"2.8 مليون" اتصال طوارئ ل"911″ في مايو    5 آلاف سيارة أجرة لخدمة الحُجّاج    الخريف يبحث دعم ترويج الصادرات السعودية بالمغرب    أمير قطر والرئيس الأمريكي يبحثان وقف إطلاق النار في غزة    وزير الدفاع ونائب الرئيس البرازيلي يوقّعان مشروع اتفاقية بين حكومتي البلدين    ريال مدريد يتعاقد مع مبابي رسمياً    الإصابات تضرب رباعي النصر    لؤي ناظر يكشف عن قائمته في انتخابات الاتحاد    الفريق اليحيى يقف على سير العمل بجوازات مطار المدينة ومنفذ حالة عمّار    زيادة الإيجارات السكنية تحرك "الشورى"    «التجارة» تُشهر بمواطن ومقيم ارتكبا جريمة التستر    واشنطن: مقترحات بايدن سُلّمت ل «حماس» الخميس.. والكرة في ملعبها    أحزاب مصرية: الحكومة الجديدة خطوة لتحقيق الأهداف الوطنية    الحدود الشمالية: القبض على شخصين لترويجهما 10 كيلوغرامات «حشيش»    «الهلال الأحمر» يعيد النبض لحاج آسيوي    إرشادات تقلل من احتمالية الإصابة ب«القرحة الهضمية»    الدشيشي: الهلال سطوة وإنجازات وتحقيق للأرقام القياسية    هل نتائج طلابنا تعكس وتمثل واقعهم المعرفي والمهاري فعلاً؟    أكثر من 70 عملاً فنياً تبرز إبداعية «الصبان» و«جاها»    محافظ حفرالباطن يتفقد مدينة الحجاج بمنفذ الرقعي    جمعية «كبدك» وتضافر جهود المجتمع    كلوديا شينباوم أول زعيمة للمكسيك    أمانة القصيم تبدأ جولتها الرقابية على عدد من المنشآت    مقتل مستشار بالحرس الثوري الإيراني بقصف إسرائيلي على حلب    الزلازل تضرب اليابان    أسعار النفط تتراجع 3%    تطهير المسجد النبوي وجنباته خمس مرات يومياً خلال موسم الحج    أمانة الشرقية والحياد الصفري تبرمان مذكرة تفاهم    أمير تبوك يستقبل معالي مدير عام الجوازات    قائد مانشستريونايتد على رادار النصر مقابل 150 مليون يورو    قضايا النظم البيئية الأرضية والأمن الغذائي تسيطر على نقاشات جلسات المنتدى العربي للبيئة    ولي العهد: نتطلع إلى تعزيز التعاون بين المملكة والكويت    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تواصل توغلها في مدينة رفح    جونيور أفضل لاعب في ال «UEFA»    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    أمير عسير يفتتح المقر الجديد لإدارة رعاية أسر الشهداء    أمير الرياض يستقبل نائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعمل    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للتصلب اللويحي المتعدد"    "الهلال" و"معهد إعداد القادة" يوقعان اتفاقية "مسار واعد"    سعود بن بندر يستقبل الرئيس التنفيذي لجمعية بناء ورئيس وأعضاء نادي القادسية    مفتي عام المملكة ونائبه للشؤون التنفيذية يستقبلان رئيس جمعية إحسان لحفظ النعمة بمنطقة جازان    أمير الرياض يستقبل الأمين العام لجائزة الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز للتميز والإبداع    طلائع حجاج إيطاليا تصل مكة المكرمة    بدء اكتتاب الأفراد في 154.5 مليون سهم بأرامكو    فرصة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    بناءً على ما رفعه سمو ولي العهد خادم الحرمين يوجه بإطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    جامعة "المؤسس" تعرض أزياء لذوات الإعاقة السمعية    الصمعاني: دعم ولي العهد مسؤولية لتحقيق التطلعات العدلية    محمد صالح القرق.. عاشق الخيّام والمترجم الأدق لرباعياته    السفير بن زقر: علاقاتنا مع اليابان استثنائية والسنوات القادمة أكثر أهمية    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    هذا ما نحن عليه    توبة حَجاج العجمي !    وصول الطائرة السعودية ال 51 لإغاثة الفلسطينيين    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    أمير الرياض يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات «التقنية» والمعاهد الصناعية الثانوية    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آسيا الذاهبة نحو مركزها على مسرح التاريخ
نشر في الحياة يوم 14 - 02 - 1999


مهاتير محمد وشنتارو إيشيهارا.
