كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة.. ريادة في التأهيل والتطوير    تتويج الفائزين بجوائز التصوير البيئي    نائب أمير تبوك يشهد حفل تكريم طلاب وطالبات مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية بالمنطقة    تأكيد على متانة اقتصاد المملكة في مواجهة التحديات    استخدام التكنولوجيا يعزز السياحة البينية الخليجية    70 مليار دولار حجم سوق مستحضرات التجميل والعناية الشخصية الحلال    بحضور سمو نائب أمير عسبر التدريب التقني بالمنطقة تحتفل بخريجيها للعام 1445 ه    المملكة تدين مواصلة «الاحتلال» مجازر الإبادة بحق الفلسطينيين    رفح تحت القصف.. إبادة بلا هوادة    مؤتمر بروكسل وجمود الملف السوري    الإسراع في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد    تتويج الهلال ببطولة الدوري الممتاز للشباب تحت 19 عاماً .. بمقر النادي في الرياض    الاتحاد يودع مدافعه عمر هوساوي    القيادة تهنئ رئيسي أذربيجان وإثيوبيا    القادسية يُتوّج بدوري يلو .. ويعود لدوري روشن    الملك يرأس جلسة مجلس الوزراء ويشكر أبناءه وبناته شعب المملكة على مشاعرهم الكريمة ودعواتهم الطيبة    بلدية الخبر تصدر 620 شهادة امتثال للمباني القائمة والجديدة    أمير الرياض ينوه بجهود "خيرات"    فيصل بن مشعل يكرم الفائزين بجائزة القصيم للتميز والإبداع    هيئة تنظيم الإعلام: جاهزون لخدمة الإعلاميين في موسم الحج    «جائزة المدينة المنورة» تستعرض تجارب الجهات والأفراد الفائزين    مكتب تواصل المتحدثين الرسميين!    هؤلاء ممثلون حقيقيون    تعب محمد عبده    أمير المدينة يستقبل السديس ويتفقد الميقات    الهلال الاحمر يكمل استعداداته لخدمة ضيوف الرحمن    في أقوى نسخة من دوري المحترفين.. هلال لا يهزم اكتسح الأرقام.. ورونالدو يحطم رقم حمدالله    أخضر الصم يشارك في النسخة الثانية من البطولة العالمية لكرة القدم للصالات    إرتباط الفقر بمعدل الجريمة    مثمنًا مواقفها ومبادراتها لتعزيز التضامن.. «البرلماني العربي» يشيد بدعم المملكة لقضايا الأمة    أمريكي يعثر على جسم فضائي في منزله    وزارة البيئة والمياه والزراعة.. إلى أين؟    ضبط 4,77 ملايين قرص من مادة الإمفيتامين المخدر    أسرة الحكمي تتلقى التعازي في محمد    «أوريو».. دب برّي يسرق الحلويات    القارة الأفريقية تحتفل بالذكرى ال 61 ليوم إفريقيا    «نفاذ» يحقق التكامل مع المنصات الحكومية    ولاء وتلاحم    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثاني لمجلس أمراء الأفواج للعام 1445ه    بطاقات نسك    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية    اختتام معرض جائزة أهالي جدة للمعلم المتميز    تواجد كبير ل" روشن" في يورو2024    في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي.. أولمبياكوس يتسلح بعامل الأرض أمام فيورنتينا    شاشات عرض تعزز التوعية الصحية للحجاج    دعاهم للتوقف عن استخدام "العدسات".. استشاري للحجاج: احفظوا «قطرات العيون» بعيداً عن حرارة الطقس    النساء أكثر عرضة للاكتئاب الذهاني    عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في نجران    افتتاح قاعة تدريبية لتدريب وتأهيل مصابي تصلب المتعدد    «نايف الراجحي الاستثمارية» و«مسكان» تطلقان شركة «ارال» لتطوير مشاريع عقارية عملاقة مستدامة تحقق بيئة معيشية متكاملة    مخفية في شحنة قوالب خرسانية .. ضبط أكثر من 4.7 مليون قرص من الإمفيتامين المخدر    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    السجن والغرامة لمن يتأخر عن الإبلاغ بمغادرة مستقدميه    ملك ماليزيا: السعودية متميزة وفريدة في خدمة ضيوف الرحمن    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    إخلاص وتميز    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    سكري الحمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة جديدة الى كامب ديفيد بعد 20 عاماً . نمط العلاقة بين المفاوضين المصريين ساهم في تواضع آدائهم
نشر في الحياة يوم 13 - 09 - 1998

بعد مرور عشرين عاما على اتفاق كامب ديفيد 17 أيلول/ سبتمبر 1978، تشتد الحاجة الى مناقشة موضوعية لخبرة المفاوضات المصرية - الإسرائيلية التى انتجته. كان نجاح مؤتمر كامب ديفيد 5-17 ايلول 1978 أول اختراق حقيقي تم تحقيقه فى صراع لا يختلف اثنان على موقعه في صدارة النزاعات الاقليمية الأكثر حدة خلال القرن العشرين. وهو، أيضاً، أحد نزاعات قليلة من هذا النوع ستظل مستمرة فى القرن الحادي والعشرين.
