العوالي العقارية تشارك في معرض سيتي سكيب العالمي 2025    ابتدائية مصعب بن عمير تنفّذ ورشة "بحث الدرس" ضمن برامج التطوير المهني القائم على المدرسة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح التصفيات النهائية لمسابقة حفظ القرآن الكريم بالنيبال    غرق 4 وفقد آخرين في انقلاب قاربين يقلان مهاجرين غير شرعيين قبالة سواحل ليبيا    وفد أعمال سعودي يزور إسطنبول لتعزيز الشراكة الاقتصادية نهاية نوفمبر    أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة وجريان سيول على عدد من المناطق    الكويت ترحب بتوقيع اتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو    قاعة مرايا بمحافظة العُلا… أكبر مبنى في العالم مغطى بالمرايا    الحرف اليدوية في المملكة.. اقتصاد يتشكل بيد المبدعين    أكدوا دعمها للقضية الفلسطينية.. سياسيون ل«البلاد»: زيارة ولي العهد لواشنطن تعزز العلاقات والاستقرار    مشروع قرار أمريكي لوقف النار.. مجلس سلام.. وقوة استقرار دولية بغزة    اشتعال جبهات القتال بين روسيا وأوكرانيا    تشيلسي يعرض 150 مليوناً لتحقيق حلم الثلاثي البرازيلي    مهاجمه مطلوب من عملاقي البرازيل.. الهلال ال 39 عالمياً في تصنيف«فيفا»    ضمن تصفيات أوروبا المؤهلة لكاس العالم.. إيطاليا في مهمة مستحيلة أمام هالاند ورفاقه    القيادة تعزي رئيس جمهورية العراق في وفاة شقيقه    السعودية.. منظومة متكاملة لتمكين ريادة الأعمال    آل الكاف وآل سجيني يحتفلون بزواج علي    الدحيلان عميداً لتقنية الأحساء    ضوابط موحدة لتسوير الأراضي بالرياض    «جيدانة».. وجهة استثمارية وسياحية فاخرة    المفتي لوزير العدل: القيادة تدعم تطوير القضاء    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    أمراء ومواطنون يؤدون صلاة الاستسقاء في مختلف أنحاء المملكة    علماء روس يبتكرون جزيئات تبطئ الشيخوخة    طبيبة أمريكية تحذر من إيصالات التسوق والفواتير    مختصون في الصحة يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    الذهب ينهي الأسبوع مرتفعا    تطوير الصناعة الوطنية    الحربي هنأ القيادة على الإنجاز.. والمشرف يعانق فضية التضامن الإسلامي    الرميان رئيسًا للاتحاد العربي للجولف حتى 2029    ولي العهد يرعى القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    27.9% من الإنفاق على البحث والتطوير للصناعة والطاقة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 28 في البرتغال بسبب العاصفة كلوديا    القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    أمسية البلوفانك    شتاء درب زبيدة ينطلق بمحمية الإمام تركي    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة ( وعيك أمانك ) في مقر إدارة مساجد محافظتي الدرب وفرسان    رينارد يريح الصقور    السودان بين احتدام القتال وتبادل الاتهامات    "دوريات جازان" تُحبط تهريب 33 كيلو جراماً من القات المخدر    "الشريك الأدبي".. الثقافة من برجها العاجي إلى الناس    حائل الفاتنة وقت المطر    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل وزير الشؤون الدينية في بنغلاديش    وزير الحج: إنجاز إجراءات التعاقدات لأكثر من مليون حاج من مختلف الدول    "الحج والعمرة" وجامعة الملك عبدالعزيز توقعان مذكرة تفاهم لخدمة ضيوف الرحمن    ترحيل 14916 مخالفا للأنظمة    المرأة روح المجتمع ونبضه    تهنئة ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده    دور ابن تيمية في النهضة الحضارية الحديثة    مكانة الكلمة وخطورتها    السعودية ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    إنسانيةٌ تتوَّج... وقيادة تحسن الاختيار: العالم يكرّم الأمير تركي بن طلال    لكل من يستطيع أن يقرأ اللوحة    انتصار مهم لنادي بيش في الجولة الرابعة أمام الخالدي    أمير منطقة الجوف يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الصحي الشمالي    تجمع الرياض الصحي يبرز دور "المدرب الصحي" في الرعاية الوقائية    بمشاركة 15 جهة انطلاق فعالية "بنكرياس .. حنا نوعي الناس" للتوعية بداء السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 06 - 11 - 1998

مضى شهران وأيام على ضرب الولايات المتحدة مصنع أدوية في الخرطوم، ولا يزال العالم يواجه وضعاً من نوع "يرضى القتيل وليس يرضى القاتل".