صوت آسيا: زعيمان آسيويان يناقشان أمور القرن المقبل.
دار الساقي، بيروت.
1998.
125 صفحة.
يضم الكتاب مجموعة من مقالات تتناول قضايا اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وتحديات اقليمية، واجهتها آسيا منذ زمن غير بعيد وتواجهها مع إطلاله القرن القادم، كما تتناول دور أميركا وأضرار العولمة وتهتم بدور اليابان، بقلم اثنين من قادة البلاد الآسيوية، هما مهاتير محمد زعيم ماليزيا البارز منذ 1995، وشنتارو إيشيهارا الكاتب والروائي والسياسي الياباني المعروف الاكثر تنوعاً وحضوراً. والغاية من ذلك مزدوجة، هي التنويه بقدرات البلاد الآسيوية والنهج الذي من شأنه تطوير الطاقات الآسيوية، من ناحية، وفضح التشويه الذي تعتمده الدول الغربية لكبح جماح التطور الآسيوي الذي يخشى الغرب من منافسته من ناحية ثانية.
والملاحظ ان الكاتبين أنجزا هذه المقالات قبل ان تواجه دول آسيا هذه أزماتها السياسية والاقتصادية الحالية: واذا جاز لنا ان نتساءل عن موقفهما بعد ما عانته هذه الدول الآسيوية من بطالة وإفلاس، وما تواجهه من اضطرابات سياسية واضرابات وتظاهرات في الفترة الاخيرة احتجاجاً على المحسوبية والعولمة والرأسمالية ومساوئ رجال الحكم برغم ما حققته من ازدهار، فالظاهر ان شروح الكاتبين حول مواقف الآسيويين وسياسة الولايات المتحدة وأوروبا من الدول الآسيوية تتلاقى في الغالب، وهي لن تتأثر بالمتاعب الحالية إلا بمقدار ما هي حافز نحو تعزيز قدرة اليابان والدول المشاركة بأن تقول "لا" في وجه الهيمنة الغربية، لا سيما الاميركية، وتدفع بالقطار الاقتصادي العالمي الى الأمام، وتنفي الرضا عن كون اليابان محض وسيط بين الشرق والغرب.
ويرى الكاتبان ان هذه البلدان الآسيوية عرفت في السنوات القليلة الماضية ازدهاراً أخاف دول الغرب فراح يطلق شائعات كاذبة، ومقصودة، في محاولة صريحة لخنق نمو دول شرق آسيا بعوائق مختلفة. وفيما اصبحت الدول الآسيوية منافسة جادة، بدأت أوروبا تتحد في وجه هذا الخطر، وكان على الدول الآسيوية ان تعقد مؤتمراً اقتصادياً مؤتمر ماشا لتحديد المشكلات المشتركة ولفرض كلمتها على الاوروبيين والاميركيين عند التفاوض بشأن حرية التجارة مع التكتلات الاقتصادية الغربية التي تتحدث عن وجوب الانفتاح التجاري من قبل الآسيويين فيما هي تقيم الحواجز في وجه التجارة.
وينوّه الكاتبان بسوء معاملة الاوروبيين والاميركيين للدول الآسيوية، ومحاولتهم فرض نموذج الحياة والارادة الغربيتين قبل ان تنجح الدول الآسيوية منذ سنوات بتحقيق اندماج اقتصادي وإصرارها على حضارتها وعاداتها ومجتمعاتها.
ويقول مهاتير ان التسعينات هي بداية عصر آسيا مؤكداً في ذلك على دور اليابان الكبير، ولو ان الحرب العالمية الثانية دمّرتها، لكنها تحولت بسرعة الى أقوى دولة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة. فلليابان دورها المهم بين الدول الصناعية السبع الكبرى، كما انها تدرك أهمية مقررات الدول الصناعية بالنسبة للمصلحة الاقتصادية في شرق آسيا، وهي لذلك تجري قبل حضور مؤتمرات الكبار السبعة مشاوراتها مع دول شرق آسيا لتتوصل الى الإجماع حول المشكلات المشتركة ذات الاهمية. وبذلك يعتقد الكاتبان بان تاريخ شرق آسيا ينبغي ان يوضع في شرق آسيا ومن أجل هذا الشرق، وبأيدي ابنائه.
