انخفاض اسعار النفط    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    دعم الجماهير كان حاسمًا.. ونطمح لحصد المزيد من البطولات    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    جددت التزامها باستقرار السوق.."أوبك+": 547 ألف برميل زيادة إنتاج الدول الثماني    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    حريق بمستودع نفط في سوتشي.. هجمات أوكرانية تستهدف منشآت حيوية روسية    استمرار الأثر الإيجابي لتوجيه سمو ولي العهد.. 3.2 % ارتفاع أسعار العقارات نزولاً من 4.3 %    وزير الداخلية وسفير سنغافورة يبحثان الموضوعات المشتركة    بمشاركة 268 لاعباً ولاعبة.. انطلاق معسكر "فريق السعودية" في كازاخستان    استعرضا سبل تبادل الخبرات والتجارب.. وزير العدل ونظيره العراقي يوقعان برنامج تعاون تشريعي    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    رفقًا بهم… إنهم أمانة الوطن فينا    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    جامعة القصيم تحقق الفئات الأعلى في اختبار "مزاولة المهنة"    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    "سعود عبدالحميد" إلى لانس الفرنسي بنظام الإعارة لمدة موسم واحد    نادي الحريق يتصدر تايكوندو المملكة ب87 منافساً    نحو قطاع عقاري نموذجي    ملاحقة المهربين غرب ليبيا    الملك سلمان للإغاثة.. جهود إنسانية حول العالم    جبال المدينة.. أسرار الأرض    إحباط 1547 صنفاً محظوراً    عدم ترك مسافة بين المركبات أبرز مسببات حوادث المرور    مؤتمر «حل الدولتين».. موقف دولي لتجديد الأمل بالسلام والعدالة    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    زلزال جديد في كامتشاتكا الروسية    فرع وقاء بتبوك يختتم مشاركته في مهرجان العسل والمنتجات الزراعية الثالث بمنطقة تبوك    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    المدينة المنورة.. صحية مليونية للمرة الثانية    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    النصر غير!    الفيحاء يخسر أمام أم صلال القطري برباعية في أولى ودياته    تأثير الأمل في مسار الحياة    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    تحديات تهدد المشاريع الناشئة في المملكة    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    قربان: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة في حماية البيئة    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    الفخر بقيادتنا    البكيرية.. مشروعات نوعية وتنمية شاملة    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    إمام المسجد النبوي: الدنيا سريعة فاستغلوها بالأعمال الصالحة    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن حلال في الإسلام ... واتركوا المسلمين يتقدمون !
نشر في الحياة يوم 05 - 02 - 1998

كنت أظن أن الحديث في تحريم الإسلام للفنون الجميلة انتهى منذ سنوات طويلة، ولم يعد له مكان. فكل شعوب الدول الاسلامية تمارس هذه الفنون وتستمتع بها بشكل أو بآخر، حتى قرأت رسالة في جريدة "الحياة" عدد الخميس 22 كانون الثاني يناير الماضي، بعث بها عاصم بن لقمان خطيب جامع جعفر الطيار في جدة، رداً على ما كتبه أحمد شوقي العنجري في جريدة "الحياة" من قبل بعنوان "الإسلام لا يحارب الفن الراقي وانما يرفض ما فيه من شرك وفساد".
وهالني ما قرأت في رسالة عاصم بن لقمان، ووجدت في منتصف القرن الخامس عشر من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونهاية القرن العشرين من ميلاد المسيح، من يعيدنا إلى القرون الأولى، ومن يؤكد أن الإسلام حرم النحت ورسم الصور للكائنات التي لها روح كالإنسان والحيوان، والموسيقى والغناء! ومن يتهم القائلين بغير ذلك من المسلمين بأنهم من المعتزلة !! تصوروا... بعد أن مات المعتزلة وشبعوا موتاً منذ مئات السنين، وكأن كل هذه القرون التي مرت لم تكف لتغيير عقول بعض البشر.
وهكذا وجدت نفسي مضطراً للكتابة في ما أصبح من البديهيات، ما دام أن هناك من يعتقدون بأن الفن حرام. وأنا لا أقصد هنا الجماعات الإرهابية المتسمية بالإسلام، فهي تحرم أموراً كثيرة وليس الفن فقط. وخطورة الأمر هنا أن أمثال السيد عاصم بن لقمان يؤثرون بلا شك في غيرهم، وقد يكون هناك من رجال التعليم أيضاً من لهم الاعتقاد نفسه. و خطورة هؤلاء واولئك ليس فقط في أنهم يلغون قروناً من الإبداع الفني المتميز لدى الشعوب المسلمة، بل يحاولون تعطيل تقدم الشعوب الإسلامية من خلال تعطيل مسيرة الفنون فيها. فمن البديهي أيضاً أن الفن بصفته نشاطاً إبداعياً يدخل في جميع نواحي الحياة بل والتكنولوجيا، ولنلاحظ تصميمات واستخدامات برامج وأجهزة الكومبيوتر التي أوشكت على تسيير الحياة كلها.
