فشلت آخر ثلاث محاولات للدوران بالمنطاد حول العالم دون توقف. إلى جانب الفشل فإن الشيء الذي يجمع المحاولات الثلاث هو اصرار القائمين بها على تكرار المحاولة. المليونير البريطاني ريتشارد برانسن الذي اضطر الى الهبوط في المغرب أعلن أنه سيعاود الانطلاق بمنطاده من المغرب قريباً. والسويسريون الثلاثة الذين تعطل منطادهم على الأرض قبل أن يحاولوا التحليق يكررون المحاولة هذا الاسبوع. والأميركيان ديك روتان وديف ملتن اللذان اضطرا الى مغادرة المنطاد بالمظلات بسبب تسرب غاز الهليوم سيكرران المحاولة حال اصلاح المنطاد. اصرار مماثل يتملك المليونير الأميركي ستيف فوسيت الذي أوشك على الفوز بلقب أول شخص يدور بالمنطاد حول الكرة الأرضية. وكان فوسيت الذي انطلق في آخر يوم من العام الماضي اجتاز المحيط الأطلسي بنجاح لكنه اضطر للهبوط في جنوبروسيا. مقابل اخفاقه في الدوران حول الأرض أفلحت المعدات العلمية التي حملها في منطاده في جمع معلومات عن طريقة جديدة ستستخدم لاستكشاف الكواكب عن قرب بواسطة المناطيد. مناطيد الهليوم جميع المناطيد المستخدمة في هذه المحاولات من صنع الشركة البريطانية "كاميرون بالونز" في بريستول. وتحتوي المناطيد على غرف منفصلة لغاز الهليوم والهواء الساخن. غاز الهليوم أخف من الهواء وعند تعرضه لحرارة الشمس خلال النهار يتسع حجمه ويرفع المنطاد عن الأرض. وتقوم مواقد غاز في المنطاد بتسخين غرف الهواء خلال الليل لتوفير قوة رفع اضافية عندما يبرد الهليوم وينكمش. هذه الطريقة أكثر كفاءة من استخدام الهواء الساخن مباشرة إلاّ أن الرقم القياسي لتحليق المناطيد لم يتجاوز 6 أيام، في حين يستغرق التحليق حول الأرض بالاعتماء على تيار الهواء 3 أسابيع. ويعود جزء من المشكلة الى الأشعة الشمسية. فان أشعة الشمس اللازمة للتسخين قد تؤدي في حال زيادتها الى اتساع غاز الهيلوم وتسربه الى الجو ما يقصر من أمد الرحلة. لمواجهة هذه المشكلة تم اكساء المناطيد بمادة "ميلار" المعاملة بالألمنيوم. وهي تساعد على تقليل الخسارة. وتستخدم في الوقت نفسه مراوح لجلب الهواء البارد تعمل بالأشعة الشمسية لضمان توقفها عندما تختفي الشمس. والوزن مشكلة أخرى خاصة في الجندول الذي يقضي فيه طاقم الرحلة وقتهم. وقد استخدمت في صنع الجندول مادة مركبة من الكربون مقواة بمعدن "كيفلار". ويعترف المشرفون على صناعة المناطيد بأن التكنولوجيات المستخدمة تجريبية كلها، ويشيرون الى حقيقة أن النجاح في اجتياز الأطلسي بالمنطاد لم يتحقق إلاّ بعد 20 سنة من المحاولات. "الروح المنفردة" وتعتبر محاولة ستيف فوسيت وهي الثانية بعد اخفاق محاولته الاولى العام الماضي أنجح المحاولات لحد الآن. يحمل منطاد فوسيت اسم "سولو سبرت" Solo Spirit ويعني "الروح المنفردة"، وانطلق به في اليوم الأخير من عام 1997. وبعد أن قطع المحيط الأطلسي بنجاح وحلّق فوق جنوب أوربا والبحر الأسود، واجه مشاكل في جنوبروسيا، حيث اضطر الى الهبوط. حمل منطاد فوسيت معدات خاصة بوكالة الفضاء الأميركية "ناسا". وذكر المشرف على هذه المعدات أن جهاز "ايروبوت" Aerobot الذي حمله المنطاد سجل معلومات ثمينة في مشاريع ارسال مناطيد للدوران حول الكواكب. ورغم المشاكل التي واجهها المنطاد استطاع الجهاز بث معلومات دقيقة عن الموقع والحركة والسرعة وسرعة الرياح الرأسية ودرجات الحرارة والرطوبة. وتم بث المعطيات من المنطاد عبر أربعة أقمار للاتصالات تدور حول العالم الى مركز السيطرة في جامعة واشنطن في سنت لويس. ولم يقتصر دور المهندسين على مجرد التسلم السلبي للمعلومات، بل قاموا بعمليات استقصاء للتعرف على نوع المشاكل التي تواجهها الأجهزة خلال التحليق. ويتوقع استخدام جهاز "ايروبوت" في رحلات استكشاف كوكبي المريخ والزهرة، وربما في وقت لاحق لاستكشاف كوكب المشتري وقمر "تيتان" التابع لكوكب زُحل. وستحمل المركبات الفضائية التي ترسل الى الكواكب مناطيد على متنها تطلق في جو الكوكب. ويسد المنطاد الذي يحلق على ارتفاع منخفض الفجوة القائمة ما بين المعلومات التي تبثها مركبات آلية تسير علي سطح الكوكب، مثل "باث فايندر" الذي استخدم في المريخ والمركبات الفضائية التي تحلق في مدارات حول الكواكب.