القبض على باكستانيين وإثيوبي بالشرقية لترويجهم مواد مخدرة    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تطلق فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لعلاج العقم    البنك المركزي الأميركي لا يجد مبررا للإسراع في خفض أسعار الفائدة    طلاب التعليم العام وأولياء أمورهم يدافعون عن التزامهم وحضورهم للمدارس بالأرقام    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    الطليعة والكواكب وجهًا لوجه في نصف نهائي بطولة صبيا    شتيغن يعود لحراسة برشلونة    بلدية محافظة الأسياح تشارك في أسبوع البيئة    ذخيرة الإنسان الأخيرة" يخطف الأضواء في الطائف    أمير تبوك يستقبل رئيس لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    محاضرة عن "الولاء والانتماء" في وادي الدواسر    الرياض تحتضن "أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025" بمشاركة أكثر من 524 جهة عارضة من 20 دولة    نائب أمير منطقة مكة يشهد حفل التخرج الموحد للتدريب التقني والمهني    أرفى تطلق فعاليات التوعية بالتصلب المتعدد من كورنيش الخبر    وفد وزاري يناقش الخطط التنفيذية مع صحة جازان    إمام المسجد الحرام: البلايا سنة إلهية وعلى المؤمن مواجهتها بالصبر والرضا    إمام المسجد النبوي: الاشتغال بما لا يعني سببٌ للتعاسة ومصدرٌ للخصومات والندامة    الشركات العائلية تقود 60 % من الناتج المحلي لدول الخليج    أمير القصيم يشيد بجهود جمعية "كبدك" في تنمية مواردها المالية ويثني على أدائها المميز    يايسله يعلق على مواجهة كاواساكي:    مغادرة أولى رحلات "طريق مكة" من إندونيسيا عبر مطار جاواندا الدولي إلى المملكة    محرز: الأهلي يجب أن يستغل الفرصة    المياه الوطنية تحقق المركز الثاني في جائزة التميز لتفضيل المحتوى المحلي    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    الهلال الأحمر بالشرقية يدشّن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية بجسر الملك فهد    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    امطار وزخات من البرد ورياح في عدة اجزاء من مناطق المملكة    مدير منظمة الصحة العالمية: وضع غزة كارثي ومليونا شخص يعانون من الجوع    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة 46 من طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل تخريج الدفعة السابعة من طلاب وطالبات جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الذكاء الاصطناعي يحسم مستقبل السباق بين أميركا والصين    نظام جديد للتنبؤ بالعواصف    تهريب النمل    أرقام آسيوية تسبق نهائي الأهلي وكاواساكي    الرياضة النبيلة والرؤية العظيمة    في إلهامات الرؤية الوطنية    ذواتنا ومعضلة ثيسيوس    الترجمة الذاتية.. مناصرة لغات وكشف هويات    المملكة نحو الريادة العالمية في صناعة الأدوية    غزة.. حصار ونزوح    ماجد الجمعان : النصر سيحقق «نخبة آسيا» الموسم المقبل    الفتح يتغلب على الشباب بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    سكرتير الأديان في بوينس آيرس: المملكة نموذج عالمي في التسامح والاعتدال    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    انخفاض وفيات حوادث الطرق 57 %    845 مليون ريال إيرادات تذاكر السينما في السعودية خلال عام    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال الشوارع نجوم الشاشة
نشر في الحياة يوم 07 - 10 - 2016

منذ سنوات عديدة تعيش السينما المغربية تحولات فنية لافتة. وهي من خلال هذه التحولات تقدم أفلاماً سينمائية مختلفة المشارب ومتعددة الرؤى سواء على مستوى التيمات التي تطرحها أو على مستوى طرائق معالجتها فنياً. فبالنسبة إلى التيمات نجد أنها قدمت كثيراً من المواضيع الاجتماعية وطرحتها للنقاش الثقافي بدءاً من الغوص في عوالم الطفولة المشردة أو عوالم بعض النساء اللواتي قد يعانين داخل أسرهن أو في أماكن عملهن. كما تطرقت هذه السينما أيضاً إلى مواضيع أخرى تتعلق بالمجال السياسي وقدمت أفلاماً بارزة وجريئة في هذا المجال، عرف البعض منها شهرة لافتة للنظر.
وبالإضافة إلى كل هذا، قدمت هذه السينما كذلك أفلاماً عن الغناء الشعبي وساهمت في التعريف به وإيلائه المكانة الاجتماعية التي يستحقها وبينت شجون المشتغلين به، ومعاناتهم المهنية. وذلك إما من طريق الفيلم السينمائي الوثائقي أو من طريق الفيلم السينمائي التخييلي الروائي.
ولقد تم تقديم هذه الأفلام السينمائية المغربية اعتماداً على طرق إخراجية مختلفة تجمع بين الإخراج السينمائي التقليدي حيناً والإخراج السينمائي التركيبي حيناً آخر، تبعاً لرؤية كل مخرج للعمل الفني الذي يعمل عليه وكيفية عملية إنجازه وتقديمه للمشاهدين.
