أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    الدوريات البرية لحرس الحدود‬⁩ في حقل تحبط تهريب مادة الميثامفيتامين المخدر "الشبو"    نائب أمير جازان يتسلّم التقرير الشامل لأداء "تعليم جازان" وخططه المستقبلية    فرع وزارة البيئة بحائل يستعرض تقرير جمعية البيئة ويبحث آفاق التعاون المشترك    زلزال بقوة 7.4 درجات قبالة كامتشاتكا الروسية    المياه الوطنية تبدأ تنفيذ 9 مشاريع مائية وبيئية في نجران بأكثر من 551 مليون ريال    أمير الشرقية يدشن المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي ويفتتح مشاريع تطويرية بقيمة 1.6 مليار ريال    "الجوازات" تحث المواطنين على التأكد من مدة صلاحية الجواز قبل السفر إلى خارج المملكة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية كولومبيا بذكرى استقلال بلاده    اختتام فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي والعالمي 2025 بجامعة الملك سعود    إنطلاق الدورة العلمية الصيفية الثالثة في محافظة فيفا    ظاهرة المد الأحمر تقتل آلاف الكائنات البحرية بأستراليا    "الأونروا": إسرائيل تجوّع مليون طفلٍ في غزة    هونج كونج تصدر أعلى تحذير من العاصفة مع اقتراب الإعصار ويبا    الفريق الروسي يحصل على درع البطولة ومليون دولار بعد تغلبه على السعودي "Team Falcons" في المباراة النهائية    وفاة الوليد بن خالد بن طلال    المملكة ترحب باتفاق إعلان المبادئ بين الكونغو وحركة 23 مارس    نقي يتوّج بكأس بطولة منطقة الشرقية 2025 للهوكي    عمالتكم عطشى يا محطات الوقود    الأخضر الأولمبي يواصل تدريباته في أوزبكستان استعداداً للدورة الدولية    ولي العهد يرحب بإجراءات الشرع لاحتواء الأحداث الأخيرة في سورية    زفاف أسطوري لنجل إيلي صعب    الرنين المغناطيسي يقتل رجلا    القيادة تُعزّي رئيس جمهورية العراق في ضحايا الحريق الذي وقع في مدينة الكوت    ولي العهد للرئيس السوري: واثقون من قدرة الحكومة السورية بقيادتكم على تحقيق الأمن والاستقرار    السعودية مرشحة لاستضافتها العام المقبل.. العالم يترقب مواجهة ميسي ويامال في كأس فيناليسيما    ممثل الوطن يستحق المقعد الآسيوي    الهلال يفاوض آيزاك هداف نيوكاسل    86 ألف مكالمة في يوم واحد إلى مركز 911    39 % معدل النمو .."ندلب": 986 مليار ريال ناتج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية    الشرع يحذر من مشاريع الانفصال والتدخلات الخارجية.. وقف شامل لإطلاق النار في السويداء    روسيا تهاجم ميناء أوديسا الأوكراني    من البلاغ إلى القبض.. الأمن العام يختصر الزمن ويحسم القضايا    إحباط 1541 محاولة تهريب خلال أسبوع في مختلف المنافذ    الداخلية: ضبط 23 ألف مخالف في الحملات الميدانية    ضرورة وجود صكوك ملكية للمشاريع.. البيئة: ضوابط جديدة لحفر آبار المياه الجوفية غير المتجددة    وسط تقييمات متباينة بين الطرفين.. تصعيد متبادل بين واشنطن وطهران بشأن «النووي»    أسعار الذهب تتراجع على وقع قوة الدولار    41% نسبة السعوديات في القطاع الخاص    أزياء مستلهمة من ثقافة المملكة    حياكة السدو    5 أفلام صيفية تتنافس في الصالات العربية    أكدت أهميتها في بناء المعرفة.. "الدارة" تناقش دور الوثائق التاريخية