أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    سفير المملكة في تونس يسلم 129 وحدة سكنية بتمويل سعودي    انخفاض إيرادات روسيا من مبيعات النفط والوقود 14 % في يونيو    دول «الخليجي» تدعو المجتمع الدولي للتحرك لفك الحصار عن غزة    "حقوق الإنسان" تحتفي بتخريج "خبير"    عبدالعزيز بن سعود يبحث مع وزيرة الداخلية البريطانية سُبل تعزيز التعاون    الهلال يضع النقاط على الحروف في اعتذاره: نظام الاحتراف لا يجيز تقليص إجازة اللاعبين    ناشئو أخضر اليد يبدأون معسكرهم في سلوفينيا استعداداً لمونديال مصر 2025    "عسير الصحي" يقدم خدماته التطوعية لمليون ونصف المليون مستفيد    "السينما.. فن المكان" شعار مؤتمر النقد السينمائي الثالث..    كايروكي و«Ghostly» حفلة الضوء في موسم جدة    هند البحرينية.. سنقل «عشقك زود» على الأبواب    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    استقرار حالة التوءم الملتصق السعودي يارا ولارا    سورية: المساعدات تدخل السويداء بعد وقف إطلاق النار    القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى بلاده    نائب أمير الرياض يستقبل سفير الإمارات    أمير نجران يسلّم شاباً وسام الملك عبدالعزيز لتبرعه بإحدى كليتيه لشقيقه    المفتي يستقبل رئيس جمعية البر بحقال    تقرير المجاهدين على طاولة أمير جازان    بتوجيه آل الشيخ: خطبة الجمعة تحذر من إساءة استغلال الذكاء الاصطناعي    السيارات الكلاسيكية تستعرض "زينتها" في محافظة سراة عبيدة    6 جوائز للسعودية في أولمبياد الرياضيات الدولي    المملكة مجددا رئيسا لمعهد المواصفات الإسلامي    "البلديات" ترصد مخالفات تقسيم السكن للاستثمار وتفرض غرامات مشددة    بارتفاع طفيف.. قطاع البنوك يدعم تعاملات سوق الأسهم السعودية    القبض على (12) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (216) كيلوجرامًا من "القات"    مقتل 27 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    الحكومة الرقمية تدمج وتغلق 267 منصة ضمن برنامج ⁧‫الحكومة الشاملة        مركز التنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "تعرف علينا"    جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    أنهار قديمة تحت الجليد    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    تأثير القهوة على نشاط الدماغ    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من ملك مملكة إسواتيني    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق سبريت يتوج ببطولة"Dota 2″ ومليون دولار    ناشئو أخضر اليد يواصلون معسكرهم الإعدادي استعداداً لمونديال 2025    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    «الدارة» تدرج «صوت الحجاز» ضمن «بوابتها».. ذاكرة «البلاد».. تاريخ يُروى رقمياً    تفقد مشروع صفوى- رأس تنورة.. وزير النقل يقف على مستوى تقدم المشاريع بالشرقية    روسيا تعلن استعدادها لتسوية النزاع الأوكراني    واشنطن تترقب الرد اللبناني على «الورقة الأمريكية»    اتفاق إيراني – أوروبي على استئناف المحادثات النووية    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    أمير تبوك يواسي الدكتور عبدالله الشريف في وفاة والدته    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة حزب العمال الجديد
نشر في الحياة يوم 28 - 10 - 2000

بين اكثر ما يثير في الحياة الديموقراطية الحقيقية التقلبات الدائمة في حظوظ الأحزاب والساسة: يوم على القمة، ثم فجأة التمرغ في وحل الحضيض! ولا شك في ان "حزب العمال الجديد" البريطاني تمتع بموقع القمة زمناً طويلاً. فقد أبرزت استطلاعات الرأي باستمرار منذ نحو ثماني سنوات - أي قبل وصوله الى السلطة في 1997 - تفوقه على المحافظين، وهو انجاز رئيسي في عالم السياسة. كما أجمع المراقبون الى وقت قريب على انه سيفوز بسهولة في الانتخابات العامة التي يتوقع اجراؤها السنة المقبلة. وأظهرت استطلاعات الرأي في آب أغسطس الماضي أن شعبية حزب المحافظين المعارض بزعامة وليام هيغ تقل عن الحكومة ب 22 نقطة مئوية.
وفجأة تغير كل شيء لكن هل تغير فعلاً؟. فقد تلاشى في منتصف أيلول سبتمبر السبق الهائل الذي حافظ عليه العمال، وأظهر استطلاع للرأي تفوق المحافظين بنسبة خمسة في المئة. وكان هذا بكل المقاييس زلزالاً سياسياً رئيسياً.
