عيد "نوروز" من اهم الاعياد في ايران، تمتزج فيه معطيات دينية وقومية مع حب الطبيعة. فالنوروز اي "اليوم الجديد" عيد يحتفل به منذ آلاف السنين، مع اطلالة الربيع كل سنة ويمثل رأس السنة الايرانية. تعود اصوله الى الديانة الزرداشتية المعترف بها في ايران الجمهورية الاسلامية، وتتمثل الطائفة الزرداشتية بنائب في البرلمان الايراني، ولأتباعها معابدهم، وابرزها معبد في مدينة يزد وسط يقال ان النار ما زالت تتأجح فيه منذ نحو 2500 سنة، وان اشخاصاً تفرغوا لمهمة ابقائها متقدة على مدار ايام السنة. ونظراً الى ما يعنيه "نوروز" من تواصل اجتماعي، وصلة الارحام، ظل الايرانيون على موعد معه سنوياً، ولكن مع دخول الاسلام الى ايران ومع اقامة نظام الجمهورية الاسلامية، صار لهذا العيد طعمٌ خاص ذو صبغة دينية اكثر منها قومية على رغم تجذّر النفحات القومية فيه. لذلك تتميز المناسبة باحتفالات دينية وصلوات خاصة، وتكتظ مدينتا مشهد وقم، حيث مقام الامام الرضا، الامام الثامن لدى الشيعة، ومقام السيدة فاطمة معصومة، اخت الإمام الرضا. وهناك دعاء مشهور يستقبل به الايرانيون عامهم الجديد طلباً للرزق وراحة البال، ويرددون: "يا مُقلب القلوب والابصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والاحوال، حوّل حالنا الى احسن حال". وابرز مظاهر العيد مائدة يجتمع حولها الاهل والاصدقاء، لا بد ان تضم سبعة انواع يبدأ اسم كل منها بحرف سين مثل سيب اي التفاح، وسبزه أي العشب، وتوضع الى جانبها مرآة، ووعاء ماء يحوي سمكة حية يكون لونها احمر في غالب الاحيان. ولا ينسى الايرانيون وضع القرآن الكريم قرب المائدة. ويحتفل بعيد "نوروز" ايضاً في عدد من الدول المجاورة لايران، خصوصاً دول آسيا الوسطى، وتوجه بطاقات معايدة خاصة الى الشعوب الناطقة بالفارسية في تلك الدول مثل طاجكستان. وفي افغانستان منعت حركة "طالبان" هذه السنة الاحتفال بالعيد. ويمكن القول ان "نوروز" صار متأصلاً في الشخصية الايرانية، ويعمق هذه الاصالة ارتداء الطبيعة ثوبها الربيعي، بكل ما تعنيه الطبيعة من عشق طالما تغنى به الشعراء الايرانيون منذ القدم. ومع تجدد الطبيعة يجدد الايرانيون اثاث منازلهم، وهذه ظاهرة عامة وان تباين حجم التغيير في الاثاث وفقاً للإمكانات المالية، والادخار تحضيراً لهذا "الاستحقاق" بات مألوفاً لدى الفقراء. يستمر الاحتفال ب"نوروز" ثلاثة عشر يوماً وان كانت العطل الرسمية خمسة ايام. وليوم الثالث عشر من "فروردين" الشهر الاول في السنة الايرانية معانٍ خاصة، اذ يوصف بيوم النحس، وفيه يخرج الايرانيون الى الطبيعة ملتجئين الى احضانها، "هرباً من النحس" الذي قد يحل على من بقي في بيته. لكن هجر المنازل في ذلك اليوم يمثل فرصة ذهبية للصوص، ما يدفع الشرطة الى تعزيز اجراءاتها لمنع السرقات. ويشهد "نوروز" حركة سفر نشطة جداً الى خارج ايران للسياحة، كما يتوافد على المناطق السياحية في البلد مئات الآلاف من طهران والمدن الكبرى. ويشكل هذا العيد للمسؤولين محطة لجردة حساب، وهم حددوا ابرز استحقاقات السنة المقبلة: الوحدة الوطنية، والامن القومي.