كان اطارا السلام اللذان تم الوصول اليهما فى كامب ديفيد أشبه بجسر مهتز فوق هوة سحيقة، مثله مثل البساط الأحمر الذي استقبل الإسرائيليون الرئيس أنور السادات عليه فى تشرين الثاني نوفمبر 1977.
ولذلك لم يكن في احتفال الإعلام الغربي به ما يثير استغرابا. ولشهور طويلة، لم تخل صحيفة أو مجلة أو محطة تليفزيون من صورة للسادات أو خبر عنه أو مقابلة معه.
وكان هذا جزءا من الأجواء التي أحاطت مؤتمر كامب ديفيد، واتسمت باستقطاب شديد. رأى المؤيدون فيه الخير كله، بينما لم ير المعارضون فيه غير شر مطلق. وحدث ذلك في كل مكان تقريبا، وليس فى مصر وحدها. وهذا هو شأن الأحداث الكبرى التي تثير انقساما شديدا. وبسبب هذا الانقسام، ظلت المناظرة مع أو ضد مهيمنة علي مناقشة وتحليل وفهم ما حدث في كامب ديفيد. وقد آن الأوان، بعد 20 عاما، لمعالجة مختلفة متحررة من أسر هذه المناظرة. معالجة تركز على الأداء المصري الذي لم يتم اخضاعه لتحليل بعيد عن منطق المناظرة السائد، حتى لا نقول تحليلا موضوعيا بالضرورة.
والقاعدة أنه كلما ابتعد الزمن ازدادت فرص النظرة الموضوعية. ولكن المشكلة مع كامب ديفيد هى أن الزمن ابتعد، ولم يبتعد، في الوقت نفسه. ابتعد بالنسبة للحدث بحد ذاته، ولكنه لم يبتعد بالنسبة للقضية الأشمل. فالحدث ليس مستقلا، وإنما هو جزء من كل. وحاول المتفاوضون في كامب ديفيد الوصول الى صيغة تتعامل مع الكل اطار السلام في الشرق الأوسط الى جانب الجزء اطار اتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل.
وكان منطقيا أن نجحت المفاوضات التي استندت على الاطار الثاني في الوصول الى المعاهدة التي تم توقيعها في 26 آذار مارس 1979 في واشنطن، وفشلت المفاوضات التي انطلقت من الاطار الأول. فلم يكن هناك ارتباط أو أي نوع من الصلة الهيكلية بين الاطارين. ولم يتمكن المفاوضون المصريون من تحقيق هذا الارتباط، في الوقت الذي تشتتت جهودهم بين الجزء والكل وتباينت أولوياتهم بينهما. وكان هذا التباين في حد ذاته علامة من علامات تواضع الأداء المصري في المفاوضات، الذي نراه امتدادا لضعف الأداء العام في مجمله داخليا وخارجيا.
ويمكن التأكد من ذلك عبر دراسة مقارنة لأربع شهادات صدرت عن فاعلين رئيسيين في مؤتمر كامب ديفيد، وفي المفاوضات المصرية - الإسرائيلية عموماً. وهم وزير خارجية مصر محمد ابراهيم كامل، ووزير الدولة للشؤون الخارجية د. بطرس غالي، ووزير خارجية إسرائيل موشي ديان، ووزير دفاعها عيزرا وايزمان.
ومن خلال تحليل هذه الشهادات، يمكن قراءة أوجه القصور فى الأداء المصري انطلاقا من افتراض مسبق بأن هذا القصور في ادارة المفاوضات هو امتداد لضعف أداء النخبة السياسية والثقافية عموماً.
ونركز، هنا، على بعض مظاهر اختلال أداء المفاوضين المصريين من خلال ادارتهم للعلاقة بينهم وما انطوت عليه من مشاكل. فنلاحظ مثلا من كتابي كامل وغالي أن مشكلة كل منهما مع الرئيس السادات بشأن العملية التفاوضية بدأت مبكرا بعد أسابيع قليلة على زيارته الى القدس المحتلة، وتحديدا منذ القمة المصرية - الإسرائيلية التي عقدت في الإسماعيلية في 27 كانون الاول ديسمبر 1977.
