أعلم أن البعض قد يعتبرون استخدام مصطلح «حريم» في عنوان هذا المقال انتقاصاً من شأن النساء، خصوصاً أن الكثير من المثقفات السعوديات ينظرن إلى كلمة «حرمة» كشتيمة للمرأة، كونها مفردة تختزل تبعية حواء لآدم في إطار الملكية الفردية، ولذلك يجدر بي أن أوضح «أن لكل مقام مقال»، وبما أن هذا المقال يتناول بشكل عام النساء المنتميات للفئة الضالة تبعاً لأزواجهن أو أقاربهن أو حتى صديقاتهن، فإن المصطلح في محله من دون أدنى شك. هؤلاء «الحريم» المفخخة عقولهن بقنابل الكراهية والعدوانية كائنات قادرة على الانقسام والتكاثر بشكل تصعب السيطرة عليه في المجتمعات المحافظة التي درجت على الفصل بين الجنسين في شؤون الحياة كافة، ولذلك فمن السهل على أي «حرمة» منهن أن تجند خلف الأبواب المغلقة في المنازل والمناسبات الاجتماعية عشرات النساء اللاتي يتمتعن بقابلية كبيرة للتحول إلى حريم مفخخات في ظل عدم تحصنهن بالثقافة والاستقلالية. والحق أقول إنني لم استغرب أبداً من التصريح الذي نقلته «الحياة» عن المدير التنفيذي لحملة «السكينة لتعزيز الوسطية» التي أطلقتها وزارة الشؤون الإسلامية، بمشاركة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، عندما أكد أن تجربة الحملة مع «الإنترنت» والمواقع والمنتديات الإلكترونية، جعلت القائمين عليها يلمسون الدور الكبير الذي قامت به المرأة المتطرّفة في دعم الفكر المنحرف، بعد اكتشاف أن 40 في المئة من المواقع المتطرّفة أو المتعاطفة مع الأفكار المنحرفة تديرها نساء، معلقاً على ذلك بقوله «إن الفتاة تتساءل دائماً عن التديّن والالتزام وممارسة الحياة الطبيعية والمشاركة المجتمعية، وغيرها من التساؤلات التي يفرضها الواقع، وتحتاج إلى قوالب مرنة وسليمة تتحرك من خلالها». ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المنطق يقول إنه من الصعب جداً التأثير على الشخص المثقف والمستقل، سواء كان رجلاً أو امرأة، فضلاً عن استدراجه إلى عوالم الجهل والظلام والحيوانية المعادية لكل ما هو إنساني، كما هي الحال مع الحريم المجوفات عقلياً، اللاتي يمكن لأي شخص متابعة مراحل نموهن العقلي على القنوات الفضائية، التي تُسمى زوراً إسلامية، بينما هي ربحية بحتة تقتات على رسائل الsms، فليس من الغريب أن تشاهد عزيزي القارئ رسالة لإحداهن وهي تولول على مرأى من ملايين المشاهدين، طالبة تزويدها بدعاء لتعجيل الزواج، أو خلطة سحرية لإنجاب المواليد الذكور، وخلطات أخرى للتفتيح والتغميق والتكبير والتصغير والتضييق، وما إلى ذلك من الهراء الذي يكشف مدى ضحالة ثقافة ووعي أولئك الحريم اللواتي يمثلن بيئة خصبة لزراعة الفكر الضال وتسويقه، وهو الأمر الذي يكشف أن الجهل أبو المصائب وأمها وهو البوابة المفتوحة دوماً لتفخيخ الأدمغة - الفارغة أصلاً - بالفكر الظلامي. الإرهابيون بدورهم يعرفون جيداً الأماكن المميزة لتسويق بضاعتهم، ولن يجدوا بيئة أفضل من بيئة حريم الخلطات والأدعية السحرية، سواء في المنتديات الالكترونية، أو أشرطة الرسائل النصية في قنوات تصدح ليلاً ونهاراً بكل ما هو سخيف وسطحي تحت غطاء «إسلامي»، ولذلك فإن الحل الوحيد والأمثل لوقف زحف الفكر الضال في الأوساط النسائية في السعودية برأيي يتمثل في تثقيف النساء وتوجيه اهتماماتهن للأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وتنمية مهاراتهن وتشجيعهن على خوض غمار المنافسة مع أشقائهن من الرجال في المجالات كافة من دون استثناء، أو اعتبار لما دُرج على وصفه وهماً وجهلاً ب «خصوصية المرأة»، فالنساء في الكثير من دول العالم يعملن في مختلف القطاعات وفي مقدمها القطاعات العسكرية حاملات الأسلحة للدفاع عن أوطانهن جنباً إلى جنب مع أشقائهن من الرجال، بينما قد يتحولن في المجتمعات المحافظة، التي تغلق عليهن الأبواب، إلى «إرهابيات» يسهل تفخيخ عقولهن وأجسادهن أيضاً بأنواع المتفجرات كافة. [email protected]