قبل نحو ثلاثين عاماً وضعت سفينة الفضاء "فوستوك" والصاروخ الحامل لها وسط معرض انجازات الاقتصاد السوفياتي في موسكو وكان رأسها المتجه نحو السماء يعتبر رمزاً لما حققته الدولة في ميادين مختلفة اما اليوم فان الصدأ يغطي هيكل الصاروخ الذي يناطح سماء رمادية وينعكس على واجهات عشرات المتاجر المليئة بالبضائع المستوردة. وبدل التجوال في اجنحة المعرض التي حولت الى دكاكين، تجد اليوم آلافاً من الزوار وهم يحملون تلفزيوناً كورياً او غسالة سنغافورية. وفي مقابل مبلغ معقول يمكن ان تأكل وتشرب في بار اقيم في صالة لطائرة من طراز "توبوليف" ما زالت رابضة على ارض المعرض إلا انها لم تعد رمزاً لعظمة الاتحاد السوفياتي. وكان المعرض الذي اقيم عام 1939 تحول لاحقاً الى مجمع فريد لعرض التكنولوجيات المتقدمة في اجنحة مثل "المواصلات والنقل" او "الفضاء" او "الطاقة النووية". وعلى مساحة عشرات الكيلومترات المربعة شيدت عمارات فخمة لتضم المعروضات وأقيمت نافورات ضخمة ترمز الى "الصداقة بين الشعوب". وفقد المعرض وظيفته الايديولوجية مع انهيار الاتحاد السوفياتي، ثم فقد تمويله مطلع التسعينات. ولذا غدا تأجير الاجنحة الى التجار والباعة السبيل الوحيد لابقائه على قيد الحياة ولتحويل ما يعادل 45 مليون دولار سنوياً الى موازنة الدولة. وقال المدير العام للمعرض فاديم سايوشيف ان الموقع لم يتحول الى "بازار" كما قد يبدو للوهلة الاولى. وأضاف ان تنظيم المعارض الموقتة ما برح "مهمة رئيسية". وتابع انه ينوي ان ينظم "سوقاً دائمة للتكنولوجيا والمعلومات والخدمات" ثم انشاء بنك للمعلومات يركز على الاختراعات والتكنولوجيات الجديدة يكون مشاركاً في شبكة "انترنت". وعلى رغم ذلك، فان المعرض اليوم اشبه بسوق "تنزيلات" كبيرة. والكثيرون من الباعة فيها من بلدان جنوب شرقي آسيا وهم يروجون لبضائع "النمور الآسيوية" وليس المنجزات الروسية. وسألت "الحياة" المتقاعد فاسيلي نيكولايف الذي كان يتجول بين الاجنحة عما يرغب في شرائه فقال ان مرتبه التقاعدي لا يسمح له "حتى بالتفكير" في التبضع وانه يدور بحثاً عن القناني الفارغة التي يتركها الآخرون كي يبيعها. وأضاف انه يتطلع بحسرة الى المواقع التي كانت فيها نماذج من الاقمار الاصطناعية والمحطات الفضائية ويتأسف لأنه يرى بدلاً منها اليوم عربات تحمل التلفزيونات اليابانية. ومعرض المنجزات الاقتصادية في حاله الراهنة قد يكون تجسيداً معبراً عن اوضاع روسيا وهو بالفعل صورة ل "منجزاتها".