في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها السودان، أجرى وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات وأمريكا، مشاورات موسعة بدعوة من واشنطن، تناولت الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية الناجمة عن الصراع الدائر هناك. وأكد الوزراء في بيان مشترك أن الأزمة السودانية باتت تمثل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وتشكل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الإقليميين، ما يفرض ضرورة تحرك منسق يضع حدًا لتداعياتها. وشدد الوزراء على أن الحفاظ على سيادة السودان ووحدة أراضيه يعد أساسًا لا غنى عنه لتحقيق السلام والاستقرار، مؤكدين أن لا مجال لحل عسكري يمكن أن ينهي النزاع، وأن استمرار الوضع الراهن لن يؤدي إلا إلى تعميق المعاناة الإنسانية وتهديد الاستقرار في المنطقة. كما دعوا جميع الأطراف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن ودون عوائق إلى مختلف أنحاء البلاد، مع الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والامتناع عن الهجمات التي تستهدف البنية التحتية المدنية. وأشار الوزراء إلى أن مستقبل السودان ينبغي أن يقرره شعبه عبر عملية انتقالية شاملة وشفافة لا تخضع لهيمنة أي طرف متحارب، مؤكدين أهمية هدنة إنسانية أولية لثلاثة أشهر تمكّن من إدخال المساعدات، وتفتح الطريق لوقف دائم لإطلاق النار، تمهيدًا لإطلاق عملية سياسية انتقالية تنجز في غضون تسعة أشهر وتفضي إلى قيام حكومة مدنية مستقلة وذات شرعية واسعة، باعتبارها الضمانة الحقيقية لاستقرار البلاد والحفاظ على مؤسساتها. كما شددوا على رفضهم أن تتحكم في مستقبل السودان جماعات متطرفة، أو مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، والتي كان لنفوذها أثر بالغ في تأجيج العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. وفي سياق متصل، اعتبر الوزراء أن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب وتعقيدها وزيادة المخاطر على أمن الإقليم، وهو ما يجعل إنهاء هذا الدعم ضرورة لا بد منها من أجل تسوية النزاع. كما أعلنوا التزامهم ببذل أقصى الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية من خلال مفاوضات فعالة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى العمل على تهيئة الظروف التي تعزز أمن البحر الأحمر ومواجهة التهديدات العابرة للحدود الناجمة عن التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، والتصدي للمحاولات الإقليمية أو المحلية الرامية إلى استغلال النزاع لزعزعة الاستقرار. وأكد الوزراء التزامهم بإنهاء معاناة الشعب السوداني، والتعاون مع الدول الأفريقية والعربية والأمم المتحدة والشركاء الدوليين لتحقيق هذه الغاية. كما ناقشوا الاحتياجات الإنسانية العاجلة ومتطلبات التعافي المبكر، مشددين على ضرورة استمرار حشد المجتمع الدولي لمعالجتها. وجددوا عزمهم على مواصلة المشاورات على المستويين الوزاري والفني لتعزيز الجهود الرامية إلى إنهاء النزاع ودعم انتقال سياسي شامل وشفاف. وفي ختام مشاوراتهم، أعرب الوزراء عن دعمهم لجهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدةالأمريكية من خلال عملية جدة الهادفة إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وكذلك تأييدهم للمساعي المصرية في إطار ملتقى القوى المدنية والسياسية السودانية الذي عقدت جولته الأولى في القاهرة في يوليو 2024، مؤكدين اتفاقهم على استمرار التنسيق والمشاورات في الاجتماع الرباعي الوزاري المقرر في سبتمبر 2025.