نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    أمير حائل يطلع على تخصصات واحتياجات سوق العمل    حرس الحدود بمنطقة تبوك ينقذ مواطناً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    دول الخليج تدعو لتحرك دولي عاجل لفك الحصار عن غزة    مقتل 27 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة    بارتفاع طفيف.. قطاع البنوك يدعم تعاملات سوق الأسهم السعودية    118 % نمو الشركات الناشئة الأجنبية في السعودية    انوفست العقارية تحصل على تصنيف ائتماني بدرجة (BBB-) من وكالة "تصنيف" مع نظرة مستقبلية مستقرة    الربيعة: استقرار حالة يارا ولارا    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيد مناشطه الدعوية ضمن برنامج الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية    مفردات من قلب الجنوب 5    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير دولة الإمارات لدى المملكة    تخصصي الملك فهد في بريدة ينجح في اجراء عملية معقّدة لتصحيح اعوجاج عمود فقري    دمج 267 منصة حكومية ضمن "الحكومة الشاملة" لتحسين الخدمات الرقمية    السفارة السعودية في الفلبين تحث المواطنين على البقاء في مساكنهم خلال فترة هطول الأمطار    القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى اليوم الوطني لبلاده        جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    مركز التنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "تعرف علينا"    جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    توزيع أكثر من 1.3 مليون وجبة إفطار صائم في المسجد النبوي    فريق EVOS Divine الإندونيسي يفوز بلقب بطولة Free Fire    ارتفاع أسعار النفط    أنهار قديمة تحت الجليد    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    فرنسا: الإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن    الردّف.. عبق التاريخ وجمال التطور    "اتحاد القدم" يتلقى اعتذاراً رسمياً من الهلال عن المشاركة في كأس السوبر السعودي 2025    خادم الحرمين يتلقى رسالة من ملك إسواتيني    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    الأمن الداخلي ينتشر والمساعدات تتدفق.. عودة تدريجية للاستقرار في السويداء    دراسة: الهواتف الذكية تساعد في الكشف عن الزلازل    مكافحة التعصب الرياضي    محمد بن عبدالعزيز يتسلم تقرير التعليم    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    إدانة نائبة أمريكية في قضية سرقة قطة    الإكوادور تسلّم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    تفقد مشروع صفوى- رأس تنورة.. وزير النقل يقف على مستوى تقدم المشاريع بالشرقية    «قصبة المضمار»    نجوم الغناء العربي يشاركون في موسم جدة    أرملة محمد رحيم تتهم عمرو دياب بسرقة لحن    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    تقرير "911" على طاولة نائب أمير الرياض    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    الكابتن عمر الثاقب ل«الرياض» بعد فوزه بالذهبية: تنظيم بطولات البادل بالمملكة يرفع مستوى الوعي بها ويشجع على ممارستها    ريال مدريد لا يمانع رحيل روديغر للدوري السعودي    صفقتان فرنسيتان تعززان دفاع نيوم    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    61 ألف مستفيد من الإرشاد بالمسجد النبوي    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتائج السلام السوري - الاسرائيلي في ستة اسئلة
نشر في الحياة يوم 06 - 01 - 2000

1 - هل سورية ناضجة حقاً للسلام مع اسرائيل التي طالما رفعت ضدها واحداً من الشعارات السهلة: "صراعنا مع الكيان الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود"؟
ثلاثة وزراء اسرائيليين اجابوا بالنفي بعد ان شاهدوا على شاشة التلفزيون رئيس الديبلوماسية السورية يلقي بوجه متجهم خطابه غير المبرمج. وزير العدل الاسرائيلي كاد يبكي من خيبة الأمل. الرأي العام الاسرائيلي، الذي حضّرته وسائل الاعلام لتوقعات عالية، تلقى المشهد باحساس من تلقى صفعة غير منتظرة. لكن كل ذلك لم يكن الا مجرد انطباع كما اكد وزير الخارجية الاسرائيلي لتلفزيون بلاده: "في الجلسات المغلقة ضحكنا جميعاً وذاب الجليد وتغيرت اللهجة واعتقد ان الشرع نفسه شعر بالأسف من كلمة الافتتاح". خبراء الاستخبارات الاسرائيلية اكتشفوا، كما قالت "هاآرتس"، في خطاب وزير الخارجية السورية "بشائر" واعدة بالسلام. مثل اشارته الى التطبيع عبر اقامة علاقات ديبلوماسية وتعاون اقتصادي وعلمي. في الواقع، الامر اكثر تعقيداً من خيبة الامل او البشائر. لأن السلام كان ولعله ما زال موضوع نقاش داخل دوائر صنع القرار في دمشق. فمن يشك في جدواه يقدم المبررات التالية: السلام يفترض خفض عدد الجيش السوري اكثر من 400 الف مما يجعل بطالة الشباب متفجرة كما يفترض دمج سورية في شرق أوسط جديد يحكمه المستثمرون لا العسكريون وهذا ما يثير حذر مراكز القوى المحافظة التي تخشى، فضلاً عن ذلك، التعددية الاعلامية والسياسية، لاعتقادها ان الانغلاق السياسي خير ضمانة للاستقرار، اضف الى كل ذلك ان السلام سيفقد القوى المحافظة المبرر الذي طالما اعتمدت عليه لرفض الاصلاحات الاقتصادية الضرورية في نظر البنك الدولي وفي مقدمها تخصيص القطاع العام الذي لا يقيم وزناً لمبدأ المردود.