في صياغة الذاكرة الوطنية    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    10 % رسوم حديد التسليح    أشياء يومية تعج بالبكتيريا الخفية    فوائد غير متوقعة للنحاس عند كبار السن    دراسة: البيض لا يرفع مستويات الكوليسترول الضار    وفاة «مؤثر» اتبع حمية اللحوم لمدة 3 سنوات    خطيب المسجد الحرام: ذِكر الله يُحيي القلوب ويُؤنس الوحشة    المملكة تحصد سبع جوائز دولية في أولمبياد الرياضيات والمعلوماتية    أمير القصيم يدشن مبادرة "أيسره مؤونة" للتوعية بتيسير الزواج    أكثر من 11 ألف طن من مياه زمزم لسقيا ضيوف الرحمن في المسجد النبوي    «من الميدان»... القطاعات الأمنية توثّق جهودها اليومية بعدسة الكاميرا    ترسيخ الاعتدال ومحاربة التطرف    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران: أزمة التعليم تنتج جيلاً يعاني القطيعة... والثورة حائرة في مجتمعها
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 2010

رافقت الصفة الإسلامية التعليم في ايران منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، لكن إيران وبعد ثلاثين عاماً على ثورتها تشعر أن «التعليم في خطر» حيث بدأت ايران منذ اسبوعين بتطبيق الوثيقة الوطنية للتربية والتعليم، في خطوة تهدف إلى أسلمة التعليم أو بالأحرى جعله أكثر اسلامية، واستغرق تدوين الوثيقة الجديدة خمس سنوات.
تتحدث وزارة التربية والتعليم عن تغييرات جذرية ستحملها الوثيقة بصورة تركز على ترسيخ المبادئ الإسلامية و «الارتقاء بالمستوى الديني والأخلاقي للطلبة» منذ سنوات التعليم الأولى وترافقهم حتى دخولهم الجامعة. وإن كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هو من أعلن انطلاق العمل بهذه الوثيقة، إلا أن عارفين بالأمور في طهران يتحدثون عن أنها جاءت بأوامر من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي وشارك في وضعها رجال دين من الحوزات العلمية في قم إضافة إلى متخصصين في فلسفة التعليم والفلسفة الإسلامية، وذلك بعد تحذيرات تقول إن مستويات التدين بين الشباب في انخفاض مستمر وأن الأجيال الجديدة أصبحت أكثر ميلاً للقيم المادية والاستهلاكية. ويأمل القائمون على هذه الوثيقة أن تنجح في ايجاد تحولات يكون من شأنها تقليص مستوى الانحرافات الاجتماعية، وإن كانت المدارس ستكون الميدان الذي تنفذ فيه الوثيقة، إلا أنها تشتمل أيضاً على برامج لحرس الثورة وقوات التعبئة «الباسيج».
وتكشف هذه الوثيقة في احد أهم جوانبها عن أن النتائج التي تشاهد في المجتمع الإيراني، بخاصة بين القطاعات الشابة لا تسر القيادة في إيران، وهي تشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى فشل حكومات الثورة المتعاقبة، وهي لا تقل عن العشر حكومات في ترسيخ المبادئ الثقافية للثورة الإسلامية. وفي مكاشفة لا تجانب الصواب يشير المسؤول في وزارة التربية والتعليم حجة الإسلام محيي الدين محمديان إلى أن إدارة هذه القضية على مدى السنوات الماضية كانت تقوم على تجريب الخطأ واستندت في الأغلب على الأمزجة. ولعل نظرة أعمق إلى الأمور تساهم في رسم صورة لخمسة أجيال إيرانية، بدأت الفجوة تتسع بين ابنائها، مع نوع من القطيعة تتضح ملامحها يوماً بعد آخر وبصورة مركزة بين الجيلين الأول والثاني والجيل الخامس.
