لا يرغب لويس (9 سنوات) الذي يعاني من مرض التوحد، وهو واحد من 57 طفلاً يرتادون مركز «أنيما» في جنيف لعلاج الأطفال ذوي الحاجات الخاصة جسدياً ونفسياً، اليوم في امتطاء الحصان، كما اعتاد أن يفعل. لكنّ صاحبة المركز فرنسواز فيرموس وشريكتها فينيسا كونغ، اللتين تعتنيان به للسنة الثانية على التوالي، تقترحان له حلاً بديلاً، وتصطحبه كونغ إلى غرفة في المركز فيها أحصنة دمى بينها واحد خشب لا رأس له ولا ذنب، يمتطيه الأطفال ويمسكون لجامه. ولا ضير في ذلك طالما أن الغاية أن «نواصل مساعدته على أن يواصل التمرن على الصعود (إلى ظهر الحصان) بكل أمان، والحصان هو القاسم المشترك وليس ضرورياً أن يمتطيه الطفل في كل جلسة». لكن عملياً يتعلم لويس خلال الساعات التي يمضيها في الجمعية وجلسات العلاج، أن «يتحكم بجسمه والتمتع بتصور أفضل لحواسه وأجزاء جسمه، أي أنه يعرف أين يديه وساقيه وقدميه»، وفق فيرموس. بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون من إعاقات قوية، فإن الهدف ليس أن يؤدي التمرين في شكل مذهل بل أن يكون في إطار الرعاية الاجتماعية. فالساعة التي يمضيها بصحبة الأحصنة تشكل أوقاتاً مفعمة بالسعادة. وتقول فيرموس: «بالنسبة إلى لويس مثلاً، الهم الأساس هو أن يتحكم بتوازنه وأن يقدم أفضل عرض لوضعية جسمه أثناء امتطائه الحصان». وتضيف: «إذا كان مستوى الطفل أو الطفلة منخفضاً، فإننا نختار له حصاناً أكثر حركة لأن الاختيار «الناعم» لا يكون له معنى، لأنه لن يجري شيء له معنى بين الحصان والخيال». وتضيف: «بالنسبة إلى شخص محروم من البصر، كل شيء موجود في حواسه، في توازنه وتوجيه جسمه أثناء الحركة. تعلم قيادة حصان في مكان مغلق، كما في حقلنا الصغير قرب الاصطبل، يعطي ثقة بحد ذاته وكذلك تصوراً آخر للتوازن. إضافة إلى ذلك، فإن هذا الشخص الضرير يمكنه في النهاية أن يشعر بإيقاع آخر لأن الحصان هو الذي يقدم هذه الحركة. وفي النهاية يمكنه أن يتآلف مع هذه الحركة التي تشكل لحظات نادرة بالنسبة إلى فاقدي البصر». وتتابع: «يكفي الطفل أن يقوم ببضع جولات حتى تذهب ضغوطه ويشعر بحال أفضل. هذا واقع وليس معجزة. إنه ببساطة ما يقدمه الحصان من شعور بالثقة لديهم. الأطفال يشعرون بأنهم قادرون على القيام بأمور كثيرة مع قليل من المعرفة التقنية. وهذه نقطة إيجابية جداً. انهم يتعلمون كيف يخدعون الحصان، بتحولهم إلى كائنات خجولة، حين لا يلبي الحصان طلباتهم». وتزيد: «أما بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون من عجز في الحركة شمالاً أو يساراً، فإنهم يتعلمون الجلوس في وسط الحصان وتشغيل أعمدتهم الفقرية. وسواء أكان هناك امتطاء للحصان أم لا، فإن الجلوس على سرج له تأثير مفيد في وضعية التكيف». وتشرح كونغ حالة الطفلة لورين (11 سنةً) التي تعاني من الصمم، قائلة: «في البداية لم تكن تدرك المخاطر والصعوبات المتعلقة بركوب الخيل. لم يكن لديها أي معرفة بما عليها القيام به اذا واجهها شيء. من خلال الأحصنة، يتعلم الأطفال معرفة إمكاناتهم وحدودهم. يتعلمون التعلم. وهذه العملية تستغرق وقتاً». وتقول فيرموس: «العلاج النفسي والحركي من خلال الأحصنة يعطي نتائج جيدة، لكن النتائج تتضاءل إذا لم يكن هناك رصيد من الثقة من جانب الأهل».