هذه العوائق في وجه السلام السوري - الاسرائيلي جدية لكنها قد لا تصمد طويلاً امام خيار السلام الذي بات اكثر فأكثر حيوياً لاستقرار النظام بسبب الأزمة الاقتصادية العميقة التي تتطلب تخفيضاً مزدوجاً لعدد الجيش ونفقاته التي تلتهم حسب تقدير خبير غربي مقيم في دمشق "نصف الانتاج القومي" كما تقول اليومية الفرنسية "لو فيغارو"، ولا احد يجهل في سورية ان اقتصادالحرب كان العامل الاول الذي أدى الى انهيار الامبراطورية السوفياتية، والاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد السوري لن تأتي طالما حالة اللاسلم واللاحرب قائمة والتي لا تساعد، زيادة على ذلك، على التفرغ لمعالجة المشاكل البنيوية في بلد يعيش نصف سكانه تحت عتبة الفقر ولا بديل له عن نزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني المتمثلة في معدل خصوبة قياس 7 اطفال للمرأة الواحدة ومعدلات نمو سكاني هائلة 3.46 في المئة، ما جعل سكان سورية يتضاعفون كل 30 عاماً فيما سكان الولايات المتحدة يتضاعفون كل 100 عام وسكان اوروبا كل 125 عاماً.
الى هذه الأسباب البنيوية المناضلة من اجل السلام انضاف سببان ظرفيان: الاول قرار الحكومة الاسرائيلية بالانسحاب من جنوب لبنان قبل 4 حزيران يونيو القادم ولو بدون اتفاق مع دمشق مما يعني احتمال حرب اسرائيلية - سورية في لبنان والثاني خلافة الرئيس الأسد التي باتت لها الأولوية على جميع الأولويات. ومن هذا المنظور السلام السوري - الاسرائيلي غدا في متناول اليد ربما حتى قبل الاتفاق على الوضع النهائي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
2 - هل سيؤثر السلام السوري - الاسرائيلي سلباً على المسار الفلسطيني؟
ذلك ممكن اذا تناسى الاسرائيليون والاميركيون في زفّة المصالحة السورية - الاسرائيلية ان المسألة الفلسطينية هي لبّ الصراع العربي - الاسرائيلي وجرحه الذي لن يندمل الا بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ترضي توقعات غالبية سكانها. ترك العالم الفلسطينيين لمصيرهم ليملي عليهم باراك سلام إذعان كذلك الذي فرضته معاهدة فرساي 1919 على المانيا المهزومة سيجعل السلام العربي - الاسرائيلي يولد ميتاً: مجرد هدنة بين حربين. لتفادي ذلك لا بد من ابقاء الحكومة الاسرائيلية تحت الضغط الدولي. لأن باراك ليس قطعا نتانياهو الرافض لاعادة شبر واحد من فلسطين، لكنه ليس ايضاً بن غوريون البعيد النظر الذي نصح غولدا مئير غداة حرب 1967 باعادة جميع الأراضي العربية المحتلة عدا القدس. باراك كما بدا لنا حتى الآن من خلال تفاوضه مع الفلسطينيين متشبع بذهنية "الدكانجي" الذي يساوم على الابرة. ربما لأنه من جيل الحرب الذي شبّ على ان "الفلسطيني هو العدو" وان ما يكسبه هو تخسره اسرائيل. هذا الجيل الخائف - المخيف المسكون بالهواجس الأمنية والمصطلحات الجيوبوليتيكية لا يفهم الا لغة موازين القوى لجرّه الى سلام الشجعان. الرأي العام الدولي والاسرائيلي هو حليف الفلسطينيين الموضوعي للضغط على المفاوض الاسرائيلي. لكن، هل بامكانهم كسب رأي عام ديموقراطي باعتقال اوَلكْم من وقعوا على "بيان العشرين"؟ مشكلة النخبة الفلسطينية والعربية انها لا تقدر الرأي العام الاسرائيلي والدولي حق قدره. يبدو كما لو أنها تسقط لا شعورياً احتقارها لرأيها العام الخاص على الرأي العام الغربي الذي يشكل "مؤسسة" عريقة أخذت في التشكل منذ القرن الثامن عشر بفضل النقاشات السياسية والفكرية التي بدأت تنشرها الصحافة الحرة، ثم أعطته الثورة الفرنسية دفعة غير مسبوقة بسبب تعاظم حرية الصحافة. اما اليوم فهو يشهد في عهد الثورة الاعلامة نقلة نوعية توشك ان تحوله الى سلطة مضادة للدولة القومية والهيئات الدولية.