وزيران غير ديموقراطيين
يلاحظ أنه لم يدر في خلد أي منهما أدنى ارتباط بين مشكلة علاقتهما، والوفد المصري عموما في كامب ديفيد، بالرئيس السادات وبين طابع النظام السياسي المصري في مجمله. ولم يربط أي منهما المشكلة التي واجهتهما مع السادات بأسلوب صنع واتخاذ القرار السياسي المصري عموماً. وبينما كان كل منهما يتمنى، على تفاوت بينهما، علاقة أكثر ديمووقراطية مع السادات، لم يفكر أيهما في المسألة الديمووقراطية في مصر عموما، ولم يبديا أدنى اهتمام بذلك. لكن الواضح أن كامل أدرك هذا الارتباط بعد أن ترك منصبه، حين اهتم بقضية حقوق الانسان وساند المدافعين عنها.
لكن في ذلك الوقت، أي في مؤتمر كامب ديفيد، وبعده بالنسبة الى بطرس غالي الذي استمر في منصبه، لم تكن المسألة الديموقراطية واردة في تفكيرهما. فلم يتطرق أي منهما، مثلا، الى امكان أو كيفية الاستفادة من وجود معارضين في مصر لدعم مركز المفاوضين، على رغم أن غالي كان يأمل في الاستفادة من الرفض العربي الواسع لمبادرة السادات.
كان أقصى ما انتبه اليه غالي هو نوع من تقسيم العمل بين السادات ورجال الخارجية. ومع ذلك، فلأن المسألة الديموقراطية لم يكن لها مكان مهم في تفكير غالي، فقد بدا له أحيانا أن المفاوض الإسرائيلي يستطيع أن يستغل لمصلحته الخلافات بين السادات ومساعديه.
أين ذلك، مثلا، مما يذكره وايزمان في كتابه عن أن الوفد الإسرائيلي كان يحسب حساب الخلافات بين السادات ورجال وزارة الخارجية. واستخدم وايزمان تعبيراً بليغاً جداً، حين تحدث عن أن ابراهيم كامل، وزملاءه في الخارجية المصرية كانوا يزرعون الألغام المضادة للأفراد تحت أقدام السادات، وكان لا بد من أن نحذر لئلا نرتطم بها نحن.
وفي الوقت الذي كان اهتمام غالي مركزاً على ما لاحظه من أن بيغن كان يحاول اقناع السادات بأن الخارجية المصرية تسعى الى احباط مبادرته وإنهاء عملية السلام في مهدها، كان دايان يلاحظ أن السادات يستخدم أحيانا موقف رجال الخارجية أداة للضغط ويلوح به.
لكن المهم هو أن دايان رأى، بخلاف غالي وكامل، أن السادات أتاح لمساعديه الفرصة للتأثير سلباً على المفاوضات لأنه هو شخصيا كان يؤمن بأنه يتعين على إسرائيل قبول كل طلباته بعد أن زار القدس، ولأنه لم يشغل نفسه بالتفاصيل وأعطى مساعديه مطلق الحرية في الصياغة والعرض.
وينطوي تقدير دايان، هذا، على مبالغة، لكنه لم يكن بلا أساس. كان السادات يترك التفاصيل، فعلا لمساعديه. وأكد غالي ذلك، ولكن لأن السادات لم يكن لديه صبر على التفاصيل، غير أنه لم يكن معنيا، في كثير من الأحوال، بالجهد الذي يبذله أعضاء الوفد في التفاوض على التفاصيل. وكان يفاجئهم أحيانا بمواقف تحبط هذا الجهد. كما لم يكن يبلغهم، في أحيان كثيرة، تفاصيل ما دار في جلسات ثنائية.
ويتفق غالي وكامل على أن اسلوب السادات، هذا، أربك الوفد المصري في مؤتمر كامب ديفيد. لكن يبدو أن غالي بالغ الى الحد الذي يعطي انطباعا بأن السادات لم يكن يبلغ أعضاء الوفد أي شيء طوال المؤتمر، في حين أنه هو نفسه يروي في مواضع أخرى كيف أبلغهم السادات ما دار في لقاءات عقدها. ففي الصفحة التالية لتلك التي جزم فيها بأنهم لم يتبلغوا من السادات أي شيء على الاطلاق، ذكر أن الرئيس استدعاه مع ابراهيم كامل ومحمد كامل رئيس الديوان الجمهوري وأشرف غربال سفير مصر لدى واشنطن، وكان كلاهما عضوين في الوفد المصري في كامب ديفيد، وعرض لهم ما دار في اجتماعه مع كارتر وبيغن صباح يوم 7 أيلول.
ولم يكن وزيرا الخارجية والدولة للشؤون الخارجية معنيين بالربط بين مشكلتهما في العلاقة مع السادات خلال المفاوضات وطابع النظام السياسي عموماً، كما سبقت الاشارة. ويستفاد ذلك، أيضا، من تفسير كامل لسلوك السادات بشأن عدم ابلاغه وغيره من أعضاء الوفد تفاصيل المحادثات الثنائية. فهو يفسر ذلك بما أسماه طبيعة السادات الكتومة الحريصة المشوبة بالغموض من دون أن يربطه أيضا - ولو بشكل ثانوي - بطابع النظام السياسي الذي يجعل الرئيس قادرا على الاستغناء عن أي مشاورات. واقتصر ادراك كامل للمشكلة على شخصية السادات التي عرفها منذ أن كانا معا في سجن مصر العمومي في العام 1946. ويضيف غالي، من جانبه، تفسيراً آخر شخصيا كذلك بعيداً عن طابع النظام السياسي. فهو يرى أن السادات لم يكن يثق في ديبلوماسييه.