اذن يجب الانتهاء من هذا الحديث وإلى الأبد..
وبالتالي فمن الضروري إعادة فتح الموضوع لتوضيح الحقيقة. وربما لا تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يفتح فيها هذا الموضوع، في ظل الظروف البائسة التي تعيشها الشعوب المسلمة حالياً. ولكل من يهمه الأمر نعود بهم إلى عدد من ائمة المسلمين الذين لا يتطرق إليهم الشك، كما نعود إلى تاريخ الفن الإسلامي نفسه والى بعض مؤرخيه.
فالشيخ محمد رشيد رضا نشر رأيه في مجلته "المنار" جواباً على مستفت في أمر الصور وحلها وحرمتها. واكد الشيخ رضا في رأيه أن العلة في القصد، فإذا قصد بالتصوير عبادته فهو حرام. واذا كان غير ذلك فهو حلال. وأعطى مثالاً على أن النبي محمد أمر "عائشة بهتك الستار الذي كان فيه الصور لأن المشركين كانوا يعلقون الصور وينصبونها بتلك الهيئة. فلما جعلت منه وسادة استعملها النبي ولم يبال بالصور التي فيها لأنها غير ممنوعة لذاتها". ورد الشيخ رضا على القائلين بالتحريم لأنه محاكاة لخلق الله بأنه يلزمهم "تحريم تصوير الشجر والجبال والأنهار، لأنها من خلق الله".
بل وأكد الشيخ أن للتصوير منافع في هذا الزمان كثيرة: في العلوم كالطب والتشريح والتاريخ الطبيعي، وفي الصناعات، وفي السياسة والإدارة والحرب، وفي اللغة، وهو هنا أيضاً يلتفت إلى الجانب التعليمي والجانب النفعي للفنون. وهو يدرك تقدم البشرية ويسايره، حتى يصل إلى أن "التصوير ركن من أركان الحضارة". وانهى الشيخ رضا حديثه بالإشارة إلى فتوى للشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية الأسبق طبعت في كتاب أسماه "الرد الشافي في التصوير الفوتوغرافي" انتهى فيها إلى تحليل التصوير.
وعند بدايات الحديث عن الفنون الجميلة في بدايات القرن العشرين، عاد الحديث عن تحريم الإسلام لها. فوقف الشيخ محمد عبده وقفة تاريخية في الدفاع عن الإسلام وعن الفنون والجمال. فنشرت الصحف حديثاً له اعتبره الجميع فتواه في تحليل الفنون الجميلة وليس تحريمها. ولا شك في أن هذه الفتوى لعبت دوراً مهماً في تشجيع الفنون الجميلة نفسها والفنانين، وفي تشجيع البحث في الفن والكتابة عنه.
تنقسم الفتوى الى ثلاثة أجزاء: الأول عن أهمية التصوير وحرص أوروبا علىه. والثاني عن عدم تحريم الإسلام للتصوير. والثالث انتقادات مرة لحال المسلمين وقت الفتوى. ونلاحظ أن أسلوب الإمام محمد عبده كان مفاجئاً، إذ أنه لا يتضمن المحسنات البديعية المفتعلة بل هو أسلوب في الكتابة متحرر حديث يتمتع بالسلاسة والبساطة وكأنه لكاتب من أيامنا الحالية، ليس فيه تقعير. وانما فيه علم وثقافة حديثة، وإطلاع على ثقافة الغرب.
والملفت للنظر أن الإمام محمد عبده يبدأ فتواه بالحديث عن أهل صقلية ويعني بهم الايطاليين وحرصهم الذي وصفه بالغريب على "حفظ الصور المرسومة على الورق والنسيج". ويتحدث بنوع من الدهشة عن دور الآثار عند الأمم الكبرى وتنافسها في اقتناء "النقوش" والتماثيل. ويتساءل عن سبب ذلك، ويقرن هذا السبب بحفظ الشعر وضبطه وتحريره، ليقرر أن "الرسم ضرب من الشعر الذي يرى ولا يسمع، والشعر ضرب من الرسم الذي يسمع ولا يرى".