3- ما هو تأثير السلام السوري - الاسرائيلي على التطبيع؟
لا أدري دولة عربية واحدة ستتردد طويلاً في الاعتراف باسرائيل بما في ذلك ايران خاتمي وليبيا القذافي وعراق صدام حسين. وليس سراً ان هذا الأخير يحاول مقايضة تطبيعه مع اسرائيل بتوسيطها مع الولايات المتحدة لتأهيله اقليمياً ودولياً.
4- ما هو تأثير المصالحة السورية - الاسرائيلية على "حزب الله"؟
توقعات تحوله من العمل المسلح الى العمل السياسي عالية جداً. تجربة النصف الثاني من القرن العشرين برهنت على أن أية مقاومة مسلحة لا تعيش بدون دعم دولة ما. وإذا ما تخلت سورية وايران عن خيار المقاومة فلا يسع هذه الأخيرة الا التكيف مع ذلك أو التقدم نحو المجهول.
5- ما هو تأثير السلام العربي - الاسرائيلي على العالم العربي؟
اذا تحول السلام السوري - الاسرائيلي الى حافز لا الى عائق للاتفاق النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين فإن العالم العربي سيكون بعده غير قبله. سينتقل من المشاكل الزائفة الى المشاكل الحقيقية: من غرغرة الشعارات السهلة مثل "توحيد الوطن العربي من الخليج الى المحيط" و"تحرير فلسطين من النهر الى البحر" الى الانكباب على قضايا أقل طنيناً وأكثر تعقيداً مثل نزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني وتداعياتها كانفجار البطالة الحاشدة والأمية والفقر وما تحت عتبة الفقر، ومثل تحديث برامج ومناهج التعليم و"اصلاح وضع المرأة المضطهدة" كما قال الملك محمد السادس، وتبني الحداثة وقيمها العقلانية والانسانية كقيم حقوق الانسان والديموقراطية.
6- كيف ستكون ملامح الشرق الأوسط الجديد؟
في السيناريو المتشائم: حرب أهلية اسرائيلية بين الأصوليين والعلمانيين يتوقعها 60 في المئة من الاسرائيليين حسب الاستطلاعات ويراها ايلان غريلسمير I. Greilsmer استاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان في اسرائيل حتمية، لأن السلام سيحرر كلا المعسكرين من "الخطر الخارجي".
حرب أهلية ايرانية بين المتشددين والاصلاحيين.
حرب اهلية عراقية تفكك العراق ويتوقع خبراء البنتاغون ان تسفر عن مليون قتيل.
اختلال خطير للاستقرار في سورية ما بعد الأسد.
اما في السيناريو المتفائل: سينتقل الشرق الأوسط من التدمير الى التعمير، من الحرب الى التعاون والتكامل الاقتصادي الاقليمي. ذلك أن العولمة تستوجب اقتصادياً تقويض الحواجز الجمركية والحدود أمام تدفق الرساميل والسلع والأفكار والأشخاص، لأن مجال الدولة القومية لم يعد كافياً للمراكمة الرأسمالية التي بات العالم كله مجالاً لها، ولأن الفاعلين الاقتصاديين هم منذ الآن شركات عابرة للقوميات يفوق رأس مال الواحدة منها ميزانيات عدة دول شرق أوسطية، ما يجعل المنافسة الاقتصادية ضارية تدور بين عمالقة لا حظ فيها للأقزام أي لكل دولة قومية على حدة.
ما العمل؟
تكوين أسواق اقليمية مشتركة على نموذج السوق الأوروبية المشتركة حيث 90 في المئة من تجارتها بينية، أي تدور بين دول السوق بينما لا تتجاوز التجارة البينية بين ال23 دولة عربية 9 في المئة وقيام سوق شرق أوسطية يتطلب إعادة هيكلة اقتصاديات المنطقة لتوفير شروط التكامل الاقتصادي بتعميم مناطق التبادل الحر وترشيد الحواجز الجمركية كخطوة نحو الغائها ورصد جزء على الأقل مما كان يبذَّر في اقتصاد الحرب لاقامة بنية تحتية اقليمية شبكات الطرق والسكة الحديد... لا بديل لها لتنشيط التكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي بين جميع بلدان الشرق الأوسط.
وكما ان السوق الأوروبية المشتركة جعلت حرباً فرنسية - المانية احتمالاً ضئيلاً فإن شرقاً أوسط جديدا سيقلل الى أدنى الحدود من احتمالات الحروب العربية - العربية والعربية - الاسرائيلية المتوقعة على الماء.
* كاتب تونسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.