يُعد قطاع العقارات من أكثر القطاعات حيوية في الأردن إذ تشير إحصاءات وتقارير أخيرة إلى ان حجم التداول في سوقه بلغ 3.987 بليون دينار أردني (5.6 بليون دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، بارتفاع نسبته 31 في المئة مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. لكن أسئلة كثيرة تترد يومياً على ألسنة الأردنيين عن وضع السوق العقارية في الوقت الحالي، فهل هي في تراجع أم صعود أم استقرار؟ وهل ساعدت الإجراءات الحكومية الأخيرة في إنعاش القطاع؟ وماذا عن التشدد المصرفي في منح القروض؟ رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني زهير العمري قال «ان قطاع العقارات في الأردن يملك ميزة خاصة تجبره على ان يكون دائماً في حركة ونشاط، وهي الحاجة السنوية الناجمة عن الزيادة السكانية». وأوضح في مقابلة أجرتها معه «الحياة» ان القطاع شهد أخيراً نمواً إيجابياً، وعزا ذلك إلى أسباب منها الإجراءات الحكومية، كخفض رسوم نقل الملكية من 10 إلى خمسة في المئة، وإعفاء رسوم التسجيل للأمتار المربعة ال 150 الأولى من أي شقة تبلغ مساحتها 300 متر مربع، بدلاً من 120 متراً، إضافة إلى إمكان شراء اكثر من شقة. وأضاف «ان المواطن الأردني الذي أجّل شراء عقار لاعتقاده أن الأسعار ستنخفض بعد مرور سنتين على الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي لم يحدث، ومن أجل الاستفادة من الإجراءات الحكومية التي تنتهي نهاية السنة، أقبل الكثير من المواطنين على شراء عقارات، ما ساهم في عودة الانتعاش إلى القطاع». ولفت العمري إلى ان تراجع الطلب على العقارات وانخفاض أسعار الحديد والإسمنت لم تساهم في خفض أسعار العقارات إلا بنسبة تراوح بين 15 و20 في المئة، لأن أسعار الأراضي لم تنخفض، إذ تشكل قيمة الأرض 45 في المئة من قيمة البناء. وأشار الى أن المملكة تحتاج إلى 45 ألف وحدة سكنية سنوياً، «وحين تتراجع حركة البناء، فهذا لا يعني ان الحاجة قلّت، بل يعني ان المواطن أجّل فكرة الشراء لأسباب كثيرة، كارتفاع الأسعار، وتدني الدخل، وارتفاع تكلفة المعيشة». وبيّن العمري ان الإقبال شديد على الشقق، خصوصاً على المساحات بين 120 و200 متر مربع، مؤكداً ان عمّان تشكل 65 في المئة من الإنتاج السكني والتداول العقاري، تليها إربد والزرقاء، ثم العقبة المعتبرة منطقة سياحية واقتصادية، ومن بعدها باقي المحافظات. ودعا العمري الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أخرى تساعد على تنشيط القطاع في شكل كبير، أبرزها تعديل إجراءات المصرف المركزي من خلال رفع سقف المحفظة العقارية إلى 25 في المئة، وتحديد نسبة من هذا الرقم للمحفظة السكنية، لحفز المصارف على إطلاق برامج تمويل سكني طويل الأجل، وبفائدة منافسة، ما يشجع المستثمرين والمواطنين على الاقتراض، وإطلاق مؤشر عقاري اردني، لتعزيز ثقة المستثمر والمشتري المحلي والمغترب والأجنبي، إضافة إلى توصيات أخرى وُضعت بين يدي الحكومة. وشدد العمري على ان القطاع العقاري قطاع أساسي في الأردن، قد يمر بمراحل مرضية ومن ثم يتعافى، مؤكداً أنه سيشهد نشاطاً ملحوظاً حتى نهاية السنة. وأكد نائب رئيس مجلس إدارة شركة «دارات» الأردنية القابضة رئيسها التنفيذي خالد الوزني «ان الأردن لم يتأثر في شكل جوهري بالأزمة المالية العالمية بسبب استقرار اقتصاده، ولم يشهد بالتالي موجة إفلاسات». وأضاف في حديث إلى «الحياة» «ان تدخل الحكومة غير المباشر سواء ببرامج الإنعاش، والبحث مع القطاع المصرفي من أجل تشكيل اللجان لمعالجة مشاكل بعض المشاريع المتأثرة وليس المتعثرة، يدل على جدية الحكومة كون المشاريع المتأثرة هي مشاريع حيوية للاقتصاد الوطني». وفي ما يتعلق بموضوع التشدد المصرفي في موضوع القروض، أوضح الوزني «ان بعض إدارات المصارف أصابها رعب من تداعيات الأزمة، وتساءلت هل تمول مشاريع، أو هل تستكمل تمويل مشاريع مقرة سابقاً. وكانت على وشك التسليم وبالتالي وقف تمويلها». وقال «ان المصارف وقعت في خطأ كبير عندما أوفقت تمويلها بعضَ المشاريع التي كادت ان تنتهي وتُسلَّم إلى المستهلك، بما يؤدي إلى تحريك الاقتصاد الوطني، على رغم الأزمة العالمية». واعتبر ان الحوافز كخفض الرسوم والإعفاءات «هي أمور جيدة، لكنها جزء من القصة، وهناك جزء آخر وهو قضية الإجراءات للوصول إلى تسجيل شقة أو انتقال ملكية، وهي تشكل عائقاً، فهناك إجراءات تحتاج إلى وقت طويل من موافقات مجلس وزراء ومعاملات، وهذا مضيعة للوقت». ولفت إلى ان دراسة سابقة حول التنافسية أشارت إلى ان الضرائب تأتي في المرتبة العاشرة من برامج الإنعاش الاستثماري لدى الدول، فيما تأتي في المرتبة الأولى سهولة إجراء عمليات البيع والشراء والتسجيل. ودعا الحكومة الى النظر بجدية في هذا الموضوع، لافتاً إلى ان قطاع التطوير العقاري يأتي في المرتبة السادسة في القيمة المضافة، «ما يدل على ان الاستثمار فيه ليس مجدياً فقط، بل يؤدي أيضاً إلى تشغيل قطاعات مختلفة من الاقتصاد الوطني».