الجيل الأول: وهو جيل السبعينات (في الفئة العمرية 20 -30 سنة) وفقاً لتقسيم كثير من علماء الاجتماع الإيرانيين من بينهم الدكتور علي طائفي. وهو الجيل الذي ظهر في إيران بعد الإصلاح الزراعي وظهور الطبقة المتوسطة التي تسكن المدن من جهة، واتساع طبقة العمال من جهة أخرى، وشكل هذا الجيل القاعدة الاجتماعية والسياسية التي قامت عليها الثورة الإسلامية عام 1979، وحمل ثقافة مزدوجة في نضاله ضد القوة الحاكمة، ولأسباب مختلفة اختلط الاتجاه الإسلامي بالاتجاه الاشتراكي في عملية الثورة هذه وتميز هذا الجيل بالحركة والنشاط والمبادرة.
الجيل الثاني: وهو الجيل الذي كان ضحية الحرب الدموية التي نشبت مع العراق عقب الثورة بوقت قصير. وأمضى هذا الجيل السنوات (20-30) من عمره في عقد الثمانينات من القرن العشرين، وبقي تحت تأثير الأجواء الأيديولوجية والسياسية التي طغت في تلك الفترة، وقدم هذا الجيل حياته بسخاء في سبيل شعاراته في جبهة الحرب. والجيل الثاني هو الجيل الأكثر عرضة وتأثراً من بين أجيال الثورة، ومع ما تميز به من فاعلية ومبادرة، إلا أنه في الوقت ذاته كان الأكثر تأثراً.
الجيل الثالث: وهذا الجيل هو الذي وصل الى السن من (20-30 ) في عقد الثمانينات والسنوات التي تلت الحرب، وإن كان من مواليد عقد السبعينيات ورأى النور في عهد حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لكن فترة نضوجه العمري والاجتماعي كانت في السنوات الأولى للثورة وسنوات الحرب، وهو الذي اختبر الحرب وغياب الأمن، وكان محتقناً ومهيأً للانفجار. شهد هذا الجيل سنوات اعادة البناء الاقتصادي والثقافي التي شهدتها بلاده بخاصة في عهد هاشمي رفسنجاني، وكان يصارع لتعزيز مكانته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية حتى لا يتأخر عن مسيرة التنمية. وهو أول من قام بالاعتراض الذي كان ممزوجاً بخيبة الأمل الاجتماعية والإحباط في اواخر عقد التسعينات، وأطلق من خلال حضوره المليوني في انتخابات عام 1996 ومن خلال حركة الاحتجاج الطلابية عام 1999 العنان لسخطه على سنوات الحرب والتضييق على الحريات.
الجيل الرابع: وهو الذي بدأ تدريجاً في عقد التسعينات بالدخول الى الدورة السنية من (20-30)، وهذا الجيل قطع ارتباطه بالجيل الأول، أما فلسفته وأهدافه فلا تلتقي مع اهداف الجيل الأول، كما لو أنه حدثت فجوة بين الجيلين. رأى هذا الجيل النور وطوى طفولته في عقد الثمانينات، وفي عقد التسعينات كان ينهي تعليمه، وهو يختلف تماماً عن الجيلين الأول والثاني، ولكنه يشترك مع الجيل الثالث في سعيه للمواجهة وتقديمه الخطط الجديدة للانسلاخ عن البنى الاجتماعية والسياسية القديمة. وهو الجيل الذي شارك في الانتخابات الرئاسية العاشرة ولديه آمال بإحداث تغيير جذري، لكنه يميل الى مواجهة سلمية وإن كان ينقصه الاتجاه الواحد والقيادة، وجاء تحركة نتيجة المطالبات التي لم تجد صدى لدى الجيل الحاكم الذي يملك السلطة. وهو من حمل على عاتقه مسؤولية البدء بالتغيير الاجتماعي، لكنه لن يكون من يكتب الخاتمة على ما يبدو، وإذا كان العنف والمواجهة قد صبغا الجيل الأول والثاني، فإن الجيل الثالث والرابع يميلان إلى تغيير سلمي وبناء ديموقراطي للقدرة السياسية، وهو ما يتوقع كثيرون أن يقطف ثماره الجيل الخامس، والجيل الخامس هو الذي سيصل الى الفئة العمرية (20-30 ) في العقد القادم، وهو لم يشهد الثورة ولا عنف الحرب ودمويتها، وصار بينه وبين تعاليم الجيل الأول والثاني مسافة واسعة، وحتى بالنسبة الى علاقته بالجيل الثالث لا يبدو الوضع أحسن، ولهذا الجيل صفات خاصة لا يشترك بها مع الاجيال السابقة. وسيدخل في العقد القادم الميدان الاجتماعي وسيكون له المعدل الأكبر من حيث تعداد السكان، وفي الوقت الحاضر، فإن 70 في المئة من سكان إيران تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وهذه النسبة سترتفع في شكل ملحوظ في العقد القادم. والمرحلة القادمة ستكون مرحلة غيبة وتقاعد الجيلين الأول والثاني.