كان السودان بعد ضرب مصنع الشفاء في 20 آب اغسطس الماضي طالب بتحقيق دولي، وحاول حشد تأييد لتوجيه لوم رسمي الى الولايات المتحدة في الهجوم، غير ان الولايات المتحدة رفضت مجرد التحقيق، وركبت رأسها، مصرّة على ان لديها معلومات "أكيدة" عن ان مصنع الادوية ينتج في الواقع مواد كيماوية، وان بناءه كان بتمويل من أسامة بن لادن.
الولايات المتحدة لم تقدم دليلاً واحداً يمكن ان تقبل به محكمة محايدة، فكل ما عندها من معلومات اساسه اطراف معارضة، بعضها يهبط الى درك الخيانة، واسرائيل، بالاضافة الى ما زعمت انها جمعته من مصادر رفضت الافصاح عنها، بحجة انها ستعرّض هذه المصادر الى الخطر، وهي حجة تقليدية تلجأ اليها اي دولة لا تستطيع الدفاع عن موقف لها.
في هذا الوضع، لم يصعّد السودان مع الولايات المتحدة، ولم يصرّ على طلب تحقيق محايد باشراف الأمم المتحدة، وعلى طلب انعقاد مجلس الأمن للبحث في الهجوم، وعلى الزام الولايات المتحدة دفع تعويضات، والتعهد الاّ تعود الى مثل هذا الخرق الفاضح للقانون الدولي. السودان لم يطالب بشيء من هذا وانما حاول استرضاء الولايات المتحدة.
وإذا كان هذا ليس غريباً بما يكفي، فأغرب منه ان الولايات المتحدة لا يعجبها الموقف السوداني، وهي تشترط شروطاً على الحكومة السودانية قبل فتح حوار جدي معها.
أغرب من هذا وذاك ان الولايات المتحدة فرضت عقوبات على السودان سنة 1997 بحجة ايوائه الارهاب وتشجيعه، وحاولت عبر مجلس الأمن فرض عقوبات دولية على السودان بزعم احتضانه الارهابيين الذين حاولوا اغتيال الرئيس حسني مبارك في اثيوبيا سنة 1995. ووجه الغرابة المطلق في هذا الوضع ان مصر نفسها لا تريد فرض عقوبات على السودان، وتعلم ان العقوبات تؤذي شعباً شقيقاً، لذلك فهي تقف ضدها والرئيس مبارك هدف للارهاب، في حين تصرّ عليها الولايات المتحدة، وكأن الامر يهمها اكثر من الرجل المعني مباشرة بالارهاب وبلده.
هناك بعض المنطق في الموقف السوداني المهادن من الولايات المتحدة، فهذه الدولة العظمى الوحيدة الباقية في العالم، والسودان لا يستطيع ان يجترح بطولات فارغة ويتصدى لها، لأن العين لا تقاوم المخرز. وبما ان تحدي الولايات المتحدة غير ممكن، فالسودان على ما يبدو يريد الخروج بشيء ايجابي من ضرب المصنع هو تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الى درجة رفع العقوبات، وربما بدء تعامل اقتصادي بسيط بعد ذلك.
لو كانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات على السودان للأسباب المعلنة، اي مكافحة الارهاب، لكانت رحبت بالمبادرة السودانية، فهذه لا تخرجها من ورطة الخطأ الفاضح بضرب مصنع ادوية في بلد فقير لأسباب خاطئة، بل يضعها في مركز تستطيع منه فرض شروط على السودان لوقف التعامل مع الجماعات الارهابية او احتضانها، اذا كان هذا ما تريد الولايات المتحدة فعلاً.
غير ان الولايات المتحدة التي رفضت قبول تحقيق محايد في ضرب المصنع لعلمها انه سيدينها، تتردد الآن في التجاوب مع ضحيتها وفتح صفحة جديدة ما يجعل عرباً ومسلمين كثيرين يقتنعون، او يزدادون اقتناعاً، بأن الموقف من السودان هو جزء من حملة مشبوهة لتطويع بعض الدول العربية والمسلمة التي لا تتفق في سياستها مع الولايات المتحدة.
الادارة الاميركية لا تزال تستطيع نفي التهمة ببدء حوار جدي مع السودان للاتفاق على حلّ للمشاكل القائمة بشكل لا يموت فيه الذئب ولا تفنى الغنم.
طبعاً ليس ذنب الولايات المتحدة ان الشعوب العربية تحوّلت الى غنم يطمع فيها كل ذئب، من اميركا الى اسرائيل وغيرها، بل هذا ذنب الشعوب العربية والأنظمة العربية، فما يشجع العالم الخارجي عليها هو عجزها عن الاتفاق على شيء، مع اعتبار كل بلد عربي بلداً عربياً آخر عدوه قبل اسرائيل وكل الاعداء. لذلك سأل الشاعر "أين أين الرعيل من آل بدر/ طُوي الفتح واستبيح الرعيل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.