حذّرت الاستخبارات البريطانية من أن التهديدات المرتبطة بتنظيم «القاعدة» باتت مرتبطة في شكل كبير بنشاطات فرعي هذا التنظيم في الصومال واليمن على حساب نشاط «التنظيم الأم» بقيادة أسامة بن لادن في مناطق القبائل الباكستانية. وقال المدير العام لجهاز الأمن (الاستخبارات الداخلية، أم آي 5) جوناثان ايفانز إن هناك عدداً كبيراً من الشبان الذين تركوا بريطانيا للقتال إلى جانب حركة الشباب في الصومال، وإنه لا يستبعد أن يرى عمليات إرهابية في شوارع بريطانيا على علاقة بنشاطات هؤلاء الشبان. وهذه المرة الأولى التي تؤكد فيها الاستخبارات البريطانية رسمياً تراجع نسبة التهديد المرتبط مباشرة ب «القاعدة الأم» على حساب فروعها. وكشف إيفانز في كلمة ألقاها ليل الخميس - الجمعة أمام اجتماع أمني أن جهاز الاستخبارات الذي يرأسه يتلقى شهرياً «مئات» التقارير التي تشير إلى نشاطات إرهابية مشتبه فيها على الأراضي البريطانية. وعلى رغم أنه لفت إلى أن العمليات الإرهابية الحالية يكون لها دائماً «عنصر خارجي» حتى ولو كان منفّذوها مقيمين على الأراضي البريطانية، إلا أنه قال أن الخوف اليوم يأتي من أفراد متأثرين بفكر القاعدة ويمكن أن يقوموا بأي عمل إرهابي ممكن من دون أن تكون لهم صلة بهذا التنظيم. وأشار في هذا الإطار إلى دعوة صدرت عن «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» تحض المسلمين على استخدام أي سلاح ممكن لمهاجمة مصالح الغرب. ثم تحدث عن التهديد المرتبط بتنظيم القاعدة في مناطق القبائل الباكستانية، وقال: «إن نسبة المؤامرات والخيوط على وجود مؤامرات بحسب ما نراها في المملكة المتحدة على أنها مرتبطة بالقاعدة في مناطق القبائل في باكستان، حيث تتمركز قيادات القاعدة حتى الآن، تراجعت من حوالى 75 في المئة قبل سنتين أو ثلاث سنوات إلى حوالى 50 في المئة اليوم. هذا لا يعني تراجع التهديد في شكل عام، لكنه يعني أنه قد بات موزّعاً». ولاحظ أن هذا التراجع في المؤامرات الإرهابية المرتبطة بمناطق القبائل الباكستانية مرتبط «جزئياً» بالضغوط التي تُمارس على قيادة القاعدة هناك، في إشارة إلى الهجمات شبه اليومية التي تشنها الطائرات الأميركية بلا طيّار خصوصاً في وزيرستان الشمالية، إضافة إلى الحملات المستمرة التي تقوم بها أجهزة الأمن الباكستانية ضد القاعدة و «طالبان باكستان». لكن مدير جهاز الأمن البريطاني قال أيضاً إن تراجع تهديد «القاعدة» انطلاقاً من باكستان مرتبط بتزايد نشاط فروع التنظيم في اليمن والصومال. وتوقف مطولاً عند نشاط «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال التي أعلنت ولاءها ل «القاعدة» وتسيطر على معظم أرجاء جنوب الصومال ووسطه بما في ذلك أجزاء واسعة من العاصمة مقديشو. وكشف أن «هناك عدداً كبيراً من مواطني المملكة المتحدة يتدربون (حالياً) في معسكرات حركة الشباب للقتال في التمرد الجاري هناك» ضد حكومة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد والقوات الأفريقية التي تدعمها. ولفت إلى «أن حركة الشباب هي ميليشيا إسلامية متمردة في الصومال ومتحالفة تحالفاً وثيقاً مع القاعدة». وشدد على أن الصومال يشبه حالياً إلى حد كبير أفغانستان حيث كانت «القاعدة» تتخذ منها مقراً حتى سقوط نظام «طالبان» في نهاية عام 2001. وقال: «إنني قلق من أنه ستكون مسألة وقت فقط قبل أن نرى إرهاباً في شوارعنا مستلهماً من أولئك الذين يقاتلون اليوم إلى جانب حركة الشباب». وتناول نشاط فرع «القاعدة في جزيرة العرب» الذي يتخذ من اليمن مقراً له، وقال إنه بات يشكّل تهديداً متزايداً لبريطانيا. وكشف أن العديد من المؤامرات الإرهابية المشتبه فيها التي حققت فيها أجهزة الاستخبارات البريطانية أخيراً كانت لها علاقة بما يحصل من نشاط ل «القاعدة» في اليمن. ولفت إلى أن «القاعدة في جزيرة العرب» هي التي ابتكرت المتفجرات التي لا يمكن رصدها بأجهزة كشف المتفجرات المعدنية والتي تم استخدامها حتى الآن مرتين الأولى عندما حاول عنصر في القاعدة «سلّم نفسه» تفجير نفسه بالأمير محمد بن نايف في المملكة العربية السعودية عام 2009 والثانية عندما حاول عضو القاعدة النيجيري عمر فاروق عبدالمطلب تفجير طائرة أميركية فوق مدينة ديترويت يوم عيد الميلاد لدى الطوائف المسيحية. وأبدى المسؤول الأمني البريطاني أيضاً مخاوف من النشاطات التي يمكن أن يقوم بها متشددون إسلاميون سُجنوا في بريطانيا في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وباتوا الآن قريبين من انتهاء فترات محكوميتهم. ومصدر الخطر من هؤلاء، كما قال ايفانز، أنهم لم يتخلوا عن نشاطاتهم المتطرفة، بحسب وصفه. ولفت مدير «أم آي 5» أيضاً إلى احتمال أن يقوم متطرفون «جمهوريون» معارضون لعملية السلام في ايرلندا الشمالية بهجمات على الأراضي البريطانية، مشيراً إلى أن هؤلاء يعززون اتصالات التنسيق في ما بينهم، كما أنهم قاموا حتى الآن بأكثر من 30 هجوماً إرهابياً هذا العام في شمال ايرلندا استهدفت مقرات تابعة للشرطة وقوات الأمن.