أعاد الحديث عن تفاصيل مشروع «تطوير التعليم» أخيراً من وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل إلى الساحة السعودية تداول هموم «الشق الديني» في ذلك التطوير، خصوصاً وأن الفيصل نفسه أشار إلى أن التعليم كان «مختطفاً»، في إشارة منه إلى صراع التيارات الدينية على التعليم، بيئة وأنشطة ومناهج! لكن الوزير القوي في مواجهة المعارضين لسياساته في مناسبات عدة، صارح مجتمعه بأن «الظروف مهيأة والوقت مناسب جداً لإحداث التحول المنشود أكثر من أي وقت آخر، كما أن مستقبل الوطن والمحافظة عليه وعلى مكتسباته وأمنه واستمرار وازدهاره ونمو اقتصاده، مرتبطة جميعاً بالتعليم الجيد، وبالاقتدار المعرفي والحضاري لأبنائه». وكان الجانب الأكثر حساسية بالنسبة لشرائح من التيار الديني، ما يتعلق بالتربية البدنية للفتيات في مدارس البنات، إذ تزامن إقراره في مجلس الشورى بإعلان تفاصيل خطة تطوير التعليم العام. وفي وقت يرجّح أن تجد تفاصيل الخطة التطويرية في شقها المتعلّق برياضة البنات على الأقل اعتراضاً من بعض المحافظين، يرى أستاذ التاريخ، عضو مجلس الشورى السابق، الدكتور محمد آل زلفة، أنه «جاء الوقت كي نضع حداً لهؤلاء، تماماً كما فعل الملك عبدالعزيز من قبل عند التأسيس في معركة السبلة الشهيرة»، مضيفاً: «هم يفضلون الارتقاء على جهود الآخرين، فما يفعله هؤلاء يقوم على فكرة مصادرة كل الآراء، والبحث عن مطية للارتقاء عليها ومداعبة جماهيرهم». وذكر آل زلفة ل «الحياه» أنه من خلال قراءته لمسيرة المعترضين على خطط التطوير، وجدهم «يعيشون خارج الزمن، إذ يصرون على احتكار فهم الإسلام، والتحدث باسم المجتمع، والمفسرين للأنظمة، فيما هم لا يمثلون إلا أنفسهم، وإلا فالحمد لله كلنا مسلمون، والمجتمع فيه تنوع واختلاف، والأنظمة واضحة وليست بحاجة لشرحهم». ولفت أن الدور ملقى «على العلماء الربانيين، لوقف تجاوزات هؤلاء»، مشيراً إلى ضرورة «تفعيل دور الحوار الوطني لنقاش مواضيع محددة وليست عامة، كما يجب أن تكون توصيات الحوار ملزمة». وجاء إنشاء مجلس الشورى كأحد أهم القرارات التي اتخذها ولاة الأمر لتعزيز مبدأ المشاركة الشعبية، والإفادة من خبرات أبناء الوطن في درس التشريعات والأنظمة، ومراجعة تقارير أداء السلطة التنفيذية، واقتراح ما يسهم في التطوير والتنمية المجتمعية، وخدمة المواطن وتحقيق تطلعاته وآماله، والعمل على إنجازها من الجهات المعنية. إلا أن أطرافاً من المناوئين لبعض توجهات التحديث لا يهتمون بالأسباب التي دفعت أعضاء المجلس إلى التوصية بإقرار توصية مثل «رياضة البنات» في المدارس، قدر اهتمامهم بحراسة أهداف آيديولوجية. من جانبه، يرى الكاتب قينان الغامدي ضرورة إسهام مؤسسات المجتمع المدني في توعية المجتمع، بوصفها قوى ضاغطة على الجهات الحكومية، كي تسرّع في تطبيق قراراتها. وأكد في حديث مع «الحياة» أنه «بخصوص التربية البدنية للبنات فهي ما زالت توصية وربما يؤخذ بها وربما لا، و«المجتمعات المدنية» مهمة في شأن مثل هذا القرار أو غيره، لأنها تمثل الصوت الحقيقي للناس، وهو تعبير حقيقي عن رغباتهم. وأضاف: «تكوين مؤسسات مجتمع مدني قوية سيمكن الناس من المشاركة في صنع القرارات، وسيصل صوتهم بسهولة وسرعة إلى الجهات العليا، وتأخرها ليس في مصلحة البلد، وهي من أهم المظاهر الحضارية لأي دولة، إذ إن هناك مطالبات كثيرة بتأسيسها ولكنه لم يبت في بعضها حتى هذه اللحظة».