شراكتان لتمكين الشباب وتعزيز الصحة المجتمعية    فيضانات وانهيارات أرضية تودي بحياة 18 شخصًا في الهند    الآسيوي يقدم موقعة الصقور وأسود الرافدين    5 ميداليات عالمية لأخضر البارالمبية    جازان تحتفي بالمعلم بشعار إعادة صياغة التدريس كمهنة تعاونية    جامعة جازان تعزز جودة المخرجات والخطط الدراسية    ملتقي طبي يناقش أحدث التطورات في تشخيص وعلاج التهاب الأمعاء    خلاف حول ملكية أرض يودي بحياة قاضي في المحكمة    مبادرات سعودية تعيد تشكيل المشهد الثقافي العربي    قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    نائب أمير تبوك يطّلع على منجزات نادي ذوي الإعاقة بالمنطقة    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري الخليجي الأوروبي ال29    إصدار مليون سجل عقار بالمملكة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (11605) نقاط    حاكم دبي يرعى انطلاق المؤتمر الدولي 11 للغة العربية    اليوم.. ظهور أول قمر عملاق في 2025 في سماء المملكة والعالم العربي    أمير حائل يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    كشكش يبدأ مهامه مديرًا تنفيذيًا للاتحاد السعودي للتايكوندو    الغذاء والدواء تضبط أكثر من 150 ألف دواء منتهي الصلاحية بالدمام    أمانة الأحساء تطلق مبادرة «تطوعك يبني مستقبل»    تكريم "روماتيزم" كشريك استراتيجي في ملتقى الشراكات الاستراتيجية الأول    نائب أمير جازان يستقبل قائد المنطقة الجنوبية    يوم المعلم تكريم الرسالة وبناة الوعي    التقنية والإبداع في ورشة "بوابتك لعالم الكتابة"    ⁧‫خادم الحرمين الشريفين‬⁩ يوجه بفتح ⁧‫مسجد القبلتين‬⁩ على مدار 24 ساعة    المرجعية الدينية عودة إلى الأصل    المملكة تتألق بالرؤى    مدير عام مكتب التربية العربي: المعلم الخليجي يحظى بالرعاية والدعم من قادة الدول الأعضاء    متخصصون: توحيد خطبة الجمعة لتكون عن سلبيات المبالغة في رفع الإيجارات تفعيل مجتمعي لدور المنابر    القيادة تهنئ رئيس جمهورية مصر العربية بذكرى يوم العبور لبلاده    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في ديربي جدة    ارتفاع أسعار النفط بنسبة 1%    البنيان للمعلمين: أنتم القدوة الأولى ومصدر إلهام أبنائنا    قمة المياه السعودية الأميركية.. بناء القدرات وتبادل المعرفة    دون تقديم أي تبرير رسمي.. إسرائيل تعرقل دخول المساعدات إلى غزة    ميزات جديدة بتجربة المراسلة في واتساب    32 مسيرة انتحارية أطلقتها قوات الدعم السريع.. الجيش السوداني يتصدى لهجوم واسع في الأُبيض    زيادة قوية في الإنتاج والمشتريات.. السعودية.. نمو متسارع للقطاع غير النفطي    مقترح بدراسة بحثية عن سرطان الثدي في الشرقية    سهر الصايغ بطلة «لعدم كفاية الأدلة»    الأب.. جبلٌ من الحنان والقوة    "محمية الإمام تركي" تنضم لليونسكو    ولي العهد يطمئن على صحة بدر الدويش    تحوّل الرياض    دراسة تُحذّر من وسائل التواصل على المراهقين    "صحي مكة" يطلق العام الأكاديمي وبرنامج الدراسات العليا    إكتشاف طفرة جينية لمرضى الكلى    باحثون يبتكرون مادة هلامية من الفطر لتجديد الأنسجة    زبادي بالنمل على قائمة مطعم عالمي    إغلاق ميناء العريش البحري بمصر نظرًا لتقلب الأحوال الجوية    تكامل عناصر «الأخضر» ورينارد يتحدث اليوم    قرعة كأس الاتحاد السعودي للكرة الطائرة .. كلاسيكو قوي يجمع النصر بالهلال    الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    نائب أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بتبوك    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    نماء الأهلية تحتفي باليوم الوطني    وزير الأوقاف السوري يزور مجمع طباعة المصحف    1568 مرشحاً يتنافسون على 140 مقعداً.. انطلاق الانتخابات البرلمانية في المحافظات السورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الأهل في تربية الناشئة يتراجع ... وتطور تكنولوجيا الاتصال هو السبب
نشر في الحياة يوم 21 - 08 - 1999

لم يعد الاهل هم العنصر الاهم في تربية الناشئة في ضوء بروز عناصر اخرى في هذا المجال يصعب تفادي تأثيرها وفي مقدمها التلفزيون وبرامج الكومبيوتر والانترنت.