يروي كامل قصة ينبغي أن نتوقف عندها لدلالتها على إحدى أهم المشاكل في العلاقة بين الرئيس السادات ومعاونيه في ذلك الوقت، وهي مشكلة عدم الثقة. فإذا كان كامل وغالي وغيرهما افتقدوا الثقة في توجهات السادات وراودتهم منذ اللحظة الأولى شكوك عميقة في امكان تمسكه بموقف تفاوضي قوي، فالواضح أن الرئيس لم يكن بدوره واثقا فيهم. ولا يقتصر ذلك على عدم ثقته في قدرتهم على تقدير الموقف على النحو الذي يستطيعه هو، وإنما امتدت المشكلة الى الشك في سلامة سلوكهم والتزامهم بالقواعد المرعية في أداء عملهم.
كان ذلك في مؤتمر كامب ديفيد حين اتهم السادات كامل بأنه يناقش أموراً تتعلق بمنصبه مع رجال المعارضة. وكان المقصود هو الأستاذ محمد حسنين هيكل، الذي اختلف مع السادات منذ العام 1974 وتدهورت العلاقة بينهما في السنوات التالية. فهناك صلة نسب تربط هيكل بالسفير نبيل العربي، الذي كان يشغل منصب مدير الادارة القانونية في وزارة الخارجية في العام 1978.
غير أن مظاهر عدم الثقة كانت واضحة قبيل الذهاب الى كامب ديفيد، الى حد أن كامل وصل الى قناعة مفادها أن السادات لا يريد التحدث معه بشأن الموقف التفاوضي في كامب ديفيد أول ما توصلت اليه هو أنه تجنب عن عمد أن يقابلني منذ أن التقي فانس في استراحة المعمورة يوم 7 آب/ أغسطس وتلقى الدعوة للمؤتمر وحتى اجتماع مجلس الأمن القومي يوم 2 أيلول/ سبتمبر في الإسماعيلية.
واستنتج كامل أن السادات تهرب منه تسترا على غرض في نفسه. وحدد هذا الغرض، وهو أن السادات قرر اجراء تعديل جذري في الموقف المبدئي الذي التزمنا به منذ بداية المبادرة، وهو عدم التنازل عن الأرض والسيادة وفقاً للقرار 242. لكن كيف وصل كامل الى ذلك؟
استند الى ما أعلنه السادات في اجتماع مجلس الأمن القومي عن أنه يريد، في كامب ديفيد، اقرار اطار للسلام يتضمن صيغة لرسم الحدود بين الضفة وغزة وبين إسرائيل، على نحو يقتضي تنازلات اقليمية.
كان كامل يريد التوصل الى اعلان مبادئ السلام أولا. وهذا خلاف موضوعي حقا. غير أنه لم يكن وحده الذي جعل كامل ثائراً الى الحد الذي وصف رئيسه بأنه نام في فترة بيات كالثعابين ثم صحا ليفاجئنا بمشروع جديد لم يشاور فيه أحدا. فقد ارتبطت حدة موقف كامل بتجاهل السادات له تماما أكثر من ثلاثة أسابيع سعى وزير الخارجية خلالها الى بناء أسس موقف تفاوضي يقوم على إعلان مبادئ السلام أولا.
لذلك لم يخف كامل انزعاجه الشديد لأن السادات لم يشر بكلمة واحدة من قريب أو بعيد الى المذكرة التي أعدها في وزارة الخارجية وأرسلها اليه قبل أيام على اجتماع مجلس الأمن القومي. وهي مذكرة الاستراتيجية المصرية في مؤتمر كامب ديفيد، التي وصفها كامل متحسرا بأنها خلاصة عمل شاق وجهد متواصل ودراسات متعمقة قامت بها وزارة الخارجية، وهي الجهة الفنية المتخصصة. وأقر كامل بأن هذا التجاهل أحبطه بشدة. كما لم يخف تأثره لأن السادات لم يطلب من وزارة الخارجية إعداد المشروع الخاص بإطار السلام، على رغم أنه كان معترضا على فكرته أصلا. ولكنه الجانب الشخصي الذي يصعب على أي انسان تجاوزه تماما فى العمل العام. غير أن الفارق بين هذا الشخص العام وذاك يتوقف في أحيان كثيرة على مدى القدرة على وضع حد للاعتبارات الشخصية. والواضح أن كامل، مثله مثل غالي، وبخلاف ديان ووايزمان، لم يكن ممن يقدرون على ذلك. فالأرجح أن تجاهل السادات لكامل قبيل التوجه الى كامب ديفيد أثر بشدة على رؤيته للعلاقة معه، وبقدر أكبر مما سجله في كتابه.
