قرّرت المحكمة العليا أخيراً، مبدأ قبول رجوع المتهم التائب المُقر بجرمه في الجرائم الحدية في الحق العام، وإن اكتسب الحكم الصفة النهائية. وكشفت مصادر ل «الحياة»، أن «الهيئة العامة في المحكمة العليا أقرت مبدأين حول قبول رجوع المتهم عن اعترافه بحد قبل تنفيذ الحكم، المبدأ الأول يقضي بقبول رجوع من جاء تائباً مُقراً بجريمة حدية في الحق العام، وإن كان بعد صدور الحكم واكتسابه صفة القطعية». فيما استثنى المبدأ الثاني من قبول الرجوع «متى ما صدر الإقرار القضائي مفصلاً من المكلف المختار بجريمة حدية في حق عام، وأيدته القرائن فلا يقبل الرجوع فيه، ما لم يظهر ما يؤيد صحة الرجوع». ووجه وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد العيسى القضاة في محاكم المملكة، ب «وجوب قبول رجوع من جاء تائباً مقراً بجريمة حدية في الحق العام، وإن كان ذلك بعد صدور الحكم واكتسابه صفة القطعية». وقال: «في حال صدور الجرم الحدي من المكلف المختار، ومثبت بقرائن واضحة، يُنظر إلى ما يؤيد صحة رجوعه عن الجرم». بدوره، أوضح المحامي عبدالعزيز العسيري في تصريح إلى «الحياة»، أن «جرائم الحدود تشمل شرب الخمر والزنا والسرقة والردة، ولا يمكن تنفيذ الحد إلا بعد ثبوته، ويُعد إقرار المتهم دليلاً على الارتكاب، وفي حال تراجع المتهم عن إقراره يُقبل منه وفقاً للمبدأ الذي أقرته المحكمة العليا، والذي استند على قول الرسول «ادرؤوا الحدود بالشبهات»، لافتاًَ إلى أن هذا المبدأ «أتاح لأية شبهة إيقاف الحد ما لم يكن لدى القاضي، إضافة إلى إقرار قرائن أو شرح تفصيلي». يذكر أن الإقرار وسيلة من وسائل الإثبات في العقوبات الحدية، التي تنقسم إلى «جرائم حدية خاصة»، ومنها حد القذف، ولا يقبل رجوع المتهم عن إقراره مطلقاً، فيما هناك جرائم حدية مرتبطة في الحق العام. وكانت المذاهب الإسلامية مختلفة في قبولها، فرأي يأخذ بعدم القبول في الرجوع في الإقرار بالنسبة للحدود، وآخر يقضي بقبول رجوع المتهم عن إقراره في الجرائم الحدية في الحق العام. كما تم التفريق بين التائب الذي جاء بنفسه مقراً، وبين من لم يأت بنفسه. فالأول لا يجب أنْ يقام عليه الحد، بل إن طلب إقامة الحد عليه أقيم، وإن ذهب لم يقم عليه حد. كما فرقوا بين الرجوع الصريح والكنائي.