ومن الصفات المهمة لهذا الجيل الحضور المتساوي والفعال للفتيات. فهذا الجيل هو جيل يتوق الى المشاركة والمساواة بصورة لا سابق لها.
ومن الناحية الاجتماعية، فإن نسبة كبيرة من هذا الجيل ستنمو في فضاء المدن، وهناك جزء كبير أيضاً من الطبقة المتوسطة التي تعيش في المدن، ومن الناحية الأخرى فالفئة الأكثر قابلية للتأثر بالمشكلات هي التي تعيش على أطراف المدن ومن العائلات الفقيرة المكافحة... وستكون المدن الكبيرة والمتوسطة هي مركز نشاط هذا الجيل. وهو جيل ستنخفض بين صفوفه نسب الزواج وستضعف البنى الاجتماعية والعائلية التقليدية، وسيواجه عدداً من الأزمات الخاصة وأنه الجيل الذي سيدفع ثمن الفساد في ميادين عدة. ومن الناحية التعليمية فهو الجيل الأكبر من حيث عدد الطلبة، وسيكبر في جو تعليمي يختلف بشدة عن الجيل السابق، ومن الناحية الثقافية تشير معطيات كثيرة إلى أن المسافة واسعة بينه وبين الأجيال السابقة وهو شديد العداء للثقافة الرسمية الحكومية، ومع وصول هذا الجيل الى وسائل الاتصال الحديثة من انترنت وغيره لن يكون للوسائل التثقيفية القديمة والتقليدية اي اثر عليه وهو ما سيوسع من دائرة مطالباته.
اما من الناحية السياسية، فهذا الجيل سيكون اكثر ميلاً للديمقراطية والحرية، اضافة الى الميل الى المساواة ومعاداة الفقر الذي يتهدده. يتعاظم لدى هذا الجيل حس المشاركة السياسية، ويترافق ذلك مع ميل الى المواجهة السلمية، ويقلل كثيراً من مطالباته. وسيعزز ذلك تراكم المطالب التي لم تتحقق لهذا الجيل والجيل الذي سبق. ولن يقبل هذا الجيل بالتضييق السياسي والاجتماعي، وسيواصل ضغطه من الأسفل.
اما ميزاته من الناحية الدينية، فهي تراجع مذهبيته بخاصة في المجالين السياسي والاجتماعي، ويميل الى رؤية الدين كمسألة فردية ضيقة الحدود. وتحاول الحكومة الإيرانية اليوم ومن خلال تركيزها على محورية الدين في المناهج وأساليب التعليم للسنوات المقبلة أن تقطع الطريق على هذا التحول، وإن لم تنجح الحكومة في تجسير الهوة بين هذا الجيل والتعاليم الدينية والسياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية فربما يكون هذا الجيل هو الذي سينفذ سيناربو الإطاحة بالبناء الاجتماعي السياسي الذي بدأه الجيل الرابع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.