نائب أمير مكة يستقبل وزير الحج ووزير النقل والخدمات اللوجستية وقائد قوات أمن الحج    وزير الصحة يؤكد للحجيج أهمية الوقاية بتجنّب وقت الذروة عند الخروج لأداء ما تبقى من المناسك    تراجع أسعار النفط إلى 82.22 دولارًا للبرميل    انخفاض سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    تفادياً لانضمام سموتريتش وبن غفير.. نتنياهو يحل مجلس الحرب    باحثون: دور الأسلحة النووية بات أكثر وضوحا في العلاقات الدولية    وكيل إمارة القصيم يعايد المرضى المنومين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    بيئة القصيم : 8 الاف اضحية تستقبلها المسالخ أول أيام عيد الأضحى    المتطوعون : دعوات الحجيج واكتساب المعارف شجعتنا على التطوع    نائب أمير مكة يطّلع على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وجاهزية خطط أيام التشريق    الصحة توصي الحجيج بتأجيل رمي الجمرات حتى الساعة ال4عصرا بسبب ارتفاع درجات الحرارة    مصرع 5 أشخاص في حادث تصادم قطارين في الهند    «الأرصاد»: «49 درجة مئوية» الحرارة العظمى المتوقعة في منى ومكة.. اليوم    التوقع بهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    كاليفورنيا ..حرائق تلتهم الغابات وتتسبب بعمليات إجلاء    رونالدو "ماكينة" الأرقام القياسية يتطلع إلى المزيد في ألمانيا    الحكومة الهندية تدرس خفض الضرائب لزيادة الطلب    ضخ أكثر من 3 مليارات لتر من المياه العذبة خلال يومي التروية وعرفة واليوم الأول للعيد    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    1 من كل 7 بالغين مهدد بالابتزاز الجنسي    رئيس "سبل" يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الأضحى    عبدالعزيز بن سعود يلتقي منسوبي الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية    الشؤون الإسلامية تعايد ضيوف خادم الحرمين الشريفين بعيد الأضحى المبارك    أمير جازان يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للبحر الأحمر يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    قتل تمساح ابتلع امرأة !    وزير الداخلية يدشن قيادة المجاهدين بعرفات    «الإحصاء»: التضخم يواصل استقراره.. وصعود طفيف للأسعار    الداخلية: إدارة الحشود صناعة سعودية ندرّسها للعالم    40 نيابة لمباشرة القضايا في الحج    دقيقتان تفصلان حاجة باكستانية عن العثور على هاتفها    وليّ العهد والرئيس السيسي خلال لقاء أخوي بمنى    «السراب» يجمع يسرا اللوزي وخالد النبوي    وليّ العهد يستعرض مع شارل ميشيل القضايا الإقليمية    مصادر «عكاظ»: هتان يحدد مصيره «الاحترافي» عقب رحلة أمريكا    في أمنٍ واطمئنان.. الحجاج يستقرون في منى    استثمار منصات التواصل في تجديد الخطاب والرد على شُبُهاتِ أهل الإلحاد    تزامناً مع العيد.. أسعار «الشوكولاتة» تواصل صعودها    محافظ الطائف يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    1 من 6 مصابون به.. هذه المشكلات وراء العقم في العالم    5 فوائد صحية لماء البامية للرجال    جهاز إشعاعي للكشف عن زهايمر القلب    ولي العهد يتبادل التهاني مع ملك البحرين وأمير الكويت والرئيس التركي ويتلقى اتصالاً من رئيس المجلس الأوروبي    العيد.. فرصة للتجديد!    ردة الفعل تجاه مستيقظي العقل    العيال لم تكبر !    في فمي ماء !    نستثمر في مستقبل المملكة والعالم    أمير مكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى    دعم سعودي لجهود إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني    صلاة العيد على أنقاض المنازل    عاتق البلادي يحصي آثار أم القرى    د. السعدي وسالف الذكريات    الكتابة العلاجية    أمير منطقة تبوك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    الكشافة تواصل جهودها بإرشاد الحجاج التائهين في مشعر عرفات    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بيروت متحركة» على وقع الفن والنشاطات الثقافية
نشر في الحياة يوم 06 - 05 - 2011

ترتجف الأرض تحت أقدام بيروت. تتراقص المباني على وقع الارتجاجات، ثم تهدأ لتترك الساحة للبرج الشاهق في الوسط ليرقص رقصته الأخيرة قبل ان ينشطر عمودياً الى نصفين لتتصاعد منه ألسنة اللهيب نحو المدينة المتطايرة في الهواء، بسياراتها ومبانيها ومسارحها، قبل ان ترقد في القاع مجدداً، هي التي يُقال انها دُمّرت سبع مرات...