وتنطلق هذه الدراسات من سرعة تطور الدول الآسيوية، وقد بدأ بروزها بعد انتهاء الحرب الباردة مما أدهش العالم بنجاحها السريع. ومرد هذه السرعة في الازدهار الاقتصادي في هذه المنطقة الى التنافس الاوروبي - الاميركي، وإلى التنوع مما حال دون الاندماج، فيما هو ليس كذلك بالنسبة لشرق آسيا، وإلى عجز المنطقتين الاوروبية والاميركية عن الاستغناء عن المنتوجات الآسيوية، مما دفع إيشيهارا الى القول بأن شرق آسيا هو المحرك الذي سيدفع بالاقتصاد العالمي الى الأمام.
إن الغرب، كما يقول إيشيهارا، يشدد إجراءاته السياسية لا لدخول الاسواق الآسيوية وحسب، بل للحيلولة ايضاً دون التفوق الآسيوي في هذه الاسواق بناء على خصائص معينة فيها، ويرفض موقف تبعية اليابان لأميركا داعياً الى الوقوف بجرأة في وجه سياسة الهيمنة، معتبراً ان البلاد المزدهرة لا تلجأ الى المغامرات العسكرية.
وتتناول الابحاث مجد آسيا منددة بما فعلته أوروبا من طمس القوة الصناعية الآسيوية لتنال قوة اقتصادية وسياسية هائلة، وبالاستغلال الاميركي للنفوذ الاقتصادي لفرض الارادة على الآخرين، مشيرة الى ما تعتبره انحطاطاً ثقافياً وأخلاقياً في الغرب.
وبالمقارنة بين التقاليد الشرقية والتقاليد الغربية يتفق الكاتبان على التدهور الذي بلغته العائلة في الغرب، فيما هي لا تزال في آسيا أساساً روحانياً تمثل قيمتها المرتبة الاولى، للانطلاق من ذلك الى ما تتصف به الروح الآسيوية من القبول السمح بالتنوع والتسامح، والتعبير عن الاقتناع بان العصر الآسيوي سيكون عصر تعايش سلمي، لا عصر محاولة تغيير عقائد الآخرين أو فرض عقائدنا عليهم".
وهنا تنديد واضح بسجل الغرب المخزي في آسيا وإشارة الى قول رئيس وزراء بريطانيا السابق بأن عصاه "عصا ثقافية". كذلك يصفان المجتمع الاميركي بالمجتمع الغريب وينفيان صحة ما تتشدّق به الولايات المتحدة من مراعاة حقوق الانسان، ويشيران الى الجرائم والتوحش في هذا المجتمع، ويبرزان ممارسة ازدواجية المعايير في قضية هذه الحقوق، ويستشهدان بقول جورج كينان حول وجوب الانسجام بين ما يعنيه الاميركيون لانفسهم والرسالة التي يريدون إيصالها للآخرين.
وبالنسبة للوجود العسكري الاميركي في المنطقة يعتبر مهاتير انه "لا حاجة الى قهر الآخرين لتحقيق الازدهار". ثم يصف سياسة الولايات المتحدة نحو اليابان بمنع وصول المواد الخام اليها لمنع توسلها بحيث اضطرت اليابان بالتالي الى اللجوء الى العمل العسكري. ويعتبر اجراء واشنطن على وجود تهديد ياباني محتمل يتعرض تبرير الاستراتيجية الاميركية لتعزيز مصالحها، رافضاً ترك أمن شرق اسيا للولايات المتحدة، معتبراً ان تحقيق هذا الأمر لن يكون بغير العلاقات الحسنة والمفاوضات بين دول شرق آسيا.
وهنا يرى مهاتير ان الاقتصاد العالمي مختلف الآن تماماً عما كان عليه عند نهاية الحرب العالمية الثانية مما يفرض اعادة بناء الأمن العالمي على أساس الظروف الحالية. ثم يحلل أوضاع الصين واليابان والهند ويعبر عن اعتقاده بان الهند لن تصبح القوة المقابلة للصين.