من الفرجة إلى سينما التأمل
وهكذا حرص بعض المخرجين السينمائيين على اتباع أسلوب سينمائي يقوم على مفهوم الفرجة الغرض منه هو إرضاء الجمهور العريض ودفعه لمشاهدة الفيلم السينمائي المقدم وذلك اعتماداً بالخصوص على المفارقات الاجتماعية التي يقدمها موضوعه في شكل هزلي من دون الحرص الشديد على المستوى الفني الذي يجب أن يكون متوافراً في الفيلم حتى يكون في المستوى السينمائي المرغوب فيه. وهناك مخرجون آخرون ظلوا حريصين على الرغبة في الرفع من المستوى الفني للأفلام السينمائية التي يقدمونها بتزامن مع قوة المواضيع الاجتماعية المطروحة فيها. وهذا النوع الأخير من المخرجين هو الذي قدم الكثير للمجال السينمائي المغربي حيث استطاعت هذه الأفلام السينمائية التي يقدمونها أن تنال العديد من الجوائز المهمة سواء داخل المهرجانات السينمائية المغربية أو في المهرجانات السينمائية العالمية الأخرى التي يشاركون فيها. ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى بعض أهم الأفلام السينمائية المغربية التي فرضت وجودها في مجال الفن السابع في شكل لافت للنظر مثل أفلام كل من حكيم بلعباس ونور الدين الخماري وفوزي بنسعيدي وداوود أولاد السيد ومحمد مفتكر وهشام العسري وعبد الإله الجوهري وعز العرب العلوي والشريف الطريبق وسعيد خلاف وغيرهم. وهي أفلام تميزت بالعمق السينمائي وبالتميز الإخراجي معاً.
ومن بين هذه الأفلام السينمائية المغربية القوية التي يمكن الإشارة إليها في هذا الصدد نجد الفيلم السينمائي «مسافة ميل بحذائي» للمخرج المغربي سعيد خلاف الذي ترك ردود فعل إيجابية سواء من لدن المشاهدين العاديين أو من لدن النقاد السينمائيين الذين كتبوا عنه في شكل إيجابي.
يتطرق هذا الفيلم إلى ظاهرة أطفال الشوارع، - وهي ظاهرة اجتماعية تم تناولها في أفلام سينمائية مغربية سابقة لعل من أشهرها فيلم «علي زاوا» للمخرج المغربي نبيل عيوش -، وذلك من طريق تقديم مسار لأحد الأطفال الذين عانوا كثيراً سواء في مراحل طفولتهم حيث توفي أبوه وتم طرده من البيت، من جانب زوج أمه ليعيش في الشارع ويعاني من كل أخطاره. هكذا نجد الطفل الذي يحمل اسم «سعيد»، على عكس دلالة اسمه، يغوص في عالم الشقاء بشتى أنواعه ويتحول إلى لص محترف كي يوفر لقمة عيشه. لكن عزيمته لا تكل ورغبته تبقى قوية في التخلص من كل آلامه وبدء حياة جديدة بعيداً من عالم الانحراف. وفي التوازي مع حياة «سعيد» قدم الفيلم حيوات لأطفال شوارع آخرين ومعاناتهم الشديدة وتعرضهم المستمر للتحقير والاعتداءات الجسدية واللفظية.
ساهمت العملية الإخراجية المتميزة التي قام بها المخرج سعيد خلاف في هذا الفيلم السينمائي في منحه صورة فنية قوية، فقد جمع في مساره الفيلمي وعملية تناميه السردي بين لعبة الاسترجاع السينمائي (الفلاش باك) حيناً ومسرحة الأحداث المعاشة وتقديمها في قالب مسرحي محكم حيناً آخر، ما أعطاه شكلاً سينمائياً مضاعفاً يسير بالحكاية إلى منتهاها ويقوم بالتقطيع السردي لها من وقت إلى آخر وفقاً لعملية تسلسل الأحداث المقدمة. كما كان لعملية الكاستينغ دور كبير في إنجاح العمل وتحقيق الفرجة السينمائية القوية فيه. فقد استطاع الممثل أمين الناجي أن يجسد دور «سعيد» بقوة أدائية كبيرة، كما وُفّق الممثلون الآخرون في تقديم الشخصيات المسندة إليهم بذات القوة الأدائية نفسها. ويمكن أن نشير في هذا الصدد أيضاً إلى الممثلة فاطمة هرندي التي نالت جائزة أحسن دور نسائي عن دورها في هذا الفيلم بالذات في المهرجان الوطني للفيلم الذي أقيم بمدينة طنجة هذه السنة 2016، كما نال الممثل أمين الناجي جائزة أحسن ممثل في المهرجان ذاته عن أدائه في هذا الفيلم أيضاً.
لقد استطاع هذا الفيلم أن يحظى بالجائزة الكُبرى بالمهرجان الوطني للسينما بطنجة - المغرب العام 2016، كما نال جوائز مهمة أخرى في بعض المهرجات السينمائية العربية التي شارك فيها، كما هو الحال في مهرجان الفيلم العربي والأوروبي في مدينة «الأقصر» بمصر حيث نال جائزة «السعفة الذهبية»، وجائزة لجنة التحكيم في الدورة التاسعة لمهرجان وهران للفيلم العربي بالجزائر. وقد رُشح هذا الفيلم السينمائي المتميز لتمثيل السينما المغربية في مهرجان «الأوسكار» لسنة 2017 عن فئة «أفضل فيلم أجنبي».
هكذا يمكن القول إن السينما المغربية وهي في تحولاتها الجمالية المستمرة وفي بحثها الدائم عبر بعض أجمل أفلامها عن التألق الفني مغربياً وعربياً وقارياً وعالمياً، تظل سينما تصنع الحدث الفني وتمنحه بعداً اجتماعياً وفنياً في آنٍ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.