والنصيحة التي يوجهها علماء التربية الى أي اب او ام الآن في هذا الشأن هي: حاول ان تتفهم عقلية طفلك، وقد تتعب قليلاً لأنه يتعامل مع تكنولوجيا متطورة لم تكن متوافرة على ايامك. حاول الا تنفصل عن عالمه، وتترك الفرصة لهذه الوسائل والوسائط التكنولوجية ان تلعب الدور الاكبر في تربيته وتشكيل عقليته.
الدكتور حسن شحاتة استاذ التربية في جامعة عين شمس يشير الى أن الطفل لديه قدرة اكبر على التجاوب مع التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة والتعامل مع الكومبيوتر والانترنت. ويقول إن هناك مراهقاً في الولايات المتحدة استطاع من خلال الكومبيوتر الدخول الى شبكة البنتاغون وزارة الدفاع الاميركية، وهناك فيلم انتج اخيراً عن طفل استطاع فك شفرة الامن القومي الاميركي. وهذا يشير الى أننا ازاء طفل خارق يختلف عن الطفل البريء الذي في خيالنا وتصورنا، ومن ثم فإن اساليب التربية والتنشئة الاجتماعية التي توارثناها جميعاً ستكون كوميدية ومضحكة اذا اصرينا على تطبيقها مع اطفالنا.
ويضيف ان هذه التكنولوجيا غيّرت كل مفاهيم ونظريات التربية والتعليم التي تعاملت مع الطفل على اساس انه وعاء او مجرد متلقٍ لتجاربنا التربوية والتعليمية، وحولتها الى نظريات حديثة واساليب في التنشئة الاجتماعية تتعامل مع العقلية الانتقائية الجديدة للطفل وقدرتها على النقد والابتكار والابداع. ولذلك فإن الاسرة هنا لم تصبح مجرد حضن اجتماعي، ولكن مؤسسة لديها قدرة على تنمية طفلها ثقافياً وتكنولوجياً.
الدكتورة محبات ابو عميرة استاذة التربية في كلية البنات في جامعة عين شمس تطرح نقاطاً عدة مهمة في الموضوع، اولاها ان الذي يتعين تغييره او تطويره ليس نظريات التنشئة الاجتماعية القائمة على قيم راسخة ومرجعيات اخلاقية ودينية ثابتة، وانما اساليب التربية التي يمكن تطويرها باستمرار عبر اجيال مختلفة.
والنقطة الثانية هي ضرورة ان يكون هناك وعي من جانب القائمين على العملية التعليمية والتربوية بهذه النقلة التكنولوجية حتى لا تحدث فجوة بين الاجيال. اما النقطة الاكثر اهمية فهي انه لا بد من الانتباه الى ان اطفالنا يتعرضون لمعلومات عبر وسائل تصعب السيطرة عليها مثل الفضائيات، او ما يسميه البعض بالمنهج الخفي، ولذلك لا بد من ان تكون هناك رقابة او سيطرة على هذا التلقي حتى نمنع وصول اطفالنا الى برامج هابطة او مخلة بقيم المجتمع.
ويرى الدكتور محمود منسي استاذ علم النفس التربوي في جامعة الاسكندرية ان هناك جوانب ايجابية لتعرض اطفالنا لوسائل الاتصال الحديثة، لانها تُكسب الطفل مهارات جديدة، وتنمي قدراته على التفكير المنطقي والنقدي والابداعي، وتقضي على مشكلة الحرمان الثقافي التي عانى منها اطفالنا لفترة طويلة. غير ان هناك تأثيرات سلبية لا بد من الانتباه اليها، منها تعويد الطفل على روح الانانية والانعزالية والوحدة النفسية وروح التنافس الفردي بعيداً عن روح الفريق والعمل الجماعي والمشاركة الايجابية في حل مشاكل مجتمعه.