وصل كامل، إذن، الى قناعة راسخة بأن السادات تجاهله عامداً، ونحى مذكرته جانباً، ولم يطلب منه إعداد مشروع لإطار السلام، لأنه أراد أن يدخل كامب ديفيد مجرداً متحرراً من أي قيد، وهنا، يواجه كامل معضلة في تفسير اعتماد السادات على أسامة الباز، الذي كان وكيل الخارجية المصرية آنذاك، في إعداد مشروع اطار السلام. ويعني ذلك أن المشكلة لم تكن بين السادات ومعاونيه، أو معظمهم، فقط وإنما كانت أيضا في العلاقة بين بعض هؤلاء والبعض الآخر وخصوصاً إذا وسعنا الدائرة ولم نقصرها على رجال الخارجية.
والمهم، هنا، هو أن السادات واصل تأجيج مشاعر كامل حين خاطبه بأسلوب غير لائق عقب اجتماع مجلس الأمن القومي في 2 أيلول سبتمبر، وأمام أعضاء المجلس. وكان ذلك حين اقترح كامل على السادات البدء، في كامب ديفيد، بموقف أكثر تشددا. ونترك كامل يروي ما حدث كأنما كان ينتظر مني كلمة ليطلق شيئا حبيسا في نفسه. فقد شرع يقهقه ضاحكا بطريقة مسرحية تدل على التسفيه، ثم قال بصوت جهوري هز المحيطين به: بقى أنت فاكر نفسك ديبلوماسي ياسي محمد.... والواضح أن كامل لم ينس أبدا هذا الموقف، الذي لم يكن ممكنا حدوث مثله على الجانب الإسرائيلي آنذاك، وربما في أي وقت، بسبب وجود تقاليد لادارة الخلافات بين الفرقاء الذين يصل خلافهم الى حد العداء، فما بالنا بفريق واحد.
وفي علاقة تفتقد أي قواعد، وفي أجواء ملأتها الشكوك، كان طبيعيا أن يخامر هذا أو ذاك من أعضاء الوفد شعور سلبي، وأن يسود التفكير التآمري. وعند هذا الحد، لا يبقى أي خيط يربط عضو الوفد المفاوض برئيسه. وهذا مستوى أعلى بكثير من أي خلاف على الموضوع ومن أي شعور بالتجاهل كذلك الذي سيطر على غالي حين وافق السادات على صيغة معدلة للمشروع الأميركي لاطار السلام يوم 16 أيلول: الشعور بأن الوفد كم مهمل.
ويتذكر غالي أن وايزمان، ومستشار كارتر للأمن القومي بريزنسكي، أوحيا له حين التقاهما مساء اليوم نفسه بأنه أيضا خارج المباراة النهائية. ويذكر أن هذا أراحه بعض الشيء. لكن المثير للانتباه أن وايزمان لم يفكر أبدا أنه كان لديه مثل هذا الشعور بالتجاهل والاستبعاد، وبأنه كم مهمل، على رغم أنه عانى ودايان من اسلوب تعامل بيغين معهما.
والواضح أنه، فضلا عن غياب القواعد وشيوع الاضطراب وفقدان الثقة المتبادلة، وربما بسبب ذلك، كان الوفد المصري متوتر الأعصاب عموماً، وإن بدرجات متفاوتة. وسبقت الاشارة الى ما لاحظه غالي عن عصبية كامل. والواضح أن السادات بدوره كان عصبيا، حسب ما سجله كامل عما حدث في جلسة لأعضاء الوفد مساء يوم 14 أيلول. فهو يروي أنه فوجىء، وكان ذهنه انصرف الى التفكير في أمر ما، بالسادات يصيح : ماذا أفعل إذا كان وزير خارجيتي يظن أني أهبل. ويوضح كامل أنه عاد اليه بعد خروج الجميع : والغضب يسيطر عليّ والشر يتطاير من عيني وقلت له بصوت عال : سأترك هذا المنصب بمجرد عودتنا الى القاهرة وفي ستين داهية.
الى هذا الحد كان مستوى الحوار انحدر قبل ثلاثة أيام على انتهاء مؤتمر كامب ديفيد.
شبح الباز
لم يكن الخلل في ادارة الخلافات في الجانب المصري مقصورا على المشاكل بين الرئيس ومعاونيه. كانت هناك مشاكل أخرى ذات طابع ثانوي غالبا، لكنها ذات دلالة على وجود خلل هيكلي في أنماط ادارة الخلافات. وهناك حالات عدة من هذا النوع نذكر منها ما يتعلق بأسلوب معالجة ابراهيم كامل لموضوع تكليف أسامة الباز بإعداد المشروع المصري لاطار السلام في كامب ديفيد. وسبقت الاشارة الى ما اعترى كامل من غضب بسبب تجاهل السادات مذكرة وزارة الخارجية بشأن الاستراتيجية المصرية في كامب ديفيد، وتحوله عن فكرة السعي الى اعلان مبادىء السلام، واتجاهه الى التفاوض على اطار للسلام.
فوجيء كامل بأن ميل السادات الى تهميشه ارتبط باعتماده على أسامة الباز في إعداد مشروع اطار السلام الذي طرحه في بداية مؤتمر كامب ديفيد. والملاحظ أن كامل لم ينتقد الباز صراحة، بل حاول أن يوحي بأن ما فعله وكيل وزارة الخارجية لم يؤلمه، بما في ذلك عدم تبليغه بأن السادات طلب منه إعداد مشروع بديل لكل ما كان يفكر فيه الوزير ومساعدوه في الخارجية.
ومع ذلك، فالواضح أن الصورة التي رسمها كامل، وكذلك غالي، عن تماسك رجال الخارجية المصرية لم تكن دقيقة. ويرجح أن كامل لم يتوسع في قصة اضطلاع الباز بمهمة "رجل السادات"، في ظرف كان بالغ الدقة، حرصا منه على عدم خدش الصورة التي رسمها.
غير أن القليل الذي حكي عنه يدل على أن المشكلة لم تكن محصورة في إدارة العلاقة بين السادات ومساعديه. كانت هناك مشاكل في العلاقة بين هؤلاء المساعدين. وهذا أمر طبيعي للغاية، لأنه كان فى امكان الرئيس أن يطلب من أي منهم القيام بمهمة يختارها له، قد تؤدي الى اغضاب آخرين أو اثارة استيائهم. وإذا طلب الرئيس من القائم بهذه المهمة أو تلك ألا يبلغ أحدا عنها، فليس أمامه إلا الامتثال.
ويرجح أن إدراك كامل لهذه الحقيقة أثر على معالجته للمهمة التي أداها الباز بعيدا عن باقي فريق المفاوضين. وجاءت معالجة كامل لها مجزأة. بدأ بابداء استغرابه لوجود الباز في الإسماعيلية في اليوم الذي شهد اجتماع مجلس الأمن القومي في استراحة الرئيس في الإسماعيلية 2 أيلول/ سبتمبر قبيل مؤتمر كامب ديفيد. ويروي كامل أنه حين وقفت سيارته أمام مدخل الاستراحة لمحت السفير أسامة الباز بالقرب من المبنى. ولم أدر سبب وجوده في الإسماعيلية. فقد قابلته أمس في الوزارة، ولم يخبرني بشيء. وأشرت له بيدي محييا، فرد التحية ثم لم يلبث أن أختفى كالشبح.
وواضح من طريقة كامل في روايته القصة أنه حرص على إبراز أنه لم يكن على علم بما فعله الباز، على رغم أن الأخير كان في لقاء معه قبل يوم واحد من مصادفة الإسماعيلية. وما يسترعي الانتباه أن كامل روى هذه القصة في الفصل الرابع والثلاثين الذي اختار له عنوان تصرفات غريبة وعلامات استفهام. وأضاف كامل، بعد ذلك، أنه طلب من السادات السماح للباز بحضور اجتماع مجلس الأمن القومي. ولم يوضح لماذا طلب ذلك. فلم يكن الباز عضوا في المجلس. ويصعب، بطبيعة الحال، استنتاج ما إذا كان كامل أراد التأكد من أن الباز موجود في الإسماعيلية لمهمة رسمية لا زيارة خاصة. فلم يكن بحاجة الى أن يتأكد، ورأى الباز بالقرب من استراحة الرئيس. فهل كان راغبا في قطع الشك باليقين، أم تصور أن حضور الباز الاجتماع ربما يكشف جانبا من مهمته ؟
ولا يوضح كامل كذلك، متى وكيف عرف أن السادات كلف الباز بإعداد المشروع المصري لإطار السلام. فهو لا يذكر إلا أن السادات لم يكن يستطيع أن يصوغ بنفسه مشروعه لإطار السلام. فإلى من يلجأ ؟ اختار الرئيس السادات الباز ليقوم بذلك. وهنا، حرص كامل على إبراز أن الباز كان يتولى منصبين، أو على حد تعبيره يعمل بصفتين : الأولى أنه وكيل وزارة الخارجية، والثانية أنه مدير مكتب نائب الرئيس. وواضح أن كامل حرص على ذلك إما للإيحاء بأن ما فعله الباز لا يقلل من تماسك رجال وزارة الخارجية، في اعتبار أن له صفة أخرى غير كونه وكيل هذه الوزارة فى ذات الوقت. وإما لأنه أراد التماس عذر للباز، أو كليهما معا.
