حين أعلن العلماء البريطانيون في مطلع العام 1997 عن نجاحهم في استنساخ النعجة "دولي" من خلية منتزعة من ثدي نعجة اخرى، اندلعت نقاشات واسعة في مختلف انحاء العالم تركزت على صحة تدخل "العلم البشري" في تكوين جينات الانسان، ومدى خطورة التجارب المختبرية في تغيير الهندسة الوراثية على مستقبل البشرية. وما كادت الضجة تخف قليلاً حتى انفجرت ثانية حين أعلن العلماء البريطانيون عن استنساخ النعجة "بولي" بأسلوب معدل عن "دولي"، اذ تم دمج خلية من جين بويضة وقاموا بتعديل الخلايا الجنينية وراثياً بإدخال جينات بشرية قبل استنساخها. وذكر العلماء انه بات في استطاعة المختبرات استنساخ قطعان من الاغنام المتطابقة التي تنتج بروتينات ومنتجات دم بشرية للاستخدامات الطبية. ورداً على هذه "الانجازات" المختبرية قامت في الولاياتالمتحدة تظاهرات احتجاجية ضد تعديل الصفات الجينية الموروثة في خلايا أجنة بشرية، وبادر الرئيس بيل كلينتون الى تشكيل لجنة للنظر في التجارب المختبرية وابعادها الانسانية وانعكاساتها النفسية. وفي بروكسيل صدرت عن الاتحاد الأوروبي مذكرة تؤكد ان برلمان القارة حرّم قانونياً مثل هذه التجارب على البشر لخطورتها. حتى الآن لم يهدأ النقاش ويتوقع ان لا يتوقف ما دامت هناك خلافات بين العلماء ومنظمات حقوق الانسان على المبادئ العامة لوظيفة العلم وحدود تلاعب المختبرات بمصير البشرية وتوازن الطبيعة. أعاد النقاش الجاري التذكير بذاك السجال الذي اندلع بين علماء المسلمين في القرن الثاني للهجرة التاسع الميلادي واستمر قرابة سبعة قرون متناولاً مجموع المسائل التي يتم تداولها الآن. آنذاك تركز النقاش على استنساخ المعادن تخليقها وانقسمت الاجتهادات بين مؤيد ومعارض ومتخوف. المؤيدون دافعوا عن تحويل المعادن وفوائدها. والمعارضون شككوا بإمكان الاستنساخ واعتبروه مجرد تحايل وضرباً من السحر. بينما اتجه الفريق المتخوف الى التحذير من خطورة المسألة وإمكان تطبيقها على النبات والحيوان والانسان، اذ ما يصح على المعادن يصح على البشر. ماذا قال هؤلاء وكيف فهموا المسألة منذ أكثر من ألف سنة؟ أثارت مسألة التخليق أو الاستنساخ نقاشات كثيرة بين المفكرين المسلمين في عصور الأوائل، وأفراد المؤرخون والفلاسفة مقالات عديدة في كتبهم عن الموضوع. وأدى النقاش الى انقسام، وتوزعت الآراء الى تيارين رئيسيين: واحد يقول بإمكان التخليق وآخر يرفض الفكرة لأنها ستحدث اختلالات في الطبيعة وتوازنها. تركز السجال آنذاك على الكيمياء واختلاط المعادن وتحولها بإدخال معادن أخرى عليها. فالسجال لم يتطرق الى الجينات ولم يشمل البشر والحيوانات كما في عصرنا. أول من قال بإمكانات تحويل المعادن وتخليقها كان حفيد معاوية خالد بن يزيد الذي اشتهر في عصره بثقافته وتشجيعه على تحصيل العلم. فأشرف على تنظيم مكتبة ضخمة شملت قطاعات واسعة من المعارف المتداولة في أيامه، فازدهرت ترجمات الكتب الى العربية من لغات أخرى كالبيزنطية واليونانية والفارسية والسريانية. وحين