على رغم قربه نسبياً من الأرض، يصعب تمييز تفاصيل سطح كوكب الزهرة من الأرض بواسطة التليسكوبات، بسبب احتواء الغلاف الجوي غيوماً كثيفة من الغازات الثقيلة بسماكة تصل إلى عشرات الكيلومترات. وتوجّب على البشر انتظار ستينات القرن العشرين، حين بدأ الاتحاد السوفياتي السابق بإرسال أولى المركبات الفضائية (حملت اسم «فينيرا») لتدور حول الكوكب أو ترتطم بسطحه. ونجحت في الهبوط عليه سالمة لفترة وجيزة. وقدّمت معلومات طال انتظارها آنذاك عن ذلك الكوكب الجار، خصوصاً كون بيئته عدائية تسودها ظروف فيزيائية شديدة القساوة. فرضت تلك الظروف أن تكون مهمات المركبات المرسلة إلى سطح الزهرة مختصرة جداً. وبالاسترجاع، تحطّم المسباران السوفياتيان «فينيرا 5» و «فينيرا 6» بفعل الضغط الجوي الشديد، وكانتا لا تزالان على ارتفاع 18 كيلومتراً من سطح الزهرة. ونجح المسباران التاليان «فينيرا 7» و «فينيرا 8» في الهبوط على سطح الكوكب، لكنهما استطاعا إرسال بيانات كثيرة في الساعة التي صمدا فيها، قبل أن يصمتا إلى الأبد. بحيرات نارية استطاع المسبار الفضائي الأميركي «ماجلان» في 1990، إجراء مسح لقرابة 90 في المئة من سطح كوكب الزهرة، كما اكتشف آلاف البراكين الحية تحيطها بحيرات واسعة من الحمم البركانية. كما تمكن «ماجلان» من معرفة أن الكوكب لا يتمتع بصفائح تكتونية جيولوجية، لكن قوة تمييز الكاميرا المستخدمة في المسح من المدار، لم تسمح بإعطاء تفاصيل للتراكيب التي يكون ارتفاعها أقل من 150 متراً، ما يعني أن «ماجلان» لم تتح له فرصة دراسة الديناميكية الجيولوجية للكوكب في شكل دقيق. وصل عدد المركبات الفضائية المرسلة صوب الزهرة إلى 45، شملت سلاسل مركبات «سبوتنك» (4 مركبات)، و «فينيرا» (19)، و «مارينر» (4)، و «كوزموس» (6)، و «زوند» و «بايونير» و «فيغا» (2 لكل منها)، ومركبة لكل من مشاريع «ماجلان» و «غاليليو» و «كاسيني» و «ماسنجر» و «أكاتسوكي» و «فينوس أكسبرس». وكان معظمها يحلّق في مدار حول الزهرة، أو يمر به قاصداً كواكب أخرى، إضافة إلى أن بعضها ضاع في الفضاء واختفى. وكان الاتحاد السوفياتي سباقاً في ذلك المجال، عبر مشروعي «سبوتنك 7» و «فينيرا 1» (1961). ومن المزمع أن ترسل وكالة الفضاء الأوروبية («إيسا») المركبة «بيبي كولومبو» عند نهاية 2017 إلى كوكب عطارد، لكنها ستمر بجوار الزهرة.