قال المبعوث الدولي - العربي السابق الأخضر الإبراهيمي في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» ان هجوم الجماعات الجهادية في العراق كان نتيجة لجمود المجتمع الدولي ازاء النزاع المستمر في سورية منذ اكثر من ثلاثة اعوام. وقال الإبراهيمي الذي استقال من منصبه في أيار (مايو) الماضي بعد اقل من عامين من الجهود غير المجدية لإنهاء النزاع في سورية الذي اودى بحياة اكثر من 160 الف قتيل، في مقابلة هاتفية مع «فرانس برس»: «هذه قاعدة معروفة، فصراع من هذا النوع (في سورية) لا يمكن ان يبقى محصوراً داخل حدود بلد واحد». وأضاف ان المجتمع الدولي «للأسف اهمل المشكلة السورية ولم يساعد على حلها وهذه هي النتيجة». وبالنسبة الى الوسيط السابق في العراق بعد الغزو الأميركي - البريطاني لهذا البلد عام 2003، لا يمكن للمجتمع الدولي ان «يتفاجأ» بهجوم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) التي تعد احدى اهم الجماعات الفاعلة في سورية، على العراق. وهذه المجموعة المعروفة بقسوتها تمكنت خلال ثلاثة ايام من السيطرة على الموصل ثاني اكبر المدن في العراق ومناطق واسعة أخرى من شمال ووسط البلاد وانتقلت الى الحدود العراقية - السورية التي يسهل اختراقها. وهي تطمح لإنشاء امارة اسلامية بين العراق وسورية. وقال الديبلوماسي المخضرم ان «شخصية عراقية قالت لي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ان الدولة الإسلامية في العراق والشام اكثر نشاطاً عشر مرات في العراق على ما هي عليه في سورية». وأضاف: «ذكرت ذلك الى مجلس الأمن الدولي وفي محادثاتي». وتابع ان العراق الذي يتشارك بحدود طويلة وسهلة الاختراق مع سورية «كان مثل الجرح الكبير الذي اصيب» جراء النزاع في سورية. وأوضح: «ليس من حقنا ان نتفاجأ لأن العراق لم يسترد عافيته ابداً بعد الغزو الأميركي له عام 2003». وقال الإبراهيمي: «في نيسان (ابريل) 2004 قلت في بغداد ان كل عناصر الحرب الأهلية موجودة (...) في الحقيقة فقد بدأت حرب أهلية عندما سقط نظام صدام حسين. انا لا ادافع عن صدام كان نظاماً بغيضاً يجب ان يسقط، لكن الطريقة التي تم القيام بها من خلال غزو لم يكن لها اي مبرر». وأضاف ان «تصرفات الجهاديين في العراق مبنية على خلفية الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة». والانقسام الطائفي في العراق عميق للغاية. وتشعر الطائفة السنية التي كانت في السلطة في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، بالتهميش من قبل السلطات التي يسيطر عليها الشيعة منذ الغزو الأميركي في عام 2003 والإطاحة بالنظام «البعثي». وقال الإبراهيمي ان «السنة سيدعمون الجهاديين ليس لأنهم جهاديون ولكن لأن عدو عدوي هو صديقي»، مشيراً الى ان «هذا ليس في مصلحة احد، وبالتأكيد ليس في مصلحة أهل السنة في العراق». ورداً على سؤال حول رد فعل واشنطن التي قررت ارسال حاملة طائرات الى الخليج السبت وطهران التي ابدت استعدادها لمساعدة بغداد من دون التدخل على الأرض، اشار الإبراهيمي الى ان هناك «تعاوناً بحكم الأمر الواقع» ما بين البلدين الذين جمدا علاقاتهما الديبلوماسية منذ قيام الثورة الإسلامية في ايران عام 1979. وأضاف ان «الأمر المثالي سيكون عبر جلوس كل دول المنطقة بما فيها ايران معاً ليقولوا: نحن لسنا بحاجة الى حرب اهلية بين السنة والشيعة ويجب علينا ان نتعلم العيش معاً». وفي تعليق على استقالته التي قال حينها انه «حزين جداً» بسببها، قال المبعوث السابق للأمم المتحدة انه «لا يوجد حل عسكري في سورية». وأضاف ان «النظام السوري الذي يحرز نجاحات من الناحية العسكرية خلص الى انه سيحرز نصراً حاسماً، لكن انا لست على يقين من ان هذا هو الحال. الجميع سيوافق في النهاية على البحث عن حل سياسي وهذا أفضل للجميع». ويسيطر مسلحون ينتمون الى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وتنظيمات اخرى اضافة الى عناصر من حزب «البعث» المنحل على مدينة تكريت (160 كيلومتراً شمال بغداد) مركز محافظة صلاح الدين منذ الأربعاء، كما يفرضون سيطرتهم على مناطق اخرى في المحافظة شمال العراق. ويسيطر هؤلاء ايضاً منذ نحو اسبوع على محافظة نينوى وكذلك على مناطق في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد وعلى مدينة الفلوجة الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً الى الغرب من العاصمة بغداد.