كثر النقل وازدادت الترجمة عن اللغات الأخرى في مطلع الدولة العباسية، وخصوصاً في عهد المأمون، تجدد النقاش على مسألة التخليق وامكان تحويل المعادن. ونظراً لأهمية الموضوع أفرد المؤرخون للنقاشات فقرات في كتبهم استعرضوا فيها وجهات النظر المختلفة، وكانوا أحياناً يتدخلون في المسألة يؤيدون هذا الفريق ويعارضون ذاك كما فعل المسعودي في تاريخه. تحدث المسعودي في "مروج الذهب" عن طلاب "صنعة الكيمياء من الذهب والفضة وأنواع الجوهر من اللؤلؤ وغيره". ويتطرق الى صنعة "أنواع الاكسيرات من الأكسير المعروف بالفرار وغيره وإقامة الزئبق وصنعته فضة". ويذكر المسعودي مصنف يعقوب بن اسحق بن الصباح الكندي الذي دحض فيه برسالتين "تعذر فعل الناس لما انفردت الطبيعة بفعله". فالمسعودي يؤيد الكندي الذي أبطل "دعوى المدعين صنعة الذهب والفضة من غير معادنها". ويذكر المسعودي نقض محمد بن زكريا الرازي الطبيب الفيلسوف رسالة الكندي وتأكيده المسألة. فالرازي يعتبر ان ما ذكره الكندي فاسد. ورداً عليه أفرد مصنفات تحدث فيها عن امكان تحويل المعادن والاحجار الكريمة. وهو أمر أدى كما يذكر المسعودي الى تنازع الناس على المسألة. ويحذر في النهاية من التهوس "فيما يخسف الدماغ، ويذهب بنور الأبصار، ويكسف الألوان من بخار التصعيدات ورائحة الزاجات الكبريت وغيرها من الجمادات" الجزء الرابع، صفحة 274 - 275. فالمسعودي توفي 346 هجرية يحذر من خطورة المسألة باسم العقل وليس بصفتها مخالفة للدين. فموضوع استخراج المعدن الثمين من معدن رديء يرفضه برأيه العقل السليم. ولم تتوقف المسألة عند هذه الحدود اذ عادت وتفاعلت مع تطور علوم الكيمياء والاحياء وبروز عقول علمية اشتغلت على الفكرة وقامت بتسجيل اختبارات في أكثر من ميدان وحقل. فتطور النقاش لينتقل الى قطاع الفلسفة المنطق والرياضيات فانقسم فقهاء الفلسفة كالفارابي وابن سينا على مدرستين، واحدة تقول بإمكان التخليق واخرى ترفض الفكرة. استمر الحوار الى عهد ابن خلدون توفي 808 هجرية وأفرد الأخير في مقدمته مقالات مختلفة تناولت العديد من مواد النقاش الأولى محاولاً دراستها تاريخياً ومنطقياً واجتهد في تفسير الخلافات اجتماعياً. يتحدث ابن خلدون في مقدمته عن الكيمياء في بابين الأول الكيمياء كعلم، والثاني الكيمياء كعناصر مركبة من معادن. في الباب الأول لا يتدخل في الموضوع بل يوجز تعريف الكيمياء فهو "علم ينظر في المادة التي يتم بها كون تكوين الذهب والفضة بالصناعة ... فيتصفحون المكونات كلها بعد معرفة أمزجتها وقواها لعلهم يعثرون على المادة المستعدة لذلك ... وفي زعمهم انه يخرج بهذه الصناعات كلها جسم طبيعي يسمونه الأكسير. وأنه يلقى منه على الجسم المعدني المستعد لقبول صورة الذهب أو الفضة بالاستعداد القريب من الفعل، مثل الرصاص والقصدير والنحاس بعد ان يُحمى بالنار فيعود ذهباً ابريزاً" ص585. يستخدم ابن خلدون منهجه التحليلي لتقريب صورة علم الكيمياء. فأدخل مصطلحاته المعروفة مثل الاستعداد القريب الاستعداد