ويرى من فوائد الفنون الجميلة أنها "حفظت من أحوال الاشخاص في الشؤون المختلفة، ومن أحوال الجماعات في المواقع المتنوعة، ما تستحق به أن تسمى ديوان الهيئات والاحوال البشرية". ويقرن النظر الى الرسم بالمتعة واللذة. بل يتحدث عن الفن حديث الفاهم المحب، وهو حجة الدين الإسلامي الأول في عصره وما زال. فيشرح قائلاً: "إذا نزعت نفسك الى تحقيق الاستعارة المصرحة في قولك: رأيت أسداً، تريد رجلاً شجاعاً، فانظر إلى صورة أبي الهول بجانب الهرم الكبير، تجد الأسد رجلا، أو الرجل أسداً".
والإمام يرى في "حفظ هذه الآثار حفظاً للعلم في الحقيقة وشكراً لصاحب الصنعة على الإبداع فيها". ثم يتساءل: هل التصوير حرام أو جائز أو مكروه أو مندوب أو واجب؟
ويجيب: "إن الراسم قد رسم والفائدة محققة لا نزاع فيها. ومعنى العبادة وتعظيم الصورة أو التمثال قد محي من الاذهان". فإذا أوردنا حديث "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون"، يرد الإمام "إن الحديث جاء في أيام الوثنية وكانت الصور تتخذ في ذلك العهد لسببين: الأول اللهو. والثاني التبرك بمثال من ترسم صورته من الصالحين. والأول مما يبغضه الدين، والثاني مما جاء الإسلام لمحوه. والمصور في الحالتين شاغل عن الله أو ممهد للإشراك به. فإذا زال هذان العارضان وقصدت الفائدة، كان تصوير الاشخاص بمنزلة تصوير النبات والشجر في المصنوعات"، وهذا كلام صريح واضح. والأخطر ليس تحليل التصوير بل إن الإمام يشكك في فائدة نقش المصاحف ويؤكد على فائدة التصوير، يقول: "وقد صنع ذلك- أي التصوير- في حواشي المصاحف واوائل السور، ولم يمنعه أحد من العلماء مع أن الفائدة في نقش المصاحف موضع النزاع، أما فائدة الصور فما لا نزاع فيه على الوجه الذي ذكر".
ويصرح الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية الأسبق بأنه يغلب على ظنه: "أن الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم، بعد تحقيق أنه لا خطر فيها على الدين لا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل". ثم ينهي كلمته بأن ينعي على المسلمين حالهم، نهيا قاسيا مريرا نجتره اليوم وبكل أسف. ويوجه لهم انتقادات مرة، فهم ضد أنفسهم "لا يتساءلون إلا فيما تظهر فائدته ليحرموا أنفسهم منها"، ولا يحافظون على ثرواتهم المادية والعملية، بل وفوق ذلك سيئو الخلق "وإنما الذي يتوارث هو ملكات الضغائن والأحقاد، تنتقل من الآباء الى الاولاد".
أما اذا عدنا الى المؤرخين فنجد مئات من الأمثلة على ممارسة التصوير والنحت في عصور الدول الإسلامية وبخاصة في قصور الخلفاء. يذكر كتاب "نفح الطيب" أن عبدالرحمن الناصر بنى الزهراء وجعلها مسكنا لجاريته وسماها باسمها ونقش صورتها على الباب.
وقال الشريف ابو عبدالله محمد الجواني في كتاب "النقط على الخطط": "أن الخليفة الآمر باحكام الله بنى على المنظرة التي يقال لها بئر دكة الحركة منظرة من خشب مدهونة، فيها طاقات تشرف على خضرة بركة الحبش، وصور فيها الشعراء، كل شاعر وبلده، واستدعى من كل واحد منهم قطعة من الشعر في المدح، وكتب ذلك عند رأس كل شاعر".
كما ينقل عن ياقوت علي بن هلال "بنى المتوكل قصر المختار في سامراء، وكان فيه صور عجيبة، من جملتها صورة بيعة فيها رهبان، وأحسنها صورة شهار البيعة. قال وقد دخله الواثق وشرب فيه وأعجبته تلك الصور، فأخذ سكينا لطيفا وكتب على حائط البيت:
"ما رأينا كبهجة المختار
لا ولا مثل صورة الشهار".
وعن الحسن المتطبب من القرن السادس روايته: "انه رأى ببغداد في دار الملك شرف الدين هرون بن الوزير الصاحب شمس الدين محمد بن محمد الجويني، حماما متقن الصنعة، حسن البناء، كثير الاضواء، قد احتفت به الانهار والاشجار، وكانت بعض أنابيبه على هيئة طائر إذا خرج منها الماء صوت بأصوات طيبة. ورأى من العجيب في خلوة به أن حيطانها الأربعة مصقولة صقلا لا فرق بينه وبين صقال المرأة، يرى الانسان سائر بشرته في أي حائط شاء منها. ورأى أرضاً خلوة من الحمام وحيطانها مصورة بفصوص حمر وخضر ومذهبة صورا في غاية الحسن والجمال، وجميعها بارزة مجسمة في غاية الاتقان والسبك. وهي صور نساء وفتيات في غاية الجمال، وأشجار وأزهار وأطيار، قد أفرغ الصانع لها جهده فجاءت كأنها صور حقيقية".
