رسمياً ألغت الحكومة السعودية مفردة «بترول» من قاموسها بعد تحويل وزارة البترول والثروة المعدنية إلى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، في إشارة قوية وجادة للداخل والخارج إلى التوجه نحو الاستغناء عن النفط كمصدر وحيد لإيرادات الدولة. وتنتج السعودية نحو 10 ملايين برميل من النفط يومياً، وتعتبر أكبر مصدر للنفط عالمياً، فيما تحتفظ بحوالى ربع الاحتياط العالمي بحسب التقديرات. وذهب البعض إلى أن التغيير الهيكلي في السياسة النفطية السعودية أدى وربما بطريقة غير مباشرة لإعلان وفاة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تلك المنظمة التي كانت المملكة العربية السعودية تلعب دور المُرجِّح في سياساتها على مدى عقود. وظهرت منظمة أوبك في العام 1960م كردة فعل للدفاع عن حقوق المنتجين بعد أن سيطرت (الشقيقات السبع) وهي شركات النفط السبع الرئيسة في العالم على إنتاج النفط الخام والمكرر والتحكم في أسعاره. وعلى مدى عقود كانت السعودية تتبنى مستوى مستهدفاً لسعر النفط، وإذا لم يكن المستوى السائد بالسوق يروق لها فإنها كانت تحاول تنسيق خفض أو زيادة في إنتاج أوبك. وكانت المملكة تسهم بنصيب الأسد في الزيادة أو النقصان وتتسامح مع بعض أعضاء أوبك إذا ما تقاعسوا عن الالتزام باتفاق المنظمة. الجانب السعودي يؤكد أن المملكة تسعى لإرسال الاستقرار في أسواق النفط من خلال التواصل مع المنتجين الرئيسين وتقليص التذبذبات في الأسواق، إلا أن هذا التنسيق يخضع لشروط تجارية وأن السعودية لا تسعى خلف تحقيق حصة سوقية أكبر - كما يروج له الإعلام الغربي - وإنما تسعى لتلبية حاجات عملائها. ولا تزال السعودية - أقوى أعضاء أوبك نفوذاً - متمسكة بموقفها بأن التحرك الجماعي لكل المنتجين هو الحل الأمثل لسوق النفط التي هوت منذ منتصف 2014. وبحسب تقديرات دولية، فإن الدول الأعضاء في المنظمة خسرت أكثر من 500 بليون دولار من إيراداتها، بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ حزيران (يونيو) 2014، بل إن هناك دولاً اقتربت من حال الإفلاس، أو على الأقل تعاني من أزمات اقتصادية عنيفة بسبب تراجع إيراداتها من النفط مثل فنزويلا. ويدعم الأصوات التي تقول ب«موت أوبك» ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت الروسية إيغور سيتشين، من «أن أوبك فقدت تماماً دورها كمنظم لسوق الخام». وتملك دول (الأوبك) 40 في المئة من النفط العالمي، و81 في المئة من الاحتياط العالمي للنفط، وهي نسبة في حاجة إلى منسق حتى لا تتدهور الأسعار، ومعها تتدهور اقتصاديات هذه الدول بحسب مراقبين. ويرى الخبير النفطي أنس الحجي أن المستقبل واضح فيما يخص (أوبك)، مبيناً أنها انتهت كمنظمة، وقال في تصريحات لقناة العربية: «إن استقلال أرامكو من جهة وتخصيصها من جهة أخرى، والتركيز على تصدير المنتجات النفطية بدلاً من تصدير النفط الخام، كل هذا يقلل من أهمية أوبك بشكل كبير».