ويقول ان حل معضلة التواصل بين الاجيال في هذه المرحلة يتطلب التحلي بروح الديموقراطية والحوار بدلاً من التربية الاستبدادية واعتبار الطفل مجرد متلق لأوامرنا، لأننا ازاء طفل متمرد وربما يغريه عدم استطاعتنا مجاراته على استمرار التمرد على سلطاتنا.
ويؤيد هذا الرأي الدكتور مجدي العطوي مسؤول التخطيط التربوي في المجلس القومي المصري للطفولة والامومة، فيقول اننا محتاجون الى عقلية ابوية جديدة تتسم بالرحابة والديموقراطية لان المشكلة المطروحة حالياً هي كيف نقنع الآباء بإعطاء مساحة اكبر من الحرية لابنائهم، والتخلي عن اساليب تربوية موروثة تقوم على فرض الرأي وعدم اعطاء الفرصة للابناء لإبداء الرأي او الاختيار او التمتع بنوع من الاستقلالية. فالطفل الذي يتعامل مع كم ضخم من المعلومات عبر الانترنت، لا بد انه يتمتع بعقلية منظمة ويستطيع تكوين رأي تجاه اي من المسائل المطروحة للنقاش واتخاذ قرار بشأنها يكون مسؤولاً عنه.
ويقول إن المطلوب ايضاً أن يمتد ذلك الجو الديموقراطي الى المدرسة خصوصاً في ما يتعلق بالتعامل مع المعلومة لأنها لم تعد حكراً على المدرس او المعلم.
الدكتورة نادية جمال الدين مديرة المركز القومي للبحوث التربوية تؤكد ان جميع المؤسسات التربوية والاجتماعية بدءاً من الاسرة ومروراً بالمدرسة والمناهج والمعلمين في ورطة حقيقية، لأنها تتعامل مع طفل موهوب وبالغ الذكاء في التعاطي مع تكنولوجيا متقدمة وذلك الكم الكبير من المعلومات التي يتعرض لها يومياً عبر وسائل الاعلام المختلفة والفضائيات والانترنت، مع ملاحظة ان عدم وجود كومبيوتر في البيت لم يعد عقبة امام الطفل لجهة انتشار عدد كبير من مراكز الكومبيوتر في المدن والاقاليم التي يتردد عليها الصغير اولاً للعب ثم للحصول على معلومات لا يحصل عليها بالطرق العادية.
ويضاف الى ذلك انتشار اجهزة التلفزيون في البيوت، وان لم يكن بالمعدل نفسه الذي يتمتع به الطفل الاميركي. ان 60 في المئة من الأطفال الاميركيين يحظون بأجهزة تلفزيونية في غرفهم الخاصة حسب احصاء نشر اخيراً.
وتعتقد الدكتورة جمال الدين بوجود سباق حالياً بين الاطفال والتلاميذ الذين يقضون أمام أجهزة الكومبيوتر وبرامج "الدش" اكثر من 12 ساعة يومياً من ناحية وبين الآباء والمعلمين من ناحية اخرى. فالطفل يمتلك حجماً اكبر من المعلومات وهو شغوف جداً باختبار والده او معلمه في المدرسة في المعلومات التي يعرفها ليس بهدف الاستفادة ولكن بهدف احراجه. ولا بد من الانتباه الى هذه المسألة التي تدعونا الى تطوير انفسنا بسرعة حتى لا نفقد السيطرة على ذلك المخلوق الصغير الذي اصبح يتمتع بعقلية جبارة بسبب التكنولوجيا وفيض المعلومات التي يستطيع التعامل معها اسرع من الكبار.
الدكتور سعد عبدالرحمن استاذ علم النفس التربوي وخبير المناهج الدراسية يقول: ان جميع المناهج ونظريات التعليم في اليابان والولايات المتحدة تم تغييرها وتطويرها لتتناسب مع العقلية الجديدة للاطفال، فلم تعد تعتمد النظريات الواقعية في التعليم التي تهتم بالواقع اكثر من أي شيء آخر، ولا النظريات المثالية التي تجمل هذا الواقع، ولكن اصبحت تعتمد النظرية التجاوزية بمعنى تجاوز الواقع ونقده. ومحاولة الاسهام في تغيير هذه الفلسفة التجاوزية انتجت لنا طفلاً جديداً يصعب برمجته او التعامل معه بوصفه مجرد وعاء للمعلومات، ولكن لديه قدرة على التجاوز وليس فقط التعامل مع الانترنت وانما توقع مرحلة ما بعد الانترنت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.