لذلك قال كامل: إذن فالرئيس السادات عهد بهذا العمل الى أحد معاوني الرئاسة الذي تربطه في نفس الوقت صلة قوية بعمل وزارة الخارجية، بل أنه كان أحد أعضاء مجموعة العمل التى تخطط لمؤتمر كامب ديفيد في الوزارة. والواضح أنه كان صعبا على كامل اكتشاف أن السادات تجاهله واعتمد على الباز. وتزداد صعوبة مثل هذه المواقف في أي سياق تحتل الاعتبارات الشخصية مكانا متقدما فيه. وسبقت الاشارة الى دلائل على المدى الذي بلغته هذه الاعتبارات في التأثير على الجانب المصري في المفاوضات، وعلى النظام السياسي فى مصر عموما.
لذلك لم يستطع كامل اخفاء تأثره من موقف الباز، على رغم أنه حاول الإيحاء بأنه لم يجد غبارا فيه. وأوقعه التوزع بين مشاعره وبين محاولته التماس عذر للباز في نوع من التناقض.
ففي الوقت الذي تحدث عن أنه لا غبار في تصرف الباز، كان يتهم السادات بأنه تجاهل وزارة الخارجية ليحرر نفسه من أى ثوابت. ويعني ذلك، منطقيا، أن اعتماد السادات على الباز جاء في سياق تحرره من الثوابت الوطنية التي كانت الخارجية تعبر عنها.
ولنترك للقارىء الحكم على مدى سلامة هذا القياس المنطقي، بعد أن ننقل ما كتبه كامل في مجال تبرئة الباز من ناحية، ثم بشأن اتهام السادات من ناحية أخرى.
فعلى صعيد تبرئة الباز، كتب كامل : لم أجد غبارا على أسامة الباز في قبول هذه المهمة التي كلفه بها الرئيس السادات في اللحظة الأخيرة، والتزامه بتعليماته بالاحتفاظ بها سرا للوقت المناسب. ومن ناحيتي، فإنه وإن أغاظني وأقلقني التحول الذي حدث للسادات في اللحظة الأخيرة بملابساته التي أشرت اليها، فقد شعرت بالارتياح عندما علمت بأنه عهد الى أسامة بصياغة المشروع. فأنا أثق في شعوره الوطني وفي ذكائه وكفاءته. وكنت على يقين بأن ما سينتجه قلمه وفكره سيكون مشروعا قويا متماسكا ملتزما بمواقفنا الاستراتيجية.
أما على صعيد اتهامه للسادات بأنه تجاهل وزارة الخارجية استعدادا للتفريط، فقد كتب أن السادات أراد أن يدخل كامب ديفيد مجردا متحررا من أي قيد سواء كان ارتباطا بآراء معاونيه أو فكرهم، أو كان ذلك موقفا ثابتا أو هدفا معلنا أو كان خطة عمل أو استراتيجية مرسومة سلفا... وحتى يدشن هذا الموقف التحرري الجديد قبل سفره فليتناسى وزارة الخارجية وليلق بأوراقها ونتاج كدها وفكرها في سلة المهملات. ويقصد كامل بهذه الأوراق الاستراتيجية التي أعدتها الوزارة لمؤتمر كامب ديفيد، وكان أرسلها الى السادات فتجاهلها ولم يشر اليها من قريب أو بعيد، وإنما اعتبرها كأن لم تكن وكلف الباز بإعداد مشروع مصر لاطار السلام لتقديمه في المؤتمر.
كان كامل أكثر حساسية من غالي بشأن أي تعد على دور وزارة الخارجية لأنه كان هو المسؤول عنها، بينما لم يتحقق حلم غالي في تولي هذه المسؤولية. ولم يزعم غالي، أبدا، أن رجال الخارجية كانوا دائما على حق. بل وكان شجاعا حين كتب أن الأداء في وزارة الخارجية كثيرا ما كان ضربا من اللامبالاة والارتجال.
أكثر تحضرا!
مثلما انتقد كامل وغالي السادات وتحدثا عن مشاكلهما معه، كذلك فعل كل من موشي دايان وعيزرا وايزمان مع بيغن. ويتضح من كتابيهما أن الخلافات الإسرائيلية، وأن مشاكلهما مع رئيس الوزراء، لم تكن أقل حدة. ولكن كان هناك نوعان من الفروق: الأول يتعلق بقواعد ادارة الخلافات. فهناك تقاليد إسرائيلية تكونت عبر الممارسة الديموقراطية، ولم يتوافر مثلها للمصريين. والثاني يتصل بحرص دايان ووايزمان على محاولة تجاوز الاعتبارات الشخصية وما تنطوي عليه من مرارات ناجمة عن طريقة معاملة بيغن لهما، التي على رغم حدتها أحيانا كانت أكثر تحضرا، مثلما بدت تصرفات الوزيرين الإسرائيليين أقل فجاجة من بعض سلوكيات عدد من معاوني السادات.
