدرسات الى 50 في المئة. وتشير الاحصاءات الى ان 36 في المئة من الرجال يدخنون في الفئة العمرية من 30-39 عاماً، وفي فئة 20-29 عاماً نحو 26 في المئة، بينما وصلت نسبة المدخنين من فئة 15-19 عاماً لدى الذكور الى ستة في المئة. وعند مقارنة هذه النسب مع النساء وجد انه في فئة 15-19 عاماً، أي طالبات المدارس المراهقات، بلغت نسبة المدخنات ثلاثة في المئة وفي فئة 20-29 بلغت 1.1 في المئة. وتزداد مؤشرات التدخين عند سن 30-50 سنة. واظهرت الدراسة ان عادات التدخين ترتفع في المدن مقارنة بالارياف. وقدرت احصاءات توزيع نسبة التدخين على المناطق السعودية ان المنطقة الغربية تحتل المركز الاول بنسبة 25 في المئة تليها الشمالية بنسبة 22 في المئة ثم المنطقة الشرقية بنسبة 21 في المئة بعدها المنطقة الوسطى بنسبة 18 في المئة فالجنوبية بنسبة 13 في المئة. الى ذلك، اظهر تقرير لمنظمة الصحة العالمية في شأن آخر احصاءات التدخين على المستوى العالمي ان منطقة دول شرق البحر الابيض المتوسط تعتبر من اكثر المناطق المستخدمة للتبغ ومنتجاته. وتشمل هذه المنطقة حسب تقسيم المنظمة دول شمال افريقيا ودول شبه الجزيرة العربية، بالاضافة الى بعض الدول الآسيوية. وقال التقرير ان التدخين اكثر انتشاراً بين رجال تونس بنسبة 61.4 في المئة ويليهم رجال اليمن، في حين ان اقل نسبة انتشار كان بين رجال سلطنة عمان. اما بالنسبة لانتشار التدخين في اوساط النساء، فيشير التقرير الى ان اعلى نسبة للتدخين كانت بين نساء اليمن حيث تدخن 29 في المئة من النساء لتبلغ نسبة تدخين الرجال الى النساء 1:2. اما في دولة الامارات العربية المتحدة فتبلغ النسبة نفسها 0.24:1 وفي البحرين 0.22:1 والكويت 0.12:1 وعمان 0.16:1 والمغرب 0.20:1 وايران 0.10:1. اما بالنسبة للتدخين في اوساط الشباب، فكانت اعلى نسبة انتشار بين شباب الكويت واقلها بين شباب البحرين. وبالنسبة للشابات فكانت اعلى نسبة انتشار في الاردن، في حين ان اقلها كانت مرة اخرى في البحرين. ومن المتناقضات الغريبة انه على رغم كون مصر هي من ضمن الدول التي تظهر ازدياداً عاماً في نسب الاستهلاك، الا انها اول دولة في المنطقة تمنع التدخين في الاماكن العامة، اذ كان اول امر ملكي بذلك عام 1904. كما ان وزارة الاعلام المصرية تمنع إعلانات منتجات التبغ في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة منذ عام 1977. اما بالنسبة لباقي دول المنطقة، فقد تم تشريع قوانين مختلفة تمنع التدخين في الاماكن العامة وتمنع اعلانات السجائر في غالبية هذه الدول قبل بداية عام 1995. وعن السن المسموح له لشراء السجائر، فعلى رغم مطالبة شركات التبغ بعدم البيع لمن هم دون 18 عاماً وعلى رغم وجود مثل هذا التوجه لدى معظم الدول فان التراخي هو الصفة الملازمة لتطبيق مثل هذا القرار. وتجدر الاشاره هنا الى ان تقرير منظمة الصحة العالمية يربط بين الاتجاه العام لزيادة استهلاك منتجات التبغ وبين حدوث بعض الازمات القومية او زيادة انتشار الاعلام الغربي من خلال التلفزيون والسينما والمجلات والقنوات الفضائىة.