البعيد والمادة المستعدة لقبول التحول وانتقالها من القوة الى الفعل لشرح فكرة هؤلاء عن "صورة هذا العمل الصناعي". ويعدد ابن خلدون اسماء من يسميهم أئمة هذه العلوم وعلى رأسهم جابر بن حيان و"له فيها سبعون رسالة كلُها شبيهة بالألغاز"، والطغرائي "من حكماء المشرق المتأخرين له فيها دواوين ومناظرات مع أهلها وغيرهم من الحكماء". وكتب فيها مسلمة المجريطي "من حكماء الاندلس كتابه الذي سماه رَتبَة الحكيم" وزعم ان هاتين الصناعتين "هما نتيجتان للحكمة وثمرتان للعلوم". وتابع نظريات مسلمة تلميذه ابن بشرون وطورها في رسالته لأبي السّمح. ينفي ابن خلدون ما نسب للإمام الغزالي تأليفه في هذا الموضوع، ويستبعد ان يكون خالد بن يزيد كتب في حقل الكيمياء وتحولاته. ويعتبر ان الكلام عن التخليق استنساخ المعدن من غير مادته الخاصة به هو من ضروب السحر. والمتكلمون فيه "من اعلام الحكماء مثل جابر ومسلمة، ومن كان قبلهم من حكماء الامم، انما نحوا هذا المنحى، ولهذا كان كلامهم فيه ألغازاً، حَذَراً عليها من إنكار الشرائع على السحر وأنواعه ... ونحن نبّين فيما بعد غلط من يزعم ان مدارك هذا الأمر بالصناعة الطبيعية، والله العليم الخبير". ص 595. اختلف موقف صاحب "المقدمة" عن موقف صاحب "مروج الذهب". فالمسعودي رفض مسألة التخليق لأنها مخالفة للعقل بينما رفضها ابن خلدون لأنها مخالفة للشرع، وبصفتها من ضروب السحر. إلا ان صاحب المقدمة كان اكثر حذراً من المسعودي فهو لم يرفضها بالمطلق بل يظهر من كلامه انه غير مقتنع بإمكان تخليق الذهب "في غير مادته الخاصة به" أي انه يقبل منطقياً بتخليق مادة من المادة نفسها. فالفارق الزمني بين المؤرخين حوالى خمسة قرون دفع ابن خلدون الى التفكير بالمسألة من خلال قراءة ملف "التخليق" الذي اشتغل عليه علماء من المشرق والمغرب. لا يكتفي ابن خلدون بهذا الحد فهو يعود لمناقشة الموضوع في باب آخر أنكر فيه "ثمرة الكيمياء واستحالة وجودها" وحذر من المفاسد التي تنشأ عن انتحالها، ويربط القائلين بها بظروفهم الاجتماعية الطبقية، ويرى ان "كثيراً من العاجزين عن معاشهم تحملهم المطامع على انتحال هذه الصنائع، ويرون أنها أحد مذاهب المعاش ووجوهه وان اقتناء المال منها أيسر وأسهل على مبتغيه ... وانما أطعمهم في ذلك رؤية ان المعادن تستحيل وينقلب بعضها الى بعض للمادة المشتركة" ص 606. يحذر ابن خلدون من خطورة المسألة ويطرح ملاحظات ليس على الموضوع بل حول جوانبه السلبية اجتماعياً واقتصادياً. فمن الناحية الاجتماعية يتخوف من الغش في خلط المعادن وإدخال نسب متفاوتة من المواد لتزوير العملة. وهو أمر يؤثر من الناحية الاقتصادية على موارد الدولة حين يلجأ هؤلاء الى "الدلس" فمع دُلستِهم هذه "سكة يسربونها في الناس ويطبعونها بطابع السلطان تمويهاً على الجمهور الخلاص. وهؤلاء أخس الناس حرفة واسوأهم عاقبة لتلبسهم بسرقة أموال الناس، فإن صاحب هذه الدُّلسة انما هو يدفع نحاساً في الفضة وفضة في الذهب. ليستخلصها لنفسه، فهو سارق وأشرّ من السارق" ص 607. ويتدخل ابن خلدون في الموضوع ويدلي برأيه مستخدماً اختلاف الآراء على مسألة تحويل المعادن واستنساخها أو تخليقها. فيذكر ان هناك سبعة معادن "منطرقة" وهي الذهب والفضة والرصاص والقصدير والنحاس والحديد والخارصين. ويسأل هل هي "مختلفات بالفصول، وكلها أنواع قائمة بأنفسها، أو انها مختلفة بخواص من الكيفيات، وهي كلها أصناف لنوع واحد؟" ص608. ورداً على سؤاله يطرح وجهات نظر غير متفقة على الموضوع. فالفارابي ذهب الى "أنها نوع واحد، وان اختلافها انما هو بالكيفيات ... وهي كلها أصناف لذلك النوع الواحد" بينما ذهب ابن سينا "أنها مختلفة بالفصول، وأنها أنواع متباينة، كل واحد منها قائم بنفسه متحقق بحقيقته، له فصل وجنس شأن سائر الأنواع". وعلى هذا القياس، وبرأي الفارابي، يمكن تحويل المعادن بخلطها لأن كل المعادن السبعة هي في النهاية متفقة بالنوع ويمكن انقلاب بعضها الى بعض من طريق معالجتها بالصنعة. بينما برأي ابن سينا من المستحيل تحقيق الأمر لأن تلك المعادن مختلفة بالنوع. فاتفاق النوع المعادن كلها من نوع واحد جعل الفارابي المحتاج الى تحسين معاشه يميل الى القول باستنساخ المعادن من بعضها من الأدنى الى الأعلى أو من الاعلى الى الأدنى. بينما رفض ابن سينا نظرية التحول لأن المعادن اصلاً مختلفة النوع و"الفصول مجهولة الحقائق" لذلك من الصعب انقلابها بالصنعة. ويقدم ابن خلدون رأي العالم الكيميائي الطغرائي ويستعرض رده على ابن سينا ومغالطته. فالطغرائي يرى ان التدبير والعلاج ليس "في تخليق الفصل وابداعه، انما هو اعداد المادة لقبوله خاصة". فالنقاش عند الطغرائي ليس في ابداع أصل المادة فهي موجودة اصلاً بل في استخدام العناصر التي تجعلها متحولة من معدن الى آخر. وللتدليل على صواب رأيه يطرح الطغرائي فكرة "تخليق بعض الحيوانات مع الجهل بفصولها". ويذكر الطغرائي امثلة مختلفة . يوافق ابن خلدون على نقد الطغرائي لابن سينا ويعارضه في آن. فهو يوافق على تحويل المعادن اذا تم الوقوف على خصائصها والتعرف "على المادة المستعدة بالاستعداد الأول" وحين يتم علاجها بالأكسير الخميرة يمكن تحولها لأن "مضاعفة قوة الفاعل تنقص من زمن فعله". فإذا كان الذهب الطبيعي يحتاج الى ألف وثمانين من السنين دورة الشمس الكبرى ليتكون ويصير ذهباً فإن الذهب الاصطناعي يحتاج الى وقت أقل في حال "تضاعفت القوى والكيفيات في العلاج" ص 609. ثم يعود ويعارض تلك النظرية اذا لم تتوافر فيها الشروط اللازمة للتحول. وبرأي ابن خلدون ان كل متكون من "المولدات العنصرية، فلا بد فيه من اجتماع العناصر الأربعة على نسبة متفاوتة، اذ لو كانت متكافئة في النسبة لما تم امتزاجها، فلا بد من الجزء الغالب على الكل". فالذهب يتكون من عناصر ممتزجة مع غلبة نسبية لمعدن الذهب وإلا لما حصل الاندماج. الى غلبة عنصر على العناصر الأخرى يطرح صاحب المقدمة ملاحظة تتعلق بالزمن واختلاف الاطوار لحصول التكوين وانتقال العناصر "في زمن التكوين من طور الى طور حتى ينتهي الى