أمانة منطقة القصيم تنفذ مشروع ميدان المعلم ضمن جهود تحسين المشهد الحضري بمحافظة عيون الجواء    نادي سباقات الخيل يشهد أشواطًا قوية وأسماءً مميزة من الجياد    بدء دراسة مفوض تنمية القيادات الكشفية في محافظة الافلاج    "الكشافة السعودية" تُنظم ورشة عن فنون كتابة القصة القصيرة الملهمة    أمير تبوك يطمئن على صحة عون أبو طقيقه    أمير تبوك يكرم الفائزين بمسابقة إماره المنطقة للابتكار 2025    البلديات تُصدر اشتراطات محدثة لتنظيم اللوحات الدعائية والإعلانية    نواف بن سعد رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة الهلال غير الربحية    عدم تغطية الحمولة المنقولة مخالفة مرورية تستوجب الغرامة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    الأمن العام يحث ضيوف الرحمن على عدم الجلوس في الممرات داخل المسجد الحرام    نجم الهلال في الصدارة.. داروين نونيز يتفوق على سواريز وكافاني    سعود بن نايف يترأس اجتماع مجلس هيئة تطوير المنطقة الشرقية    صندوق الاستثمارات العامة يحقق 19% نموا في أصوله المدارة    تنظيم المملكة للمسابقات القرآنية احترافي يجسد مكانتها في قلوب المسلمين    المدمرة "يو إس إس هيجينز" أكدت حقوقها الملاحية ببحر الصين الجنوبي    بدعم من مؤسسة سليمان الراجحي.. جمعية الإعاقة السمعية في جازان تسلم سماعات أذن ل16 مستفيدًا    ارتفاع أسواق الأسهم الآسيوية    "الندوة العالمية" في جيبوتي تُثمن إسهامات المملكة في تعزيز الوعي القيمي والديني    اوقية الذهب تصل الى 3351.46 دولارًا    "سدايا" تضع الشباب في صدارة أولوياتها لقيادة حاضر ومستقبل الذكاء الاصطناعي بالمملكة    امطار خفيفة الى غزيرة على اجزاء من مناطق المملكة    إيران تعرب عن استعداداها للتفاوض على برنامجها النووي    استقرار أسعار النفط    التوسع في تطبيق مقاييس التوافق قبل الارتباط    لقطات ساحرة للشفق القطبي    ألمان ينسون طفلهم بمحطة وقود    معاناة غزة إلى مستويات «لا يمكن تصورها»    تعاون موسيقي يجمع كوريا وروسيا    3 أبطال جدد وإنجازات تاريخية مع ختام الأسبوع الخامس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    الحياة البسيطة تعزز السعادة    استخراج هاتف من معدة مريض    فوائد ومخاطر النعناع الصحية    عودة المشرفين والإداريين في 11 منطقة للمدارس    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: ندين جرائم وقرار إسرائيل باحتلال غزة    ضبط 194 كلجم مخدرات و60 ألف قرص محظور    مأساة الكوليرا تضرب النازحين في دارفور.. «المشتركة» تتصدى لهجوم الدعم السريع على الفاشر    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الدولية    الجماهير السعودية تترقب كأس السوبر    كأس السوبر الأوروبي بين عنفوان باريس وطموح توتنهام    «هن» مبادرة لدعم المواهب النسائية في الموسيقى    «مزرعة إنجليزية» تشارك في مزاد الصقور الدولي    «تنظيم الإعلام» توضح 6 سمات للإعلامي الناجح    قبيل زيارة لاريجاني لبيروت.. الرئيس اللبناني: الاستقواء بالخارج مرفوض    50 مليون ريال للصناعيين    نائب أمير الشرقية يطلع على مشروعات وبرامج هيئة الترفيه    23.61 مليار ريال تسهيلات للصادرات السعودية    تقدّم روسي على جبهة أوكرانيا.. توتر قبيل قمة بوتين وترمب    «الغذاء» تسجيل مستحضر «الريكسيفيو» لعلاج الورم النقوي    أدبي الطائف تصدر الأعمال المسرحية الكاملة للدكتور سامي الجمعان    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر جاسم الصحيح: لست مشروعا شعريا كي يتتبَّعه الآخرون
نشر في البلاد يوم 28 - 10 - 2011

الشاعر جاسم الصحيح كلما قرأتَ له نصاً ستحنو أكثر ، ربما لا تشدك الرؤى لأن تؤدلج ذاتك و لكن الحنين المصلوب على وجع الكلمات أكبر من العناق ، تحتاج إلى جاسم مرتين عندما نتألم و عندما نتكلم فهو مضطربٌ كالهذيان ، و واثقُ كالمهابةِ ، و مابينهما نقفُ على ناصيةِ المعنى مغمورين بدفئه و عبوره كالنّهر ، نحتاجه مرة ثالثة للتداعي حول شخصه والحديث عن ذواته المسكونةِ في أجسادٍ كثيرةٍ قد لا يعرفها و لكنها تترجمُ الدهشة في الغياب ، إذا سيحضر جاسم الصحيح كي نتمادى معه في الوشاية :
س1- منذ ديوانك الأول (ظلي خليفتي عليكم) إلى ديوانك الثامن (ماوراء حنجرة المغني) نلمح هنالكَ تجربة رومانسية ذاتَ مرجعية لنصٍ آخر، مع وجود صور مبتكرة في نصوصك، إلا أنك لستَ مؤدلجاً بحيث تؤسسَ مدرسة أو مشروعاً كي يتتبعك الآخرون، هل السبب عفويتك أم رهانك على النص ذاته؟!