وأورد احمد يوسف احمد في كتابه "الفنون الجميلة قديما وحديثا" والمنشور العام 1934 أنه "ومن حب المسلمين في الصور أن الأمراء والحكام كانوا يطلبون من بعضهم البعض الهدايا فيستحسنون منها المصورة أو المنحوتة. ومن ذلك أن يوسف بن عمر عامل الوليد على العراق في القرن الثاني الهجري كتب إلى نصر بن سيار عامل خراسان يأمره بالقدوم عليه بعياله ويحمل معه ما قدر عليه من الهدايا. فكان مما أمر نصر بصنعه ليحمله معه أباريق الذهب والفضة وتماثيل الظباء ورؤوس السباع والايايل وغير ذلك".
ويذكر احمد تيمور باشا في كتابه "التصوير عند العرب" انه وجد على جدران قصر الحير الغربي وهو القصر الذي كان لهشام بن عبد الملك. أقول: وجدوا على جدرانه وأرضه كثيرا من الصور والزخارف الملونة، من أعظمها ما عثر عليه داخل غرفتين فيه، رصفت أرضهما بالجص المصور. تمثل الأولى امرأة تحمل بين ذراعيها سلة فيها ثمار، وقد التف حول عنقها ثعبان، وفوقها صورة قنطور سين بهيئة رجلين نصفهما الأسفل ثعبان له مخالب سبع. ورسم في أرض الغرفة الثانية مرزبان على جواده يطارد غزلانا يرميها بالسهام، وصورة قينتين الأولى تنفخ بمزمار، والثانية تضرب بمرهب الخشب على عود ذي خمسة أوتار. وحجم هذه الصورة يعادل حجم الإنسان ويزيد عنه في بعضها، وهي متقنة الصنع، زاهية الألوان، ساذجة الخطوط طبيعية الحركات.
بل ونشر الدكتور زكي محمد حسن مقالا في مجلة "الرسالة" عدد 93 تاريخ 15 نيسان ابريل 1935 بعنوان "أثر الفن الإسلامي في فنون الغرب" مؤصلا للفنون الإسلامية أولا، فأوضح أن الإسلام ورث فنون روما وبيزنطية وإيران وآشور وكلديا. وتأثر المسلمون بالأساليب الفنية في البلاد التي خضعت لهم وانتشر فيها دينهم فظهرت فنون اسلامية أثرت بدورها في الغرب.
وبهذه المناسبة أذكر القراء بكتب عدة للدكتور زكي محمد حسن خصصها للفنون الاسلامية منها: "تاريخ الفن الإسلامي في مصر: الجزء الاول". مطبعة دار الكتب المصرية - القاهرة 1935، "في الفنون الإسلامية: الجزء الاول"، اتحاد اساتذة الرسم - القاهرة 1938، "التصوير في الإسلام عند الفرس"، لجنة التأليف والترجمة والنشر - القاهرة 1936، "الفنون الايرانية في العصر الإسلامي"، دار الآثار العربية - القاهرة 1940، "الصين وفنون الاسلام" المجمع المصري للثقافة العلمية - القاهرة 1941، "فنون الاسلام" القاهرة 1948.
وكتب محمد عبدالعزيز مرزوق سلسلة من المقالات في مجلة "الرسالة" بعنوان "الاسلام والفنون الجميلة"، وهو منذ البداية واضح في ربطه بين الاسلام والفنون الجميلة فيقرر من السطر الأول "يمتاز الاسلام بأنه أوجد لنفسه بنفسه فنا جميلا كيفه بمبادئه وبث فيه من روحه، وغذاه بتعالميه حتى استقام عوده، ونضجت شخصيته، وتجلت للعيان مميزاته".
هذه مجرد امثلة من تاريخ زاخر للفنون الجميلة في الدول الاسلامية عبر قرون، ولا يمكن أن يصدق العقل البشري المسلم اليوم أن الفن حرام، ولا يمكن بالتالي الاستجابة لهذه الدعوى. فالحلال والحرام بيَّن وليس هناك نص صريح في القرآن الكريم يحرم التصوير أو النحت كعمل فني، بينما هناك آيات عدة تحض على التفكير والتأمل والابداع والجمال، وهي امور تدخل قلب وعقل كل انسان... فدعوا المسلمين يتقدمون وكفاهم ما يعانون، جزاكم الله واثابكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.