غايته ... ونسب الاجزاء في كل طور تختلف في مقاديرها وكيفياتها، وإلا لكان الطور بعينه الأول هو الآخر" ص 610. ينطلق ابن خلدون من شرطين لقبول النظرية: الأول: أصل المادة الأولى وعناصرها المركبة وعدم تكافؤ نسبها، اذ لا بد من مادة غالبة ليحصل الاندماج أو الامتزاج. والثاني: عامل الزمن وانتقال المادة بأطوار ونسبة المواد التي تتكون منها في كل فترة حتى تصل الى صورتها الأخيرة. فالمادة الأولى تتحول بالصيرورة الزمنية بحسب نسب العناصر المتآلفة حتى تحصل على صورة مختلفة وأخيرة. فالطور الأول ليس بعينه الأخير. ينتهي ابن خلدون من سجاله ضد الطغرائي الى معارضة نظرية التخليق فيقف مع ابن سينا القائل باستحالتها ويخالف الفارابي القائل بإمكانها. لماذا عارض ابن خلدون نظرية التخليق على رغم تفهمه المنطقي للمسألة وامكان حصولها في حال توافر الشرطين؟ هناك أكثر من دافع. الأول تحليله الاجتماعي - الطبقي لمواقف ابن سينا والفارابي. فابن سينا كان "من أهل الغنى والثروة" لذلك قال باستحالة تحول الفضة الى ذهب بينما الفارابي كان "من اهل الفقر الذين يعوزهم أدنى بلغة من المعاش واسبابه" لذلك مال الى القول بنظرية تحويل الفضة الى ذهب. والثاني تخوفه من توازن الطبيعة وانتقال التخليق الاستنساخ من المعادن الى الحيوان والانسان. فمن يدعي حصوله على الذهب بهذه الصنعة هو بمثابة من "يدعي بالصنعة تخليق انسان من المنيّ. ونحن اذا سلَّمنا له الاحاطة بأجزائه ونسبته وأطواره وكيفية تخليقه في رحمه، وعلم ذلك علماً محصلاً بتفاصيله، حتى لا يشذ منه شيء عن علمه، سألنا له تخليق هذا الانسان، وأنّى له ذلك". برأي ابن خلدون ان مسألة التخليق، اذا كانت صحيحة، فإن أحوالها لا نهاية لها. لذلك يرفضها بسبب تعذر الإحاطة بكل فصولها وبسبب قصور البشر عنها. أما اذا نجح "العلم البشري" في تجاوز عقباتها فهو "بمثابة من يقصد تخليق انسان أو حيوان أو نبات" ص 611. تذبذبت مواقف ابن خلدون واضطربت بسبب مخاوفه من اختلال التوازن، والتدخل في عناصر الطبيعة، والغش والاحتيال، وتعادل الثمين مع الرخيص، والأصلي مع الاصطناعي. لذلك مال الى التشكيك بنظرية التخليق الاستنساخ حرصاً على النوع على رغم قبوله المنطقي لها في حال توافر الشروط اللازمة. واخطر ما يطرحه صاحب المقدمة تعزيزاً لمخاوفه تلك هو امكان تطبيق النظرية نفسها على النبات والحيوان والانسان. فما يصح على الذهب والفضة يصح ايضاً على البشر. وهو أمر مرفوض وغير مقبول حتى لو امكن عقله منطقياً. وبرأيه ان المشكلة ليست في العناصر ولا في الطبيعة بل في "تعذر الاحاطة وقصور البشر عنها"، ودليله ان أصحاب نظرية التخليق "يخبطون فيها خبط عشواء الى هلم جرا، ولا يظفرون إلا بالحكايات الكاذبة". فابن خلدون لا ينكر احتمال نجاح النظرية، لكنه يستبعدها لعوامل دينية وانسانية اضافة الى قصور "علوم البشر" في زمانه. وها هي مخاوف صاحب "المقدمة" عن القصور والاحاطة وصلت الى ما يتعدى "الحكايات الكاذبة". * كاتب من أسرة "الحياة".