لستُ مؤدلجا بالمعنى العَقَدي للأدلجة رغم أنَّني أظنّ أنّ كلّ إنسان مؤدلجٌ إلى حدٍّ ما على صعيد الحياة. أما ما يخصّني على صعيد الشعر، فأعتقد أنّني مشروع شاعر يكتشف ذاته، ولست مشروعا شعريا كي يتتبَّعه الآخرون. المشروع الشعري الذي يتجلَّى في شكل مدرسة يحتاج إلى ثقافة كبرى، وأنا لا أمتلك ما يكفي من هذه الثقافة كي أكوِّن مدرسة شعرية. كتابتي للقصيدة تأتي بكل تلقائية دون تخطيط رغم أنّ التخطيط ليس عيبا فهو جزء من الصنعة، وقد تحدَّث (بورخيس) عن صنعة الشعر في عدّة محاضرات تمّ جمعها في كتاب حمل هذا الاسم (صنعة الشعر)، ولكنّ التخطيط يجب أن يأتي بعد أن يجفّ تيّار التدفّق الوجداني من الأعماق. أنا لا أراهن إلا على النص كمرآة تعكس مشاعري دون أن أعير اهتماما كبيرا للنظريات في لحظات الكتابة، ولكنَّني أقرأ النظريات وأشعر كثيرا بقلق التأثر التي ناقشه الناقد الأمريكي المعروف (هارولد بلوم).. هذا القلق الذي هو في حدّ ذاته صانع القصيدة.
س2- إضافة إلى الروح الصوفية التي تسكنك، ثمة أرواحٌ معربدة تلهثُ في الخطايا، كيفَ توازنَ قصيدتك و أنتَ تترنَّح بين حالتين؟دعني أجيب على سؤالك بمقولة وليام بليك المشهورة (كلانا يقرأ التوراة ولكن أنت تقرأ السواد حيث أقرأ أنا البياض).. هذه مقولة عظيمة جدا تجعلني أطرح عليك السؤال التالي : كيف تعرِّف لي الخطيئة؟ ربما ما تراه أنت خطيئة في شعري، أراه أنا أو يراه غيرنا أنا وأنت حسنة نظيفة مثل قلب طفل. أنا أؤمن بالقصيدة الكونية التي تحتوي على الإنسان في جميع تجلِّياته دون أن أضع لها وصفا من صوفية أو عقديّة أو خطيئة أو غيرها. الشعرُ ثمَّ يأتي كلّ شيء وراءه، وعندما أقول الشعر هنا، أقصد الحياة بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة معنى.
س3- "مادامَ في الأحساء يحيا شاعرٌ //هيهاتَ ناصية الحروفِ تُهانُ" قلتَ هذا البيت في مجموعتك الأولى، و عدت فيما بعد لتغني أكثر من مرةٍ للأحساء، أهو حنينٌ للأرض و عصافير، أم للفكر... و لم لا تنعى الأحساءَ التي كانتْ موؤدة في النسيان؟!!هذا بيت ورد في ديواني الأول (ظلِّي خليفتي عليكم) وهو بيت رومانسي بامتياز كتبته أيامَ المراهقة الشعرية الأولى. وقد كتبت عدَّة قصائد للأحساء تتراوح بين الثناء والرثاء، فربما كان الرثاء الصادق أحد أساليب الحبّ مثلما هو الثناء الصادق أحد أساليبه. إن علاقتي بالأحساء علاقة وجوديّة وليست علاقة رومانسية فأنا ابن الأرض المشدود من شراييني وأعصابي إلى كلّ حبَّة تراب لدرجة أنني لا أشعر باكتمال وجودي إلى داخل هذه الواحة. خروجي منها يدفعني للشعور بأنّني ناقص الأجزاء والعناصر ويستفزّ داخلي الحنين إلى الجزء الناقص مني.
س4- المرأة تحضر عارية في نصك كي تتلبس كلماتك أم تهبك ومضة الكتابة وذوبان المشهد؟
في لحظات الكتابة، تحضر المرأة في شعري كما هي حاضرة في شعوري خلال تلك اللحظات. فإذا كانت عارية في داخلي تجلَّت عارية على الصفحات، وإذا كانت محجّبة في داخلي تجلَّت محجّبة على الصفحات. لا يمكن لي أن أزيِّف حضورها من أجل صناعة قصيدة أو استحضار مشهد درامي خارج نطاق مساحة المشاعر.