السبب الأساسي كان أزمة الوقود التي كادت أن تشلّ بريطانيا، وكشفت عن اضطراب عميق في صفوف الحكومة. وصدف انني اخترت ذلك الاسبوع لقضاء اجازة مع العائلة، ما مكنني من تخصيص الوقت الكافي لمتابعة التغطية التلفزيونية الكثيفة للحدث. وعليّ الاعتراف انني، مثل كثيرين غيري، فوجئت بتلك العاصفة السياسية - على رغم مؤشرات ونُذر كثيرة أغفلتها الحكومة. وجاء ادراك حكومة توني بلير لعمق الأزمة متأخراً في شكل خطير، وأبدت اضطراباً في تحديد الطريقة الأفضل للتعامل معها، وافتقاراً واضحاً الى التنسيق بين الوزارات. ولم ينقذها الا التعقل الذي أبداه المحتجون في النهاية. اتخذ الرأي العام البريطاني موقفاً انتقادياً من اعمال الاحتجاج الفرنسية على أسعار الوقود، ثم ازداد الامتعاض عندما انحنت حكومة ليونيل جوسبان أمام الاحتجاج. لكن الرأي العام نفسه سارع الى التأييد عندما بدأ سائقو الشاحنات والمزارعون البريطانيون احتجاجات مشابهة، وحاصروا مخازن الوقود الرئيسية. ولا شك في ان شركات النفط، التي رفض مدراؤها الكلام الى مراسلي التلفزيون، حاولت استغلال الفوضى لصالحها، آملة في ان يزيد خفض الضرائب على الوقود من أرباحها. ضرائب بريطانيا على الوقود تفوق مثيلاتها في فرنسا وألمانيا. من جهتي وجدت نفسي بعيداً عن تيار الرأي العام. فقد بدا أن الناس أغفلوا الأخطار الحقيقية التي تحملها تحركات مثل هذه الى أساليبنا الديموقراطية. وكان من الغباء أيضاً عدم توقع الأضرار التي كان لا بد للتحرك ان يلحقها بنظام العناية الصحية، وبالشركات كبيرها وصغيرها، وبالنسيج الاجتماعي عموماً. واضطر المسؤولون في عدد من المناطق الى اغلاق المدارس، فيما عانت بعض المناطق من نقص في الخبز والحليب.
حاول رئيس الوزراء بلير انتهاز فرصة عقد المؤتمر السنوي لحزبه في مدينة برايتون الساحلية لتحسين وضع الحكومة. وعلى رغم ان خطابه في المؤتمر كان ممتازاً إلا انه لم يفلح في اسكات المنتقدين. وربما كانت شعبيته العالية سابقاً جعلت الموقف مؤلماً اكثر بالنسبة له. ولا بد انه صدم عندما رأى وسائل الاعلام تتهمه بالغرور والرياء وإلقاء المواعظ. وساهمت أزمة الوقود في تسليط الضوء على التوتر القديم بين رئيس الوزراء ووزير ماليته الاسكتلندي العبوس غوردن براون، المعروف بذكائه العالي وأيضاً طموحه الشديد. وتعرضت الحكومة لضغوط شديدة ليست لخفض ضريبة الوقود فحسب بل أيضاً لتحسين رواتب التقاعد، بعدما سحب كثير من المتقاعدين تأييدهم للحزب.
لخصت مجلة "ايكونومست" الوضع الجديد المفاجىء للحكومة عندما قالت: "انطباع شخص زار رقم 10 داوننغ ستريت اخيراً كان رائحة الفزع شبه المحسوسة في ممراته، حيث كان الوزراء يختلفون على كيفية مواجهة انهيار شعبية الحكومة في استطلاعات الرأي. وتوجه ناشطو حزب العمال الى برايتون وقد اذهلهم التراجع الحاد في شعبية الحكومة، وحيّرهم ما بدا من انعزالها عن الواقع واهتمامها بالخلافات الداخلية اكثر من محاولة التجاوب مع شكاوى الناس".
استطلاعات الرأي الأخيرة تبيِّن استرداد الحكومة لقسط من شعبيتها. لكن ذلك لا يعني انها تجاوزت الأزمة، وهناك عدد من الاحتمالات لمجرى الاحداث. فليس من المستبعد تماماً ان تنهار الحكومة نتيجة خلافاتها الداخلية. وكان اضطرار بريطانيا الى الانسحاب من آلية سعر العملات الأوروبية في 1992 ختم على مصير حكومة حزب المحافظين برئاسة جون ميجور، وقاد الى هزيمتها الساحقة. ولا يحظى بلير بتأييد على المستوى المطلوب من اعضاء حكومته بسبب سلوكه "الرئاسي"، كما ان تجاهله آراء كتلته البرلمانية قد يثير المتاعب معها. لكن السياسيين قد يتمكنون من التعلم من الاخطاء والسير قدماً. وما يسهل ذلك في حال توني بلير استمرار الانتعاش الاقتصادي وانخفاض مستوى البطالة وبقاء التضخم قيد السيطرة. ولحسن حظ العمال فان وليام هيغ زعيم المحافظين يبقى على رغم كل شيء متخلفاً في الشعبية عن بلير، فيما لا يبدو حزبه قادراً على تحديد أهدافه - لكن هذه قصة اخرى.
* سياسي بريطاني، مدير."مجلس تحسين التفاهم العربي - البريطاني "كابو".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.