وفي هذا السياق، يرتبط تفوق إسرائيل بكثرة سياسييها ورجال الدولة فيها ممن يعلون المصلحة العامة على الشأن الخاص، عكس الحال فى العالم العربي عموما إذ يقل مثل هؤلاء.
دايان مثلا، الذي خدم بلاده في أكثر من مجال واجه مشاكل كثيرة مع بيغن. ووصف مواقف رئيس وزراء بلاده بأنها كانت أحيانا متطرفة وغير معقولة. ولكن لم يخرج الخلاف بينهما، كذلك بين وايزمان وبيغن، عن حدود السياسة. وكانت هناك قواعد لادارة الخلاف الذي كان يحتدم أحيانا.
كان دايان مدركا للقواعد ومستعدا لاحترامها : لم يناقش أحد صلاحية بيغن، باعتباره رئيساً للوزراء ورئيسا لوفد إسرائيل، في أن يكون صاحب الكلمة الأخيرة. غير أن أحدا منا لم يكن على استعداد للموافقة على آرائه التي تبدو متطرفة وغير معقولة من دون نقاش.
درس لنا
مع ذلك تدل رواية دايان على أن الخلافات بينه، ومعه أعضاء فى الوفد الإسرائيلي، وبين بيغن كانت تدار بطريقة أفضل بكثير مقارنة بالوفد المصري. ولا يعني ذلك أنه لم تكن هناك لحظات ساد فيها الغضب.
يروي دايان أن بيغن كان يغضب ويرفض أي اقتراح لا يروق له بدعوى أنه يلحق ضررا بالغا بإسرائيل. غير أنه حسب الرواية نفسها، كان بيجين حريصا على تغيير أسلوبه حين يتعرض لاحتجاج أو انتقاد. ويشير الى أنه في إحدى الجلسات قاطع بيغن بعض أعضاء الوفد بردود عنيفة : فما كان مني إلا أن طلبت الكلمة، وقلت إن هذا الأسلوب يمثل نوعا من ممارسة الضغط الذي يحول دون إبداء رأي مخالف. قال بيغن أن كلماتي فاجأته. ولكنه غيَّر أسلوبه. ولابد أن نلاحظ، هنا، مغزى اتهام دايان لبيغن بأنه يمنع الرأي المخالف. وهذا اتهام شديد القسوة في أي سياق ديموقراطى، ولا بد أن يشعر من يوجه اليه بالخزي. ولكن هذا الاتهام لا معنى أو أثر له في خارج هذا السياق.
وهذا فارق جوهري يمكن الاستدلال عليه، أيضا، مما يذكره دايان في موضع آخر مشيرا الى أنه حين كان بيغن يرى رد الفعل على مهاجمته آراء معارضة له كان يغالب نفسه حين يبدي المزيد من التسامح. وعندما كنا نتوصل في نهاية الأمر الى اتفاق إثر موافقة بيغن على رأى لنا، كان يذعن للأمر من دون أن يبدو ساخطا. هل يكفي ذلك لتوضيح الفارق الكبير الذي يظهر أيضا في اسلوب أعضاء الوفد.
ولنتوقف أمام هذه العبارة التي ذكرها دايان ونتأملها، ونستعيد ما سبق أن أوردناه عن ادراك كامل وغالي لمشاكل العلاقة مع السادات، الذي يدل على أن أيا منهما لم يسع جديا الى فهم موقف السادات على رغم الاختلاف معه. يقول دايان إن أحدا من أعضاء الوفد لم يعجز عن فهم بيغن حتى عندما كانوا منزعجين منه. ويحدث ذلك، عادة، حين يكون عضو الوفد قادرا على التعبير عن رأيه بجدية في اطار ديموقراطي. وكان هذا متاحا لدايان أو وايزمان، حتى إذا لم يؤخذ بهذا الرأي أو حتى إذا كان متجاوزا لصلاحياتهما.
وفضلا عن الأثر المهم لاحترام القواعد المتفق عليها، كان الجهد الشديد الذي بذله بيغن دافعا لحصوله على تقدير من اختلف معهم. فيذكر دايان أنه كان حريصا على متابعة كافة التفاصيل والتدقيق فيها وكان يحفظ عن ظهر قلب كل الصيغ المقترحة للمعاهدة بين مصر وإسرائيل. ولم يكن السادات مستعدا لبذل مثل هذا الجهد في مؤتمر كامب ديفيد أو غيره.
* رئيس تحرير "التقرير الاستراتيجي العربي".
** ملخص الفصل الثاني في كتاب جديد للكاتب يصدر قريبا تحت عنوان "كامب ديفيد بعد 20 عاماً"، عن دار ومطابع المستقبل في القاهرة، ومكتبة المعارف في بيروت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.