س5- رغم أفكارك المتمردة وإعلانك –بشكل أو بآخر- عن الخروج من رُهاب التاريخ وسلطة العادة إلا أننا ننتظرُ صدمتنا بصدمتك وتحولك المرتقب؛ ولكن متى؟!!
هذا سؤال غريب حقا، فلا أعرف ما تقصده بالتحوّل المرتقب.. هل تقصد ذلك التحوّل الذي دفع صاحب ال(مثنوي) جلال الدين الرومي للخروج من المسجد واقتناء جرار الخمر وبيعها في السوق على رؤوس الأشهاد كي يطهِّر ذاته من ماضيه كما يحدِّث عنه التاريخ، أم تقصد خروج الشاعر محمد مهدي الجواهري من الحوزة العلمية إلى المبغى كما يروي في (سينيَّته الشهيرة).. قل لي بربِّك ماذا تقصد بالتحوّل المرتقب؟
بالنسبة لي، التحوّل يبدأ من داخلي ويمتدّ إلى بياض الأوراق. فالمسافة من ذاتي إلى دفتري هي المساحة التي أملأها بكلّ انكساراتي وانتصاراتي.. بكلّ آلامي وأحلامي.. بكلّ فراديسي وجهنّماتي.. هذه المساحة هي المضمار الذي تنطلق فيه خيول أفكاري وتحمل حياتي من مربَّع إلى آخر كما يقتضيه هذا التحوّل الذي لا يقف عند حدّ أبدا.
س6- القلق الناشب في روحك، ألم يُحرِّضَك أكثر على الهجرة، بما أنك وريثُ حضاراتٍ مؤجلةٍ كما تُصوِّر في خطابك الشعري؟
لا أفكّر بالهجرة خارج الأحساء لأنّني شديد التمسّك بالأرض، ولكنّ روحي في هجرة دائمة بحثا عن المعاني. الثقافة عملت بجدّ في إعادة صياغتي الإنسانية وهدم الحدود بين البشر ونظرتي إلى الإنسان بغض الطرف عن جميع انتماءاته. لا أرسِّم حدودا للأرض أبدا فحيثما أوجد يوجد معي الإنسان كإنسان وتتلاشى مكوِّناته الأخرى.
س7- في ديوانيك الأخيرين (نحيب الأبجدية، ما وراء حنجرة المغني) بدأتْ تتشكل أطيافُ شاعريةٍ مغايرةٍ في نصك، هنالك تأثر كبير ببنية النص النثري من خلال التراكيب الجديدة إضافة إلى صورك المتداعية التي اعتدنا عليها، هل تُخبئ وراءكَ شاعرٌ نثري قد يترك القصيدة العامودية مثلا؟!
لم أفكّر قطّ بالأشكال الشعرية.. أبحث دائما عن الجوهر في القصيدة وأستخلصه من أعماق الرؤيا. وربما لأنني تلقائيّ في الكتابة، دائما ما تستدرجُني الكتابة الكلاسيكية المفتوحة على التاريخ والناس، بينما تراوغني الكتابة الحديثة التي تنتمي للنخبة والفردية.
س8- مؤخراً أصبحتْ مشاركاتك العربية مستمرة، هل غيَّرتْ قصيدتك وجهة نظر المتلقي العربي في أن ثقافة الصحراء لا تبني قيماً حضارية نبيلة؟!!أحبّ أن أفرِّق بين حقيقة الإعلام وحقيقة الإبداع فهناك شعراء لهم حضور إعلامي جيّد وأنا واحد من هؤلاء، وهذا ما يجعل الدعوات لي كثيرة إذا ما قارنتني ببقية الشعراء في الوطن. ولكنّ هذا الأمر لا يعني أنني أستحقّ أن أمثِّل الوطن أكثر مما يستحقُّهُ بقيّة زملائي الشعراء, فهناك من هؤلاء الشعراء من هم أفضل مني إبداعيا ولكنّ نصيبهم من الشهرة أقلّ وربما كان ذلك بسبب رغبتهم بالانتماء للظلّ أكثر من انتمائهم للأضواء والشهرة.أما إذا طلبتَ مني أن أقيِّم مشاركاتي الخارجية على الصعيد الفني فأعتقد أنها تراوحت بين النجاح والفشل، إلا أنّ ما يشفع لي هو أنني كنت دائما أحاول أن أبدو بصورة تليق بالشعر السعودي ومنجزاته الرائعة. أما وجهة نظر المتلقي العربي بخصوص ثقافة الصحراء والقيم الحضارية النبيلة فهذا أمر يعود إلى ذلك المتلقي وإن كنت أعتقد أنّه بلغ مستوى جيدا من القناعة بالقصيدة العربية التي يكتبها الشعراء السعوديون وبالثقافة في وطننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.