وفي معرض تحديد أولويات الدول المتقدمة يرى ان دول الشمال الغنية متمسكة بنظام حياتها المسرف، ومصرة على استمرار سيطرتها على الثروات الطبيعية تاركة دول الجنوب في شرك الفقر. ولن يكون الحل الا باعادة توزيع ثروة الدول الغنية بطريقة عادلة على الدول الفقيرة باعتبار ذلك إنصافاً وعدالة لا منّة ولا هبة. ان التفاوت المتزايد في الثروات بين الدول هو الذي يسبب الازمة الاقتصادية العالمية العميقة ويخلق مشكلة اللاجئين، وينذر بزيادة تعقيد المشكلة. ان مساعدة الجنوب في التنمية هي التي توقف تدفق اللاجئين وتحول دون تعقيد المشكلات الاقتصادية.
وينوه مهاتير بدور اليابان وبنهوضها السريع بفضل المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص أو ما يطلق عليه "اليابان المتحدة". ان هذا المثال يستحق ان يحتذى. وفي رأيه ان منطقة شرق آسيا سوف تستمر بقيادة الاقتصاد العالمي بواسطة الطاقات اليابانية، وبالقيام بدور مهم في العالم في القرن المقبل، برغم الكراهية الاميركية لليابان.
وفي رأي الكاتبين ان النمط الأوروبي للعلاقات الدولية جعل الحرب جهداً مقدساً، واعتبر النظام الاخلاقي المرن الشامل هو البديل الآسيوي للقوة العسكرية. والغاية هي اتباع نهج خيّر للعلاقات الدولية وتخلص الولايات المتحدة من تصرفاتها المبنية على القوة، فالنهج المعتدل يسهم مساهمة كبيرة في استقرار العالم وسلامه. ويشك الكاتبان باحتمال استمرار نجاح الولايات المتحدة. فإذا كانت آسيا تواجه ما هو بمثابة آلام وأوجاع ثانوية اثناء استعداداتها للمنافسة، فإن مشكلات الغرب ناجمة عن متاعب أفقدته اللياقة وجعلته يتجه الى الوراء" حتى الولايات المتحدة نفسها لن تستطيع البقاء والاستمرار في ممارسة هيمنتها. ويعتبر الكاتبان اليابان نموذجاً صناعياً يمكن ان يحتذى، كما سبق القول، ولذلك ينبغي لها ان تحتل مقعداً دائماً في مجلس الأمن وان تتمتع بحق النقض لتنقل وجهات نظر آسيا والعالم الثالث في المشكلات العالمية. وهذا يعني زيادة عدد اليابانيين العاملين في المنظمات الدولية.
كذلك لليابان دورها في حماية البيئة" لديها التكنولوجيا التي تفوق مثيلتها في أميركا وبريطانيا، وتسهم في مكافحة التصحر، وهي رائدة العالم في مصانع تحلية المياه ومعداتها. ويشير الى مساعداتها في مؤتمر الارض للامم المتحدة في ريو دي جانيرو سنة 1992، والى موقف اميركا التي أفشلت توقيت خفض الغازات ورفضت التوقيع على معاهدة التنويع الحيوي.
وخلاصة القول إن آسيا الآن تستعيد مركزها الرئيسي على مسرح التاريخ. وفي هذا الاطار ينبغي لليابان ان تعود الى جذورها ومسقط رأسها. الى دول شرق آسيا تكافح تجمعات اقتصادية عملاقة للحفاظ على حرية التجارة ووضع ملامح الاقتصاد العالمي للقرن القادم، جامعة بين التكنولوجيا المتطورة والقيم الاخلاقية، باعتبار ان تحقيق النجاح خلال هذه الفترة القصيرة متعذر لولا القيم الاخلاقية والإطار الثقافي الفريد الذي صقلته القرون الماضية.
واللافت للنظر هنا ان الكاتبين أشارا الى ما يمكن للعولمة ان تفرضه على الاقتصاد الآسيوي، لكنهما لم يشبعا هذه الناحية درساً فيما انصرفا الى إبراز دور الخلقية الآسيوية في تطوير الاقتصاد وازدهاره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.