لا تختلف إدارة الولاياتالمتحدة لشؤون العالم كثيراً عن إدارة الفيفا لشؤون كرة القدم في العالم...! يتغنيان بالشفافية، وينتهجان المعايير المزدوجة. يدافعان عن الشرعية والعدالة والديمقراطية... وهما أول من يدهس القوانين والأعراف الدولية بالأقدام إذا ما تعارضت مع المصالح! يفتحان الملفات الملغومة متى شاءا، رافعين شعارات أخلاقية وقانونية وإنسانية، ليست هي بالطبع بيت القصيد! فابن همام الذي ادعى بلاتر مراراً اخوته، وكان حجر الزاوية في فوزه بانتخابات الرئاسة في 1998 على حساب يوهانسون، وفي 2002 على حساب حياتو، لم يعد حتى صديقاً لمجرد أنه قرر النزول إلى الساحة وممارسة حقه الديمقراطي في المنافسة على مقعد الرئاسة! يطالبون الآخرين باحترام النتيجة التي يفرزها صندوق الاقتراع، ثم يبادرون إلى عداء من قرر الاحتكام إلى ذات الصندوق! أتصور أن ميكيافللي لو كان حياً بيننا اليوم، لأعاد إصدار طبعة منقحة من كتابه الشهير "الأمير" بعد إضافة فصل خاص عن أمير الفيفا جوزيف بلاتر الذي أبدع في تطبيق "البرغماتية" التي تتبنى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة حتى لو تعارضت مع القيم والمبادئ. ولا ينافس بلاتر في معاييره المزدوجة، سوى الولاياتالمتحدة... فهي تدعو إلى الديمقراطية، لكن إذا جاءت الديمقراطية بحركة حماس، فعليها اللعنة ولا تعامل معها... وهي التي تدعو إلى احترام القانون وحقوق الإنسان حتى ولو كان الأخير طاغية... قد فض مبدأ أخذ الحق باليد والقوة والثأر، كما فعل ابن لادن في 11 سبتمبر.. لكن لا مانع أو رادع في أن تأخذ هي تأثرها وحقها بتصفيته من دون محاكمة. وبالمناسبة... لا أدري سر تلك المفارقة التي تجمع بين تنظيم القاعدة وانتخابات الفيفا... فأصداء 11 سبتمبر كانت تغطي على آخر انتخابات رئاسية جرت في كوريا الجنوبية قبيل افتتاح مونديال 2001. واليوم تعود أصداء اغتيال زعيم التنظيم لمزاحمة الانتخابات الرئاسية التي ستجري الأسبوع المقبل في زيوريخ. وأتمنى ألا يكون للتنظيم وجود في انتخابات 2015. شخصياً تأثرت مراراً من هروب ابن لادن... أتذكر أنني في مونديال كوريا واليابان كم كنت أكره التنقل بين مطار وآخر. فما إن أقف أمام موظف الجوازات في أي مطار حاملاً بطاقة صعود الطائرة وجواز سفري... إلا وأترقب اللحظة التي سيرفع فيها الموظف رأسه عن أوراقي ليجحظ بعينيه في وجهي صائحاً: "آوه... الشيخ أسامة"...! فأشهر مطلوب في العالم يقف أمامه! وأحياناً كان سفري يتعطل بعض الشيء رغم أنه لا شبه بيني وبين شيخ "القاعدة". الحمد لله يمكنني التوجه اليوم إلى زيوريخ ولم أعد مطلوباً لا فيها أو غيرها... فقد أخرجت عملية "غيرونيمو" اسم "الشيخ أسامة" من قائمة المطلوبين. لم يعد مطلوباً في زيوريخ اليوم سوى اسم شيخ آخر هو "محمد بن همام العبد الله". [email protected]