سيناريو مأساوي لم يكتبه مدوّنون إلكترونيون حذّروا من اقتراب وقوع زلزال في «أمّ الشرائع»، ولا تلقفته أيدي معدّي برامج حوارات، حملوا الخبر وداروا به، ناشرين الذعر في صفوف اللبنانيين، ولا اقترحته عين مخرج هوليوودي على طريقة تسونامي اليابان وفيلم «الماوراء» الذي اعتُبر نذير شؤم استحضر الكارثة، فكان ان سُحب من صالات البلد المنكوب رغم لفتة صنّاعه بريع عائدات عروضه اليابانية لعائلات الضحايا...
هو ببساطة، الفيلم الترويجي للدورة الثانية من مهرجان الرسوم المتحركة «بيروت متحركة»، الذي يُختتم غداً بعد ستة أيام من العروض البيروتية التي نظمتها جمعية «متروبوليس» ومجلة «السمندل». ربما تبدو الثواني الثلاثون التي تشكل زمن الشريط هذا، بعيدة من روح مهرجان للرسوم المتحركة، انطلاقاً من ان فن التحريك مرتبط في الأذهان بالصغار، فهنا الخراب هو البطل، في مدينة تلفظ أنفاسها الأخيرة قبل ان تنتشل إحدى الرافعات التي ترمز في الظروف الطبيعية الى انتعاش المدن وازدهارها، كلمتين من القاع: بيروت متحركة... وكأنّ أصحاب هذا الشريط أرادوا ان يقولوا ان الكلمة لنا في بيروت المستقبل. انطلاقاً من هذا، واضح ان نظرية ارتباط أفلام التحريك بالأطفال تجاوزها الزمن، أو هذا على الأقل ما يلمسه المتابع للمهرجان منذ يومه الأول، مِن الشريط الترويجي الى الكلمة الترحيبية، ففيلم الافتتاح، ما حدا بإحدى الجالسات في القاعة، بعد إنهاء مديرة المهرجان هانية مروة كلمتها في حفلة الافتتاح، الى سؤالها بصوت لا يخلو من الاستنكار: «وهل هناك عروض للأطفال؟».
تحوّل
سؤال بمقدار ما يبدو ساذجاً، بمقدار ما يحمل في طياته الكثير الذي يُقال حول فن التحريك والتحول الذي طرأ عليه منذ ولادته قبل نحو قرن حتى اليوم. من تكريسه فناً للأطفال مع سلسلات «توم وجيري» و «ميكي ماوس» و «وودي ناقر الخشب» و «سندريللا» وسواها، الى تخطيه هذا الاعتقاد، ليصبح فناً للكبار أيضاً. من هنا، لا يعود غريباً ان توضع البلايين في خدمة افلام التحريك، خصوصاً انها تدرّ في حالات كثيرة أضعاف أضعاف ما يُصرف عليها، لتشكل منافساً قوياً للسينما «الحقيقية». وليس اتجاه عدد من السينمائيين الى مزج الصنفين في أفلامهم إلاّ انتصار جديد لأفلام التحريك التي لا تزال عند كثر تعتبر مرتبة أقل بدرجات من الصنف الأول. ولا شك في ان النجاح المدوّي الذي حققه فيلم «أفاتار» سيعيد النظر بهذه المسلَّمات، وإن كان اعتماده على الأبعاد الثلاثة خطف الأضواء من مزجه عالمَي التحريك والسينما «الحقيقية».
وبنظرة الى إنتاجات العقد الأخير من أفلام التحريك، يتبدى اتجاهها لاستهداف جمهور الكبار أكثر وأكثر، فمن الفيلم الإسرائيلي «فالس مع بشير»، الذي يصوّر فيه آري فولمان من وجهة نظر جندي اسرائيلي، الاجتياحَ الاسرائيلي لبيروت سنة 1982، مقدِّماً عملاً اعتُبر رائداً في مجال جديد هو «التحريك الوثائقي»، الى الفيلم الإيراني «بيرسبوليس»، الذي تقدم فيه مارجان ساترابي شهادتها حول الثورة الإيرانية، وسواهما من الأفلام السياسية التي اختارت التحريك أسلوباً، صار بديهياً ان مقولة افلام التحريك للصغار يشوبها الكثير من اللغط. لكنّ السياسة لا تشكّل وحدها اختراقاً لهذا العالم، الذي ظل عصياً على الكبار، على الأقل في أذهان العامة، بل اخترقت عالمَه ايضاً أفلام ذات أبعاد فلسفية وسوسيولوجية.
