زار صحفي بلجيكي المملكة العربية السعودية عام 1966م، وقال: إن مساحتها تعادل مائة ضعف بلجيكا، ولكن فيها شيئين نادرين؛ هما الماء والشهادات. الحمد لله ها نحن بعد 60 سنة من تقرير الصحفي البلجيكي عندنا الكفاية من الماء، وأما الشهادات فهي بمئات الألوف. وكأنما هناك تنافس بين عدد الجامعات وعدد محطات التحلية في المملكة. ثم إنني بالصدفة عثرت على عدد من مجلة التايم الأمريكية لعام 2010، وكان موضوعها الرئيسي هو المؤثرون المائة في العالم. اختارت المجلة من العالم العربي زها حديد وهي مصممة معمارية من أصل عراقي، والشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة- رحمه الله- وسلام فياض السياسي الفلسطيني، وفتاة يمنية مغمورة هي ريم النمري. وقد قال محرر التايم: إنها فتاة زوجها والدها في سن الثانية عشرة. كيف وضعها المحرر إلى جوار الرؤساء بيل كلينتون باراك أوباما ورجب طيب أوردوجان؟ ألله أعلم. وللأسف فإن محرر التايم لم يملأ عينه أحد من المملكة. لا من أساتذة ولا من طلبة الأربعين جامعة، ولا من مئات بل آلاف البارزين في المملكة في شتى المجالات. وفي الصفحة الأخيرة من مجلة التايم هذه، قال المحرر: إن اختيار أبرز المؤثرين عمل صحفي سهل، فهم ناجحون قد خطفوا الأضواء، فليس من العسير العثور عليهم. لكن العسير هو كما قال ساخرًا معرفة أفشل الناس من بين أفشل الفاشلين، وأسوأ الناس من بين أسوأ السيئيين. فالصحفي الذي يضع هذه القائمة هو صحفي بمعنى الكلمة، وهو شجاع كما قال. وقد صدق ولكنهم لم يحسنوا اختيار الناجحين البارزين، ولا استطاعوا باعترافهم الوصول إلى الفاشلين، أو بالأصح أفشل الفاشلين. ربما كان للتايم بعض العذر أنها لا تعرف ثقافة العالم العربي. وبالتالي لا تستطيع أن تحكم بموضوعية. وأتذكر أن فيلم غاندي الذي أنتجته إحدى دور السينما الغربية قبل نحو أربعين سنة قد أثار استهجانًا واسعًا في الهند، عندما ظهر على الشاشة في الهند. وقال النقاد الهنود: إنه بعيد عن الموضوعية. وقد ردت مجلة الإيكونومست البريطانية على النقاد الهنود بالقول: إن الموضوعية في الهند تختلف عن الموضوعية في الغرب. وهذا ينطبق على اختيار المئة مؤثر بحسب منظور مجلة التايم. فكما قال الشاعر البريطاني كبلنج: الشرق شرق والغرب غرب، ولن يلتقيا.