ولا شك في ان فيلم افتتاح المهرجان البيروتي «الساحر» لسيلفان شوميه (جائزة «سيزار» أفضل فيلم تحريك، ورُشّح لجوائز الأوسكار) يفي بإعطاء صورة واضحة حول هذا الأمر، فإذا كان هناك، بعد كل ما أسلفنا، من لا يزال يعتقد ان سينما التحريك سينما للأطفال، يأتي هذا الفيلم، المستوحى من سيناريو غير منشور لجاك تاتي، لينسف هذا الاعتقاد، بنسفه على امتداد دقائقه براءة الطفولة، وليقول لنا ان الواقع لا يُشبهها في شيء. كل هذا من خلال قصة «ساحر» متعثر الخطى، نتابعه وهو يستردّ عافيته مع إيمان طفلة ساذجة به وبقدرته على صنع المعجزات، فيُجاريها في أحلامها في ممارسات يُمثل بها عليها، قبل ان يكلّ من التمثيل بعدما ارهقته ضغوط الحياة، فيهجر المهنة التي لا يعرف سواها، ويرمي قبعته «السحرية»، ويحرر الأرنب، رفيقه المتواطئ معه في ألاعيبه، تاركاً رسالة للصغيرة من شأنها ان تنسف كل أحلامها الوردية: «لا وجود للسحرة».
وطأة الواقع
وطأة الواقع، ولو في تخيل استباقي لنهاية العالم، نلمسها أيضاً في غالبية أفلام المهرجان، الذي يضمّ أيضاً فيلمين طويلين، هما «متروبيا» للمخرج السويدي طارق صالح، و «أغبياء وملائكة» للمحرّك الأميركي بيل بليمبتون، إضافة الى عشرين فيلماً قصيراً، لبنانياً وعربياً، حملت تواقيع سمر مغربل وشيرين أبو شقرا وزياد عنتر، إضافة الى عدد من خريجي مدارس الفنون السمعية البصرية والفنون التشكيلية، فيما توزعت الأفلام العربية على خمسة أفلام من تونس وسورية ومصر.
ولم تقف حدود المهرجان عند عروض الأفلام، إنما ضمّ أيضاً برامج موازية، مثل ورشتي العمل اللتين نُظمتا على هامشه (الأولى بعنوان «من القصص المصورة الى التحريك»، والثانية «صناعة الدمى للتحريك»)، إضافة الى التحية التي وجَّهها لإدغار آحو، الذي عرضت أفلامه سنوات على شاشة «المستقبل» ضمن فريق «قسم التحريك» الذي يرأسه جورج خوري (جاد). كما يختتم فعالياته مع المخرج الكندي بيار إيبير بعرضي تحريك أدائيين حيين، هما «وحدها اليد...» الذي يعرض للمرة الأولى باللغة العربية، و «49 ذبابة» الذي يرافقه فيه الفنان اللبناني مازن كرباج.
إذاً، مهرجان للكبار يدحض الأفكار الخاطئة حول ان أفلام التحريك سينما للأطفال، ومع هذا لم يغب المهرجان عن جمهور التحريك الأول، أي الأطفال، إنما قدم عروضاً أثلجت قلوبهم وقلوب كبار استعادوا طفولتهم مع مشاهدة جديدة لكلاسيكيات الطفولة («جونغر»، «ساسوكي»، «ريمي»)، ضمن عرض مخصص للكلاسيكيات المتحرّكة اليابانية المدبلجة إلى العربية. يُضاف اليها فيلم دومينيك مونفري الطويل «كيريتي، بيت الحكايات» (حائز على تنويه خاص في «مهرجان آنيسيه الدولي للتحريك»)، العابق بحكايا الجنيّات والأبطال الخياليين. إضافة الى عشرة أفلام قصيرة، منتقاة من عروض المهرجان السلوفيني «أنيماتيكا» الخاصة بالأطفال.
بيروت متحركة؟ لا شك في انها كذلك، ولكن حمداً لله ليس كما رسمها لنا الشريط الترويجي للمهرجان، متحركة بفعل زلزال، إنما في ترجمة للحراك الثقافي والفني الذي تزخر به هذه المدينة النابضة بالحياة رغم كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.